العمال.. الصوت الغائب تقرير انتهاكات الحقوق العمالية لعام 2022

الثلاثاء, فبراير 28, 2023 - 19:13

 

العمال.. الصوت الغائب

تقرير حول انتهاكات الحريات النقابية لعام 2022


إعداد
دار الخدمات النقابية والعمالية

 

 

 

 

 

 

محتويات التقرير

مقدمة عامة

أبرز أحداث عام 2022 على الساحة العمالية

 

المحور الأول:

  • رصد وإحصاء الانتهاكات العمالية والنقابية خلال عام 2022:

  • منهجية الرصد والإحصاء

  • رصد انتهاكات العمال /ات اعتبارا من 1/1/2022 الى 31/12/2022

  • الجداول والرسوم البيانية

 

المحور الثاني:

  • الحريات النقابية والحق في التنظيم

 

المحور الثالث:

  • مشروع قانون العمل.

 

  • أبرز الاستخلاصات 

 

  •  

مقدمة عامة:

عام الأزمات واستبعاد صوت العمال.

ربما يكون هذا هو العنوان الأنسب لعام 2022 على مستوى الواقع العمالي في مصر.. حيث شهد العام وقائع الانتخابات النقابية العمالية بما شهدته من انتهاكات غير مسبوقة كان مظهرها الأبرز استبعاد قرابة الألفين· من راغبي الترشح، وحرمانهم من حقهم في الترشح.

وبينما بدأ العام بمناقشة مشروع قانون العمل في مجلس الشيوخ، فقد انتهى أيضاً بطرحه للمناقشة في لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، ورغم أن المنظمات النقابية المستقلة والمهتمين بالشأن العمالي قد قدموا مراراً وتكراراً ملاحظاتهم بشأن المشروع المقدم، ورغم أن الحكومة (مجلس الوزراء) قد أدخلت على المشروع المقدم منها عدد من التعديلات في نوفمبر 2021، إلا أن التعديلات الحكومية سارت بالمشروع إلى الوراء في شأن الحقوق العمالية، مع إدارة الظهر لملاحظات الأطراف العمالية.

شهد هذا العام أزمة اقتصادية طاحنة ضربت أنحاء العالم وأدت على الأخص إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية على نحو غير مسبوق، وضربت دول وشعوب العالم الثالث أكثر من غيرها.. وفي مصر انخفضت قيمة الجنيه المصري على نحو غير مسبوق، لترتفع معدلات التضخم، وتنطلق أسعار جميع السلع والخدمات من عقالها، حيث تتزايد الأعباء على العمال وغيرهم من الطبقات والفئات الشعبية محدودة الدخل ويعجز الكثيرون منهم –أو أغلبيتهم الساحقة- عن توفير الحاجات المعيشية الضرورية لأسرهم.

وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار تتراجع القيمة الحقيقية لأجور العمال في ظل سياسات اقتصادية لا تأخذ مصالحهم وحقوقهم بعين الاعتبار، ولا تتجه لمعالجة أوضاعهم وتخفيف أعبائهم التي صارت تثقل كاهلهم، فيما لا يزالون يفتقرون إلى منظمات نقابية قوية ومستقلة تستطيع الدفاع عن مصالحهم والتفاوض بشأنها.

عانت مصر من أزمة اقتصادية شديدة، مع تراجع الاستثمار الأجنبي والمحلي، والتراجع في احتياطي النقد الأجنبي المستنزف في خدمة الدين الخارجي، ليترافق ذلك مع فرض بعض القيود على الاستيراد، واحتجاز الكثير من السلع الحيوية في الجمارك، وتفاقم أزمات السلع الغذائية، وعجز بعض الشركات والمستثمرين الذين دأبوا على اللجوء إلى الحل "الأسهل" بتسريح العمال، أو الامتناع عن سداد كل أو بعض أجورهم.

وثيقة سياسة ملكية الدولة

في يونيو 2022 طرحت الحكومة وثيقة سياسة ملكية الدولة التى تعيد الدولة فيها صياغة شكل ملكيتها للأصول، والتحول من إدارة مؤسسات الدولة إلى إدارة رأس مال الدولة من خلال تحديد آليات تخارجها من الأصول المملوكة لها، فيما بدا أنه مرحلة جديدة من الخصخصة.

ورغم أن طرح سياسة جديدة للدولة في شأن ملكيتها أمراً شديد الأهمية والخطورة، يمس مصالح فئات وقطاعات الشعب المصري جميعها، مما كان مفترضاً معه إدارة حوار مجتمعي موسع تشارك فيه جميع هذه الفئات والقطاعات قبل إصدار الوثيقة، إلا أنه تم إصدار الوثيقة ابتداءً، ثم الاكتفاء بتنظيم نقاش حولها تشارك فيه فقط منظمات رجال الأعمال والمستثمرين، بما يعنيه ذلك من اختزال أزمة الاقتصاد المصري الهيكلية في الملاحظات والانتقادات التي يثيرها رجال الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب بشأن الأوضاع الاحتكارية للدولة.

وقد تلخصت منهجية تحديد عملية التخارج من ملكية الكثير من الأصول في تخارج الدولة من القطاعات والصناعات المشبعة سوقها، والتي يعزف القطاع الخاص عن الاستثمار فيها، بينما رأى الكثير من الخبراء الاقتصاديين أنه من المفترض أن تكون هناك خطة تنموية متكاملة يتم وفقاً لها تحديد دور الدولة، وتمكين القطاع الخاص من الاستثمار والمشاركة وفقاً لهذه الخطة وأولوياتها.

ورغم ما نصت عليه الوثيقة من أهداف لسياسة ملكية الدولة التي تقدمها، فإن واقع الحال- كما كان معروفاً - أن هذه السياسات جاءت استجابة لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية وعلى الأخص صندوق النقد الدولي الذي كانت المفاوضات دائرة معه آنذاك بشأن قرض جديد تم إقراره قبل نهاية العام، وكذلك من أجل تحقيق وفورات اقتصادية لمواجهة الأزمة الهيكلية للاقتصاد المصري، والفجوة التمويلية التي ترتبت على التوسع غير الحذر في الاقتراض، ووصول الديون إلى معدلات خطرة وغير مسبوقة.

وقد انصرفت الوثيقة فقط إلى سياسة ملكية الدولة، بينما كان من المفترض- وفقاً لملاحظات أطراف كثيرة- أن يتم تناول دور الدولة في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها على الأخص التعليم والصحة، ورغم أن سياسة ملكية الدولة التي تعرضها الوثيقة قد أبقت على استثمارات الدولة في التعليم والصحة، إلا أنه يتلاحظ تخفيض أو تثبيت استثماراتها في التعليم قبل الأساسي (الحضانات) رغم كونه من الخدمات الأساسية التي يرتبط توفيرها بحقوق المرأة العاملة والأطفال.

ورغم أن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ومؤسساتها السيادية خلق أوضاعاً احتكارية وبنية قانونية ومؤسسية طاردة للاستثمار، ورغم أنه من الضروري مراجعة تعاقدات الدولة المباشرة بما يكفل قدر أكبر من الشفافية، ورغم أننا نؤيد تنوع أشكال الملكية، إلا أننا نرى أهمية وجود القطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية بشرط إعادة هيكلتها وتمكين العمال من المشاركة في إدارتها.

وقد تناقض ارتباط وثيقة سياسة ملكية الدولة بتسارع عمليات بيع الأصول التي شهدها هذا العام مع ما زعمته الوثيقة ذاتها من "تبني منظومة للمتابعة والتقييم تتضمن مجموعة من مؤشرات قياس الأثر"، و"كذلك مراجعة محفظة الأصول والمستجدات المحلية والعالمية وانعكاساتها على ضرورات التملك أو التخارج".. حيث أبدى الكثيرون من المحللين الاقتصاديين جزعهم وتحفظهم على الوتيرة السريعة للبيع التي ربما كان من شأنها "البيع بثمن بخس" فضلاً عن كونها لا تخضع فيما يبدو لأولويات خطة تنموية واضحة.

كما أن الوثيقة -فضلاً عن ذلك- كان قد سبقها خلال العامين الماضيين تصفية بعض الشركات (شركة الحديد والصلب المصرية، والشركة القومية للأسمنت، وأعقبتها تصفية شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية)·، حيث كان المعيار الوحيد لاتخاذ قرارات التصفية هو ربحية الشركات وفكرة- عامة- عن عجز الدولة عن إدارة أصولها بكفاءة، دون خطة إستراتيجية واضحة عن ضرورات تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي لدعم الصناعات التحويلية والتصديرية.

كما أبدت الكثير من الأطراف السياسية والاجتماعية تحفظها بشأن تخارج الدولة وتخفيض استثماراتها في المرافق العامة التي تقدم الخدمات الضرورية كمياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء، وهو من شأنه التأثير المباشر على الطبقات الشعبية التي تعاني من نقص هذه الخدمات وعدم القدرة على التمتع بها، كما أن التخارج وتخفيض الاستثمارات في قطاع الزراعة والصناعات الغذائية يعني تخلي الدولة عن القيام بدور ضروري في توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء والتدخل للتحكم في أسعارها.

وإذا كنا نتفق مع توجهات الحياد التنافسي بما تتضمنه من الحياد الضريبي، والحياد التنظيمي والتشريعي، وفي الحصول على رأس المال بنفس الكلفة، ونشدد على إتاحة الفرصة وتمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من بيئة تشريعية وتنظيمية تعوق تطورها ومراكمتها، فإننا نتساءل أيضاً عن مدى التزام جميع المؤسسات المملوكة للدولة (بما فيها السيادية) بهذه السياسات، كما نتساءل هل يمكن التزام مؤسسات الدولة بالحوكمة والشفافية، وهل يمكن تحقيق الحياد التنافسي إلا في ظل دولة ديمقراطية ومجتمع ديمقراطي تتوفر فيه أدوات الرقابة المجتمعية وحرية الرأي والتعبير .

وأخيراً.. مع صدور الوثيقة، طُرح مجدداً سؤال ماذا عن العمال؟

تتناول الوثيقة سياسة ملكية الدولة، وتخارجها أو تقليص استثماراتها في العديد من القطاعات الصناعية (الصناعات النسيجية، الصناعات الهندسية والمعدنية، الصناعات الكيماوية، الصناعات الدوائية)، دون كلمة عمن يعملون في هذه الصناعات، وحقوقهم.

وإذا كان من الضروري- وفقاً لهذه الوثيقة- معالجة عزوف الاستثمار بسياسات الحياد التنافسي، وتوفير البيئة التشريعية والتنظيمية الملائمة، فإننا نرى من الضروري- من وجهة نظرنا- التزام المستثمرين المحليين والأجانب (وعلى الأخص الخليجيين) بالمسئولية المجتمعية التي تأتي حقوق العمال في مقدمة عناصرها.

حيث نؤكد مجدداً أنه من غير المقبول أن تكون العمالة الرخيصة، أو التعسف في علاقات العمل والحرمان من الأمان الوظيفي ضمن حوافز الاستثمار التي تقدمها الدولة للمستثمرين المحليين أو الأجانب.

كما نؤكد على الأهمية القصوى لتمتع العمال بحقهم غير المنقوص في تكوين نقاباتهم المستقلة الفاعلة التي تعبر عن مصالحهم، والأهمية القصوى كذلك لتفعيل أدوات المفاوضة الجماعية مع منظمات العمال المستقلة الديمقراطية في ظل تنوع المالكين والمستثمرين.

 

مشروع قانون إنشاء صندوق هيئة قناة السويس

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمسك بتلابيب الاقتصاد المصري، والحديث عن الفجوة التمويلية التي يتعين البحث عن مصادر لمعالجتها، ناقش مجلس النواب· مشروع قانون لتعديل المادة  (15مكرر2) من القانون رقم 30 لسنة 1975 والخاص بهيئة قناة السويس، والذي بموجبه ينشأ صندوق جديد للهيئة له شخصية اعتبارية بغرض المساهمة بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات، أو زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.. ، حيث أُصيب المجتمع المصري بما يشبه الصدمة الموجعة، وتوالت ردود الأفعال الغاضبة والرافضة، فقناة السويس ليست فقط الشريان المائي الهام، ومورداً هاماً وآمناً من موارد الاقتصاد المصري، لكنها أيضاً رمزاً وطنياً له مكانته في وجدان الشعب المصري.

رأى البعض أو بالأحرى الكثيرون أن ذلك الصندوق يشكل تهديداً على قناة السويس- على الأخص- وقد تناهت بعض التصريحات الغامضة بشأن إمكانية الحصول على قروض بضمان قناة السويس، كما ذهب آخرون إلى رفض هذا الصندوق كونه يحرم الموازنة العامة من إيرادات القناة.. بينما دافعت الحكومة ورجالاتها عنه على سندٍ من القول بأنه يتيح لهيئة قناة السويس تحقيق التنمية الشاملة.

على أية حال.. بدا مشروع القانون تحدي صارخ لإرادة الشعب المصري التي كشف عنها رأي عام لا تخطئه العين، وبناءً عليه أرجأ مجلس النواب التصويت النهائي على مشروع القانون.

 

تعثر محاولات تعديل قانون التأمينات الاجتماعية

بدأ العام- كما سبق القول- بمناقشة مشروع قانون العمل المعدل من الحكومة في مجلس الشيوخ، وانتهى على وقع مناقشته في لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، بينما تعثرت محاولات تعديل قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2022 رغم استمرار حالة التذمر العمالي من مشاكل تطبيقه منذ بدء العمل به اعتباراً من 1/1/2020.

رغم أن المخاطبين بأحكام هذا القانون من أصحاب المعاشات والعاملين في كافة القطاعات يمثلون نسبة لا يستهان بها من أبناء الشعب المصري، ورغم أن تطبيقه كشف عن الكثيرٍ من أوجه القصور والتناقض مما تسبب في الإضرار بمصالح بعض الفئات الاجتماعية التي بدأت في المطالبة بإعادة النظر في بعض أحكام القانون، بعد أن كشفت الممارسة العملية على أرض الواقع العديد من الإشكاليات التي تثيرها نصوص القانون- على الأخص- فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية للعمالة غير المنتظمة، والشروط التعجيزية لنظام المعاش المبكر، وكذلك في شأن تعويض البطالة الذي حرم القانون العاملين المؤقتين والعاملين في أعمال عرضية من التمتع به، الأمر الذي يتناقض مع واقع أن الكثيرين من العاملين في القطاع الخاص يعملون بعقود مؤقتة، فضلاً عن انخفاض قيمة التعويض. وأيضاً تضرر بعض المحالين للتقاعد من العاملين في الحكومة وقطاع الأعمال العام بسبب إهدار سنوات اشتراكهم التأميني التي تزيد عن ستة وثلاثين عاماً.

ورغم التقدم بمشروع قانون بتعديل النصوص التي مست فئات اجتماعية عديدة وأضرت بها، وتبني ستون نائباً هذا المشروع، إلا أنه لا يزال عالقاً في لجنة القوى العاملة بمجلس النواب.

 

الحد الأدنى للأجور

وفقاً للمادة 34 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 "ينشأ مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط يختص بوضع الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة، وبإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار"، وقد تم تشكيل هذا المجلس "نظرياً" بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 983 لسنة 2003، برئاسة وزير التخطيط وعضوية ثمانية أعضاء بحكم وظائفهم (تنفيذيين حكوميين)، وأربعة أعضاء يمثلون منظمات أصحاب الأعمال تختارهم منظماتهم، وأربعة أعضاء يمثلون "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي".

ولكن على الأرض لم يجتمع هذا المجلس طوال العقدين السابقين سوى مرات محدودة جداً، وكانت المرة الأولى التي يتصدى فيها المجلس بجدية لتحديد الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص عام 2021، بعد صدور قرار رئيس الوزراء في 30 يونيو 2021 بتعديل قيم الحد الأدنى لأجور الموظفين والعاملين لدى أجهزة الدولة والهيئات العامة ليصبح 2400 جنيه مصري، وكالمعتاد لم يتم تطبيق هذا الحد الأدنى على العاملين بالقطاع الخاص، حيث أدى ذلك إلى حالة من التذمر بين صفوف عمال القطاع الخاص، وتنظيم العديد من التحركات الاحتجاجية للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور-على الأخص- مع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأعباء المعيشية-

وإزاء حالة الاحتقان تلك دعت الحكومة في أغسطس 2021 إلى انعقاد المجلس القومي للأجور الذي شهد سلسلة من المفاوضات أسفرت عن صدور قرار وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية رئيس المجلس القومي للأجور رقم 57 لسنة 2021 يوم 13 سبتمبر 2021، ويقضي القرار بأن يكون الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص 2400 جنيه، وذلك اعتباراً من 1/1/2022، غير أن القرار نص في مادته الثانية على أنه في حال تعرض المنشأة لظروف اقتصادية يتعذر معها الوفاء بالحد الأدنى للأجر، يجوز لها أن تتقدم بطلب الاستثناء من الالتزام من خلال الاتحادات التابعة لها على أن يتضمن الطلب مبررات الإعفاء وأن يكون مشفوعاً بالمستندات الدالة على ذلك في موعد غايته 31 أكتوبر 2021"، بينما نصت المادة الثالثة على أن "يكون الحد الأدنى لقيمة العلاوة السنوية الدورية للقطاع الخاص اعتباراً من العام المالي 2021 وفقاً للسنة المالية المحاسبية لكل منشأة، بما لا يقل عن (3%) من أجر الاشتراك التأميني".

وقد بدا واضحاً آنذاك أن ممثلي منظمات أصحاب الأعمال قد وافقوا على الحد الأدنى للأجور باشتراط استثناء بعض القطاعات والشركات، وتخفيض العلاوة الدورية السنوية- التي تم تخفيضها فعلياً هذا العام رغم أن قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 لم يزل سارياً، حيث ينص على علاوة دورية سنوية بنسبة 7%!!

ومع يناير 2022، حيث كان مفترضاً تطبيق الحد الأدنى للأجور بقيمة 2400 جنيه (80 دولار أمريكي) تبين أن آلاف الشركات قد تقدمت بطلب استثنائها من تطبيق الحد الأدنى للأجور على زعم عدم قدرتها على تحمل زيادات الأجور بسبب ارتفاع عدد العمال، وتكاليف الإنتاج إلى جانب التداعيات السلبية لأزمة كورونا على عملياتها، حيث تم الإعلان عن استثناء 3090 شركة في ثلاثين قطاعاً، وعلى الأخص قطاعات الملابس الجاهزة والمنسوجات، وخاصة التي يتم تصديرها للخارج، والسياحة، وصناعة الورق، وصناعات التجزئة، وبعض المدارس الخاصة وشركات الأوراق المالية، وبعض محلات التجزئة

وبعد زيادة الحد الأدنى للأجور لموظفي الحكومة هذا العام إلى 2700جنيه (90 دولار أمريكي) وعدت الحكومة بالعمل على تطبيق هذا الحد الأدنى على عمال القطاع الخاص، واجتماع المجلس مجدداً لاتخاذ قراره في هذا الشأن، غير أن هذا الاجتماع لم ينعقد حتى الآن، حيث يبدو أن أصحاب العمل يرفضون مطالبتهم بأي التزامات إضافية في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية الراهنة.

 

 

الحركات العمالية الاحتجاجية

يواجه العمال في العديد من الشركات تعسف أصحاب العمل الذين يضربون عرض الحائط بمعايير العمل الأساسية، بل وبقانون العمل المصري ذاته، بينما تتراخى الأجهزة الحكومية وربما تتواطأ على مخالفة القانون وإهدار حقوق العمال.

ولعل أبرز الأمثلة الصارخة لما يعانيه العمال المصريون الأحداث العمالية التي شهدتها شركة يونيفرسال للأجهزة المنزلية والكهربائية، حيث أقدم أحد عمالها على الانتحار في مصنع الشركة بمدينة السادس من أكتوبر يوم 22 فبراير 2022 مفجراً الغضب العمالي الذي تجسد في تظاهرات احتجاجية قامت القوات الأمنية بتفريقها بالقنابل المسيلة للدموع، مع فرض كردون أمني والقبض على ثلاثة عمال-قبل إطلاق سراحهم ليلاً-.

وكانت أحداث يونيفرسال- التي استدعت مشاعر الألم والسخط في الأوساط العمالية – قد بدأت في سبتمبر 2021 عندما دخل العمال إضراباً عن العمل بسبب عدم صرف أجورهم لأكثر من شهرين حيث تم القبض على أربعة من ممثلي العمال وتوجيه الاتهامات "المعتادة" لهم بالانضمام إلى جماعة إرهابية وإساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أربعة أيام، وأعقب ذلك توقيع اتفاقية جماعية بين إدارة الشركة وممثلي العمال بحضور ممثلي وزارة القوى العاملة التي تدخلت لدى العمال لإنهاء إضرابهم عن العمل مقابل وفاء الإدارة بالتزاماتها وصرف أجورهم في المواعيد المتفق عليها، ورغم تسجيل الاتفاقية ونشرها في جريدة الوقائع المصرية "الرسمية" نكصت الشركة عن تنفيذها وامتنعت عن الوفاء بالتزاماتها قبل مرور أقل من شهرين، وعاودت التأخر في صرف أجور العمال "الشهرية"، وسداد البعض منها بنظم الشرائح (دفعات صغيرة) الأمر الذي يحول بينهم وبين الوفاء بالتزاماتهم الشهرية وتوفير احتياجات أسرهم لينتهي الأمر بأحدهم إلى الانتحار في مقر الشركة تاركاً لزملائه رسالة يعتذر لهم فيها موضحاً عجزه عن مواجهة ضغوط الحياة في ظل امتناع الشركة عن صرف أجره.

ولما كان عمال يونيفرسال أحوج ما يكونون إلى نقابة تعبر عن مصالحهم وتدافع عن حقوقهم، فقد عمدوا إلى تأسيس منظمة نقابية، واستكملوا جميع إجراءات التأسيس، وتقدموا بأوراقهم كاملةً غير منقوصة إلى مديرية القوى العاملة منذ 17 نوفمبر 2021، غير أن المديرية استنكفت عن إيداع الأوراق وتسجيل منظمتهم النقابية لمدة خمسة أشهر إلى أن تم لهم ذلك مؤخراً يوم الأربعاء الموافق 13/4/2022.

غير أن إدارة شركة يونيفرسال قد بادرت على وجه السرعة إلى فصل أكثر من ستين عاملاً بينهم جميع مؤسسي المنظمة النقابية وأعضاء مجلسها التنفيذي، وهم أيضاً ممثلو العمال الموقعون على الاتفاقية الجماعية، ورغم حصولهم على حكم قضائي بإعادتهم إلى عملهم إلا أنه لم ينفذ حتى الآن!!

ومن يونيفرسال إلى شركة النيل للمواد العازلة بالإسكندرية (بيتونيل) التي شرع عمالها في تأسيس لجنتهم النقابية، واستكملوا إجراءات التأسيس أيضاً، وتقدموا بأوراق ومستندات النقابة –الكاملة وفقاً للقانون- إلى مديرية القوى العاملة بالإسكندرية في سبتمبر 2021، وحصلوا منها على ما يفيد تسلمها الأوراق، غير أنها أيضاً عطلت تسجيل منظمتهم النقابية واكتسابها شخصيتها الاعتبارية.

وقد حاول أعضاء المجلس التنفيذي للنقابة التفاوض مع إدارة شركتهم بشأن بعض مطالب العمال، إلا أنهم فوجئوا بها تتخذ مجموعة من الإجراءات التعسفية في حقهم وحق عمال الشركة، حيث قامت بفصل ثمانية من ممثلي العمال ومؤسسي اللجنة النقابية، وأوقفت اثنين وثلاثين عاملاً عن العمل وامتنعت عن سداد أجورهم.

هكذا تُقابل محاولات العمال تأسيس نقاباتهم المستقلة بمماطلة مديريات القوى العاملة وامتناعها عن تسجيل النقابات من ناحية، وتعسف أصحاب العمل من ناحيةٍ أخرى.. حيث يجدر بالذكر في هذا الصدد أن المواد المنظمة للإضراب في قانون العمل الساري (192: 195)، التي تقيد الحق بدعوى تنظيمه، والتي تفرض ضوابط وشروط تعجيزية على ممارسة حق الإضراب، ثم تجعل من الفصل عقوبة الإضراب بالمخالفة لهذه الضوابط (المادة 69 من القانون).. تقدم القيادات النقابية العمالية قرباناً لأصحاب العمل، وتسهل فصلهم والتنكيل بهم.

 

الحوار الوطني

رحبت الأطراف العمالية بالاتجاه إلى تنظيم حوار وطني تشارك فيه القوى السياسية ودعوة هذه القوى للمشاركة، مؤكدة قناعاتها الراسخة بالحاجة الملحة إلى حوار مجتمعي يتسع لكافة الأطراف السياسية والاجتماعية باعتباره ضرورة لازمة للسلم والأمن المجتمعي.، ومطالبة بأن يتسع الحوار لكافة الأطراف السياسية والاجتماعية، وفضلاً عن الأحزاب والقوى السياسية بكافة تلاوينها، تتعين مشاركة النقابات العمالية والمهنية، ومنظمات المجتمع المدني، ومختلف أطياف الأطراف الاجتماعية، ومُشددة على أنه إذا كان الحوار يعني المصالحة الوطنية مع القوى السياسية المعارضة، فإنه يستدعي أيضاً التفاوض بشأن المصالح المتعارضة للأطراف الاجتماعية التي تعبر عنها بصورة مباشرة منظماتها النقابية.

وبناءً عليه تمت صياغة وثيقة بالمطالب العمالية التي تتقدمها مطالب الحريات النقابية، وتعديلات قوانين العمل والتأمينات، وتوفير الحماية الاجتماعية للعمالة غير المنتظمة.

غير أن فعاليات الحوار الوطني المُعلن عنه لم تبدأ فعلياً حتى تاريخه.

 

الإفراج عن سبعة عشر عاملاً

في بادرة بدت إيجابية، وبعد مطالبات عديدة، صدر يوم الخميس الموافق 7 يوليو 2022 قرار الإفراج عن خمسة عشر عاملاً من العمال المحبوسين احتياطياً حيث شملت القائمة اثني عشر عاملاً من عمال شركة مصر للتأمين كان قد تم القبض عليهم وحبسهم على ذمة القضية رقم 855 لسنة 2020 بسبب إبدائهم الاعتراض على لائحة قطاع الأعمال العام التي أوقف العمل بها بسبب ما أثارته من ردود أفعال غاضبة في أوأوساط العمال، وثلاثة من العاملين بهيئة النقل العام كان قد قُبض عليهم بتاريخ 13 مايو 2021 بسبب آرائهم المتعلقة بالأحوال العمالية وأداء نقابتهم العامة، حيث تم حبسهم على ذمة القضية رقم 910 لسنة 2021 حصر أمن دولة.

وبعد مضي شهرين آخرين تم الإفراج عن ممتاز فتحي عبد الوهاب الصراف بمنطقة الضرائب العقارية، الذي كان قد تم القبض عليه في أكتوبر 2020 على خلفية عمله مع زملائه على إعادة تأسيس اللجنة النقابية المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية بالجيزة، ومحمد محمد السيد مراد العامل بهيئة السكك الحديدية الذي كان محبوس احتياطياً منذ 21 سبتمبر 2021.

ولكنه كان عام الأزمات، وغياب الصوت العمالي.

دار الخدمات النقابية والعمالية

28/2/2023

 

المحور الأول:

انتهاكات الحقوق العمالية عام 2022

يركز التقرير على رصد الانتهاكات التي تعرض لها العمال خلال عام 2022 حيث تم تقسيم الانتهاكات وفقاً للنشاط الاقتصادي والقطاعات التي ينتمي إليها العمال وطبيعة الانتهاكات والموقف القانوني المتخذ حيال كل انتهاك وعلى هذا ويهتم التقرير بعرض الانتهاكات التي تم رصدها وفقا لما يلي: 

  • عرض الانتهاكات وفقا لطبيعة النشاط الاقتصادي.

  • عرض الانتهاكات وفقا لطبيعة صاحب العمل.

  • عرض الانتهاكات وفقا لنوع الانتهاك.

الجدير بالذكر أن منهجية رصد الانتهاكات اعتمدت عدداً من المصادر تمثلت فيما يلى:

  • الشكاوى والبلاغات التي تتلقاها دار الخدمات النقابية والعمالية من المضارين مباشرة.

  • طلبات المساعدة القانونية التي يتلقاها فريق العمل القانوني بالدار

  • متابعة الصحف والمواقع الإلكترونية والصفحات المهتمة بالشأن العمالي على مواقع التواصل الاجتماعي. 

معايير تم اعتمادها في الرصد الإحصائي:

  • تم احتساب "الانتهاك الجماعي" بوصفه انتهاكٌ فردي لكل عامل على حدة.

  • في حالة تعرض العامل لأكثر من انتهاك يتم رصد الانتهاك مرة واحدة فقط، مع الإشارة لتعدد الانتهاكات التي تعرض لها العامل بشكل تفصيلي خلال العرض الوصفي للانتهاكات بمواقع العمل المختلفة.

  • تحتسب حالات القبض أو الحبس الاحتياطي فقط إذا كان ذلك على خلفية المطالبة بالحقوق العمالية.

  • لم تُحتسب أي حالة وفاة أو إصابة عمل إلا إذا كانت ناتجة عن الإخلال بقواعد السلامة والصحة المهنية.

رصد الانتهاكات:

بلغ إجمالي حجم الانتهاكات التي تعرض لها العمال والعاملات خلال عام 2022 في مصر وفقا لهذا التقرير نحو(10634) انتهاكاً تركزت الأغلبية العظمى منها في القطاع الخاص بما يعادل (9722) انتهاكاً، يليه قطاع الأعمال العام بنحو (900) انتهاك، ثم القطاع الحكومي بما يعادل (12) انتهاك، مع ملاحظة أنه لم يتم إحصاء الانتهاكات التي تعرض لها العاملون بماسبيرو، حيث اقتصر الأمر على العرض الوصفي لطبيعة تلك الانتهاكات، وذلك لصعوبة إحصاء الانتهاكات على وجه الدقة.

 

 

جدول رقم (1)

يحدد حصر جميع الانتهاكات التي تعرض لها العمال خلال عام 2022

 

المؤسسة

نوع النشاط

القطاع

نوع الانتهاك

عدد الانتهاكات

ماسبيرو

خدمات إعلامية

حكومي

تأخر ترقيات وتأخر صرف علاوات وتفاوت في الأجور عن نفس العمل - وقف 6 عن العمل 3 أشهر وفصل تعسفي لعاملة والقبض على 2.

غير محدد 

شركة الكوك

صناعات معدنية

أعمال عام

تصفية الشركة والعمالة

900

شركة بشاي للصلب

صناعات معدنية

خاص

تأخر صرف رواتب وتحرير محضر ل11 عامل ومنع 62 من دخول الشركة ووقف عن العمل 3 أشهر.

3500

يونيفريسال

صناعات كهربية

خاص

تأخر صرف رواتب العاملين وتحرير محاضر ل20 وفصل تعسفي ل65

2500

أيس مان

صناعات غذائية

خاص

تأخر صرف الرواتب والبدلات والعلاوة

520

بيتونيل

صناعات معدنية

خاص

فصل تعسفي لثمانية من أعضاء مجلس اللجنة النقابية وإيقاف 14 عاملاً 3 أشهر وفصل تعسفي لواحد وعشرين عاملاً وعدم صرف أجورهم

43

وبريات سمنود

صناعة مفروشات

خاص

تأخر صرف مستحقات نهاية الخدمة ل198 عاملة وخصم من المرتب ل 30 وتغير طبيعة العمل من الإنتاج للعمل بالنظافة.

230(إناث)

أبيك العالمية

صناعات معدنية

خاص

تأخر صرف رواتب

400

نايل لينين جروب

صناعة مفروشات

خاص

تخفيض قيمة العيدية وإلغاء منحة الغلاء

2100

كوم حمادة للغزل

صناعة غزل ونسيج

خاص

تلاعب بالأجور

308

مصنع طوب أبو نبهان بميت غمر

صناعة طوب

خاص

4 حالات وفاة و6 إصابات عمل

10

صيادون 

صيد

خاص

قبض عشوائي ل100 بدعوى مخالفة قانون الصيد

100

نيدل كرافت للملابس

صناعة ملابس

خاص

11 حالة اختناق نتيجة تسرب أدخنة من مصنع مجاور

11

مستشفي قويسنا

خدمات صحية

حكومي

ضرب 4 ممرضات و4 عاملات وفرد أمن 

9

مستشفى إيتاي البارود

خدمات صحية

حكومي

ضرب طبيب وممرضة وفرد أمن

3

 

*ملحوظة: لم يتم احتساب الانتهاكات التي تعرض لها العاملين بماسبيرو.

 

أولا: انتهاكات حقوق العمال وفقا لطبيعة صاحب العمل:

جدول (2): يوضح انتهاكات حقوق العمال وفقا لصاحب العمل

 

نوع الانتهاك

قطاع خاص

قطاع أعمال عام

قطاع حكومي

الإجمالي

تصفية العمالة

-

900

-

900

تأخر صرف الرواتب

6762

-

-

6762

فصل تعسفي

94

-

-

94

وقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر

76

-

-

76 

تحرير محضر من قبل الإدارة

31

-

-

31

خصم المرتب وتخفيض منحة العيد وإلغاء منحة الغلاء

2438

-

-

2438

وفاة

4

-

-

4

إصابة عمل

17

-

12

29

قبض  

100

-

-

100

تأخر صرف مستحقات نهاية الخدمة

198

-

-

198

تغيير طبيعة العمل

2

-

-

2

الإجمالي

9722

900

12

10634

 

ثانياً: توزيع الانتهاكات وفقا لنوع النشاط الاقتصادي:

جدول (3): يوضح توزيع الانتهاكات وفقا لنوع النشاط الاقتصادي

 

نوع النشاط

عدد الانتهاكات

صناعات معدنية

4843

صناعات كهربية

2500

صناعات غذائية

520

صناعات غزل ونسيج ومفروشات وملابس

2649

صناعة طوب

10

صيد

100

خدمات صحية

12

الإجمالي

10634

 

 

تركزت الانتهاكات وفقا لنوع النشاط الاقتصادي في النشاط الصناعي بشكل أساسي وخاصة الصناعات المعدنية، حيث بلغ عدد انتهاكات حقوق العاملين بها نحو (4843) انتهاك تلاها في الترتيب صناعات الغزل والنسيج والمفروشات والملابس بإجمالي انتهاكات بلغت  (2649) انتهاك، وجاءت في المرتبة الثالثة صناعات الأجهزة الكهربائية بما يعادل  (2500) انتهاك، ثم العاملين في مجال الصيد بمقدار (100) ويأتي في المرتبة قبل الأخيرة العاملين في مجال الخدمات الصحية بمقدار (12) انتهاكا، وأخيراً العاملين في مجال صناعة الطوب  (10) انتهاك.

 

 

ثالثا: توزيع الانتهاكات وفقا لنوع الانتهاك

جدول (4): توزيع الانتهاكات وفقا لنوع الانتهاك

نوع الانتهاك

عدد الانتهاكات

تصفية العمالة

900

تأخر صرف الرواتب

6762

فصل تعسفي

94

وقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر

76

تحرير محضر من قبل الإدارة

31

خصم المرتب وتخفيض منحة العيد وإلغاء منحة الغلاء

2438

وفاة

4

إصابة عمل

29

قبض

100

تأخر صرف مستحقات نهاية الخدمة

198

تغيير طبيعة العمل

2

الإجمالي

10634

 

 

تأخر صرف الرواتب

"تكرار التلاعب بأجور العمال يتطلب فرض عقوبات رادعة في القانون الجديد" عنوان بيان أطلقته "حملة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمال" عقب تكرار وقائع تلاعب أصحاب العمل بأجور العاملين، لذا لم يكن من المستغرب أن تأتي نتائج هذا الرصد مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من انتهاكات حقوق العاملين تندرج ضمن ما يعد "تلاعباً بالأجور"، حيث بلغ عدد الانتهاكات المتعلقة بتأخر صرف الرواتب نحو (6762) انتهاك، وتلاه في الترتيب عمليات الخصم من المرتب وإلغاء علاوة غلاء المعيشة والتي بلغ عدد الانتهاكات بها نحو (2438) انتهاكاً.

تصفية الشركة وتسريح العاملين

الأمر لم يقتصر على التلاعب في الأجور بل تعداه ليصل إلى حد حرمان العاملين من فرصة عملهم تماماً، حيث تم صدور قرار بتصفية شركة "المصرية لصناعة الكوك" التابعة لقطاع الأعمال العام، وهو ما ترتب عليه حرمان (900) عامل من فرصة عملهم، هذا إلى جانب تأخر صرف مستحقات نهاية الخدمة للعاملين ببعض مواقع العمل مثلما حدث مع عاملات سمنود والبالغ عددهن (198) عاملة أُجبرن على توقيع عقود نهاية خدمتهن دون الحصول على مستحقاتهن المالية.

القبض العشوائي والفصل التعسفي

تعرض (100) صياد ببحيرة المنزلة للقبض العشوائي تحت دعوى مخالفة قانون الصيد، كما تعرض (94) عاملا للفصل التعسفي من العمل على خلفية عملهم النقابي والمطالبة بحقوقهم المشروعة، ولم تكتف إدارات شركات القطاع الخاص بالفصل التعسفي بل لجاءت إلى تحرير محاضر ضد العمال بتهمة التحريض على الإضراب وبلغ عدد العمال الذين تعرضوا لهذا الانتهاك (31) عامل.

إيقاف عن العمل

عمدت إدارة الشركات إلى إيقاف (76) عامل عن العمل لمدة 3 أشهر

إصابات عمل نتيجة لعدم توافر شروط السلامة والصحة المهنية

بلغ عدد العمال الذين تعرضوا لإصابات عمل ناجمة عن تدني أو انعدام إجراءات السلامة والصحـــــة المهنية نحو (29) عاملاً.

حالات وفاة وانتحار لعجز العمال عن صرف مرتباتهم

 وبلغت حالات الوفاة 4، بخلاف حالات الانتحار التي أقدم عليها العمال بأنفسهم داخل مواقع العمل تعبيرا عن سخطهم مما حاق بهم من انتهاكات جعلتهم عاجزين عن الوفاء بالتزاماتهم المادية تجاه أسرهم. 

 

ممارسات تعسفية في حق العمال والقيادات العمالية

تقــرير وصفي

  1. إضراب عمال ماسبيرو

لم يكد عام 2022 يبدأ حتى أعلن العاملون بمبنى ماسبيرو مع بداية يناير عن اعتصامهم داخل المبنى احتجاجا على مجمل السياسات المطبقة به، والتي من شأنها الانتقاص من حقوق الغالبية العظمى من العمال.

وبدأت أزمة عمال ماسبيرو في التصاعد عندما أسندت "الهيئة الوطنية للإعلام" للشركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" مهمة هيكلة وتطوير المبنى، واعتبر العديد من العاملين بالهيئة إسناد الهيكلة والتطوير لإحدى الشركات الخاصة عودة للخلف وعملية تصفية متعمدة للقنوات الرسمية، لحساب القنوات المملوكة للشركة "دي ام سي، سي بي سي، اون تي في، والحياة". 

من جانبها عمدت الشركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" إلى تحويل العديد من القنوات الفضائية التابعة للدولة إلى البث الأرضي، وهو ما أثار اعتراض العاملين بماسبيرو واعتبروه سياسة هدم لا إصلاح.

تصاعدت حدة التوترات بين الطرفين "الهيئة الوطنية للإعلام" من جهة و"الإعلاميين والموظفين" بالقطاعات المختلفة من جهة أخرى، اعتراضا على خطة الهيكلة ودخلوا في احتجاجات متتابعة معلنين رفضهم لهذه الممارسات والمطالبة بإضافة العلاوات المتأخرة والدرجات الوظيفية وصرف والحوافز، والمستحقات المالية للمحالين إلى المعاش.

كانت الهيئة قد شرعت في هيكلة قطاع القنوات الإقليمية والذي يضم 6 قنوات وتحويله من البث الفضائي إلى البث الأرضي، ومن ثم تم نقل عدد كبير من العاملين بذلك القطاع إلى وزارة الصحة والتعليم وهو ما اعتبر سياسة تصفية للعاملين، فاضطروا للاعتصام داخل المبنى وانضم إليهم عدد كبير من القطاعات الأخرى تضامنا مع العاملين بمجلة الإذاعة والتليفزيون والقنوات العامة والمتخصصة.

وجاء تفاوت المرتبات بين العاملين بماسبيرو لنفس الدرجات الوظيفية والمسمى الوظيفي كعامل أساسي في زيادة حدة الاحتقان التي تسببت في اعتصام العاملين، ففي الوقت الذي يتقاضى فيه المخرج أو مقدم البرامج في القنوات العامة والمتخصصة ما بين 100 ألف إلى 200 ألف جنيه شهريا، فإن نظيرة في الإقليمية والقطاعات الأخرى طبقا لما أعلنه العاملون يتقاضى 3 آلاف جنيه فقط مما جعل الحاجة ملحة لوضع لائحة موحدة للأجور لكل القطاعات وهو ما ماطلت الهيئة في تنفيذه حتى انفجر الوضع الإداري بالمبنى.

ورغم أنه تحت ذريعة الهيكلة تم تصفية العاملين وتقليص عددهم من 41 ألف إلى 31 ألف عامل، فقد أضيف إلى ذلك عدم حصول العاملين بماسبيرو على العلاوات منذ عام 2015، كما تم تجميد حركة الترقيات منذ ذلك التاريخ، إلى جانب عدم صرف مكافأة نهاية الخدمة من عام 2018 لــ 10 آلاف محال على المعاش.

وردا على الاحتجاجات أوقفت الهيئة 6 من العاملين بماسبيرو عن العمل لمدة ثلاث شهور، وتم اتهامهم بالتحريض علي الاعتصام وهم: "ناني عبد اللطيف، علاء اللبيدي، طلال محمد عبد العال مقدم برامج، عبير سيد مندوب أخبار، وهالة فهمي مذيعة، وإبراهيم أبو زينة كبير مقدمي البرامج"، وصرف نصف مرتباتهم بدون تحقيق، كما تم فصل الصحفية "صفاء الكوربيجي".

كما تعرضت "هالة فهمي" المذيعة بالتلفزيون المصري بالقناة الثانية لملاحقات أمنية على خلفية اشتراكها في اعتصام العاملين بماسبيرو، وتم إلقاء القبض عليها عقب ذلك، وصدر قرار بحبسها على ذمة القضية 441، كما تعرضت "صفاء الكوربيجي" الصحفية بمجلة الإذاعة والتلفزيون للفصل من عملها، وتم إلقاء القبض عليها، واقتيادها لمكان مجهول واختفت قسريا في 20 أبريل 2022 لمدة 72 ساعة، ووجهت لها نيابة أمن الدولة اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة محظورة على ذمة نفس القضية 441 لسنة 2022.

 

  1. تصفية شركة "النصر للكوك" بعد 62 عاما من الإنتاج

شهد شهر سبتمبر من عام 2022 إعلان الجمعية العامة "لشركة النصر لصناعة الكوك والصناعات الأساسية" قرار تصفية الشركة، التي تتوزع ملكيتها بين الشركة القابضة للصناعات المعدنية إحدى شركات قطاع الأعمال العام بنسبة 98 في المائة، بينما تحتفظ الهيئة العامة للتصنيع بنسبة 2%، كانت الشركة قد بدأت إنتاجها عام 1964 معتمدة بشكل أساسي على تصدير منتجاتها إلى شركة "الحديد والصلب" التي اعتمدت بدورها على منتجات الشركة من فحم "الكوك" في تشغيل وتدوير أفرانها، وبعد أن استهلت "شركة الكوك" إنتاجها معتمدة على بطارية واحدة تضم 50 فرناً بطاقة إنتاجية تصل إلى 328 ألف طن من فحم "الكوك"، دشنت الشركة بطارية أخرى بذات الطاقة الإنتاجية عام 1974 قبل أن يصل عدد البطاريات إلى أربعة مع منتصف فترة التسعينيات، وتعد "شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية"، واحدة من كبرى شركات الصناعة في مصر والشرق الأوسط؛ حيث تحتوي على 4 مصانع، وهي: "مصنع الكوك والأقسام الكيماوية- مصنع تقطير القطران - مصنع النترات - الوحدة متعددة الأغراض".

برر القائمون على "شركة الكوك" قرار تصفيتها بأنها "لم يعد لها جدوى!" بعد تصفية "شركة الحديد والصلب" التي كانت تمثل المنتفع المحلي الوحيد من إنتاج "شركة الكوك"، غير أن رئيس شركة النصر للكوك "سيد الطيب" أكد على أن للشركة "منافذ تسويقية عدة داخل الأسواق المحلية والعالمية... وأن الشركة حققت أرباحا صافية تخطت حاجز 40 مليون جنيه في السنة المالية (2020/2021) وصدرت مع بداية عام 2022 أكثر من 70 ألف طن". 

يذكر أن قرار التصفية هذا قد تم التمهيد له "وفقا لأحد العاملين بالشركة" عبر رفض وزارة البيئة قبل شهر من صدور القرار منح الشركة قرارا بالتوافق البيئي، بسبب زيادة الانبعاثات عن الحد المسموح به، مرجعًا زيادة الانبعاثات إلى توقف مشروعات التطوير في الشركة منذ أكثر من عشر سنوات، كانت "البيئة" خلالها تمنح الشركة قرارات مؤقتة بالتوافق البيئي، بدأت في تقصير مددها، حتى قررت منعها من استيراد الفحم، والسماح فقط باستمرارها في الإنتاج حتى نهاية مخزونها، وهو ما حدث بالفعل في الرابع من أغسطس من عام 2021، ومن حينها، يقوم العمل بالشركة على بيع مخزون الشركة من الإنتاج فقط.

تعمل شركة النصر للكوك على تحويل الفحم الناعم لفحم الكوك، الذي يستخدم كأحد مدخلات الإنتاج في عدد من الصناعات، من ضمنها السكر والمنجنيز والمسبوكات المعدنية والصلب، وفضلًا عن ذلك، كان جانب من الإنتاج يوجه للتصدير، والذي أوقف قبل عدة أشهر من صدور قرار التصفية بناءً على زيادة طلب الشركات المحلية التي أصبحت في حاجة ماسة لمنتجات الشركة بسبب نقص الفحم في الأسواق العالمية تأثرًا "بالحرب الروسية الأوكرانية". 

حين صدر قرار تصفية الشركة أعلنت «اللجنة النقابية بشركة الكوك" بأنها متمسكة بحد أدنى للتعويضات لا يقل عن 300 ألف جنيه في كل الأحوال، نظرًا لأن الغالبية العظمى من العاملين لن يحصلوا على معاش بعد نهاية الخدمة لأن عدد سنوات خدمتهم يقل عن الحد الأدنى الذي يسمح بالحصول على المعاش وفقًا لقانون التأمينات الجديد. 

أزمة "عمليات التصفية" لا تقتصر على فقدان النشاط الاقتصادي في مصر للعديد من الصناعات الهامة ولكن الأزمة تمتد لفقدان الأيدي العاملة بتلك الشركات لعملهم إضافة لضعف مكافآت نهاية الخدمة التي يحصلون عليها جراء عمليات التصفية، فضلاً عن استطاعتهم الحصول على معاش تقاعدي وفقاً لأحكام قانون التأمينات والمعاشات رقم 148 لسنة 2019.، وقد بلغ عدد عمال "شركة الكوك" المتضررين جراء تصفية شركتهم تسعمائة عامل. 900).

 

  1. عمال شركة بشاي للصلب يضربون عن العمل بعد انتحار ثلاثة من زملائهم:

أضرب عمال شركة "بشاي للصلب" مع نهاية شهر أغسطس الماضي 2022 بعد تكرر حوادث الانتحار بين عمال الشركة "ثلاثة عمال"، -من بينهم العامل سليمان صبحى والبالغ من العمر35 عاماً - بسبب عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية واحتياجات أسرهم، إضافة إلى تحرير محاضر من قبل الإدارة ضد 11 عاملا بدعوى التحريض على الإضراب والقيام بأعمال تخريبية.

من جانبها حاصرت قوات الأمن عمال المصنع مع بداية الإضراب يوم 29 أغسطس، ومنعت دخول عمال الوردية الثالثة التي تضم أكثر من مائة عامل، إضافة إلى إلقاء القبض على عدد منهم، وفي هذا السياق هدد عددا من عمال الشركة بالانتحار إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم التي تمثلت في المطالبة بالحصول على مستحقاتهم المالية بالكامل وزيادة مرتباتهم، وإلغاء العقود السنوية وإلغاء عملية "فصل العمال 3 أيام" لتجديد العقد وتوقيع عقود مفتوحة لكل من تخطى الـ3 سنوات عمل، وصرف أرباح سنوية لكل العاملين بأثر رجعي من 2015، وعمل بوليصة تأمين لمن يتوفى داخل العمل، وزيادة بدل المخاطر لـ٥٠٠ جنيه بدلا من مائة جنيه، والإتمام بمهمات الوقاية للعمال من أوفرولات وأحذية وخوذ ووسائل حماية وأمن صناعي، إضافة للمطالبة برعاية طبية تشمل الأسرة للمتزوجين، وهيكلة الأجور بما يتماشى مع مصانع الصلب الأخرى، وزيادة بدل المخاطر وبدل المواصلات وبدل السكن. يذكر أن عددا من عمال الشركة قد تعرضوا للعديد من الحوادث الناجمة عن غياب إجراءات الأمن الصناعي التي يجب أن تتخذها الشركات والمصانع.

وتعود أزمة عمال شركة "بشاي للصلب" البالغ عددهم نحو 3500 عامل لعام 2011 حين طالب عمال الشركة بصرف مستحقاتهم المتأخرة، إضافة للمطالبة بزيادة رواتبهم من 500 جنيه إلى 1500 جنيه، وقد واجه عمال الشركة عدم استجابة إدارة الشركة لمطالبهم باستخدام حقهم في الإضراب، حتى أن الأمر وصل إلى البرلمان حينها، ومنه إلى مكتب النائب العام حتى تمت الاستجابة لمطالبهم، ومنذ ذلك الحين والأزمة ما بين العمال والإدارة تشهد تصاعدا مستمرا ذلك أن إدارة الشركة تتعامل مع مطالب العمال وفقا لسياسة "التقطير" في صرف الحوافز والأرباح.

عادت الاضطرابات مجددًا خلال عام 2018 مع رفض الإدارة صرف أرباح العمال، الذين تقدموا بعدد من الشكاوى لوزارة القوة العاملة، وتصاعدت الأزمة خلال شهر سبتمبر من عام 2022 عقب إقدام ثلاثة من العمال على الانتحار نتيجة سوء أحوالهم المالية، ما دعا عمال الشركة إلى إعلان الإضراب عن العمل ومن جانبها أقدمت إدارة الشركة على منع 62 عاملا من دخول الشركة، كما تلقى عدد من العمال إخطارات عبر البريد من رئيس مجلس إدارة المصنع بوقفهم عن العمل لمدة 3 أشهر بالمخالفة للوائح قانون العمل، أو لحين انتهاء التحقيق معهم في المحضر الإداري الذي حرره برقم 6464 لسنة 2022 إداري مركز شرطة السادات، يتهم عددا من العمال بوقف العمل وخطوط الإنتاج وإطفاء أفران الصهر بشركات المجموعة، مع خصم نصف قيمة رواتبهم خلال هذه الفترة.

الجدير بالذكر أن عدداً من العمال كانوا قد سبق لهم التعرض من قبل للفصل التعسفي، وقضت المحكمة بتعويضهم بمبالغ مالية امتنعت إدارة الشركة عن الوفاء بها.

اللافت للنظر أن مكتب عمل السادات حين تقدم إليه عمال الشركة بشكواهم، قد تقاعس عن القيام بدوره ولم تبدِ وزارة القوى العاملة اهتماماً يذكر بمطالب العمال، ولم تستجب لطلب العمال تسهيل وتنظيم عقد مفاوضة جماعية مع صاحب العمل لمواجهة الأزمة.

 

  1. الانتحار بسبب تأخر الراتب.. إدارة يونيفرسال فوق القانون؟!

"لم أعد قادراً على مواجهة أُسرتي، صرت عاجزاً عن تدبير مصاريف أولادي، ولا أملك إلا طلب السماح من زملائي الذين لم أستطع رد أموالهم".. من مضمون رسالة العامل "عاصم عفيفي" بشركة يونيفرسال التي تركها قبل انتحاره، حيث ألقى عفيفي نفسه أمام سيارة مسرعة على الطريق الإقليمي في المنوفية على مرأى من زملائه الذين كانوا ينتظرون ركوب سيارة الشركة. 

دأبت إدارة "شركة يونيفرسال للأجهزة الكهربائية" الواقعة بمدينة 6 أكتوبر على التأخر في صرف أجور العمال البالغ عددهم ما يقرب من 2500 عامل إلى الحد الذي دفع "ثلاثة" من عمال الشركة إلى محاولة الانتحار خلال عام 2022 كان من بينهم العامل "عاصم عفيفي" الذي أقدم على الانتحار بسبب سوء أحواله المادية وعدم قدرته على الوفاء بمتطلبات أسرته، وتبعه في وقت لاحق مدير المخازن "محمد فؤاد" الذي حاول إنهاء حياته داخل مقر الشركة لنفس الأسباب، غير أن زملائه قد تمكنوا من إنقاذه، وهو ما قد حدث مع العامل "أمين محمد" الذي حاول الانتحار داخل الشركة أيضا وتم إنقاذه من قبل زملائه، وكان قد سبقهما عاملان بالانتحار داخل مقر الشركة خلال عام 2021 لنفس الأسباب.

اعتادت إدارة الشركة على التأخر في صرف مستحقات العمال (8 شهور حافز و48 شهراً بدل طبيعة عمل، ومستحقات شهر يناير لأكثر من ألف عامل، بالإضافة لتأخر رواتب 220 إدارياً لمدة 3 شهور و120 آخرين لمدة 120 شهرا) وهو ما دفع العمال للدخول في أكثر من إضراب وعمل أكثر من اتفاقية مع إدارة الشركة برعاية وزارة القوى العاملة، واتفاقية برعاية النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية في 2 يناير من عام 2022، وهو ما لم تلتزم به الشركة.

كان ممثلو عمال شركة يونيفرسال قد توصلوا إلى عقد اتفاقية عمل جماعية برعاية وزارة القوى العاملة في أكتوبر من عام 2021 نصت أهم بنودها على:

  • قيام إدارة الشركة بصرف راتب شهر أغسطس للعاملين يوم الأحد الموافق 10 أكتوبر 2021، إلى جانب قيام إدارة الشركة بصرف ما تبقى من شهر يوليو 2021 للعمال الذين لم يصرفوا كامل أجرهم عن هذا الشهر (الإداريين والفنيين.. يوم الثلاثاء 12 أكتوبر 2021). 

  • صرف راتب شهر سبتمبر 2021 على دفعتين (الدفعة الأولى يوم 20\11\2021) الدفعة الثانية يوم (25\12\2021) لجميع العاملين بالشركة، إضافة لصرف الحافز الشهري لجميع العاملين بالشركة بانتظام خلال الفترة من 25 إلى 30 من كل شهر ميلادي.

  • تلتزم الشركة بالانتظام في صرف المرتبات الشهرية كاملة دفعة واحدة لجميع العاملين بداية من أكتوبر 2021 وبحد أقصى في العاشر من كل شهر ميلادي، وبعد 30 يوم تشغيل، على أن يصل الحافز الخاص في المواعيد المحددة في البنود السابقة، واعتبارا من شهر يناير 2022

  • تلتزم الشركة بصرف الحافز الشهري المتأخر عن أشهر أبريل ومايو وأغسطس وسبتمبر 2021 بنظام شهرين (شهر متأخر +شهر جديد) غير أن الشركة خالفت الاتفاقية ولم تلتزم ببنودها.

ثم تفجرت الأزمة مرة أخرى بإعلان الإدارة منشوراً إدارياً يقضي بصرف أجر شهر أبريل عام 2022 على دفعتين تصرف الدفعة الأولى منه يوم 19 مايو 2022 وتصرف الدفعة الثانية يوم 31 مايو 2022 وهو الأمر الذي رفضه العمال رفضا قاطعا وأعلنوا تمسكهم بصرف الأجر كاملا مما دفع اللجنة النقابية المستقلة للعاملين بشركة يونيفرسال (والتي نجح العمال في تأسيسها خلال شهر إبريل من عام 2022) بتحرير شكوى بمكتب العمل بتاريخ 8 مايو 2022، ثم توجه يوم 11 مايو أكثر من 150 عامل لمكتب عمل أكتوبر لتحرير شكاوى فردية للحصول على مستحقاتهم، وهناك فوجئ 20 عامل بينهم أعضاء اللجنة النقابية بالإدارة تحرر محضرا ضدهم تتهمهم فيه بتحريض العمال على الإضراب وتطالب بإحالتهم للمحكمة تمهيدا لفصلهم من العمل كما حررت ضدهم محضرا برقم 2453 لسنة 2022 إداري أكتوبر ثان بتاريخ 10 مايو وفي 11 مايو قامت الشركة بمنعهم من دخول الشركة، لم تتوقف إدارة يونيفرسال على ذلك حيث قامت بفصل ما يزيد على ستين عاملاً كان أخرهم أربعة عمال تم فصلهم بتاريخ 19 مايو وهم: (أحمد محمد توفيق مرسي - عبد الوهاب كامل عبد الصادق - محمود عوض مصطفى علي رضوان - أحمد العراقي محمد الجيوشي)، أما أعضاء وقيادات اللجنة النقابية فهم: (أحمد محمد محمد المسلمى رئيس مجلس إدارة اللجنة النقابية- عبد الله يسري محمد - سيد أبو السعود احمد محمود نائب رئيس مجلس إدارة اللجنة النقابية - عصام عبد العاطي عبد المطلب على، الأمين العام للجنة النقابية - أشرف محمد على محمد على، الأمين العام المساعد - محمود احمد محمود هريدي، أمين الصندوق المساعد - أحمد مصطفى احمد محمد، عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية- سعد طلال عبد الفتاح العسكري، عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية- السيد أحمد أحمد محمد خلف، عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية- أحمد أبو الفتوح أحمد بدوي، عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية - أشرف جميل محمدي- عماد كامل - أيمن هاشم هاشم - محمد كمال راشد - محمد علي محمود - محمد مجدي أحمد - حسن سالم جابر - محمد إبراهيم سالم - سيد محمد يوسف - محمد إبراهيم السيد)

من جانبهم سلك العمال جميع الطرق القانونية حيث حرروا شكوى بمكتب عمل أكتوبر، ووزارة القوى العاملة ومجلس النواب كما حرروا محاضر في الشرطة منها المحضر رقم 2565 لسنة 2022 إداري ثان أكتوبر والمحضر رقم 2627 لسنة 2022 إداري ثان أكتوبر. وقامت وزارة القوى العاملة بتحديد أكثر من موعد مع إدارة الشركة واللجنة النقابية للتفاوض وحل النزاع إلا أن إدارة الشركة كانت قد دأبت على عدم التجاوب مما دعا البعض لطرح إلى تساؤل مؤداه: هل إدارة يونيفرسال فوق القانون؟!.

ينظر البعض لأزمة عمال يونيفرسال للأجهزة الكهربية بوصفها نموذج واضح على تزاوج السلطة ورأس المال فمن المعروف أن المدير التنفيذي والعضو المنتدب لشركة يونيفرسال السيد/ أحمد يسري قطب عضو بمجلس الشيوخ وأمين حزب مستقبل وطن بالجيزة (أحد الأحزاب الحكومية).

 

  1. التلاعب بأجور العمال: "آيس مان نموذجاً"

بادر 520 عاملاً بالشركة المصرية لتصنيع المواد الغذائية "آيس مان" صباح يوم 8 مارس 2022 بتحرير شكوى جماعية بمكتب عمل ثان أكتوبر، ضد قرار الإدارة بصرف نصف راتب شهر فبراير فقط، وإعلانها أن الصرف سيتم يوم 15 مارس، كما تقدم 50 عاملاً بتحرير شكاوى فردية ضد الإدارة لذات السبب بالإضافة إلي مطالبتهم بصرف بدل المواصلات وبدل الواجبة التي تم وقف صرفها منذ شهر أغسطس من عام 2021، وذلك رغم معاناتهم من تدني أجورهم وعدم بلوغها الحد الأدنى للأجور الذي صدر به قرار رئيس الجمهورية والذي يبلغ 2400 جنيه.

كانت الشركة قد دأبت على تأخير صرف الأجور لعدة أشهر من عام 2021، الأمر الذي دفع العمال للتقدم بعدد من الشكاوى وتحرير المحاضر، ومنها شكوى بمجلس الوزراء برقم 431320 بتاريخ 9 سبتمبر 2021، ومحضر بقسم شرطة كرداسة برقم 4388 إداري بتاريخ 31 أكتوبر 2021، ومحضر بمكتب عمل إمبابة رقم 781 بتاريخ أول نوفمبر 2021. وشكوى برقم 431 بتاريخ 8 فبراير 2022، يتضررون فيها من عدم صرف أجر شهر يناير 2022، وعدم صرف بدلات انتقال منذ نوفمبر 2021، وعدم صرف علاوة يناير 2022.

وكان مكتب العمل قد انتقل للشركة في يناير 2022 بناءً على شكاوى العمال، وقامت الإدارة بصرف أجر يناير يوم 9 فبراير، وتعهدت بصرف بدلات الانتقال المتأخرة من شهر نوفمبر 2021 خلال أسبوعين، وبصرف العلاوة بأثر رجعي عن الشهور التي تلت إقرارها، على ان يتم صرفها وفقا لقرار وزيرة التخطيط بواقع 3% من الأجر التأميني (طبقاً للمستهدف في مشروع قانون العمل الذي لم يصدر بعد) بدلا من 7% من الأجر الأساسي طبقاً لنص قانون العمل الحالي.

 

  1. فصل العمال عقابا لهم على تأسيس نقابتهم المستقلة والمطالبة بحقوقهم:

تجمهر أكثر من 50 عاملاً من عمال شركة النيل للمواد العازلة "بيتونيل" بعد منعهم من دخول الشركة يوم 7مارس 2022، ومنعهم من حضور اجتماع ممثلي الإدارة مع مفتشي القوى العاملة، وذلك عقب فصل 8 قيادات نقابية، وإيقاف 14 عاملاً، من بينهم العامل المريض "عبد الراضي إبراهيم حسن" الذي حصل على إجازة مرضية لمدة ثلاثة أشهر كانت لم تنتهي بعد حين صدر قرار الفصل ضده، هذا إلى جانب عدم صرف الأجور لـ40 عاملاً منهم العمال المفصولين والموقوفين.

كانت الشركة قد قامت بفصل ممثلي العمال وقياداتهم النقابية، وإيقاف العمل بجميع الأقسام، في محاولة منها لإرهاب العمال وإثنائهم عن المطالبة بحقوقهم، والسعي لإنشاء منظمتهم النقابية المستقلة. وكان العمال قد شرعوا في تأسيس منظمتهم النقابية، فعقدوا جمعيتهم العمومية واستكملوا إجراءات التأسيس، وتقدموا بأوراق ومستندات اللجنة النقابية كاملةً وفقاً للقانون إلى مديرية القوى العاملة بالإسكندرية في سبتمبر 2021، غير أن إدارة الشركة ناصبت المنظمة النقابية الوليدة العداء، وعمدت إلى عرقلة خطواتها والتنكيل بمؤسسيها وممثليها.

فوجئ العمال يوم 19 فبراير 2022 بإدارة الشركة تمنعهم جميعاً من دخول مقر العمل، وتحسباً لادعاء الإدارة امتناعهم عن العمل قام العمال بتحرير محاضر إثبات حالة بأرقام 1991 لسنة 2022 إداري الدخيلة، ومحضر ملحق رقم 122 لسنة 2022 إداري الدخيلة، ومحضر ملحق آخر برقم 4 لسنة 2022 إداري الدخيلة، كما حرر العمال المفصولون محضر إثبات حالة رقم 2286 لسنة 2022. وقد حاولت الشركة إكراه 21 عاملاً على توقيع عقود محددة المدة بدلاً من عقودهم غير محددة المدة بحكم استمرارهم في العمل بعد نهاية عقودهم المؤقتة، وحين رفض العمال تم إيقافهم تعسفياً عن العمل أيضا.

كانت إدارة الشركة خلال تصعيد خطواتها المعادية للعمال، قد عمدت إلى فصل ثمانية من ممثلي العمال ومؤسسي اللجنة النقابية وهم: (حسام محمود عبد الله - حسام محمود علي - مدحت مرسي محمد حسن - محمد علي أحمد خليل - أحمد شعبان محمد شعبان - إسلام عبد الرؤوف - مصطفى السيد - محمد فتحي محمد عبد العال).

وقد صدرت أحكام قضائية بإلغاء قرار فصل النقابيين، عودتهم لعملهم مع صرف كامل مستحقاتهم وذلك لكل من (حسام محمود علي حسن (٤٥١ رقم لسنه ٢٠٢٢عمالية غرب) - محمد فتحي محمد (القضية رقم ٤٤٥ لسنة ٢٠٢٢عمالية غرب) - محمد علي أحمد خليل القضية رقم 448 لسنه ٢٠٢٢عمالية غرب)، غير أن الأحكام لم يتم تنفيذها حتى الآن!!

 

  1. عاملات وبريات سمنود يطلقن استغاثتهن مع بداية عام 2022:

تجمع صباح الاثنين 9 يناير من عام 2022 حوالي 200عاملة من عاملات وبريات سمنود أمام مقر الشركة بمحافظة الغربية احتجاجا علي عدم صرف مكافآت نهاية الخدمة التي وعدت الإدارة بصرفها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ توقيعهن علي طلب المعاش المبكر الذي وقعن عليه مُكرهات بتاريخ 9 أكتوبر من عام 2021.

كانت إدارة شركة وبريات سمنود قد طالبت 230 عاملة بمصنع الملابس بالتوقيع علي طلبات تقاعد في أكتوبر من عام 2021، ومارست عليهن ضغوطا كبيرة للتوقيع علي طلبات التقاعد، وقد رفضت ثلاثين عاملة منهن التوقيع- فتم خصم 500 جنيه من رواتبهن دون وجه حق- بينما رضخت 200 عاملة لضغوط الإدارة وقمن بالتوقيع على طلبات التقاعد المكتوبة من قبل الإدارة قبل أن تضيف الأخيرة إلى هذه الطلبات بالتحايل استقالات العاملات المعدة من قبلها.

تراجعت عاملتان عن طلبات المعاش المبكر المضاف إليها الاستقالة في موعدها القانوني فور علمهما بإضافة الاستقالة، حيث قامتا بعمل محضر في مكتب القوي العاملة ومن ثم استطاعتا بالفعل إلى العمل لتنكل بهما الإدارة وتنقلهما من العمل كعاملات إنتاج إلى العمل كعاملات نظافة، ليتبقى من ال200 عاملة، 198عاملة لم يتقاضين مكافآت نهاية الخدمة رغم مرور ثلاثة أشهر علي توقيعهن علي طلبات الخروج. كانت مائة وعشرين عاملة قد حاولن الرجوع عن الاستقالات التي قامت الإدارة بإضافتها إلى طلبات التقاعد المبكر لكن حال بينهن وبين ذلك الإجراء انقضاء الموعد القانوني للتراجع عن هذه الاستقالات "المفبركة"، وعلى الجانب الآخر استمرت العاملات تجوب الجهات الرسمية لتقديم الشكاوي والتظلمات للحصول علي مستحقاتهن المالية التي التزمت بها الإدارة بموجب المنشور الذي أصدرته بتاريخ 6 أكتوبر عام 2021، والذي يقر بصرف المستحقات المالية للعاملات اللائي يقمن بالتوقيع علي طلبات الخروج إلى المعاش المبكر.

 

  1. عمال شركة "أبيك العالمية لصناعة المواسير" ببورسعيد يضربون عن العمل:

مع بداية شهر يناير من عام 2022 أضرب ما يقرب من 400 عامل من عمال شركة "أبيك العالمية لصناعة المواسير" ببورسعيد للمطالبة بحقهم في صرف العلاوات الخاصة المتأخرة عن أعوام "2019 – 2020 – 2021" ووفقا لبيان أصدرته وزارة القوى العاملة تم فض الإضراب عقب تدخل مسئولي القوى العاملة ببورسعيد بناء على طلب قدمته اللجنة النقابية للعاملين بالشركة يطالب فيه العمال بحصولهم على العلاوات الخاصة عن الثلاثة الأعوام السابقة إضافة لعدم تعديل أي بند من بنود لائحة شئون العاملين بالشركة دون أخذ رأي اللجنة النقابية المشكلة بالمنشأة والموافقة على بنود التعديل وعدم الانتقاص من حقوق العمال، وهو ما تم التوافق عليه ما بين اللجنة النقابية وإدارة الشركة تحت إشراف مسئولي القوى العاملة.

 

  1. إضراب "عمال لينين جروب" لتخفيض قيمة "منحة العيد" وإلغاء "علاوة بدل الغلاء":

دخل عمال شركة "نايل لينين جروب" بالمنطقة الحرة بالإسكندرية في يوم 13 إبريل 2022 إضراباً عن العمل احتجاجا على قيام صاحب الشركة بتخفيض بعض بنود الأجر المتغير (منحة عيد الفطر) من ١٠٠٠ جنيه إلى ٥٠٠ جنيه، وكانت إدارة الشركة قد سبق لها إلغاء "علاوة بدل غلاء المعيشة"، وهو الأمر الذي أثار غضب العمال ودفعهم إلى الإضراب عن العمل مطالبين بتعليق اللائحة الداخلية في مكان ظاهر وواضح للعمال، وعرض عمل ميزانية العام السابق لمعرفة حصة العمال من الأرباح، وتعديل أجور العمال الذين تضرروا من انقطاع جانب من مدد التأمين عليهم، وعودة صرف بدل غلاء المعيشة بواقع 500 جنيه شهرياً إلى جانب تفعيل منظومة علاج الأسرة وهو ما كان العمال قد سبق لهم المطالبة به خلال شهر يوليو من عام 2021 وتم التوصل إلى اتفاق مع صاحب الشركة يقضي بتفعيل المنظومة العلاجية على مراحل تبدأ بعلاج العامل في 1يناير 2022، إلا أن هذا الاتفاق لم تلتزم به إدارة الشركة، واختتم العمال مطالبهم بالمطالبة بزيادة قيمة منحة عيد الفطر إلى 2000 جنيه.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يخوض فيها عمال "نايل لينين" إضرابًا عن العمل احتجاجًا على تخفيض علاوة مالية أو إلغائها. ففي وقت سابق تصاعدت الأزمة ما بين العمال وإدارة الشركة حول تعويض ما تم خصمه في أزمة كورونا 2020، وصرف بدل المخاطر، وتعديل بعض بنود اللائحة الداخلية، وأضرب عمال الشركة عن العمل لتحقيق مطالبهم، وقد أسفرت المفاوضات التي جرت حينها عن صرف ما تم خصمه خلال جائحة كورونا 2020 مجدول على 5 أشهر بواقع ألف جنيه شهريا لكل عامل على أن تصرف في منتصف الشهر، وإعطاء مهلة للإدارة واستكمال المفاوضة حول المطلب الأساسي وهو تعديل الأجور.

جاء الإضراب احتجاجا على تراجع الإدارة عن وعودها للعمال بتحسين الأجور، وضم أسر العاملين إلى منظومة الرعاية الصحية وصرف الإعانات الاجتماعية للعمال والتي وعدت بها الإدارة في إطار المفاوضة التي كانت قد تمت قبل الإضراب بنحو أسبوعين بين المدير المالي وأعضاء اللجنة النقابية للشركة الذين طالبوه بتنفيذ مطالب العمال.

يذكر أن شركة "نايل لينين جروب" كانت قد تأسست عام 1996، وهى تضم نحو 2100 من العمال والعاملات ويبلغ عدد العاملات بها ما يقرب من 400 عاملة وهى تصدر وحدها 70% من صادرات مصر من المفروشات المنزلية.

 

  1. إضراب عمال شركة "كوم حمادة للغزل" بسبب التفاوت في الأجور

اضرب عمال شركة "كوم حمادة للغزل" البالغ عددهم 308 عامل يوم 4 ديسمبر 2022 احتجاجا على وجود لائحتين للأجور، وتضمنت قائمة مطالبهم عدة مطالب كان أبرزها المساواة في المرتبات مع العاملين بشركة "مصر شبين الكوم" وذلك لوجود تفاوت فى الأجور والحوافز. رغم تماثل العمل إلى جانب عودة العمل اعتباراً من الساعة ٦ صباحا بدلا من ٧ صباحا، والمساواة في الحوافز بين العمال في الصالات الإنتاجية والعاملين فى الإدارة، كما طالب العمال بالحصول على حقهم في الترقيات، ومنع تدخل إدارة الشركة في القرارات الصادرة عن الإدارة الطبية، حيث تمنع إدارة الشركة بعض العاملين من أصحاب الأمراض المزمنة من صرف علاجهم الدوري.

 

  1. إصابات العمل والوفاة الناجمة عن العمل:

تعددت إصابات العمل والوفاة الناجمة عن العمل نتيجة لغياب منظومة السلامة والصحة المهنية وعدم توفر بيئة العمل الآمنة وإهمال الإدارة في تطبيق قواعد تلك المنظومة الآمنة، خلال عام 2022، ففي مصنع الطوب بقرية أبو نبهان التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية لقى "أربعة" عمال مصرعهم بشهر فبراير 2022 وهم "إبراهيم مصطفى أبو زيد وحمادة إبراهيم عمارة وسحر سمير أحمد وأحمد عبده الحفناوي"، نتيجة انهيار مدخنة المصنع أثناء عمل العمال داخلها، وأصيب 6 عمال آخرون وهم “أحمد محمد الشربيني وعمرو رزق سليمان وخالد أحمد شعبان وعبد الهادي عثمان ومحمد سمير وزوبة محمد جلال".

الأزمة التي يتعرض لها العمال لا تقتصر على بيئة العمل داخل حدود المصنع ذاته وفقط ولكن الأزمة قد تمتد للبيئة المحيطة بمقر العمل فقد تتجاور بعض المصانع بعضها البعض ما يؤدي لحدوث بعض الحوادث مثلما حدث خلال الأول من ديسمبر 2022 حيث تعرض أحد عشر عاملاً وعاملة بمصنع "نيدل كرافت للملابس" بشبين الكوم للاختناق، بسبب تصاعد أدخنة كثيفة من مصنع "الصعيدي للأدخنة" المجاور، حيث اتضح من تسجيلات آلات المراقبة بمصنع "نيدل كرافت للملابس" لقطاتِ تعرض فرار العمال والعاملات من الدخان، وسقوط إحدى العاملات بسبب الاختناق ومحاولة إسعافها، واتهم بعضُ المصابين في التحقيقات مسئولَ مصنع "الصعيدي للأدخنة" بتسببه في إحداث إصابتهم.

بصفة عامة فإن الأمر لا يقتصر على عدم توفر منظومة السلامة والصحة المهنية بالعديد من مواقع العمل فحسب وإنما يتعداه إلى عدم استطاعة المصابين أو أسر المتوفين الحصول على تعويضات مالية مناسبة من أصحاب العمل المسئولين عن الأضرار التي تعرضوا لها.

 

  1. العمالة المؤقتة وشروط العمل غير العادلة:

الانتهاكات التي تتعرض لها "العمالة المؤقتة" بمواقع العمل المختلفة لا تعد ولا تحصى حيث يقصر هذا التقرير عن حصرها، خاصة وأنها وقائع يومية لا تجد طريقها إلى وسائل الإعلام ولا يوفها المهتمون بالشأن العمالي حقها، وهي انتهاكات تمتد لتشمل مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية في ربوع مصر.

في هذا الإطار اعتصم العشرات من عمال شركة "المصرية لإنتاج السترين" بالإسكندرية بمنطقة الدخيلة نهاية شهر نوفمبر 2022، وجاء اعتصام العمال على خلفية عدم وفاء إدارة الشركة بوعودها الخاصة بالتعيين والتثبيت وعدم وجود ضمان اجتماعي وتأمين صحي لهم وذلك على الرغم من كون بعض هؤلاء العاملين تمتد مدة خدمته بالشركة ما يزيد عن 12 عاماً.

وتمثلت مطالب العمال في تثبيتهم بعقود قانونية، طبقًا لقانون العمل وطبقًا للوائح المعمول بها في الشركة، مع احتساب سنوات عملهم السابقة بالشركة، ضمن مدة خدمتهم.

ولعله جدير بالذكر أن شركة "المصرية لإنتاج السترين" بالإسكندرية تعد إحدى شركات قطاع الأعمال بقطاع البتروكيماويات. 

بذات السياق اعتصم نهاية ديسمبر 2022 عمال شركة مصر للأسمنت بقنا احتجاجاً على عدم قيام إدارة الشركة بتثبيت العمال المؤقتين وغياب الحوافز والعلاوات. 

 

  1. عمالة الأطفال

يتعرض الأطفال العاملين للعديد من الانتهاكات والمخاطر المرتبطة بطبيعة المهن التي يعملون بها وعدم توفر سبل السلامة والصحة المهنية بمواقع العمل التي تنتمي بالأساس للقطاع غير الرسمي، إلى جانب تعرضهم للعديد من الحوادث خلال ذهابهم وعودتهم من أعمالهم، إلا أنه نادراً ما يتم رصد تلك الانتهاكات، وفي هذا الإطار شهدت محافظة البحيرة نهاية إبريل 2022 حادثاً أليماً حيث لقي 8 أطفال مصرعهم، إثر انقلاب تروسيكل كان يحملهم بترعة السوالم بمركز إيتاي البارود، وذلك أثناء عودتهم من أداء عملهم بأحد مصانع البطاطس، وجرى نقل الجثث لمستشفى إيتاي البارود العام وحفظها داخل ثلاجة حفظ الموتى تحت تصرف النيابة العامة وتحرير محضر بالواقعة لمباشرة التحقيقات.

 

  1. القبض على الصيادين بدعوى "مخالفة قانون الصيد"

شهد شهر يوليو 2022 تعرض العشرات من صيادي بحيرة المنزلة للقبض عليهم بواسطة شرطة المسطحات المائية وقوات حرس الحدود، وفي هذا السياق أشار أحمد المغربى رئيس اللجنة النقابية المستقلة لصيادى دمياط أنه تم القبض على 100 صياد أحيل 90 منهم إلى النيابة العسكرية في المنصورة وبورسعيد بتهم تتعلق بمخالفة قانون الصيد" وذلك لكون تلك البحيرات باتت تخضع للأحكام العسكرية.

وأوضح زاهر فياض، صياد وصاحب محل لبيع شباك الصيد، لـموقع «مدى مصر» إن الاعتقالات استندت إلى مخالفة الصيادين للقواعد القانونية المسموح بها فيما يتعلق بشباك الصيد، موضحًا أن "الشباك غير المسموح بها هي تلك التي يمكنها جمع أكبر عدد من الأسماك بما فيها الأسماك الصغيرة، التي تباع كطعام للأسماك في المزارع السمكية"، ورجح فياض أن الشرطة ألقت القبض بشكل عشوائي على الصيادين سواء كانوا مخالفين أم غير ذلك.

يذكر أن قرارا جمهوريا كان قد صدر عام 2019 يقضي باعتبار بحيرة المنزلة من المناطق المتاخمة للحدود والجرائم التي تقع فيها تخضع للأحكام العسكرية، عبر تعديل أدخله القرار على قرار سابق عليه بشأن تحديد المناطق الحدودية، وشمل التعديل الجديد بحيرات البردويل والبرلس وإدكو ومريوط وناصر.

 

  1. اعتداء أهالي المرضى على الأطباء والممرضات والعاملين بالمستشفيات

تفجرت مع تفشي "فيروس كورونا" في مصر ظاهرة سوء المعاملة التي يتعرض لها الأطقم الطبية من أطباء وتمريض وعاملين بعدد من المستشفيات العامة، وأرجع البعض ذلك لنقص الإمكانات المتاحة بتلك المستشفيات ونقص أعداد الأطقم الطبية مقارنة بكثافة عدد المرضى، ومع تراجع الفيروس تراجعت حالات التعدي تلك، إلا أن الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2022 قد شهد حالتي تعدي على أطقم التمريض والأطباء والعاملين من قبل أهالي المرضى بموقعين مختلفين.

اشتهرت الواقعة الأولى إعلاميا بواقعة "الكرباج" حيث تعدى أهالي مريضة من بينهم "ضابط بالقوات المسلحة" بالضرب على أربعة من الممرضات وأربعة من عمال المستشفى إلى جانب فرد أمن، بمستشفى قويسنا العام بمحافظة المنوفية، واستخدمت إحدى المعتديات "الكرباج" كوسيلة لضرب إحدى الممرضات، وتم تسجيل محضر بواقعة الاعتداء تلك تحت رقم ٢٦١٩٠ جنح قويسنا. 

لم يكد الأسبوع ينتهي حتى وقعت واقعة أخرى بمستشفى إيتاي البارود العام حيث تم التعدي بالضرب على طبيب وممرضة وفرد أمن، وإتلاف أجهزة طبية بالمستشفى، من قبل ستة أشخاص من أهالي أحد المرضى.

من جانبها أعلنت وزارة الصحة والسكان عن أن مجلس النواب بصدد إصدار قانون المسئولية الطبية والذي سيساهم في إرساء قواعد واضحة للتعامل مع الفرق الطبية، والحفاظ على حقوق المرضى.

 

 

المحور الثاني:

الحريات النقابية والحق في التنظيم

تضمن دستور جمهورية مصر العربية لسنة 2014، النص على "الحق في الحرية النقابية"، حيث نص الدستور في مادته رقم (76) على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجلس إدارتها إلا بحكم قضائي".

وينظم الأوضاع النقابية العمالية في مصر قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017، وهو القانون الذي أقره مجلس النواب يوم 5 ديسمبر 2017 ثم صدق عليه رئيس الجمهورية يوم 17 ديسمبر من نفس العام ليعمل به من اليوم التالي لنشره.

وقد جاء هذا القانون منطوياً على الكثير من المثالب التي تؤثر سلباً على حق العمال في تكوين نقاباتهم، وممارسة أنشطتها بحرية، ولعل أبرزها ما يلي:

  • استنساخ بعض نصوص القانون القديم المُلغى رغم أنه كان قانوناً لمصادرة الحق في تكوين النقابات وحرمان العمال المصريين من حقهم في تكوين النقابات استقلالاً عن الاتحاد "الحكومي". لهذا جاء القانون الجديد شائهاً يعترف في بعض مواده بحرية تكوين النقابات، بينما تخنقها مواد أخرى بالقيود المستدعاة من القانون المعيب القديم، حيث يُفرض على العمال مجدداً نموذج الاتحاد الحكومي بتركيبته الهرمية ومستوياته الثلاث

  • ويحتفظ القانون الجديد بتبويب القانون القديم، وبعدد مقارب من المواد التى يفتئت الكثير منها على صلاحيات الجمعيات العمومية للنقابات وحق أعضائها فى وضع نظم نقاباتهم ولوائحها بأنفسهم.. فنراه يحدد مدة الدورة النقابية وعدد أعضاء الهيئات التنفيذية وصلاحياتها مصراً على الاحتفاظ بذات المسميات وطرق إدارة العمل [مجلس الإدارة وهيئة المكتب].... شروط العضوية وشروط الترشح لعضوية مجالس الإدارات، أسباب انتهاء العضوية، وأحكام تجميد العضو النقابى وفصله.. وقواعد إجراء الانتخابات التى تجرى فى يوم واحد فى جميع مواقع العمل، وتتولى وزارة القوى العاملة دوراً إشرافياً مباشراً عليها مع وجود قاضٍ فى كل لجنة عامة، على غرار ما كان يحدث مع "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر" الذى كان يجرى التعامل معه وكأنه إحدى مؤسسات الدولة.. غير أننا إذا كنا نتحدث حقاً عن نقابات يقوم العمال بإنشائها بمبادراتهم وجهدهم وإرادتهم هم.... فكيف يمكن تصور هذا النسق من الانتخابات.. انتخابات تجرى على المستوى القومى فى وقت واحد من خلال لجان عامة، ولجان فرعية.. الخ؟!

إن هذا النسق الذي أبقى عليه القانون 213 لسنة 2017 لم يزل يثير تناقضاً واضحاً حيث يفترض تأسيس منظمات نقابية جديدة كل عام، فكيف تحتسب الدورة النقابية لهذه المنظمات، ولا زالت أوضاع بعض المنظمات النقابية التي لم تجرِ بها الانتخابات مؤخراً معلقة حتى الآن، بسبب الارتباك في تطبيق القانون في هذا الصدد.

وإن كان التوافق قد تم مؤخراً مع وزارة القوى العاملة على أن تنتخب الجمعيات العمومية لهذه المنظمات النقابية مجالس إدارات مؤقتة لحين إجراء الانتخابات النقابية العامة على أن تتمتع هذه المجالس بكامل الصلاحيات، إلا أن ذلك لم تزل تكتنفه بعض العقبات والتعقيدات البيروقراطية.

  • تشترط المادة 41 من القانون فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية سبعة شروط فيما يعد افتئاتاً على حق الجمعية العمومية الأصيل فى وضع نظمها واختيار ممثليها، وانتهاكاً لحقي الانتخاب والترشيح المفترض كفالتهما لجميع أعضاء النقابة [وفقاً لأدبيات منظمة العمل الدولية يجوز فقط استثناء العضو الذى سبق الحكم عليه فى جناية او جنحة مخلة بالشرف والأمانة من حق الترشح للمناصب التنفيذية فى النقابة لما تفترضه من الثقة فى نزاهته].

ومن الغريب والمؤسف أن هذه الشروط قد تضمنت ألا يكون العضو (الذى يترشح لعضوية مجلس الإدارة) "عاملاً مؤقتاً، أو معاراً، أو منتدباً........ ".. إنه نفس النص الغريب الذى ورد منقولاً عن القانون القديم المُلغى رقم 35 لسنة 1976الذى كان قد وُضع منذ أربعين عاماً "مفصـــلاً على مقاس تنظيم نقابى "يكاد يكون واحداً من مؤسسات الحكم"، تنحصر عضويته فى القطاع العام الذى كان العامل المؤقت فيه – آنذاك- استثناءً على القاعدة- !!

فهل يعقل أن يأتي مثل هذا الشرط الآن بينما يشكل العاملون بعقود مؤقتة النسبة الأكبر من العاملين فى القطاع الخاص؟!

  • رغم أن القانون لا يجيز للعضو الذي أحيل إلى التقاعد الترشح لعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية، فإنه في المادة 40 منه يستثني من ذلك عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية العمالية إذا "التحق بعمل داخل التصنيف النقابي الذي تضمه المنظمة النقابية"، ويفتقد هذا النص شرطي التجرد والعمومية المفترضين فى النص القانونى حيث كان معروفاً ومفهوماً للجميع أن المقصود بهذا النص هو استمرار أشخاص بعينهم فى مناصبهم النقابية بعد إحالتهم للتقاعد..

غير أنه يُذكر للقانون ما تضمنه من إقرار بعض مبادئ الحريات النقابية وبعض القواعد الهامة التي كفلت تأسيس النقابات المستقلة، وكفلت لها الشخصية الاعتبارية ولعل أبرزها ما يلي:

  • النص في صدر المادة 10 من القانون على أن "إنشاء المنظمات النقابية العمالية على أساس ديمقراطي حق يكفله هذا القانون، وتثبت لها الشخصية الاعتبارية من تاريخ إيداع الأوراق المطلوبة بالجهة الإدارية المختصة، وتمارس نشاطها بحرية اعتبارا من هذا التاريخ، ويكون لكل منها لائحة نظام أساسي يجب نشرها في الوقائع المصرية"

  • النص في المادة 64 من القانون على أن "للمنظمات النقابية الحق في وضع أنظمتها الأساسية، ولوائحها الإدارية والمالية، وفي انتخاب ممثليها بحرية بما يتفق مع أحكام هذا القانون ولها الحق في تنظيم شئونها وإدارة أنشطتها وإعداد برامج عملها، وتمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يقيد هذا الحق أو أن يعوق ممارسته المشروعة.

  • وفقاً لنصوص المواد 18، 19، 20 من القانون تثبت الشخصية الاعتبارية للمنظمة النقابية بمجرد إيداع أوراق التأسيس لدى الجهة الإدارية التي لا تملك الرفض، وإنما يكون عليها أن تحرر محضر بإيداع أوراق التأسيس يثبت حدوث واقعة الإيداع، فإذا تبين لها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إيداع الأوراق المنصوص عليها عدم صحة أو استيفاء الأوراق أو الإجراءات اللازمة وجب عليها أن تخطر ممثل اللجنة النقابية بذلك بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، فإذا لم تقم المنظمة النقابية بتصحيح الأوراق أو الإجراءات محل الإخطار أو استيفاءها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وصوله إليها، كان للجهة الإدارية الاعتراض على إنشاء المنظمة النقابية أمام المحكمة العمالية المختصة .

غير أن هذه النصوص للأسف تعارضها بعض نصوص القانون الأخرى التي تثير اللبس، كما أن التطبيق العملي على الأرض- وفقاً لخبرات الأعوام الثلاثة الماضية- جعل منها في أحيان كثيرة حبراً على ورق، حيث كثيراً ما اصطدمت المنظمات النقابية بتعسف إداري وإنكار صريح للحقوق التي كفلها القانون.

 

تعديل القانون

كانت عددٌ من مواد القانون قد أثارت إشكاليات كبرى، على الأخص تحديد حد أدنى مبالغ فيه لعدد العمال اللازم لتأسيس المنظمات النقابية من كافة المستويات، وكذلك العقوبات السالبة للحرية التي كان الباب العاشر من القانون قد نص عليها كعقوبة على ارتكاب مخالفات بسيطة وعلى الأخص ممارسة أنشطة نقابية دون استيفاء إجراءات التسجيل.

واستجابة لملاحظات لجنة الخبراء [CEACR] ولجنة المعايير (CSA) بمنظمة العمل الدولية صدر في الخامس من أغسطس 2019 القانون رقم 142 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 213 لسنة 2019، حيث شمل التعديلات الآتية:

  • تعديل المادة 11 من القانون ليكون "للعاملين بالمنشأة الحق فى تكوين اللجنة النقابية للمنشأة بما لا يقل عن خمسين عاملاً منضماً لها"-بدلاً من 150 عاملاً-وللعاملين فى المنشآت التى لم تستوفِ النصاب المنصوص عليه فى الفقرة السابقة، وللعاملين فى المنشآت التى يقل عدد العاملين فيها عن خمسين عاملاً، وكذا العاملين من ذوي المهن والحرف، تكوين لجنة نقابية مهنية عمالية على مستوى المدينة أو المحافظة، حسب الأحوال، لا يقل عدد أعضائها عن خمسين عاملاً-بدلاً من 150 عاملاً- وذلك بالاشتراك مع غيرهم من العاملين المشتغلين فى مجموعات مهنية أو حرفية، أو صناعات متماثلة، أو مرتبطة ببعضها، أو مشتركة فى إنتاج واحد، على أن تعتبر المهن المتممة، والمكملة لبعض الصناعات، داخلة ضمن هذه الصناعة، وفقاً للمعايير الدولية المطبقة في هذا الشأن"

  • تعديل نص المادة 12 من القانون ليكون "إنشاء النقابة العامة من عدد لا يقل عن عشرة لجان نقابية، تضم فى عضويتها خمسة عشر ألف عامل على الأقل"- بدلاً من خمس عشرة لجنة نقابية تضم في عضويتها عشرين ألف عامل على الأقل-

  • "ويكون إنشاء الاتحاد النقابي العمالي من عدد لا يقل عن سبع نقابات عامة، تضم فى عضويتها مائة وخمسين ألف عامل على الأقل"- بدلاً من عدد لا يقل عن عشر نقابات عامة، تضم في عضويتها مائتي ألف عامل على الأقل-

  • إلغاء العقوبات السالبة للحرية التي كان منصوصاً عليها في الباب العاشر من القانون، وإبدالها بغرامات مالية مغلظة.

غير أن هذه التعديلات الإيجابية لم تزل غير كافية لمعالجة مشاكل القانون رقم 213 لسنة 2017، وأوجه العوار التي ينطوي عليها.. كما أن الحد الأدنى من الأعداد اللازم لتشكيل المنظمات النقابية العمالية –على الأخص النقابات العامة، والاتحادات العامة- لم يزل حتى بعد هذا التعديل- مبالغاً فيه وتعجيزياً ما دمنا بصدد عضوية اختيارية ومنظمات يؤسسها العمال بأنفسهم بعد انقطاع طويل لم يعرف فيه العمال سوى التنظيم النقابي الحكومي بعضويته الأوتوماتيكية شبه الإجبارية.

إن حق تكوين النقابات هو حق لكل عامل ينبغى أن يكفله له القانون، ولا ينبغى أن يؤدى تنظيم الحق إلى تعطيله- ولما كان اشتراط عدد معين من الأعضاء يؤدى عملياً إلى حرمان مجموعات العمال التى يقل عددها عن العدد المشترط من حقها فى تكوين النقابات.. فإنه يتعين التحفظ فى فرض مثل هذه الشروط.

ووفقاً لمنظمة العمل الدولية يفضل عدم اشتراط توفر عدد معين من الأعضاء لإنشاء النقابة.. وإذا كان ذلك ضرورياً من وجهة نظر المشــرع الوطني فإنه لا ينبغى أن يزيد هذا العدد المشترط عن عشرين عضواً.

ربما كانت اللجان النقابية المهنية التي يمكن للعمال أن يقوموا بتأسيسها على مستوى المدينة أو المركز أو المحافظة توفر بديلاً لعمال المنشآت التي يقل عدد العاملين بها عن خمسين عضواً، أو الذين يقل عددهم عن خمسين حيث يمكن لهم أن يكونوا مع غيرهم من العاملين في منشآت أخرى لجان نقابية مهنية، غير أن المنظمات النقابية في المنشآت تظل النموذج التنظيمي الأفضل الذي يمكن العمال من التفاوض مع أصحاب العمل.

غير أن اشتراط عشر لجان نقابية تضم في عضويتها خمسة عشر ألف عامل على الأقل لتكوين النقابة العامة، وسبع نقابات عامة تضم في عضويتها مائة وخمسين ألف عامل على الأقل لتكوين الاتحاد النقابي العمالي –وفقاً للقانون المُعدل- تظل شروطاً تعجيزية قد تحول دون ممارسة الكثير من العمال حقهم في تكوين نقاباتهم واتحاداتهم.

إن مثل هذه الأعداد تبدو غير ذي بال بالنسبة لتنظيم نقابى دأب على ضم العاملين بالحكومة والقطاع العام أوتوماتيكياً أو بالأحرى إجبارياً –أو بطريقة شبه إجبارية- وخصم اشتراكاتهم من راتبهم دون العودة إليهم-.. غير أنها تبدو أعداداً مبالغاً فيها إذا كنا بصدد منظمـــات نقابية مستقلة- لا تستند إلى الحكومة وإداراتها- مطالبة ببذل الجهد لإقناع العمال بدور النقابات وأهمية انضمامهم إليها.

وفضلاً عن ذلك، يتنافى رقم خمسة عشر ألف عضو مع خبرة نقابات عامة قائمة فعلياً لا يبلغ عدد جميع العاملين فى قطاعاتها هذا الرقم مثل نقابة هيئة النقل العام، ونقابة العاملين فى المناجم والمحاجر التابعتين للاتحاد العام لنقابات العمال ذاته!!

 

اللائحة التنفيذية للقانون

بتاريخ 13 مارس 2018 صدر القرار الوزاري رقم 35 لسنة 2018 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017.

وقد جاء تبويب اللائحة بعيداً عن تبويب القانون بل أنها قد أغفلت تناول الكثير من أبوابه وفصوله مثل أهداف المنظمات النقابية وعضويتها، وتشكيلاتها، وحقوق وضمانات ممارسة العمل النقابى، وموارد وأموال المنظمات، وإعفاءاتها، ولوائحها الأساسية. ويبدو ذلك مفهوماً ومبرراً حيث لم يترك القانون الكثير للائحته التنفيذية بل أنه قد تغول بنصوصه التفصيلية أيضاً على لوائح النقابات ونظمها الأساسية.

ورغم أن القانون قد أُغرق فى التفاصيل إلى حد النص على أمور يفترض أن الجمعيات العمومية للمنظمات هى صاحبة الحق فى تقريرها، إلا أن بعض نصوصه جاءت غامضة وملتبسة وتداخلت بعض أحكامه المستنسخة من القانون السابق رقم 35 لسنة 1976 مع نصوص جديدة تقر بحق العمال فى تكوين نقاباتهم، وحقهم فى وضع دساتيرها ونظمها دون تدخل أو وصاية.

لذلك.. كان الاحتياج إلى لائحة تنفيذية للقانون ليست فقط مفسرة وإنما أيضاً مكملة لنصوصه- على الأخص- فيما يتعلق بآليات الانتقال من نسق إلى نسق يفترض أنه مغاير تماماً.

ويذكر للائحة تناولها الموضوعات الأبرز التي كانت مثاراً للجدل وفى مقدمتها توفيق الأوضاع، والتفرغ والمهام النقابية والدورات التثقيفية، والانتخابات النقابية.

كما يذكر لها- وذلك هو الأهم- ما تضمنه فصلها الأول من أحكام عامة هامة أزالت بعض من اللبس الذي تبدى فى نصوص القانون رقم 213 لسنة 2017 –وعلى الأخص من ذلك- المادة 3 التى تنص على أنه " للعمال- دون تمييز- الحق فى تكوين المنظمات النقابية، ولهم كذلك حرية الانضمام إليها، أو الانسحاب منها، وذلك وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة فى هذه اللائحة والنظم الأساسية لهذه المنظمات.

ولا يخل انسحاب العامل من أى منظمة نقابية عمالية بأية حقوق أو مكتسبات مستحقة له بتلك المنظمة، مثل صناديق الادخار، أو الزمالة التى تديرها المنظمة.

وتحدد لوائح المنظمة النقابية قواعد الحصول على تلك الحقوق والمكتسبات."

حيث جاء هذا النص متوافقاً مع مبادئ الحرية النقابية التى ينال منها مباشرة أى إكراه على الانضمام لنقابة معينة أو البقاء فيها وعدم القدرة على الانسحاب منها، وإن كنا لم نرَ حتى الآن نموذجاً لتطبيقه في الواقع العملي.

كما تكفلت اللائحة التنفيذية للقانون بتوضيح نصوص مواد القانون أرقام 18، 19، 20 بما يزيل أي وجه للبس حيث "نصت فى المادة 9 منها على أن "تثبت الشخصية الاعتبارية للمنظمات النقابية العمالية من تاريخ إيداع الأوراق المطلوبة بالجهة الإدارية المختصة أو الوزارة المختصة وتمارس نشاطها بحرية اعتباراً من هذا التاريخ"

غير أن الممارسات العملية قد أشارت بوضوح- رغم ذلك- إلى الحاجة الملحة مجدداً لإصدار قرارات وزارية تتضمن التوضيح اللازم للحقوق التي يكفلها القانون، وتحظر مظاهر التدخل والتعسف الإداري مع المنظمات النقابية التي لم تزل تواجه الكثير منها حتى الآن.

 

التطبيق العملي للقانون واللائحة التنفيذية

وفقاً للقانون يفترض التزام مديريات القوى العاملة بقبول إيداع أوراق المنظمات النقابية العمالية التي يؤسسها العمال–ما دامت مُستوفاة وفقاً للقانون-وأن تكف عن المماطلة والتسويف ورفض استلام الأوراق.، أو أن تكف –على الأقل- عن مخالفة القانون وتعطيله فعلياً.

غير أن ذلك لا يحدث، حيث لم تزل مديريات القوى العاملة تمتنع عن قبول إيداع الأوراق، بينما تستمر وزارة القوى العاملة فى تبرير هذه الممارسات وادعاء العجز عن تغييرها.

حيث يواجه مؤسسو المنظمات النقابية بما يلي:

  • يدور مؤسسو المنظمات النقابية الجديدة فى حلقة مفرغة لا تنتهي، رغم أن المادة 18 من القانون رقم 213 لسنة 2017 تحدد حصرياً – على نحوٍ لا يحتمل اللبس- الخطوات التى يتعين إتباعها، والمستندات التى ينبغى إيداعها الجهة الإدارية، غير أن مديريات القوى العاملة تمتنع ابتداءً عن استلام أوراق ومستندات اللجان النقابية على زعم انتظارها تعليمات الوزارة في هذا الشأن- بينما هي الجهة الإدارية المنوط بها الاستلام وتحرير محاضر الإيداع-

  • منظمات نقابية تأسست أو وفقت أوضاعها وترفض الجهة الإدارية تسليمها الخطابات اللازمة لتسيير أعمالها.

  • رغم أنه وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 18 من القانون المشار إليها أعلاه يُفترض أن تقوم الجهة الإدارية بتحرير محضر بإيداع أوراق التأسيس، تُسلم صورة معتمدة منه إلى ممثل المنظمة النقابية، كما تسلمه الخطابات الرسمية اللازمة لتسيير أعمال المنظمة النقابية، دون أن يكون لها أن ترفض إيداع الأوراق لديها أو أن تحجب محضر الإيداع والخطابات وإلا كان ذلك سلباً للحق الذى كفله القانون.

غير أن مديريات القوى العاملة تمتنع عن تسليم الخطابات المشار إليها إلى ممثلي المنظمات النقابية رغم أن البعض منها تأسس وأودع أوراق تأسيسه منذ أعوام، ويبلغ الأمر ببعض المديريات تعمد تعطيل أنشطة بعض اللجان النقابية المستقلة في محاولة لإكراهها على الانضمام للنقابات التابعة "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر".. ومن الأمثلة البارزة لذلك اللجنة النقابية لخدمات السائقين بالقليوبية.

  • ورغم صدور قرار وزير القوى العاملة رقم 162 لسنة 2020 بتشكيل لجنة لفحص أوضاع وشكاوى المنظمات النقابية المعلقة أوضاعها، إلا أن إيقاع عمل اللجنة يعتريه كثيرٌ من التباطؤ حتى أنها تتوقف تماماً عن العمل وبحث شكاوى المنظمات النقابية شهوراً متواصلة، وفي ضوء امتناع مديريات القوى العاملة عن تسجيل المنظمات النقابية التي يؤسسها العمال، تظل هذه المنظمات معلقة أوضاعها مُعرضة لمخاطر متعددة.

  • ورغم أن تواصل عمل المنظمات النقابية المستقلة وإلحاحها قد أدى إلى تسجيل بعض المنظمات النقابية في مواقع هامة إلا أن العديد من اللجان النقابية بالضرائب العقارية لم تزل غير مُسجلة حتى الآن مما يترتب عليه عجز النقابة العامة للعاملين بالضرائب العقارية-ذات التاريخ الطويل- عن التسجيل.

  • وفضلاً عن ذلك، تتعرض المنظمات النقابية التي تمكنت- بشق الأنفس- من التسجيل، للكثير من العقبات، وأبرز الأمثلة على ذلك اللجنة النقابية للعاملين بمكتبة الإسكندرية، التي ما أن استكملت إجراءات تسجيلها في نهاية سبتمبر الماضي، حتى فوجئت بفتوى صادرة عن إدارة الفتوى التابعة لمجلس الدولة تقضي بعدم شرعيتها، كونها موازية للجنة النقابية التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الرسمي"، مما ترتب عليه امتناع إدارة مكتبة الإسكندرية عن الاعتراف والتعامل مع المنظمة النقابية المستقلة.

ولم تكن هذه الفتوى الوحيدة التي تصدر عن إدارات الفتوى، حيث كانت إدارة الفتوى بوزارة التربية والتعليم فتوى مماثلة استندت لها الإدارة الحكومية في فصل النقابي أحمد عبد المرضي.

مما يخشى معه صدور فتاوى أخرى تعصف بالحق الذي أقره القانون !!.. ولعله جديرٌ بالذكر أن بعض نصوص القانون التي تكفل الحق في تكوين النقابات تعارضها بعض نصوص القانون الأخرى التي تثير اللبس، وأن التطبيق العملي على الأرض- وفقاً لخبرات الأعوام الخمس الماضية- جعل منها في أحيان كثيرة حبراً على ورق، حيث كثيراً ما تصطدم المنظمات النقابية المستقلة بتعسف إداري وإنكار صريح للحقوق التي كفلها القانون.

  • وفضلاً عن استمرار الأوضاع المعلقة للعديد من المنظمات النقابية، تتعرض العديد من المنظمات النقابية- على الأخص نقابات العاملين في الإدارات الحكومية - لصور شتى من التعسف والانتهاكات من قبل هذه الإدارات، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك قيام الهيئة العامة للعاملين بتعليم الكبار بفصل أحمد عبد المرضي رئيس اللجنة النقابية للعاملين بها بسبب نشاطه النقابي.

 

الانتخابات النقابية

جاءت الانتخابات النقابية العمالية للأسف لتبدد تطلعات الحركة العمالية إلى تطور الأوضاع النقابية، والسير خطوة إلى الأمام في ملف الحريات النقابية، وبدلاً من الترحيب بالمنظمات النقابية الفاعلة التي تتمتع بثقة العمال ويمكنها تمثيلهم والتفاوض بشأن مصالحهم، بدا أن العديد من الأجهزة الحكومية لا ترغب في أكثر من ديكورات شكلية فاقدة الحيوية والمضمون.

بتاريخ 24 إبريل 2022صدر القرار الوزاري رقم 61 الذي نص على تشكيل اللجنة العليا للانتخابات النقابية العمالية برئاسة وزير القوى العاملة، وعضوية كل من ممثل عن وزارة العدل، ممثل عن هيئة النيابة الإدارية، ممثل عن وزارة المالية، ممثل عن وزارة التنمية المحلية، ممثل عن المنظمات النقابية العمالية يرشحه الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي، والمستشار القانوني لوزير القوى العاملة ممثلاً للوزارة ومقرر اللجنة، حيث تختص اللجنة بالإشراف على العام على العملية الانتخابية على المستوى القومي.

حيث يتحدث تشكيل اللجنة العليا عن نفسه هنا، فنحن أمام إشراف، وتدخل حكومي بامتياز في الشأن النقابي، والعضو الوحيد –ضمن سبعة أعضاء- هو ممثل الاتحاد "الحكومي أيضاً"!!

ويُمكن القول بكل ثقة أن الانتهاك الأكبر الفظ السائد في هذه الانتخابات النقابية هو حرمان الراغبين في الترشح من حقهم في الترشح، وبالتالي حرمان العمال من حقهم في اختيار ممثليهم بحرية.

وقد بلغ عدد المستبعدين وفقاً لأقل التقديرات أكثر من ألف ونصف من المرشحين، وتباينت أسباب الاستبعاد الحقيقية– وفقاً للمستبعدين أنفسهم- بين اعتبارات لدى أجهزة الأمن- وإن كانت في معظم الأحوال غير مفهومة وغير مبررة-واعتبارات لصالح رجالات الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي" سواء باستبعاد مرشحي اللجان النقابية المستقلة أو باستبعاد المرشحين المنافسين لانتخابات مجالس إدارات اللجان النقابية التابعة للاتحاد نفسه، وأحياناً اعتبارات شخصية أو انتقامية،، بينما بقيت أسباب الاستبعاد غير معلومة لأغلب المستبعدين الذين ظلوا على مدار الأيام يحاولون- دون جدوى- الفوز بمقابلة المستشار رئيس اللجنة العامة عساهم يجدون لديه الإجابة على سؤالهم الحائر "لماذا استُبعدنا ؟".

بل أن بعض الراغبين في الترشح قد تلقوا تهديدات من جهات أمنية أو من جهات العمل مما اضطر البعض منهم إلى التراجع عن التقدم بطلبات الترشح، مثلما حدث مع راغبي الترشح جميعاً في اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالإسماعيلية واللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بكفر الشيخ، واللجنة النقابية للعاملين بأندية هيئة قناة السويس، واللجنة النقابية للعاملين بهيئة الإسعاف بالفيوم، ولم يؤدِ ذلك إلى تراجع هؤلاء فقط عن الترشح، وإنما إلى عزوف آخرين في المنظمات النقابية المستقلة عن الترشح للانتخابات تحسباً لتكلفة قد تكون باهظة يضطرون إلى سداد فاتورتها بينما هم لا يبتغون أكثر من نشطاء نقابيين يتصدون للدفاع عن مصالح زملائهم من العمال.

وفضلاً عن ذلك قررت اللجان العامة المشرفة على الانتخابات دون أي سند من القانون ودون أي مسوغ أو مبرر معقول إلغاء انتخابات بعض اللجان النقابية المستقلة (على سبيل المثال اللجنة النقابية للعاملين بمياه الشرب والصرف الصحي بقنا، اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بقنا، اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالقليوبية، لنعود مرة أخرى إلى تعليق أوضاع بعض اللجان التي تتمتع بشخصيتها الاعتبارية ولا يملك أحدٌ حق حلها، بينما تعجز عن ممارسة دورها في ظل امتناع مديريات القوى العاملة عن إعطائها الخطابات اللازمة لتسيير أعمالها.

 

 

 

المحور الثالث

مناقشات مشروع قانون العمل وأبرز الملاحظات على صياغته الأخيرة:

بدأ عام 2022 بطرح "مشروع قانون العمل " المقدم من قبل الحكومة على "لجنة القوى العاملة والطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ" بينما شهد ختام العام مناقشة مشروع القانون في "لجنة القوى العاملة بمجلس النواب".

وكان مشروع قانون العمل قد خرج من لجنة القوى العاملة بالبرلمان عام 2017 بعد أن نظمت بشأنه جلسات استماع محدودة العدد والحضور، وأدخلت عليه بعض التعديلات قليلة الأثر، متجاهلةً الكثير من الملاحظات التى أعرب عنها القادة العماليون، والنقابيون، ورفعها الخبراء والمهتمون بالشأن العمالي، بل ومعظم الملاحظات التى أبداها قسم التشريع بمجلس الدولة، والتي أرسلها المجلس القومي لحقوق الإنسان، فضلاً عن مؤاخذات منظمة العمل الدولية·.

ثم قامت الحكومة من جانبها بإدخال بعض التعديلات على المشروع في نوفمبر 2021، حيث ناقشت لجنة القوى العاملة والطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين 7، 8 ديسمبر 2021هذا المشروع، حيث أوردت بعض التوصيات بشأنه، محيلة المشروع والتوصيات إلى لجنة مجلس الشيوخ العامة التي انتهت إلى إعداد تقريرها وإرساله إلى البرلمان.

ورغم التقدم إلى لجنة القوى العاملة والطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ بطلب عقد جلسات استماع لمختلف الأطراف العمالية والمهتمين بالشأن العمالي- على الأخص- المنظمات النقابية المستقلة، إلا أن اللجنة التفتت عن الطلب، مكتفية بمشاركة وزارة القوى العاملة، والاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي".

ومرة أخرى أحجمت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب عن تنظيم جلسات الاستماع، فيما بدا إصراراً غير مبرر على تغييب الصوت العمالي المستقل.

ولأن قانون العمل تشريعُ اجتماعي يمس حياة الملايين من العمال المصريين، وينظم العلاقة بين أطراف اجتماعية تتباين مواقعها ومصالحها.. فإنه من المفترض أن يكون محط اهتمام كبير، وأن يحظى بنصيب وافر من الجدل الاجتماعى.. ومن اللازم أن يدور بشأنه حوارٌ مجتمعيٌ حي وحقيقي يتسع لكافة الأطراف الاجتماعية وتُتاح المشاركة فيه لجميع المخاطبين بأحكامه من خلال آليات فاعلة ديمقراطية تكفل تمثيل فئاتهم وقطاعاتهم المتنوعة وتعبيرهم عن مصالحهم ومواقفهم دون إقصاء أو استبعاد لأحد.

بل أن تحقيق قانون العمل للعدالة التى يبتغيها العمال من خلال علاقات عمل متوازنة هو – في الواقع- شأن المجتمع كله وليس العاملين المخاطبين بأحكامه فقط.. حيث استقرار علاقات العمل وتوازنها وتوفير الآليات المناسبة للحوار والمفاوضة وحل منازعات العمل ضرورة لتحقيق استقرار المجتمع.

 

 

وقد تلخصت أبرز الملاحظات التي أعرب عنها القادة العماليون، والنقابيون فيما يلي:

أولاً: تنص المادة (4) من مشروع القانون على أنه "لا تسري أحكام هذا القانون على الفئات الآتية:

  1. العاملين بأجهزة الدولة بما في ذلك وحدات الإدارة المحلية والإدارة العامة.

  2. عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم وذلك ما لم يرد به نص على خلاف ذلك.

بينما نرى تطبيق القانون على عمال الخدمة المنزلية ومن فى حكمهم.. حيث لم يعد استبعادهم من نطاق سريانه أمراً مقبولاً بحال.. فكيف يتفق فى زماننا هذا ان نرفض اعتبار علاقة هؤلاء العمال بمن يعملون لديه علاقة عمل، وأن نصر على اعتبارها علاقة تبعية شخصية يُطلق عليها "الصلة المباشرة بين هؤلاء العمال ومخدوميهم"!!.. كيف لهذا أن يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية.. بل مع الدستور المصري الذى ينص على أن "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها" (المادة 51) فضلاً عما يكفله من حقوق المساواة وعدم التمييز، وحماية حقوق العاملين.

ولا يقدح فى ذلك ما يُساق من مبرر لعدم تطبيق قانون العمل على عمال الخدمة المنزلية- من قبيل "عدم اقتحام الحياة الخاصة فيما لو سمح لمفتشي العمل الدخول للمنازل باعتبارها أماكن عمل للتحقق من تطبيق القانون".. حيث يمكن استثناء أعمال الخدمة المنزلية من أحكام الباب الأول من الكتاب الخامس (تفتيش العمل والضبطية القضائية).. دون أن نحرم هؤلاء العمال من حماية حقوقهم فى شأن الأجور وساعات العمل والإجازات وغيرها، وأن نوفر لهم أيضاً الحق في الشكوى.

ثانياً: أحسن معدو مشروع القانون فيما ذهبوا إليه من استحداث النص على حظر تشغيل العمال سخرةً (المادة 5) تماشياً مع نص المادة 12 من الدستور، وأيضاً مع اتفاقيات العمل الدولية (الاتفاقية رقم 29 لسنة 1930، والاتفاقية رقم 105 لسنة 1957)

وأحسن معدو المشروع أيضاً فى استحداث النص في المادة (6) على "حظر التمييز فى شروط وظروف العمل بسبب اختلاف الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أن العقيدة، أو الانتماء السياسى، أو الموقع الجغرافى، أو لأى سبب آخر"، وهو أيضاً ما يتوافق مع الدستور (المادة 53)، ونتفق مع تعديل اللجنة المشتركة بإضافة الأقزام في الفقرة الثانية من المادة.

ونرى أن يتضمن النص حظر التمييز فى التدريب والتشغيل أيضاً فضلاً عن شروط وظروف العمل.. حيث يجدر بالذكر أن التمييز ضد المرأة كثيراً ما يحدث- على الأخص - فى التشغيل.. وهو التمييز الذى يصل فى بعض الأحيان إلى النص فى إعلانات الوظائف على قصرها على العاملين من الذكور دون الإناث.

ثالثاً: تيسيراً على العمال استحدث مشروع القانون في المادة (8) منه حكماً بإعفائهم من اشتراط توقيع محام على صحيفة افتتاح الدعوى أو صحيفة الطلبات الموضوعية- كما عمد فى نفس الوقت إلى محاولة الاستجابة لحاجتهم إلى الدعم والمساندة القانونيين بما نصت عليه المادة (162) من إنشاء مكاتب للمساعدة القانونية العمالية فى مقر كل محكمة ابتدائية وبكل مقر أخر تنعقد به المحكمة العمالية.. وهو أمرٌ محمود.. غير أن مشروع القانون قد كف عن التصدي للمشكلة الأبرز التى يعانيها العمال فى هذا الصدد منذ صدور قانون العمل الحالى رقم 12 لسنة 2003، وهى الحكم على العامل رافع الدعوى فى حالة رفضها بالمصروفات القضائية..

 

رابعاً: المادة (12) من مشروع القانون

قامت الحكومة ضمن التعديلات التي قامت بإدخالها على المشروع في نوفمبر 2021، بتخفيض العلاوة الدورية السنوية التي كان منصوصاً عليها بنسبة 7% من الأجر التأميني في مشروع القانون المقدم منها عام 2017، إلى 3% في مشروعها المقر من مجلس الوزراء في نوفمبر الماضي، وقدمت لذلك مبرراً –كما ورد في المذكرة الإيضاحية للتعديلات التي أدخلتها- هو صدور قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019، وأرفقت بمشروعها المعدل كتاب السيد اللواء رئيس الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية إلى السيد/ وزير القوى العاملة رداً على كتابه بشأن إعداد دراسة لحساب المقابل الموازي لنسبة ال 7% من الأجر الأساسي وما يعادلها من نسبة في أجر الاشتراك المنصوص عليه في قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019.

.. غير أن هذا المبرر مردود عليه بما يلي.

  • ورد في كتاب السيد اللواء رئيس الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية ذاته ما يلي:

" أن ما ورد بالفقرة رقم (8) بالمادة الأولى من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019 قد تضمنت تعريفاً لأجر الاشتراك وليس تعريف الأجر الأساسي الذي هو أحد عناصر أجر الاشتراك التأميني، وبناءً على ذلك لم يتغير مفهوم الأجر الأساسي في ظل أحكام القانون المشار إليه.

أن هيكل الأجور بالقطاع الخاص لم يتغير بصدور قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019، فمازال مكون من ذات العناصر (أجور أساسية وأجور متغيرة)، ومن ثم يسهل على منشآت القطاع الخاص تحديد نسبة ال 7% من الأجور الأساسية التي تقوم فعلياً بصرفها شهرياً للعاملين لديها، والتي لا تتأثر بأي حال من الأحوال بأجر الاشتراك التأميني الذي يعتمد على إجمالي أجر الاشتراك."

ومفاد ذلك أن صدور قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 لم يأتِ بجديد يستدعي تعديل مشروع القانون المقدم من الحكومة عام 2017، وهو بالتالي لا ينهض مبرراً لهذا التعديل.

  • من الصحيح أن كتاب الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية قد أشار إلى أنه بالرجوع إلى البيانات الإحصائية بقاعدة بيانات الهيئة يتضح أن متوسط نسبة الأجور الأساسية من أجور اشتراك المؤمن عليهم تقدر بنسبة 40% من إجمالي أجور الاشتراك، وبحساب نسبة ال 7% من أجور الاشتراك الأساسية تبين أنها تمثل حوالي 2,8% من إجمالي أجور اشتراك المؤمن عليهم.

ومن ثم يتضح أن النسبة التقديرية لزيادة ال 7% السنوية للعاملين بالقطاع الخاص تقدر بنسبة 2.8% تقريباً من إجمالي أجر اشتراك المؤمن عليه.

غير أنه ألحق ذلك بأنه "تجدر الإشارة في هذا الصدد بأن تلك النسبة التقديرية هي نسبة تم حسابها وفقاً لأجور اشتراك المؤمن عليهم الواردة على قواعد بيانات الهيئة، ولا تمثل النسبة الحقيقية من أجور جميع العاملين بالقطاع الخاص."

ومفاد ذلك أنه من الصعب حساب النسبة الحقيقية للأجور الأساسية من أجور اشتراك المؤمن عليهم حيث تختلف الأجور المتغيرة اختلافاً كبيراً من منشأة إلى أخرى، كما أن الخبرات السابقة تؤكد أن أصحاب العمل- فيما يقدمونه من بيانات للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية- لا يحتسبون سوى قدرٍ يسيرٍ من الأجر المتغير الذي يتقاضاه العاملون لديهم لتقليل قيمة الاشتراك التأميني الذي يقومون بتأديته للهيئة، بما يعني تخفيض قيمة العلاوة الدورية التي يحصل عليها العاملون لديهم.

  • وأخيراً.. إن مشروع القانون المقدم من الحكومة عام 2017 كان ينص في المادة (12) منه على أن "يستحق العاملون الذين تسري في شأنهم أحكام هذا القانون علاوة سنوية دورية في تاريخ استحقاقها لا تقل عن (7%) من الأجر التأميني..." - وليس الأجر الأساسي-.

خامساً: نرى تعديل المادة (42) من مشروع القانون بتأكيد عدم قيام وكالات استخدام العاملين بإلحاق عمالها لدى منشآت أخرى، كما نرى إلغاء الفقرة الثانية من المادة، حيث أن تقاضي أي مبالغ مالية من العامل يخالف اتفاقيات العمل الدولية.

سادساً: تنص المادة (70) من المشروع على أنه " يبرم عقد العمل الفردي لمدة غير محددة، ويجوز إبرامه لمدة محددة لا تقل عن سنة، كما يجوز باتفاق الطرفين تجديد العقد لمدد أخرى مماثلة"، ونشدد على تعديلها على النحو التالي " يبرم عقد العمل الفردي لمدة غير محددة، ويجوز إبرامه لمدة محددة في حالة القيام بأعمال موسمية أو أنشطة أخرى لا يمكن بحكم طبيعتها أو بحسب العرف اللجوء فيها ابتداءً إلى عقود غير محددة المدة"

وكانت مسودة مشروع القانون الأولى التي صدرت عن وزارة القوى العاملة في يناير 2015 قد عادت إلى جادة الحق وتضمنت النص الذي نقترحه (في المادة 68 منها).

وينبغي هنا توضيح النقاط التالية:

  • أن استخدام العامل بموجب عقد مؤقت فى عمل دائم من أعمال المنشأة ليس سوى افتئات على الواقع.. والتفاف على الحقوق.. ذلك أن صاحب العمل فى هذه الحال لا تتجه نيته حقاً إلى استخدام العامل لمدة محددة، وإنما يستهدف فقط الإمساك فى يده بكافة الخيوط ليكون له فصل العامل والتخلص منه متى شاء تحت مسمى انتهاء العقد محدد المدة دون أن يرتب ذلك للعامل الحقوق التى تترتب له حال فصله تعسفياً.

  • إن القول بحق صاحب العمل فى اختيار نوع العقد الذى يناسبه ينطوى على مغالطة صريحة.. ويمكننا العودة فى هذا الشأن إلى القانون المقارن لنرى كيف تُصاغ التشريعات للحد من ظاهرة العقود المؤقتة، وكيف تنص اتفاقيات العمل الجماعية التى تتفاوض بشأنها وتتفق عليها النقابات والاتحادات النقابية العمالية "الحقيقية، والفاعلة" على تحجيم العقود المؤقتة داخل أطر من القواعد والمعايير الواضحة أو من خلال نسب محدودة من عدد العقود لا يجوز تجاوزها.

إن ما نطالب به هو النص على عدم جواز إبرام عقد العمل لمدة محددة إلا فى حالة القيام بأعمال مؤقتة أو عرضية او موسمية.. حيث يتسق ذلك أيضاً مع التعريفات الواردة فى صدر مشروع القانون لهذه الأنماط من العمل.. وإلا ما قيمة وجدوى إدراج هذه التعريفات إذن.

سابعاً: تنص المادة (71) من المشروع المعدل من قبل مجلس الشيوخ على أن "يعتبر عقد العمل غير محدد المدة منذ إبرامه فى الحالات الآتية:

  1. إذا كان غير مكتوب.

  2. إذا لم ينص العقد على مدته.

  3. إذا كان مبرماً لمدة محددة واتفق الطرفان على تجديده لمدة تزيد فى مجموعها على أربع سنوات.

  4. إذا كان مُبرماً لمدة محددة واستمر الطرفان فى تنفيذه بعد انتهاء هذه المدة دون اتفاق مكتوب بينهما."

ونرى تعديل النص على النحو التالي: "يعتبر عقد العمل غير محدد المدة منذ إبرامه فى الحالات الآتية:

  1. إذا كان غير مكتوب.

  2. إذا لم ينص العقد على مدته.

  3. إذا كان مبرماً لمدة محددة وتم تجديده لمدد أخرى.

  4. إذا كان مبرماً لمدة محددة واستمر الطرفان فى تنفيذه بعد انتهاء هذه المدة دون اتفاق مكتوب بينهما".

ذلك أن المشروع المقدم من الحكومة لا يعد تجديد العقد أكثر من مرة قرينة على أنه عقد غير محدد المدة "مُبَطن" إلا إذا زادت مدد تجديده على ست سنوات.. أى أن صاحب العمل يمكنه ويحق له تشغيل العامل بعقود مؤقتة تتجدد سنوياً لمدة ست سنوات دون أن يعد ذلك عملاً دائماً؟!.. ست سنوات يظل العامل خلالها مفتقداً أمانه الوظيفي، مُهدداً بإنهاء عمله (أو وفقاً للمشروع عدم تجديد العقد) فى نهاية السنة التى تحرر بها العقد المؤقت (محدد المدة).. هل يمكن لهذا العامل أن يطالب بحقٍ ضائع من حقوقه.. أن يتقدم بشكوى إلى مكتب العمل أو مكتب التأمينات الاجتماعية.. ثم هل يمكن لهذا العامل أن يتدرب، أن يسعى إلى تطوير مهاراته والتقدم فى عمله؟!

والجدير بالذكر أن لجنة القوى العاملة بالبرلمان كانت قد حاولت تفادي الانتقادات التى تم توجيهها إلى هذا النص بتخفيض مجموع المدد إلى أربع سنوات، غير أن الحكومة عادت إلى تعديل النص مرة أخرى إلى ست سنوات، ثم عاد مجلس الشيوخ إلى اقتراح أن يكون مجموع المدد في الحالة الثالثة أربع سنوات، غير أننا نرى ذلك غير كافياً ونقترح العودة إلى ما كان ينص عليه قانون العمل القديم رقم 137 لسنة 1981 قبل صدور قانون العمل الحالي.

ثامناً: تنص المادة (77) من مشروع القانون على أنه " إذا عهد صاحب العمل إلى صاحب عمل آخر بتأدية عمل من أعماله، أو جزء منها، وذلك في منطقة عمل واحدة وجب على الأخير أن يسوي بين عماله، وعمال صاحب العمل الأصلي في جميع الحقوق، ويكون الأخير متضامناً معه في الوفاء بجميع الالتزامات التي تفرضها أحكام هذا القانون."

ونرى تعديل النص كما يلي: "إذا عهد صاحب العمل إلى صاحب عمل آخر بتأدية عمل من أعماله، أو جزء منها، وذلك في منطقة عمل واحدة وجب على الأخير أن يسوي بين عماله، وعمال صاحب العمل الأصلي في جميع الحقوق، ويكون الأخير متضامناً معه في الوفاء بجميع الالتزامات التي تفرضها أحكام هذا القانون.

ولا يجوز لصاحب العمل أن يعهد إلى صاحب عمل آخر بتشغيل عماله لديه لتأدية أعمال أو وظائف تعد من الأعمال أو الوظائف الأصلية التي تتصل بنشاط منشأته.

وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز نسبة عمال صاحب العمل الآخر (10%) من عمال صحاب العمل الأصلي".

ذلك أن قانون العمل الجديد ينبغي أن يتصدى للمشكلة التى تضرب فى سوق العمل منتجةً العشرات من منازعات العمل.. حيث ما برح كعب أخيل كامناً فيما تنص عليه المادة 77 من المشروع.

من المؤكد أن النص على المساواة بين العمال فى الحقوق أمرٌ مستحسن وهام- وكان منصوصاً عليه فى قانون العمل الحالى- واعتبار صاحب العمل الأصلى متضامناً فى الوفاء بجميع الالتزامات التى تفرضها أحكام القانون ربما يُمكن العمال من مطالبة صاحب العمل الذى يعملون لديه فعلياً بحقوقهم.. غير أن شركات الخدمات والأمن والحراسة الوهمية ستظل رغم ذلك تمارس دور مقاول الأنفار.. الحكومة تعلم، لكنها تغض الطرف عن مواجهة ممارسات مقاولي الأنفار.

لذلك نقترح إضافة فقرة ثانية إلى نص المادة تحدد الأعمال التى يجوز فيها لصاحب العمل أن يعهد إلى صاحب عمل آخر بتأديتها على ألا تكون من الأعمال أو الوظائف الأصلية التى تتصل بنشاط منشأته، وتشترط ألا تتجاوز نسبة العمال لدى صاحب العمل الآخر 10% من العمال لدى صاحب العمل الأصلي

تاسعاً: المجلس القومي للأجور

يقترح في المادة (79) من مشروع القانون النص فيما يتعلق بتمثيل العمال على " خمسة أعضاء يمثلون المنظمات النقابية العمالية" دون تحديد تنظيم معين وعلى الأخص دون احتكار الاتحاد العام لنقابات العمال "الحكومي" تمثيل العمال، ونشدد على ضرورة تمثيل العمال من خلال منظماتهم النقابية بمختلف تلاوينها لضمان التمثيل الحقيقي للعمال وعلى الأخص العاملين في القطاع الخاص.

كما يُقترح النص في الفقرة الأخيرة من المادة على أنه تنبغي إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور لمواكبة معدلات التضخم وتغير تكاليف المعيشة.

وكذلك النص على إصدار قرار ملزم لكافة الأطراف لضمان فاعلية قرارات المجلس في تحديد الحد الأدنى للأجور، وتماشياً مع اتفاقية العمل الدولية.

عاشراً: تنص المادة (84) من المشروع على أن " يحدد الأجر وفقًا لعقد العمل الفردي، أو اتفاقية العمل الجماعية، أو لائحة المنشأة المعتمدة، فإذا لم يحدد بأي من هذه الطرق استحق العامل أجر المثل إن وجد، وإلا قدر الأجر طبقًا لعرف المهنة في الجهة التي يؤدى فيها العمل، فإن لم يوجد عرف تولى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة العمالية المختصة تقدير الأجر وفقًا لمقتضيات العدالة، مع مراعاة أحكام هذا القانون."

ونرى إضافة معايير أخرى لتحديد الأجر بالنص في أول المادة على أن " يُراعى تدرج الأجر استناداً إلى الحد الأدنى، واحتساب مقابل مؤهل العامل وخبرته وكفاءته وعدد سنوات العمل"

حادي عشر: في المادة (125) نؤكد على تعديل مجلس الشيوخ ونتمسك باختصاص المحكمة العمالية المختصة بتوقيع جزاء الفصل.

ثاني عشر: تنص المادة (133) من مشروع القانون على أنه " إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لأي من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بثلاثة أشهر"

ونؤكد على إلغاء هذه المادة والمواد التي تليها إلى المادة (141) التي تبرر الفصل التعسفي تحت مسمى إنهاء علاقة العمل من جانب صاحب العمل.

 لقد عانينا جميعاً خلال السنوات السابقة من التناقض والالتباس بين أحكام قانون العمل الحالى.. حيث ينص على أن يكون الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة للمحكمة العمالية، ويحدد على سبيل الحصر الحالات التى لا يجوز فصل العامل فى غيرها بينما ينص في فصل انقضاء علاقة العمل على أنه "إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكلٍ من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابةً قبل الإنهاء.

إن النتيجة العملية لهذا الالتباس كانت تتبدى بوضوح أمام المحاكم العمالية.. حيث يتمسك الطرف العمالى بمخالفة قرار فصل العامل لنصوص القانون، بينما يدفع صاحب العمل باستخدامه حقه فى إنهاء علاقة العمل وأحياناً تحكم المحكمة بمخالفة قرار الفصل للقانون.. بينما يصدر الحكم أحياناً معتبراً الأمر إنهاء لعقد العمل من جانب صاحب العمل ولا يستحق العامل فى هذه الحال أكثر من التعويض عن عدم الإخطار قبل الإنهاء (ما يعادل أجر شهرين أو ثلاثة أشهر فى أفضل الأحوال)

لقد كان مفترضاً أو متوقعاً أن يعمد مشروع القانون الجديد إلى تجاوز هذا الالتباس الواضح المعيب فى القانون الحالى.. غير أننا فوجئنا بالمادتين 133، 134 وما يليهما من مواد مشروع القانون تماثل أحكامها تماماً أحكام قانون العمل الحالي من قواعد تنظيم عملية الإنهاء والإخطار..

وواقع الحال أن انتهاء علاقة العمل أو انقضائها لا يكون فى غير الحالات الآتية:

  • انتهاء العلاقة رضاءً (بموافقة الطرفين)

  • إنهاء من جانب صاحب العمل دون موافقة العامل وهو بالضبط الفصل من العمل

  • إنهاء من جانب العامل وهو بالضبط الاستقالة

  • وفاة العامل أو تقاعده أو عجزه عن العمل

لذلك.. فإنه من غير المستساغ إفراد نصوص قانونية لتنظيم إنهاء علاقة العمل من جانب صاحب العمل والعامل خلافاً للنصوص التى تنظم أحكام الفصل والاستقالة.. كما أنه من غير المقبول تبرير ذلك بالقول أن النص هنا ينظم حالات التراضي بين الطرفين.. حيث غنى عن الذكر أن حالات الرضاء لا تستدعى تنظيمها بمثل هذه القواعد والشروط والأحكام.

ثالث عشر: تنص المادة (144) من مشروع القانون المعدلة من قبل مجلس الشيوخ على أنه " للعامل أن يقدم استقالته كتابةً لصاحب العمل بشرط أن تكون موقعة من العامل أو من وكيله الخاص، ومعتمدة من الجهة الإدارية المختصة.

ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة، وعلى العامل أن يستمر في العمل إلى أن تبت جهة عمله في الاستقالة خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمها، وإلا اعتبرت مقبولة بفوات هذه المدة، وللعامل المستقيل أو وكيله الخاص العدول عن الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره بقبول صاحب العمل الاستقالة على أن يكون هذا العدول مكتوباُ ومعتمداً من الجهة الإدارية، وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن".

حيث نؤكد على التمسك بهذا النص الذي تتبدى الحاجة الملحة إليه لمواجهة ظاهرة الاستقالات الموقعة سلفاً التي يحتفظ بها صاحب العمل مصحوبة باستمارة (6) تأمينات.

رابع عشر: تنص المادة (205) من المشروع على أنه "يجب إخطار كل من صاحب العمل، والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل، وذلك بكتاب موصى عليه بعلم الوصول.

وفي جميع الأحوال يتعين أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب، وتاريخ بدايته ونهايته"

ونرى أن اشتراط الإخطار بتاريخ نهاية الإضراب هو اشتراط يعوزه المنطق السليم.. حيث أن العمال لا يضربون بصورة مسرحية أو إعلامية وإنما لحين الاستجابة لمطالبهم وهم بالتالي لا يفترض علمهم المسبق بالمدى الزمني للإضراب..

خامس عشر: تنص المادة (207) من المشروع على أن "يحظر الإضراب أو الدعوة إليه، أو إعلانه في تطبيق أحكام هذا القانون، بالمنشآت الإستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين، ويصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتحديد هذه المنشآت.

وتحظر الدعوة للإضراب أو إعلانه في الظروف الاستثنائية"

ونؤكد على تعديل النص على النحو التالي " يحظر الإضراب أو الدعوة إليه، أو إعلانه في تطبيق أحكام هذا القانون، بالمنشآت التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، ويصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتحديد هذه المنشآت"

حيث يجدر بالذكر أن قسم التشريع بمجلس الدولة قد رأى لدى عرض المشروع عليه أنه يتعين تحديد مفهوم تلك المنشآت، أو بيان معايير تحديدها بموجب القانون، دون الاكتفاء بمجرد تحديدها بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، نظراً لمساس هذا الحكم بأصل الحق.

كما أن تقرير لجنة الخبراء بشأن تطبيق معايير واتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن الحالة المصرية قد تحفظ على "تقييد حق الإضراب فى مؤسسات خدمية لا تعد أساسية وفقاً للتعريف الدقيق لهذا المصطلح".

وفضلاً عن ذلك يتعين حذف الفقرة الأخيرة التي تحظر الدعوة إلى الإضراب أو إعلانه في الظروف الاستثنائية –دون تحديد دقيق أو تعريف قانوني لهذه الظروف الاستثنائية.

 

 

 

أبرز الاستخلاصات: 

 

  • بلغ إجمالي حجم الانتهاكات التي تعرض لها العمال والعاملات خلال عام 2022 في مصر وفقا لما تم رصده بالتقرير (10634) انتهاكاً، تركز الغالبية العظمى منها في القطاع الخاص بما يعادل (9722) انتهاكاً، يليه قطاع الأعمال العام بحوالي (900) انتهاك، ثم القطاع الحكومي (12) انتهاكاً.

  • مثلت الانتهاكات التي شهدتها الانتخابات النقابية العمالية نسبة لا يستهان بها من انتهاكات العام حيث تجاوز عدد المستبعدين من قوائم المرشحين الألف وخمسمائة راغب في الترشح، وتباينت أسباب الاستبعاد الحقيقية– وفقاً للمستبعدين - بين اعتبارات لدى أجهزة الأمن- وإن كانت في معظم الأحوال غير مفهومة وغير مبررة-واعتبارات لصالح رجالات الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي" سواء باستبعاد مرشحي اللجان النقابية المستقلة أو باستبعاد المرشحين المنافسين لانتخابات مجالس إدارات اللجان النقابية التابعة للاتحاد نفسه، وأحياناً لاعتبارات شخصية أو انتقامية.

  • لم يزل عددٌ من المنظمات النقابية المستقلة معلقةً أوضاعها، بالرغم من صحة إجراءات تأسيسها وفقاً للقانون، واكتمال أوراقها ومستنداتها، لامتناع مديريات القوى العاملة عن قبول إيداع أوراقها وتحرير محضر الإيداع، أو عدم استطاعتها عقد جمعياتها العمومية، أو عدم حصولها على الخطابات اللازمة لإشهارها في جريدة الوقائع المصرية أو فتح حساباتها البنكية وتسيير أعمالها، أو مخاطبة الجهات الرسمية.

  • تؤدي مواد تقييد الإضراب الواردة في قانون العمل تحت مسمى تنظيمه إلى تعرض العمال وقياداتهم النقابية للفصل التعسفي على سندٍ من القول بمخالفتهم الضوابط الواردة في القانون، وقد بلغ عدد العمال الذين تعرضوا للفصل التعسفي نحو 94 عاملاً ينتمون إلى شركتي يونيفرسال وبيتونيل وهي شركات قطاع خاص صناعية، وقد شملت إجراءات الفصل جميع مؤسسي المنظمات النقابية في هاتين الشركتين وأعضاء مجالسها التنفيذية.

  • رغم ما تعانيه العمالة غير المنتظمة من شروط عمل قاسية وحرمان من كافة صور الحماية القانونية والاجتماعية، كان من الصعب رصد ما تتعرض له من انتهاكات، حيث لم تزل مشكلة تسجيل العمالة غير المنتظمة وحصرها دون حل، ولم ينجح قانون العمل الحالي الساري، وأيضاً مشروع قانون العمل المقدم من الحكومة في التصدي الجاد لهذه المشكلة. عجز التقرير عن رصد ما تعانيه "العمالة غير المنتظمة" من انتهاكات جمة بكافة القطاعات

  • تواجه عمليات الرصد مشكلة أخرى تتعلق بالانتهاكات التي تتعرض لها النساء العاملات، ذلك أن وسائل الإعلام والمهتمين بالشأن العمالي بتلاوينهم، لا يميزون لدى تناولهم الوقائع العمالية بين "العاملات والعمال. حيث يرد ذكرهم جميعاً "كعمال" وبالتالي تقصر الإحصاءات عن رصد الانتهاكات التي تتعرض لها النساء.، وبسببٍ من ذلك لم يتمكن هذا التقرير من رصد طبيعة ما تتعرض له النساء من انتهاكات داخل مواقع العمل المختلفة اللهم إلا في شركة "وبريات سمنود" وعاملات وممرضات “مستشفى قويسنا ومستشفى إيتاي البارود".

على أنه تجدر الإشارة إلى أن بيانات صادرة في شهر يوليو 2022 عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قد أظهرت فجوة نوعية واضحة في نمو متوسط الأجور الأسبوعية بين النساء والرجال تجاوزت 13% في القطاع الخاص و24% في القطاعين العام والأعمال العام، حيث تراجعت مستويات أجور النساء الأسبوعية في قطاعي الأعمال والعام بمتوسط قدره 226 جنيهًا، وفي "الخاص" بمتوسط قدره 24 جنيهًا، ونمت أجور الذكور بمتوسط قدره 38 جنيهًا في القطاع الخاص، وتراجعت بمتوسط قدره 89 جنيهًا في "العام" و"الأعمال العام" 

وتبعًا لنفس البيانات، بلغ متوسط الأجر الأسبوعي للنساء في "القطاع الخاص" 721 جنيهًا، مقابل 949 للذكور، فيما بلغ متوسط الأجر الأسبوعي للنساء في "الأعمال العام" و"العام" 1687 جنيهًا مقابل 1911 للذكور. 

  • رغم إنشاء المجلس الأعلى للحوار المجتمعي بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 799 لسنة 2018، ورغم مداولات الحكومة (وزارة القوى العاملة) مع منظمة العمل الدولية بشأن تطوير تشكيل المجلس واختصاصاته من أجل تفعيله، لم يزل الحوار المجتمعي غائباً.

ذلك إن تطوير الحوار والمفاوضة الجماعيين والمجتمعيين لا يمكن أن يتحقق دون توفر آلياتهم الديمقراطية التي لا غنى عنها.. دون تمتع كافة الأطراف الاجتماعية بحقها في التنظيم المستقل دون قيود.

  • الحوار الدائر داخل أوساط العمال والمهتمين بالشأن العمالي حول "قانون العمل الجديد" يعد الحوار العمالي الأهم خلال 2022 وإن لم يجد آذاناً صاغية لدى القائمين على إصدار القانون حتى الآن، حيث طالب المهتمون بالشأن العمالي، بضرورة دعوة "لجنة القوى العاملة بمجلس النواب" إلى تنظيم جلسات استماع تتسع لكافة المخاطبين بأحكام القانون، وكافة الأطراف الاجتماعية والمهتمين بالشأن العمالي، وإذا كانت مناقشة المشروع قد توقفت الآن في مجلس النواب، فإن المطالب بحق العمال ومنظماتهم المستقلة وحق الجميع في المشاركة في حوار مجتمعي جاد بشأن قانون العمل لن تتوقف.

وتتمحور أبرز قضايا مشروع قانون العمل التي يتم طرحها ومناقشتها من قبل العمال والقيادات النقابية والمهتمين بالشأن العمالي حول الأجور، والأمان الوظيفي.

  • رغم ما نص عليه قانون العمل رقم 12 لعام 2003 في الكتاب الخامس منه من إلزام المنشآت بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل في أماكن العمل، واتخاذ جميع الاحتياطات والتدابير اللازمة للوقاية من كافة أنواع المخاطر، والتزام المنشآت بإجراء تقييم وتحليل للمخاطر والكوارث الصناعية والطبيعية المتوقعة وإعداد خطة طوارئ لحماية المنشأة والعمال بها عند وقوع الكارثة، على أن يتم اختبار فاعلية هذه الخطة وإجراء بيانات عملية عليها للتأكد من كفاءتها وتدريب العمال عليها. إلا أن نتائج الرصد قد تضمنت تعرض 29 عاملاً لإصابات ناجمة عن تدني أو انعدام مستوى تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية، فضلاً عن حوادث الطرق الكثيرة التي يتعرض لها العمال – وعلى الأخص الأطفال- أثناء توجههم إلى أعمالهم بوسائل انتقال غير آمنة.

وواقع الحال أن الكثير من إصابات العمل الفردية أو التي تتعلق بعدد صغير من العمال لا يتم رصدها أو إحصائها، رغم كونها واقعاً متكرراً شبه يومي.

ومرة أخرى. يشير غياب إجراءات السلامة والصحة المهنية أو قصورها الشديد إلى مشاكل قلة أعداد مفتشي العمل أو انخفاض كفاءتهم، أو بيروقراطية الأداء والاكتفاء باستيفاء الأوراق دون اتخاذ إجراءات عملية، ولا يمكن في هذا الصدد أيضاً استبعاد احتمالات الفساد مع انعدام الشفافية.

القاهرة

28 فبراير 2023

 


· يستند هذا التقدير إلى عدد التظلمات التي تقدم بها المستبعدون وفقاً لحصر وزارة القوى العاملة.

· مع بدايات عام 2023 أعلنت الحكومة عن خطتها التصرف في اثنتي وثلاثين شركة تضمنت ثلاثة بنوك، وشركتي تأمين كبيرتين، وذلك بالبيع لمستثمر رئيسي أو قيدها وطرح أسهمها في البورصة.

· في 22/12/2022.

· ملاحظات "لجنة الخبراء بشأن تطبيق الاتفاقيات والتوصيات بمنظمة العمل الدولية" [CEACR].