الحركة العمالية بين الأمس واليوم

مقالات
الاثنين, أغسطس 8, 2011 - 00:05

فور إعلان الخبر تلقيت سيلا من المكالمات والرسائل التليفونية، الجميع فرح.. الكل يهلل، والبعض يتساءل ماذا بعد؟ ماذا بعد حل مجلس إدارة اتحاد نقابات عمال مصر؟

عندما هدأت الاتصالات أخذت أنفاسى ورحت أسترجع شريط السنوات السابقة، أتفحص تلك الوجوه التى أزيحت عن كراسى اغتصبوها وتشبثوا بها عبر انتخابات مزورة، وأتذكر كيف كان يستقبل العمال إعلان نتائج الانتخابات المزورة وهم يطالعون بحسرة أسماء هؤلاء تتكرر دائما. أتذكر حالة الإحباط التى كنا نستقبل بها أخبار التشكيلات النقابية بنفس الأسماء، وكأن الزمن عاجز عن تخطى هؤلاء.

وأستوقف شريط الذكريات لأدقق فى صورة من صور الذكريات الأليمة.. أتذكر الانتخابات النقابية عام 1979 عندما قام رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بحمل أوراق المرشحين لمكتب المدعى العام الاشتراكى ليشطب المدعى العام 52 مرشحا من القيادات النقابية اليسارية وهو الفعل الذى تكرر أيضا فى الانتخابات النقابية عامى 83، 87.

أتذكر عام 89 عندما شاركت فى قيادة إضراب عمال الحديد والصلب وكيف وقفت قيادة هذا الاتحاد فى مواجهتنا، وراحت تصف عمال الحديد والصلب المسجونين بالقلة المندسة والجماعة المارقة وتطالب الحكومة بألا تأخذها بهم رحمة، لا لسبب إلا لأن عمال الحديد والصلب اعتصموا للمطالبة بحقوقهم التى تقاعست نقابتهم عن المطالبة بها، أتذكر عندما وقف عطيطو رئيس النقابة العامة للعاملين بهيئة السكة الحديد الأسبق بين يدى رئيس الوزراء حينذاك د. على لطفى يقول له اضرب عليهم بيد من حديد فهم فئة ضالة، مشيرا إلى زملائه من قيادات إضراب سائقى المترو عام 87 والمحبوسين رهن المحاكمة.

أتذكر كيف تحول هؤلاء من مدافعين أشاوس عن القطاع العام وصيغة تحالف قوى الشعب العاملة إلى مبشرين بسياسات الانفتاح الاقتصادى ومروجين لبيع القطاع العام، وأندهش كيف لنقابى المفترض به الدفاع عن حقوق العمال والتى على رأسها الحق فى العمل أن تكون مهمته إخراج العمال على المعاش المبكر.

كل ذلك من صور الماضى البعيد. ولعل الجميع يتذكر مشاهد الماضى القريب، مشاهد مئات من العمال بأسرهم يفترشون أرصفة مجلس الشعب ورئاسة مجلس الوزراء للمطالبة بحقوقهم والجميع يتساءل أين التنظيم النقابى؟

وكلنا اليوم شهود عيان كيف ناصبت قيادات اتحاد العمال الحكومى العداء لثورة 25 يناير منذ اندلاعها، وكلنا قرأنا بيانات الإدانة للثورة التى أصدرها الاتحاد، وكلنا شاهدناهم على شاشة التليفزيون الحكومى فى مظاهرات التأييد للرئيس المخلوع وفى مشاركة قياداتهم فى موقعة الجمل.. ولعلنا جميعا الآن مندهشون من جرأة رفضهم لقرار مجلس الوزراء بتنفيذ أحكام قضائية واجبة النفاذ بحل الاتحاد بدعوى مخالفة ذلك للاتفاقيات الدولية الخاصة بالحريات النقابية، وأين كانوا من تلك الاتفاقيات عندما حكموا وتحكموا فى الحركة العمالية بقانون مخالف لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية.

اليوم علينا أن ننسى هؤلاء، فقد أصبحوا جزءا من الماضى الأليم، علينا أن نعمل من أجل المستقبل فقرار حل الاتحاد خطوة لا تكتمل إلا بإصدار قانون الحريات النقابية حتى يستطيع العمال المصريون بناء نقاباتهم بإرادتهم الحرة.. نقابات قادرة على الدفاع عن حقوقهم.

كمال عباس
المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية

إضافة تعليق جديد