أوضاع العمال في ظل أزمة وباء الكورونا
دار الخدمات النقابية والعمالية 6 إبريل 2020: اجتاح وباء كورونا (كوفيد 19) العالم في سابقة ربما لم يعرفها من قبل، فلم تسلم منه حتى الآن سوى بضعة بلدان قليلة.. اضطرت الدول إلى غلق حدودها ، ومنع الانتقال منها وإليها.. توقفت رحلات الطيران، ولم يعد من مجال لمجرد التفكير في السياحة.
تأثرت بلادنا بالوباء واضطرت الحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية بدءاً من منع التجمعات الكبيرة وإغلاق المدارس والجامعات إلى إغلاق المقاهي وإغلاق جميع المحال التجارية الساعة الخامسة عصراً ، وحظر حركة المواطنين من السابعة مساءً إلى السادسة صباحاً، ووقف الأنشطة الرياضية فى النوادي ومراكز الشباب..
فضلاً عن محاولات الحد من التكدس والازدحام أثناء اليوم وتخفيض عدد العاملين في الحكومة بمنح السيدات اللاتي يرعين أطفالهن والمرضى بأمراض مزمنة إجازات مدفوعة الأجر، ثم وقف كافة الأنشطة الخدمية التي تقدمها الحكومة فيما عدا مكاتب الصحة .
وفى مواجهة جائحة كورنا اتخذت الحكومة عدد من الإجراءات الاحترازية ودعت أصحاب العمل الخاص إلى الحذو حذوها ومنح جانب من العاملين لديهم إجازات مدفوعة الأجر ، وتقليص ساعات وأيام العمل قدر الإمكان وتعديل مواعيد حضور وانصراف العمال بما يكفل حركتهم على دفعات لتخفيف التجمعات، غير أنه لم يستجب منهم سوى قلة قليلة أو لنقل نادرة.
ولا شك أن تداعيات أزمة الوباء، والإجراءات الاحترازية التي تُتخذ للحد من انتشاره بما تتضمنه من خفض الحركة والأنشطة الاقتصادية، وما قد يصاحبها من خفض الطلب على بعض السلع ، من شأنها أن تؤدي إلى خسائر بعض الشركات في بعض القطاعات، غير أن التأثيرات الأخطر في واقعنا –على الأقل حتى الآن-هي على أوضاع العمال وعلى الأخص قطاعات العمالة غير المنتظمة. والتى قدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بحوالى 5.6 مليون عامل يومية في مصر، بالإضافة إلى نحو 277 ألف عامل يومية، و233 ألف عامل موسمي في داخل المنشآت الحكومية، ويضاف إلى تلك الأعداد نحو 609 آلاف عامل موسمي، و3.7 مليون عامل متقطع في القطاع الخاص. وسواء كانت هذه الملايين في قطاع عام أو خاص، أو فى قطاع غير منظم فإن أزمة"كورونا" والخطر الذي يلوح في الأفق يهدد هذه الملايين في حالة العزل والحظر والحجر والخوف، التى نعيشها حاليا وهو ما يستوجب معه تدخلاً سريعاً حيث أن هذه الملايين وجدت نفسها مهددة بين يوم وليلة رغم أنها كانت الملاذ عام 2011 حيث كانت درجة مساهمة هذا القطاع بنسبة 23.12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر. لذلك يحتاجون الآن من ينقذهم مرتين، مرة إنقاذاً عاجلاً لمواجهة ازمة "كورونا" الملقي بظلاله القاتمة عليهم، ومرة إنقاذاً آجلاً لتصحيح مسارهم وتقنين أوضاعهم. فخلال الفترة الوجيزة الماضية تم تسريح الكثير منها كالعاملين المؤقتين غير المؤمن عليهم، وفقد الآلاف من العاملين في المنشآت السياحية وظائفهم، وكذلك العاملين في المقاهي والكافيتريات ، والمطاعم ، بينما يعاني جميع العاملين باليومية والذين يحصلون على قوتهم يوماً بيوم من افتقاد سبل العيش .
إن هذه الأوضاع الخطيرة غير خافية على أحد، بل أن صفارات الإنذار تنطلق يومياً من كل صوب وحدب داعيةً إلى دعم هذه الفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً، والتي تتعرض لمخاطر الجوع حرفياً ما لم تتم حمايتهم.
ورغم ما قامت به وزارة القوى العاملة من قرارات بصرف منحة استثنائية قدرها خمسمائة جنيه للعمال المضارين إلا أنها حددت معايير لصرفها جعلتها لا تصل إلا لقلة قليلة من قوة العمالة غير الرسمية وهى تلك المسجلة بالفعل التى حصلت على قياس للمهارة من قبل مدريات القوى العاملة والمسجلين بقاعدة بيانات المديرية، ويحملون كارنيه من إدارة العمالة غير المنتظمة حيث صرحت الوزرارة بأنه ليس أي عمالة حره عمالة غير منتظمة، والعمالة غير المنتظمة تندرج ضمن 5 قطاعات ويشترط أن يكون مثبت فى بطاقة الرقم القومي مهنته (قطاع المقاولات، عمال قطاع الزراعة، عمال قطاع العاملين فى المناجم والمحاجر، عمال الصيد، عمال الموانئ( . حيث حدد 55075 عامل مستوفى للشروط وضوابط العمالة غير المنتظمة للاعمار السنية من 18 الى 59 .. وهنا نتسائل ما مصير باقى العمال والعاملات الذين يعملون فى القطاع غير المنظم ولا تتوافر لديهم هذه الشروط كالباعة الجائلين وعاملات المنازل وعمال اليومية؟ ..
.. كما قامت بعض الجمعيات الأهلية والبنوك ووزارة الأوقاف (بيت الزكاة) بإطلاق مبادراتها لدعم العمالة غير المنتظمة، وهي المبادرات التي لا يستطيع أحدٌ التقليل من أهميتها- مع تحفظنا على ما يرافق البعض منها من تصوير أو ممارسات قد تتسبب في إهانة متلقي الدعم- غير أن هذه الإجراءات جميعا اتخذتها الحكومة دون حوار مع اصحاب المصلحة أنفسهم (العمال / النقابات ) وغياب تام لدور اتحاد العمال العام رغم ما يمتلكه من امكانيات مكتفية بالتواصل مع رجال الأعمال وهو ما يتطلب معه اقتراح حزمة من السياسات والإجراءات يهمنا عرضها كما يلي:
لسنا فى معرض التنابذ .. إنما- فقط- نؤكد على المسئولية الاجتماعية لأصحاب العمل التى ينبغى إعلاء قيمتها- وليس التخلي عنها- فى أوقات المحن والأزمات.
حيث تبحث هذه اللجنة جدية الضرورات الاقتصادية التي تدعو إلى ذلك، وفرص التغلب عليها.
وفي ظل الأزمة الراهنة يتوجب بحث إمكانية الاستمرار مع بعض الخسائر المحتملة، وإمكانيات تعديل النشاط الاقتصادي لبعض الوقت وفي أحوال طلب الإغلاق الجزئي بحث إمكانيات التدريب التحويلي للعمال.
أخيراً: أوضحت هذه الأزمة مدى حاجة العمال والمجتمع لوجود نقابات حقيقية ينشأها العمال بإرادتهم الحرة قادرة على الدفاع عنهم وحمايتهم .
رصيد الصندوق حالياً يقدر بستة مليار جنيه وفق تصريح الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط (جريـــــــــــــدة صوت الأمة
. 30 مارس 2020.
إضافة تعليق جديد