في حلقة نقاشية عقدتها دار الخدمات النقابية أمس الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 لتفسير منطوق حكم القضاء الإداري التاريخي، القاضي بإلغاء شرط الانضمام للنقابات العمالية، في سبيل استخراج رخصة القيادة المهنية، وذلك بمشاركة عدد من ممثلي النقابات المستقلة وخاصة في قطاع النقل البرى وقيادات اتحاد تضامن وممثلى أمانات العمال بالأحزاب.
وكانت محكمة القضاء الإداري في 26 يونيو 2024، قضت في حكم أول من نوعه، بإلغاء شرط الانتساب إلى إحدى النقابات العمالية أو فروعها، الذي كانت تفرضه لائحة قانون المرور على السائقين كشرط للحصول على رخصة مهنية.
وقبيل ذلك رفعت دار الخدمات النقابية في 19 نوفمبر 2023، دعوتين منفصلتين رقم 13205، 13207 لسنة 78 ق، لكل من خليل رزق خليل، ومصطفى صلاح محمد، يعملان كسائقين، ضد كل من: وزير الداخلية، ومدير الإدارة العامة للمرور - بصفتهما - طالبت فيهما بإلغاء القرار الإداري المستند إلى المادة 254 من اللائحة التنفيذية رقم 1613 لسنة 2008، لقانون المرور، والمتمثل في اشتراط الإدارة العامة للمرور، بانضمام السائق – المدعي- إلى النقابة العامة، أو أحد فروعها حتى يتسنى له تجديد رخصته المهنية، مما يستتبع آثاراً قانونية أهمها الإجبار النقابي، ونزع حق الاختيار عن العمال.
بينما أشاد الحضور بالحكم، ودعوا لتنفيذه، تساءل بعضهم عن معناه، وآلية تنفيذه، خصوصا في ظل أن الحكم قابل للطعن عبر المحكمة الإدارية العليا، وبحسب الفريق القانوني للدار الذى أكد على أن أحكام المحكمة الإدارية العليا استقرت على أن الطعن في حكم محكمة القضاء الإدارى لا يوقف تنفيذه، وعليه فإن الحكم ساري، ويجب الالتزام به، حتى لو تم الطعن عليه في المحكمة الأعلى درجة، وذلك وفقا لأحكام إدارية عليا سابقة.
وتخالف مادة اللائحة أحد اهم أركان الحريات النقابية، وهي حق العمال في الاختيار للانضمام للنقابات، وحرية انشاءها، وذلك بحسب منسق الدار كمال عباس، الذي اعتبر الحكم بمثابة رد اعتبار للعمال، الذي أهدرت النقابات المناوئة للسلطة حقوقهم.
كما يضرب الحكم في إشكالية الاتحاد الواحد، ويفتح إمكانية خلق نقابات حقيقية مستقلة، تعمل على تحسين شروط العمل، بكل ما يستتبعه من حقوق للعمال، خصوصا السائقين، الذين ينتمون عادة لقطاع العمالة غير المنتظمة، التي لا تحظى بحماية اجتماعية حقيقية أهمها التأمين الصحي وإصابات العمل، وفقا لمنسق الدار.
بالتوازي أوضح الفريق القانوني للدار أن المحكمة أقرت في حكمها أن شرط الإجبار على الانضمام للنقابة، الذي تفرضه اللائحة التنفيذية لقانون المرور، شرطا مستحدثا، لم ينص عليه القانون رقم 66 لسنة 1973، وبما يخل بالدستور الذي ينص في مادته رقم 170، على أن إصدار اللوائح، لا يجب أن يتضمن تعديلا لحكم القانون، أو تعطيلا لمقتضاه، أو حتى إعفاء من تنفيذه.
في حين يتسق حكم المحكمة مع ما نصت عليه المادة 4 من قانون المنظمات النقابية -العمالية، رقم 213 لسنة 2017 الذي ينص على: "للعمال دون تمييز الحق في تكوين المنظمات النقابية، ولهم كذلك حرية الانضمام إليها، أو الانسحاب منها، وذلك وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في هذا القانون، ولائحته التنفيذية".
وأشاد الفريق بهيئة المحكمة التي قامت بصياغة الحكم بدقة بالغة، وسببته، مما يجعله محصنا بشكل كبير، في حالة الطعن عليه، والذي لا يمنع تنفيذه، وذلك بعكس ما أوردته النقابة العامة للنقل البري، في بيانها الصادر في 9 سبتمبر 2024، حيث ادعت على غير الحقيقة أن الحكم طعن عليه، وتم إيقاف تنفيذه.
كما أكد الفريق القانوني على أن الحكم ليس شخصيا، فلا ينطبق على أصحاب الدعوى فقط، وذلك وفقا للقاعدة القانونية الفقهية، فأحكام الإلغاء ليست شخصية، كما هو الحال مع أحكام التعويض.
وردا على تساؤلات المشاركين حول كيفية تطبيق القرار، تم التوافق على مجموعة من القرارات للضغط من اجل تنفيذ الحكم، والذي يبدأ بإعلام لكل من وزارة الداخلية، وإدارة المرور، عبر هيئة الدفاع الخاصة بهم، والمتمثلة في مجلس هيئة قضايا الدولة، كما أوضح أن الامتناع عن تنفيذ الحكم من جانب الموظف المسئول فإن ذلك يعرضه للمساءلة الجنائية بتهمة امتناعه عن تنفيذ حكم قضائي.
وفي ختام النقاش دعت دار الخدمات النقابية لتكثيف الضغوط الإعلامية، والنيابية، الممكنة، لتفعيل الحكم القانوني، الذي يؤسس إلى حرية الاختيار الإنساني عموما، ويدعم فرص تفعيل العمل النقابي بشكل مستقل عن السلطة.