الحوار المجتمعي الحقيقي شرط وجود قانون متوازن للعمل

بيانات صحفية
الأربعاء, أكتوبر 17, 2018 - 12:52

توالت الأخبار والتصريحات مؤخراً عن إعادة مناقشة مشروع قانون العمل الجديد في لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، وذلك بعد أن سحبته الحكومة خلال الدورة البرلمانية الماضية، على أثر مطالبة الرئيس السيسي بتوفير الحماية للعمالة غير المنتظمة، ووفقاً للتصريحات الأخيرة فقد أدخلت الحكومة على المشروع تعديلات في المواد المتعلقة بالمرأة والطفل، ومن المفترض أنه تدارك سبب سحب المشروع السابق، وهو تجاهل العمالة غير المنتظمة التي تبلغ 46.5% من قوة العمل في الربع الثالث من 2017، أي حوالي 13 مليون عامل من بين قوة العمل البالغة 30 مليوناً.
ويهم حملة الحريات النقابية وحقوق العمال أن تؤكد على النقاط التالية ليخرج المشروع متوافقاً مع الاتفاقيات الدولية والدستور المصري بشأن حقوق العمال، ومع التغيرات في سوق العمل، ومتضمناً آليات لحل المشكلات والنزاعات التي تكشفت في ظل قصور القوانين السابقة عن ملاحقة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وليكون محل رضا من كل أطراف العمل، حتى تتوافر له إمكانية التطبيق ولا يولد ميتاً:
أولاً- إنه من الضروري إجراء حوار مجتمعي حقيقي حول مشروع القانون قبل مناقشته وإقراره في مجلس النواب، وأن يشارك في هذا الحوار ممثلو العمال الحقيقيين، بدلاً من أن يقتصر كما سبق على ممثلي رجال الأعمال وممثلي الحكومة "وزارة القوى العاملة" ورجالها في الحركة النقابية "اتحاد نقابات العمال" المنفصلين عن مصالح وهموم العمال بحكم ارتباط مصالحهم الخاصة برضا أجهزة الدولة ورجال الأعمال عنهم وحمايتهما لهم.
ثانياً- لقد تمكنت القيادات العمالية، عند وجود النسخة السابقة من المشروع في البرلمان، من حضور جلسة استماع في لجنة القوى العاملة، وطرحت انتقادات موضوعية وجادة حول تجاهل المشروع للعمالة غير المنتظمة ولفئات عديدة من العمالة من بينها عاملات المنازل، بالإضافة إلى انتقادات أخرى للمواد المتعلقة بالفصل من العمل وإنهاء الخدمة والأجور والتأمينات وسلامة بيئة العمل وحقوق المرأة والطفل، وتم تجاهل كل ذلك من قبل الحكومة ولجنة القوى العاملة في البرلمان، حتى جاءت بالصدفة تصريحات الرئيس السيسي بشأن العمالة غير المنتظمة فأسرعت الحكومة بسحب المشروع وأدخلت تعديلات عليه من حق العمال وممثليهم الاطلاع عليها ومناقشتها وطرح تصوراتهم بشأنها.
ثالثاً- إن أي مشروع قانون للعمل يكتسب احترامه وقوته وقابليته للتطبيق من توافقه مع الاتفاقيات الدولية والدستور المصري، وتوفيره الحماية للطرف الأضعف في علاقات العمل، أي العمال، سواء لحقهم في الأمان الوظيفي، أو في أجر يضمن لهم ولأسرهم حياة إنسانية ويلاحق بل يسبق معدلات الغلاء والتضخم، وفى بيئة عمل تتوافر بها شروط السلامة والصحة المهنية.
وأخيرا، فإن العمال ومنظماتهم النقابية التي شكلوها بإرادتهم المستقلة، وهم يمتلكون رؤية واضحة بشأن قانون العمل وعلاقاته، لن يتوانوا عن التحرك لممارسة حقهم في المشاركة في صياغة أهم القوانين المتعلقة بقضاياهم اليومية ومصالحهم.

القاهرة في 17 أكتوبر 2018

إضافة تعليق جديد