أوضاع العمال في ظل أزمة وباء الكورونا

بيانات صحفية
الثلاثاء, أبريل 7, 2020 - 11:31

 

أوضاع العمال في ظل أزمة وباء الكورونا

دار الخدمات النقابية والعمالية 6 إبريل 2020: اجتاح وباء كورونا (كوفيد 19) العالم في سابقة ربما لم يعرفها من قبل، فلم تسلم منه حتى الآن سوى بضعة بلدان قليلة.. اضطرت الدول إلى غلق حدودها ، ومنع الانتقال منها وإليها.. توقفت رحلات الطيران، ولم يعد من مجال لمجرد التفكير في السياحة.  

 تأثرت بلادنا بالوباء واضطرت الحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية بدءاً من منع التجمعات الكبيرة وإغلاق المدارس والجامعات إلى إغلاق المقاهي وإغلاق جميع المحال التجارية الساعة الخامسة عصراً ، وحظر حركة المواطنين من السابعة مساءً إلى السادسة صباحاً، ووقف الأنشطة الرياضية فى النوادي ومراكز الشباب..

فضلاً عن محاولات الحد من التكدس والازدحام أثناء اليوم وتخفيض عدد العاملين في الحكومة بمنح السيدات اللاتي يرعين أطفالهن والمرضى بأمراض مزمنة إجازات مدفوعة الأجر، ثم وقف كافة الأنشطة الخدمية التي تقدمها الحكومة فيما عدا مكاتب الصحة .

وفى مواجهة جائحة كورنا اتخذت  الحكومة  عدد من الإجراءات الاحترازية  ودعت أصحاب العمل الخاص إلى الحذو حذوها ومنح جانب من العاملين لديهم إجازات مدفوعة الأجر ، وتقليص ساعات وأيام العمل قدر الإمكان وتعديل مواعيد حضور وانصراف العمال بما يكفل حركتهم على دفعات لتخفيف التجمعات، غير أنه لم يستجب منهم سوى قلة قليلة أو لنقل نادرة.

ولا شك أن تداعيات أزمة الوباء، والإجراءات الاحترازية التي تُتخذ للحد من انتشاره بما تتضمنه من خفض الحركة والأنشطة الاقتصادية، وما قد يصاحبها من خفض الطلب على بعض السلع ، من شأنها أن تؤدي إلى خسائر بعض الشركات في بعض القطاعات، غير أن التأثيرات الأخطر في واقعنا –على الأقل حتى الآن-هي على أوضاع العمال وعلى الأخص قطاعات العمالة غير المنتظمة. والتى قدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بحوالى  5.6 مليون عامل يومية في مصر، بالإضافة إلى نحو 277 ألف عامل يومية، و233 ألف عامل موسمي في داخل المنشآت الحكومية، ويضاف إلى تلك الأعداد نحو 609 آلاف عامل موسمي، و3.7 مليون عامل متقطع في القطاع الخاص. وسواء كانت هذه الملايين في قطاع عام أو خاص، أو فى قطاع غير منظم  فإن أزمة"كورونا"  والخطر الذي يلوح في الأفق  يهدد هذه الملايين في حالة العزل والحظر والحجر والخوف، التى نعيشها حاليا وهو ما يستوجب معه  تدخلاً سريعاً  حيث أن  هذه الملايين وجدت نفسها مهددة  بين يوم وليلة رغم أنها كانت  الملاذ عام 2011 حيث كانت  درجة مساهمة هذا القطاع بنسبة 23.12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر. لذلك   يحتاجون  الآن من ينقذهم مرتين، مرة إنقاذاً عاجلاً لمواجهة  ازمة "كورونا" الملقي بظلاله القاتمة عليهم، ومرة إنقاذاً آجلاً لتصحيح مسارهم وتقنين أوضاعهم. فخلال الفترة الوجيزة الماضية تم تسريح الكثير منها  كالعاملين المؤقتين غير المؤمن عليهم، وفقد الآلاف  من العاملين في المنشآت السياحية وظائفهم، وكذلك العاملين في المقاهي والكافيتريات ، والمطاعم ، بينما يعاني جميع العاملين باليومية والذين يحصلون على قوتهم يوماً بيوم من افتقاد سبل العيش .

إن هذه الأوضاع الخطيرة غير خافية على أحد، بل أن صفارات الإنذار تنطلق يومياً من كل صوب وحدب داعيةً إلى دعم هذه الفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً، والتي تتعرض لمخاطر الجوع حرفياً ما لم تتم حمايتهم.

ورغم ما قامت به وزارة القوى العاملة من قرارات  بصرف منحة استثنائية قدرها خمسمائة جنيه للعمال المضارين إلا أنها  حددت معايير لصرفها  جعلتها لا  تصل إلا  لقلة قليلة من قوة العمالة  غير الرسمية وهى تلك المسجلة بالفعل التى حصلت على قياس للمهارة من قبل مدريات القوى العاملة والمسجلين بقاعدة بيانات المديرية، ويحملون كارنيه من إدارة العمالة غير المنتظمة حيث صرحت الوزرارة بأنه  ليس أي عمالة حره عمالة غير منتظمة، والعمالة غير المنتظمة تندرج ضمن 5 قطاعات ويشترط أن يكون مثبت فى بطاقة الرقم القومي مهنته (قطاع المقاولات، عمال قطاع الزراعة، عمال قطاع العاملين فى المناجم والمحاجر، عمال الصيد، عمال الموانئ( . حيث حدد 55075 عامل مستوفى للشروط وضوابط العمالة غير المنتظمة للاعمار السنية من 18 الى 59 .. وهنا نتسائل ما  مصير باقى العمال والعاملات الذين يعملون فى القطاع غير المنظم ولا تتوافر لديهم هذه الشروط كالباعة الجائلين وعاملات المنازل وعمال اليومية؟ ..

.. كما قامت بعض الجمعيات الأهلية والبنوك ووزارة الأوقاف (بيت الزكاة) بإطلاق مبادراتها لدعم العمالة غير المنتظمة، وهي المبادرات التي لا يستطيع أحدٌ التقليل من أهميتها- مع تحفظنا على ما يرافق البعض منها من تصوير أو ممارسات قد تتسبب في إهانة متلقي الدعم- غير أن هذه الإجراءات جميعا اتخذتها الحكومة دون حوار مع اصحاب المصلحة أنفسهم (العمال / النقابات ) وغياب تام لدور اتحاد العمال العام  رغم ما يمتلكه من امكانيات  مكتفية بالتواصل مع رجال الأعمال  وهو ما  يتطلب معه اقتراح حزمة من السياسات والإجراءات يهمنا عرضها كما يلي:

  • تتوارد أخبار وشكاوى العمال من قيام أصحاب العمل بتسريحهم (إنهاء خدمتهم) على خلفية تأثرهم بوباء الكورونا وما ترتب عليه من مصاعب اقتصادية .. حيث ينبغي التأكيد في هذا الصدد على النقاط الآتية:
  • إن المسئولية الاجتماعية للمستثمرين وأصحاب الأعمال ليست مجرد التبرع ببعض الأموال للأغراض الخيرية ، وإنما هي عددٌ من الواجبات يأتي في مقدمتها الوفاء بحقوق العاملين لديهم.. حيث تصبح هذه المسئولية مضاعفة في أوقات الأزمات والمحن.
  • إن تسريح العمال وحرمانهم من مورد رزقهم الوحيد في ظل هذه الأزمة يضاعف منها ، وينال من الاستقرار ، ويهدد السلم المجتمعي.. إننا جميعاً سوف نتحمل أعباء هذه الأزمة آملين في عبورها بأقل الخسائر.. غير أن الثمن الذي تدفعه الشرائح والفئات الاجتماعية الأعلى لا يقارن بمعاناة أبناء الشرائح الأدنى وبينهم العمال... تقلص هامش الربح فى بعض الصناعات والأعمال.. ربما.. خسر البعض، تعثر البعض، أغلق البعض منشآته.. ربما.. لكن هناك من لا يجد ما يسد به رمقه أو يسكت جوعه.

لسنا فى معرض التنابذ .. إنما- فقط- نؤكد على المسئولية الاجتماعية لأصحاب العمل التى ينبغى إعلاء قيمتها- وليس التخلي عنها- فى أوقات المحن والأزمات.

  • وتأسيساً على ما سبق نطالب بربط أية تيسيرات أو إعفاءات أو قروض يحصل عليها أصحاب العمل (الشركات والمنشآت) بحفاظهم على العمال والوفاء بحقوقهم.

 

  • نطالب بتفعيل المواد من 196 إلى 199 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ، حيث يتعين على صاحب العمل أن يتقدم بطلب إغلاق المنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها –إذا كان ذلك يمس حجم العمالة بها- إلى اللجنة المشكلة لهذا الغرض والصادر بتشكيلها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 984 لسنة 2003 ويتضمن الطلب الأسباب التي يستند إليها، وأعداد وفئات العمال الذين يتم الاستغناء عنهم.

حيث تبحث هذه اللجنة جدية الضرورات الاقتصادية التي تدعو إلى ذلك، وفرص التغلب عليها.

 وفي ظل الأزمة الراهنة يتوجب بحث إمكانية الاستمرار مع بعض الخسائر المحتملة، وإمكانيات تعديل النشاط الاقتصادي لبعض الوقت وفي أحوال طلب الإغلاق الجزئي بحث إمكانيات التدريب التحويلي للعمال.

 

  • وفي حالات الإفلاس أو التصفية ينبغي أن تباشر وزارة القوى العاملة اقتضاء حقوق عمال المنشأة واستيفائها.

 

  • إخضاع صندوق إعانات الطوارئ للعمال لإشراف اللجنة المشكلة برئاسة مجلس الوزراء، ووقف صرف بدلات حضور الجلسات ومكافآت مجلس الإدارة ، والعمل على زيادة رصيده بمساهمات أصحاب الأعمال ومنظماتهم وتبرعات الجهات والأطراف الأخرى التي تبادر إلى دعم العمالة.. حيث يقوم الصندوق- وفقاً للائحته- بصرف الأجر التأميني للعامل لمدة ستة أشهر في حالات الطوارئ التي يتعذر فيها على صاحب العمل (المنشأة او الشركة) صرف أجور العمال لبعض الوقت.

 

  • فتح مكاتب التأمينات لتلقي طلبات الحصول على تعويض البطالة من العمال الذين يفقدون وظائفهم على أن يتقرر الصرف للعامل المستحق على الفور، ويبدأ اعتباراً من اليوم الثامن لتاريخ انتهاء الخدمة [وفقاً لأحكام المواد 87، 88، 89من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019 ]
  • إتاحة الفرصة أمام تسجيل العمال لأنفسهم دون تحديد موعد نهائي لذلك.
  • صرف منحة شهرية للعمال مقدارها ألف جنيه ، وذلك لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من ابريل الجاري وذلك لحين استقرار الأوضاع الناجمة عن أزمة وباء الكورونا.
  • على المدى الطويل ، وبعد انحسار الأزمة ، ينبغي متابعة العمل بالبناء على ما تحقق من تسجيل للعمال غير المنتظمين ، من أجل:
  • تطوير آليات قيد العمال غير المنتظمين حيث يلتزم أصحاب العمل بإمساك دفاتر يومية يقيد بها العاملون، كما يلتزموا بتقديم أسماء العمال المؤمن عليهم مع الاشتراكات التأمينية التى يقومون بسدادها.
  • إعادة تقدير قيمة الأجور، ونسبة الاشتراكات التأمينية الشهرية المدفوعة عنها وفقاً لحساب اكتوارى جديد يأخذ فى اعتباره أولاً مصلحة المؤمن عليه وحقه فى الحماية الاجتماعية
  • إجراء حصر للعمال الذين باتوا غير قادرين على العمل، وتطوير نظام لاقتضائهم معاشات شهرية .
  • تمكين العمال غير المنتظمين من تكوين منظمات نقابية فاعلة تدافع عن حقوقهم، وتتبنى مطالبهم.
  • معاملة المؤمن عليهم  والمسجلين لدى صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين والذى يبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين يعملون فى المخابز والنقل البرى والمقاولات على أن يصرف ذلك من حساب تأمين البطالة وهو ما يتفق مع قانون التأمينات الأجتماعية وأيضا مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 الخاصة بمعايير الضمان الأجتماعى  
  • اعفاء هؤلاء العمال وأسرهم بشكل مؤقت من فواتير الكهرباء والمياه والغاز  حتى أنتهاء هذه الأزمة وتداعياتها الأقتصادية. 
  •   تعديل مشروع قانون العمل المعروض على مجلس النواب بما يكفل الحماية القانونية لهؤلاء العمال، وآليات فاعلة لمتابعة شروط عملهم ورقابتها.
  • تثير الأزمة الحالية مجدداً المشكلة المتعلقة بعاملات المنازل ومن في حكمهم.. فمن الملاحظ والمعروف أن الكثير من الأسر قامت بإيقاف عملهن أو الاستغناء عنهن بسبب وباء الكورونا.. مما يعرض هذه الفئة أيضاً لأوضاع معيشية بالغة الصعوبة، وإذا كنا نرى واجب هذه الأسر التي تستخدم هؤلاء العاملات منحهن إجازات مدفوعة الأجر لحين انتهاء الأزمة، حيث ينبغي أن تتحمل جميع الأطراف جانباً من المسئولية والأعباء ، فإننا نجدد مطالبتنا بضرورة تعديل مشروع قانون العمل بما يكفل عدم استبعاد هذه الفئة من نطاق سريانه ، حيث يمكن استثناء هذه الأعمال من أحكام باب تفتيش العمل والضبطية القضائية دون أن نحرم هؤلاء العمال والعاملات من حماية حقوقهم في شأن الأجور وساعات العمل والإجازات، وكذلك شمولهم بالمظلة التأمينية.
  • إعطاء الأولوية فيما يمكن تقديمه من دعم للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر.
  • توفير أدوات وقاية وبيئة عمل آمنةللأطقمالطبية وللعمال الذين يضطرون لمزاولة عملهمنظراً لحاجة المجتمع الشديدة لعملهم لمواجهة الأزمة ( الصناعات الدوائية / الصناعات الغذائية / أدوات الوقاية ).

أخيراً: أوضحت هذه الأزمة مدى حاجة العمال والمجتمع لوجود نقابات حقيقية ينشأها العمال بإرادتهم الحرة قادرة على الدفاع عنهم وحمايتهم .

 


رصيد الصندوق حالياً يقدر بستة مليار جنيه وفق تصريح الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط (جريـــــــــــــدة صوت الأمة

. 30 مارس 2020.

إضافة تعليق جديد