الكتلة العمالية تؤكد على عدم مشاركتها فى الانتخابات البرلمانية .. قرارات تنظيم الانتخابات انكار لحق العاملين بأجر فى الترشح للانتخابات

أخبار
الخميس, فبراير 12, 2015 - 22:37

ا

فى اجتماع سكرتارياتها الموسع انتهت الكتلة العمالية إلى التاكيد على عدم مشاركتها فى الانتخابات البرلمانية الوشيكة تأسيساً على الاعتبارات التالية:

    توجهات الأجهزة القمعية والتى وصلت الى التعامل مع الدماء المصرية بإستهانة غير مسبوقة ، والتى كان اخرها قتل 22 شهيدا من مشجعى التراس نادى الزمالك يوم الاحد الماضى بدم بارد فيما عرف بمذبحة استاد الدفاع الجوى ، مما يضع العديد من علامات الاستفهام حول نزاهة المعركة الانتخابية القادمة..

    ارتفاع وتيرة مواجهة الإحتجاجات العمالية بالمزيد من القمع والتى كان اخرها امس بالاعتداءعلى اضراب عمال التعبئة بشركة اسمنت طرة ، وتكرار عمليات التنكيل وفصل القيادات العماليةالشريفة المحسوبة على ثورة يناير المجيدة كما حدث فى شركة غزل المحلة وفصل 17 من موظفى هيئة البريد خلال الاسبوع قبل الماضى ..

    تجاهل السلطات الحاكمة مطالبات التيار التحالف الديمقراطى- الذى يضم الكتلة العمالية – بشأن إلغاء القيود المفروضة على حقوق التجمع والتظاهر السلمى ، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان وتوفير الحد الأدنى من المناخ الديمقراطى اللازم لإجراء الانتخابات البرلمانية-  بل وعدم الالتفات إلى هذه المطالبات واجراء اى حوار جدى بشأنها فيما يعد مؤشراً جديداً على استمرار التوجه السلبى السائد نحو القوى السياسية الديمقراطية ، وانسداد قنوات الحوار السياسى والمجتمعى.

    المنحى الذى اتخذته قرارات تنظيم الانتخابات التشريعية- فضلاً عن قوانينها ذاتها- فيما تضمنته من إلزام المرشح الفردى بسداد ما يزيد على السبعة آلاف جنيه – تأمين ورسوم كشف طبى- لمجرد التقدم للترشح.. دون مبرر أو مقابل منطقى- حيث انطوت  هذه القرارات على انحياز واضح ضد محدودى الدخل- وفى مقدمتهم العاملين بأجر- ، وإنكار لحقهم فى الترشح للانتخابات- علىالأخص- وقد توافق ذلك مع امتلاء الصورة ببعض كبار رجال الأعمال من أبرز رموز نظام مبارك، ومظاهر الدعاية الانتخابية الفاخرة التى تبدت فى الشوارع – فارغة المضمون ومنذرة بمعركة أداتها ومعيارها الوحيد المال.

إن هذا المنحى – سالف الذكر- لم يتبدَ فجأة كإجراء منفرد بغير سياق ، وإنما جاء- للأسف- وكأنه تعبيراً عن توجه – لم يعد ممكناً أن تخطئه العين- لا ينحاز للعمال والطبقات الشعبية.. بل أنه ينحاز ضدهم بوضوح.. أوأنه على الأقل لا يأخذهم فى الاعتبار..

لقد قبل العمال المصريون بالتنازل عن نسبة الخمسين فى المائة فى المجالس التمثيلية إبان إقرار الدستور الجديد نزولاً على التوافق الوطنى آنذاك، واقتناعاً منهم بأن الحريات النقابية وحقهم فى تنظيم نقاباتهم بحرية هى الضمانات الأهم للتعبير عن مصالحهم ومشاركتهم فى صنع القرارات السياسية والاقتصادية أو على الأقل تأثيرهم عليها.. غير أننا فوجئنا بلجنة الإصلاح التشريعى تعود بمقترح قانون النقابات العمالية إلى مشروع الإخوان الذى كنا قد سبقنا إلى رفضه، وبحملة موجهة على النقابات المستقلة تتضافر مع محاولات استعادة الصيغة القديمة.. صيغة التنظيم النقابى لنظام مبارك .. كمؤسسة من مؤسسات النظام، وأداته للهيمنة على الحركة العماليةومصادرتها لصالحه.

    رغم أن العدالة الاجتماعية كانت أهم مطالبات ثورة يناير 2011.. فيما كانت معاناة الشعب المصرى  "الذى لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به" من أسباب الموجة الثالثة للثورة فى 30 يونيو.. لازالت القطاعات الواسعة من الشعب المصرى- وفى مقدمتها العمال المصريون- لا ترى دليلاً على أخذها فى الاعتبار أو الاهتمام بحقوقها ومطالبها..

ومرةً أخرى.. أو للمرة الألف.. إننا نعرف ونقدر الأزمة الاقتصادية التى مرت بها بلادنا بكافة مفرداتها.. كما أننا نقدر ضرورات الحرب على الإرهاب.. غير أن ما يحتاج إليه العمال والقطاعات العريضة من شعبنا هو العدالة.. إذا كان علينا أن ندفع الثمن فليدفعه الجميع كل وفق قدراته.. إذا كان العمال مطالبون بالصبر فلماذا لا يصبر الذين يطالبون بعرق العمال وأجورهم المتدنية حوافزٍ للاستثمار.. لماذا لا تكون المفاوضة الجماعية بما تكفله من تهدئة الساحة العمالية هى الحافز الأكثر استقراراًوعدلاً للاستثمار بدلاً من قمع العمال وحرمانهم من تنظيم أنفسهم فى نقاابات فاعلة..

لماذا ننتقى من متطلبات الاصلاح الاقتصادى تغيير نظم الدعم ، ونستعد للمؤتمر الاقتصادى بتوحيد سعرالجنيه- بكل ما يعنيه من مضاعفة الأسعار- بينما نتجاوز عن متطلبات الشفافية ومعاييرها المطلوبة.. لماذا تتعثر محاولات إصلاح شركات قطاع الأعمال العام.. ولماذا التمسك بمن قادوها إلى الخراب والانهيار فى مواقعهم.. لماذا يتوقف تشغيل الشركات التى عادت إلى ملكية الدولة.. لماذا يتم اضطهاد القيادات العمالية الذين يقاومون سوء الإدارة والفساد.

  إن قوانين الانتخابات البرلمانية فيما أقرته من أغلبية كاسحة للمقاعد الفردية مع حرمان القياداتالعمالية ومحدودى الدخل بصفة عامة من الترشح لهذه المقاعد فى معركة يبدو أن المال سوف يكون عنصرها الحاسم.. بدءاً من رسوم التأمين والكشف الطبى، وانتهاءً بالملايين التى سوف يتم انفاقها على شراء الأصوات بصورة مباشرة وغير مباشرة.. تجعل من تمثيل العمال أو من يتبنون الدفاع عن مصالحهم  فى هذا البرلمان أمراً مستحيلاً.. على الأخص فى ظل أجواء الاحباط التى تسود أغلبية واضحة من قطاعات شعبنا تنذر بإحجام غير المنتمين إلى جماعات المصالح عن المشاركة الفاعلة فى التصويت... حيث نعود فيما يبدو إلى التصويت المحدود للكتل التصويتية التقليدية التى كانت تحتكر قوائم التصويت قبل إدراج الناخبين ببطاقة الرقم القومى بعد ثورة يناير..

لقد جعل الاحباط يتجاوز دوائر الشباب الذين انحسر لديهم حلم الثورة والحرية إلى قطاعات أوسع من شعبنا تراجعت لديهم امال العيش والعدالة الانسانية والكرامة الانسانية.. حيث عمدت إلى تعزيز هذا الاحباط الرسائل الواضحة- المقصودة فيما يبدو- بظهور بعض الرموز الأسوأ لنظام مبارك وبينهم رموز "اتحاد نقابات العمال الرسمى!"

إن الكتلة العمالية إذ ترى فى هذا السياق كله والمناخ الذى يشيعه وضعاً تصعب معه المشاركة فى الانتخابات البرلمانية. تؤكد على استمرار دورها الذى انشئت من أجله كجماعة ضغط من أجل الحقوقالعمالية قبل وبعد الانتخابات البرلمانية.. كما أنها تؤكد أن ذلك لا يعنى العزوف عن التفاعل والاشتباك مع مفردات الحياة السياسية للاستفادة من فرصها وتحدى مخاطرها.

إن الكتلة العمالية إذ ترى فى الأوضاع الموضحة عاليه مناخاً غير مشجع على المشاركة فى الانتخابات البرلمانية.. وإذ تؤكد مطالبتها بتحقيق مطالبها الديمقراطية- على الأخص- برفع القيود على حقوق التجمع والتظاهر السلمى، وتعديل قانون الانتخابات- فضلاً عن إقرار قانون يكفل الحريات النقابية غير المنقوصة ووقف محاولات الهجوم والالتفاف على حق العمال فى تكوين نقاباتهم المستقلة الذى انتزعوه عبر نضالاتهم الطويلة قبل وبعد ثورة يناير2011.. يهمها أن توضح عدم إدانتها لأى فريق سياسى يقرر التصدى لهذه القيود بخوض الانتخابات البرلمانية.. وتدعو كافة القوى الديمقراطية إلى العمل معاً من أجل تحقيق مطالب شعبنا فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.

إننا جميعاً لا نراهن على البرلمان القادم.. ونعرف مقدماً أنه لن يكون بحال برلمان الثورة أو برلمان الشعب.. لكننا ينبغى أن نراهن على مستقبل شعبنا وحقه فى الحرية والعدالة.. حيث لا ينبغى أن تكون الانتخابات إذن سبباً للخلاف والإضعاف، وإنما مناسبة لتطوير العمل المشترك على المبادئ التى لا تقبل الخلاف.

 

الأربعاء 12 فبراير 2015

cleardot.gif

إضافة تعليق جديد