بحضور عديد من القيادات النقابية والعمالية وممثلى الأحزاب وعدد من أعضاء البرلمان.. إستمرار أعمال المائدة المستديرة بشأن مشروع قانون العمل
روابط البث المباشر ومرفق ورقة موقفنا بشأن الصياغة النهائية لمشروع قانون العمل 23 فبراير 2025
https://www.facebook.com/share/v/1B9uxW5PiD/
بحضور نواب وقيادات نقابية وشخصيات عامة
دار الخدمات النقابية تناقش مشروع قانون العمل
عقدت دار الخدمات النقابية أمس الاثنين 24 فبراير 2025 مائدة مستديرة ناقشت خلالها ورقتها البحثية بشأن مواد مشروع قانون العمل، والتي جاءت تحت عنوان: "موقفنا بشأن الصياغة النهائية لمشروع قانون العمل الجديد".
شارك فى أعمال المائدة كل من وزير العمل الأسبق د/أحمد البرعي، فضلا عن أعضاء مجلس النواب: ا/سناء السعيد، أ/ريهام عبد النبي، أ/سميرة الجزار، وم/ إيهاب منصور عن الحزب الديمقراطى الاجتماعى، وكذلك أ/عاطف مغاوري، أ/أحمد بلال عن حزب التجمع، إلى جانب عضو مجلس الشيوخ ونائب الحزب الديمقراطى الاجتماعى المستشار القانوني د/محمد طه، فضلا عن مجموعة من ممثلي الأحزاب السياسية، وممثلي مكاتب العمال، قيادات عمالية ونقابية، وشخصيات عامة.
موقفنا بشأن القانون
افتتح اللقاء المنسق العام لدار الخدمات كمال عباس عبر استعراض ورقة الدار التي تتناول الموقف من أهم مواد القانون الجديد، الذي أحالته لجنة القوى العاملة بالبرلمان إلى الجلسة العامة لتبدأ مناقشته الأسبوع الجاري.
خلال اللقاء ركز عباس على اهم النقاط الخلافية في القانون، والذي حاول تلخيصها في عدد من النقاط منها:
- الأمان الوظيفي: منح القانون صاحب العمل الحق في اختيار نوع العقد كونه مؤقت أم دائم، وهو ما يمثل مغالطة كبيرة. ويمكن الاسترشاد بالقانون المقارن الذي يوضح كيفية وضع تشريعات تحد من انتشار العقود المؤقتة، حيث تنص اتفاقيات العمل الجماعية، التي تتفاوض عليها النقابات العمالية الفاعلة، على تقييد هذه العقود بنسب محددة وأطر تنظيمية واضحة. ويدعو الخبراء إلى حصر العقود المحددة المدة في الأعمال المؤقتة أو الموسمية فقط، تماشياً مع التعريفات الواردة في مشروع القانون، مؤكدين أن ذلك يحقق التوازن بين مصالح الأطراف المعنية.
- إنهاء علاقة العمل: عانى العمال خلال السنوات الماضية من تناقضات في قانون العمل الحالي، حيث ينص على أن اختصاص فصل العامل يعود للمحكمة العمالية، مع تحديد حالات محددة لا يجوز فيها الفصل. إلا أن القانون أيضاً يسمح بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة من أي من الطرفين بشرط الإخطار الكتابي.
هذا الالتباس يتجلى في قضايا المحاكم العمالية، حيث يجادل العمال بمخالفة قرار الفصل للقانون، بينما يدافع أصحاب العمل عن حقهم في إنهاء العقد. وتتراوح الأحكام بين اعتبار الفصل مخالفاً للقانون أو مجرد إنهاء للعقد، مما يحد من تعويض العامل إلى شهرين أو ثلاثة أشهر كحد أقصى.
وكان يُفترض أن يتجاوز مشروع القانون الجديد هذه الإشكاليات، لكن المواد 154 و156 وما يليها أعادت نفس أحكام القانون الحالي، مما أثار استياءً واسعاً. وينص القانون على أن إنهاء علاقة العمل لا يكون إلا في حالات محددة، مثل الاتفاق بين الطرفين، أو الفصل من جانب صاحب العمل، أو الاستقالة من جانب العامل، أو حالات الوفاة أو التقاعد أو العجز.
- الأجور: لا يوفر القانون الجديد وضع حد أدنى للأجور وبما يضمن استقرار علاقات العمل، حيث يجب أن يغطي جميع القطاعات ويزداد سنوياً وفقاً لمعدل التضخم. ويُقترح تعريفه كحد يلبي الاحتياجات الأساسية للعمال وعائلاتهم، مع إضافة معايير مثل المؤهل والخبرة لتحديد الأجر، وعدم احتساب اشتراكات التأمين ضمنه، ومنع أي استثناءات تسمح بالتنصل من هذه الالتزامات، فضلا عن تخفيض مواد القانون للعلاوة الدورية من 7% إلى 3% بما ينتقص من حقوق العمال التي اكتسبوها عبر نضالاتهم على مدار سنوات.
- العمالة المنزلية: استبعاد القانون في مادته الأولى العمالة المنزلية كحال القانون القديم، حيث لا يزال هناك إصرار على اعتبارها علاقة تبعية شخصية يُطلق عليها "الصلة المباشرة بين هؤلاء العمال ومخدوميهم"، بما لا يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية، وكذلك الدستور المصري.
وكالات الاستخدام: يكرس القانون الجديد لتغول عمل وكالات الاستخدام وعليه تطالب الورقة بعدم جواز قيام شركات التوظيف بتشغيل العمال أو تقاضي أي مبالغ مالية منهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بعد التحاقهم بالعمل، حيث يُسمح لها فقط بتقاضي أجرها من صاحب العمل، وذلك للتماشي مع اتفاقية العمل الدولية.
كما يجب منع صاحب العمل من تكليف شركة أخرى بتشغيل عماله لأداء أعمال أساسية مرتبطة بنشاط منشأته الأصلية، مع تحديد ألا تتجاوز نسبة العمال المُشغلين من قبل الشركة الأخرى 10% من إجمالي عمال المنشأة الأصلية، وذلك لضمان حماية حقوق العمال ومنع استغلالهم.
العمالة غير المنتظمة: رغم أن مشروع القانون يهدف إلى دعم العمالة غير المنتظمة وحمايتها، إلا أن الآليات المقترحة غير كافية. فمعضلة تسجيل هذه العمالة ما زالت قائمة، حيث لم يتجاوز عدد المسجلين مليوني عامل، بينما يقدر عدد العاملين في هذا القطاع بـ 13 مليوناً وفقاً لأقل الإحصاءات.
كما يجب إلزام أصحاب العمل الذين يشغلون عمالة غير منتظمة بإمساك سجلات تُسجل فيها أسماء العمال، ومدة عملهم، وعدد ساعاته، ويبقى تسهيل تكوين منظمات نقابية عاملاً حاسماً في تحسين أوضاع العمالة غير المنتظمة.
الإضراب: فيما يتعلق بتعريف المفوض العمالي، يُقترح تبسيط الإجراءات بدلاً من اشتراط التسجيل في مكاتب الشهر العقاري، بحيث يكفي إثبات إرادة العمال عبر محضر يحرر بمكتب العمل المختص.
أما بالنسبة لنصوص الإضراب، يحظر المشروع الإضراب في المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية أو في الظروف الاستثنائية، مع اشتراط إخطار صاحب العمل والجهة الإدارية قبل 10 أيام من الإضراب. إلا أن هذه الشروط تعتبر تعجيزية، خاصة أن الإضرابات عادة ما تكون نتيجة مطالب ملحة تتعلق بحياة العمال وعائلاتهم.
الكتاب الدوري
خلال اللقاء نوهت د/ أمل عبد الحميد عن صدور الكتاب الدوري رقم 2 لسنة 2025، قبل أمس، من قبل وزارة العمل، والذي يحدد الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بـ 7000 جنيه قبل الاستقطاعات، مثل اشتراكات التأمينات والضرائب على الدخل. فيما لا يأتي الكتاب على ذكر حصة صاحب العمل في التأمينات ضمن هذا الحد، مع عدم السماح بأي استثناءات لأي منشأة.
من جانب آخر لا توجد زيادة لأجور العاملين بالحكومة، ولا وضوح حول زيادات يوليو القادم حسب الكتاب، كما يتوقع تأخير زيادة المعاشات إلى يوليو المقبل، بدلا من مارس أو أبريل كحال العامين الماضيين.
الحرية النقابية ضرورة
أعقب استعراض الورقة البحثية تعقيبات الحضور والتي شارك فيها الوزير الأسبق د/ أحمد البرعي بتحذيره من أن الوقت غير ملائم لتمرير قانون جديد للعمل، في ظل علاقات عمل هشة بالأساس، ووضع اجتماعي واقتصادي شديد التعقيد، والتوتر.
تطرق د/ البرعي إلى إشكالية الإضراب التي أصبحت شبه مجرمة عبر القانون القديم، والجديد، مؤكدا شرعيتها كأداة للاحتجاج، سبق للمحكمة تشريعها في حكمها الشهير بحق إضراب عمال السكة الحديد عام 1987، واعتبر أن تجاهل القانون لهذا الحق يزيد من تعقيد علاقات العمل.
اعتبر د/ البرعي أن عقود العمل الجماعية هي المخرج الحقيقي لسوق العمل المصري حيث سيحقق التوازن بين أطراف العمل، وبما ينعكس على الوضع الاقتصادي الاجتماعي، في حين أن كافة القطاعات لم تنجح في تحقيق عقد واحد على مدار سنوات.
خلق التوازن بين طرفي العمل وتفعيل القوانين عموما امر مرتبط بأوضاع النقابات المستقلة وحرية التنظيم عموما من وجهة نظر د/ البرعي، حيث أشار إلى أن تحسين وضع المواد القانونية لا يعني إمكانية تطبيقها خصوصا في ظل غياب الحريات النقابية -العمالية.
خطر وكالات الاستخدام
النائب في مجلس النواب أ/ عاطف مغاوري حذر من مغبة وكالات الاستخدام التي اعتبرها بمثابة عودة للسخرة وسببا في هدر طاقة الشباب، دون الحصول على أي حقوق مادية أو اجتماعية، حيث تقوم تلك الكيانات باقتسام أجور العمال، كذلك حرمانهم من أي حماية اجتماعية او صحية حالية أو مستقبلية فيما بعد سن التقاعد.
يفاقم هذا الوضع توقف القطاع الحكومي نفسه عن التعيينات، والاستعانة بتلك الوكالات بشكل يُشرعن طريقة عملها، التي تهدر حقوق العمال، وتفقدهم امانهم الوظيفي، فيما تتدنى أحوالهم المعيشية، كنتيجة لاستيلاء تلك الوكالات على نسبة كبيرة من أجورهم.
النائب في مجلس الشيوخ د/ محمد طه اعتبر أن القانون يساهم في رسملة سوق العمل بشكل لا يحافظ على حقوق أساسية منحتها أغلب الدول الرأسمالية لعمالها، فيما نزعت عنهم مكتسباب الفترة الناصرية، التي بادلت الحريات النقابية بالميزات المادية والوظيفية، بعكس الوضع الحالي الذي لا يمنح أيا منهما.
نوه د/ طه إلى اعتراضه على مناقشات القانون التي بدأت عام 2017 ورفضه لمنطقها عبر جلسات مجلس الشيوخ، ولكن قرار الأغلبية كانت بموافقة أغلب مواد القانون، التي اعتبرها د/ طه منقوصة ومشوهة، مقترحا تفعيل مواد بدل البطالة في حال التمسك بمواد فصل العمال، وغيرها من المواد التي لا تساهم في دعم الأمان الوظيفي للعمال.
الإضراب المشرع "مجرم"
وكيلة حزب العيش والحرية ا/ إلهام عيداروس استنكرت استثناء القانون لعاملات المنازل، وكذلك العاملين لدى أسرهم من مواد القانون، بما يجعلهم عرضة للاستغلال، والتعرض لكافة الانتهاكات، مشيرة في الوقت نفسه إلى توقيع مصر على العديد من الاتفاقيات الدولية التي لاتتورع عن مخالفتها عبر القوانين المحلية، مثل مواد وكالات الاستخدام التي تخالف قوانين منظمة العمل الدولية، او حتى الإضراب الذي يتم تجريمه عبر شروطه التعجيزية والتي منها اعتبار أغلب المؤسسات مؤسسات حيوية لا يجوز الاضراب بها في حين أن النص الدولي المعروف يستثني من حق الإضراب الموسسات التي تتعلق بحياة الناس لا مصالحهم المباشرة أو غير المباشرة حتى.
وانتقدت عيداروس مواد إنشاء دور الحضانة في أماكن العمل التي تشترط وجود 100 عاملة بالمنشاة وهو ما اعتبرته شرطا تعجيزيا، كما أن المادة يجب أن تشمل الرجال والنساء بحكم المسؤولية المشتركة بينهما في رعاية الأسرة.
وافقت عضو مجلس النواب ا/ سناء السعيد –د/ البرعي- في رفضها توقيت العمل بالقانون، واعتبرت السياق الحالي غير مناسب لاستقبال قانون جديد، وتوقعت حصول إشكاليات كبيرة في علاقات العمل حال تطبيقه، محذرة من الأثر التشريعي للقانون.
كما انتقدت مواد الإضراب التي اعتبرتها بمثابة إغلاق أبواب الاحتجاج في وجه العمال، ما سيزيد علاقات العمل تعقيدا، ويضعف من قوة المفاوضة الجماعية، وكذلك قوة العمال أمام أرباب العمل في حال تعرضهم لأي انتهاك.
رئيس نقابة أندية هيئة قناة السويس ونائب رئيس اتحاد تضامن - كرم عبدالحليم، رفض مناقشة القانون بشكله الحالي وفي ظل الظروف المعقدة للعمال، وأحوالهم المعيشية المتدهورة، التي اعتبر أن القانون سيساهم في تفاقمها، مشيرا إلى ضروة فتح باب حرية التنظيم حتى تتزن كفة العمال في مواجهة أصحاب العمل، مشيرا إلى أن النقابات أصبحت تدار بشكل أمني وليس سياسي ما يعيق من عملها خصوصا المستقلة منها، وكما في حالة نقابته التي قوضت وزارة العمل من سلطتها.
في حين شدد القيادي العمالى هشام البنا -الموقوف عن العمل من شركة وبريات سمنود على خلفية إضراب عمال الشركة خلال العام الماضي- على أن النصوص القانونية لا يتم تطبيقها، أمام قوة أصحاب العمل المتزايدة، وضغوطهم المستمرة على الحكومة، مشيرا إلى حالته شخصيا حيث تم تبرئة ساحته بما يعطيه الحق في الحصول على كامل أجره، ومع ذلك تمتنع الشركة عن الوفاء بذلك الأجر، متجاهلة القانون خصوصا في ظل أي إلزام، أو توقيع عقوبة عليها في حال الإخلال بالقانون.
حذر القيادي في نقابة كادبوري بالإسكندرية إمام مهدى، من خطر العمالة المؤقتة واستبدالها بالعمال الدائمة، كما هو الحال في شركتهم، وبما يضغط على النقابات نفسها، حيث أن العمالة المؤقتة لا تنخرط في العمل النقابي بحكم عدم استقرارها الوظيفي، كما أن العمال النقابيين أصبحوا في مرمى أصحاب العمل ويعملون على اجتثاثهم.
وفى الختام أكد كمال عباس على ضرورة أن يعمل البرلمان على تنظيم حوار مجتمعى حول مشروع القانون يشارك فيه القيادات النقابية والعمالية من المخاطبين بالقانون وممثلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى والخبراء القانونيين.
مرفق ورقة الدار "موقفنا"