الأمان الوظيفي والأجور خطوط حمراء في قانون العمل

بيانات صحفية
الأربعاء, أكتوبر 16, 2019 - 12:07

 

الأمان الوظيفي والأجور خطوط حمراء في قانون العمل

ظلت الحكومة ولجنة القوى العاملة بمجلس النواب لمدة عامين متكتمين على مشروع قانون العمل، حتى فاجأتنا اللجنة مؤخراً بالانتهاء من تعديلات على المشروع ليصبح في انتظار العرض على الجلسة العامة لإصداره بالطريقة المعتادة في إقرار التشريعات داخل البرلمان ذي الأغلبية المطلقة الموافقة دائماً على كل ما تطلب الحكومة إصداره من قوانين دون مراعاة لرأي المواطنين المخاطبين بشأن القانون، أو لتوافق هذا القانون مع مفاهيم ونصوص الدستور، ولا لملاحظات الهيئات الحقوقية الوطنية، وفي مقدمتها المجلس القومي لحقوق الإنسان، ولا ملاحظات لجنة المعايير بمنظمة العمل الدولية التي ترصد توافق التشريعات المحلية مع المعايير والحقوق الواردة في الاتفاقيات الدولية.

وكالعادة، تجاهلت الحكومة ونوابها وإعلامها استغلال هذين العامين في إجراء حوار مجتمعي يستحقه مثل هذا القانون الذي يهم كل القوى العاملة في مصر.

وهناك أمران بشأن قانون العمل تتجاهلهما الحكومة وأغلبيتها في مجلس النواب، نتيجة عدم إدراك للعواقب السلبية المحلية والخارجية أو عدم اهتمام بالعاملين وأسرهم، أو للسببين معاً:

الأول: أن أي تشريع لعلاقات العمل سيكون لا قيمة له عملياً إذا لم يأخذ في اعتباره التغيرات الحادة والواسعة في سوق العمل من حيث تحول كافة القطاعات تقريباً، باستثناء الوزارات والهيئات الحكومية والشركات التابعة لها، إلى قطاع خاص واستثماري بعد أن تمت تصفية القطاع العام وإخضاع ما تبقى منه لمعايير القطاع الخاص الربحي والاستثماري، بالإضافة إلى التزايد الكبير في أعداد العمالة غير المنتظمة التي أصبحت تشمل أكثر من 14 مليون عامل، وتفشي الاقتصاد غير الرسمي الذي يشكل نحو 60% من الاقتصاد المصري.

والثاني: أنه لا قيمة له إذا لم يحل المشكلات التي أظهرها تطبيق قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 في ما يتعلق بنزاعات العمل، وما ظهر عبر تلك السنوات من ثغرات وعيوب كثيرة في نصوصه.

وحملة الحريات النقابية وحقوق العمال، وهي بصدد إعلان رؤيتها كاملة حول نصوص المسودة النهائية لمشروع قانون العمل، والتي تلقتها مؤخراً، فإنها تؤكد على النقاط الجوهرية التالية في هذا البيان:

أولاً- الأمان الوظيفي:

  • لابد لقانون العمل أن يوفر بنصوص واضحة وحاسمة الأمان الوظيفي للعامل، باعتباره الطرف الأضعف في علاقات العمل، حيث لا يمتلك الثروة ولا السلطة، حتى يكون مطمئناً على عمله، وبشكل خاص لابد من النص في القانون على "حظر إبرام عقد العمل محدد المدة إلا في حالة القيام بأعمال مؤقتة أو عرضية أو موسمية"، والنص على "اعتبار عقد العمل محدد المدة عقداً دائماً، إذا استمر العامل في عمله بعد انقضاء مدة العقد.
  • لابد لقانون العمل أن يتضمن فقط النصوص الخاصة بعقوبة الفصل من العمل وتحديد الحالات على سبيل الحصر التي لا يجوز فصل العامل في غيرها، وأن يحذف من المشروع كل النصوص الخاصة بإنهاء عقد العمل باعتبارها تزيداً لا ضرورة له عملياً، والأهم أنها تفتح الباب على مصراعيه أمام أصحاب الأعمال، أفراداً كانوا أو حكومة، للتخلص من العمالة وقتما يشاءون دون التزام بأي حقوق للعامل باستثناء تعويض مالي هزيل (مرتب شهرين أو ثلاثة شهور)
  • ضبط ظاهرة وكالات الاستخدام "مقاولي الأنفار" التي تفشت في السنوات الأخيرة لتصبح موردة أنفار في كل الشركات والقطاعات، حكومية وخاصة، ووسيلة لضياع حقوق العمال في الأمان الوظيفي والأجر وشروط العمل بينها وبين الشركات التي تورد لها العمالة، وأول خطوات ضبط تلك الظاهرة النص في القانون على "حظر توريدها عمالة للشركات إلا في الأعمال المؤقتة والعرضية والموسمية، وليس في النشاط الأساسي للشركة"، والنص أيضاً على "حظر تقاضيها أية مبالغ من العامل بعد تشغيله في شركة ما".

 

ثانياً- الأجور:

وهي القضية الرئيسية في علاقات العمل، وأهم ما يعنينا في هذا الشأن هو ضرورة النص في القانون على:

  • تحديد الحد الأدنى للأجور والذي يكفي للوفاء بالاحتياجات الأساسية للعمال وأسرهم.. وإكسابه صفتي العمومية والإلزام في كل القطاعات.. وزيادته سنوياً بما يعادل نسبة التضخم.
  • احتساب نسبة العلاوات السنوية الدورية (7%) من الأجر الشامل وليس الأجر الأساسي أو التأميني.
  • النص في القانون على حق العمال في الأرباح وطريقة احتساب الأرباح وآلية اقتضائها.
  • حذف ما يتعلق يتحديد منظمة نقابية بعينها (اتحاد نقابات العمال الحكومي) لتمثيل العمال في المجلس القومي للأجور، حيث أن أي منظمة نقابية بعينها لا يجوز لها أن تمثل عمال كل القطاعات في عموم الوطن في شأن يخصهم جميعاً.

وقد جاء المشروع النهائى لقانون العمل لينفى عاملات المنازل خارج نصوصة ويتركهم بدون أى حماية قانونية.

إن أي قانون للعمل لا يضع في اعتباره توفير ظروف عمل آدمية وشروط عمل عادلة سيكون غير ذي قيمة بالنسبة للعمال الذين لن يتوانوا من جانبهم في الدفاع عن حقوقهم في العمل الأمن والأجور العادلة والحياة الكريمة لهم ولأسرهم، خاصة وأنه لم يعد لديهم ما يفقدونه سوى الجوع والمذلة.

القاهرة في 16 أكتوبر 2019

 

إضافة تعليق جديد