القابضات على الجمر

مقالات
الأحد, فبراير 21, 2016 - 16:47

في بداية السبعينات اشتعلت الجامعات المصرية، وعبر مجلات الحائط ومظاهرات الطلاب ارتفعت شعارات الحركة الطلابية، وترددت أصداءها في الشوارع ، وفي جنبات الحواري المصرية شعارات تطالب بتحرير الأرض وتحرير الإنسان، وجوه كثيرة برزت وكثيرين منهم ومنهن عرفوا زنازين السجون .

في الثمانينات تعرفت على ماجدة عدلي وعايدة سيف الدولة ، ماجدة كانت تقضي طوال يومها بين عيادتها التي افتتحتها في إحدى المناطق الشعبية بشبرا الخيمة لعلاج الفقراء بأجر رمزي وبين نشاطها السياسي، وعايدة كواحدة من أبرز المدافعات عن حقوق المرأة، جمعتنا صداقة طويلة وعشنا أوقات طيبة وفترات صعبة، تشاركنا الفرح والألم.. وهموم الحياة، ومشاكل أبناءنا، اتفقنا واختلفنا، وبقي بيننا التمسك بالحلم والأمل في وطن تسوده العدالة ويتمتع أبناءه بالحرية..

ذلك الحلم الذي جعل عايدة وماجدة منذ تخرجهن من كلية الطب يهجرن طريق الثروة الممهد أمامهن بحكم تخصصاتهن ، ويكملن نضالهن الذي بدأنهن في الحركة الطلابية.

ومنذ عشرين عاماً بدأت ماجدة وعايدة ومعهن الدكتورة سوزان فياض مشوار النديم مركزاً لعلاج وتأهيل ضحايا العنف، وعلى مدار السنوات العشرين الماضية واصل فريق عمل النديم تقديم رسالته للضحايا (في الدفاع عن ضحايا العنف وتأهيلهم نفسياً) .  

فاضت سجلات النديم وصفحات تقاريره بأوجاع المعذبين وأنين المقهورين.. مهمة جعلت النديم في مواجهة سلطة، آخر شئ تهتم به هو كرامة المواطن، وأول شيء تقوم به عند إلقاء القبض على أي مواطن هو كسر نفسه وإذلاله عبر أساليب وحشية أبدعوا فيها، وكان طبيعياً أن يصبح النديم مستهدفاً، وأن يتعرض لمحاولات كثيرة ليس آخرها ما يحدث الآن من أجل إسكات صوته، وعلى الجانب الآخر أصبح النديم ملاذاً للمعذبين في بلدنا .

واكتسب النديم مصداقية عالية من خلال أدائه المهني المتميز وأصبحت تقارير النديم تلقى اهتماماً وتقديراً كبيرين من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.

 تتصور السلطة أن النديم مركزاً يمكن إسكات صوته بإغلاق مقره، وبالطبع لا يمكن لسلطة تُسقط القانون ولا تحتكم إلا للقوة، أن تستوعب أن النديم هو فكرة وصوت لن يستطيعوا إسكاته حتى لو أغلقوا مقره.

  وستبقى ماجدة وعايدة كما عرفتهن عاشقات للعدل والحرية قابضات على حلمهن. 

 

                                                    كمال عباس

                                                المنسق العام لدار الخدمات النقابية

إضافة تعليق جديد