لجنة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمل
فى السادسة مساء الجمعة الموافق 27 يناير الماضي استضافت دار الخدمات النقابية والعمالية بمقرها بالقاهرة اللقاء التضامنى مع عمال شركة افكو الذى كان مزمعاً إقامته فى مدينة السويس بدعوة من حملة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمل ثم تم إلغاؤه "لاعتبارات أمنية"!.
فى هذا اللقاء التضامنى التقى ممثلو عمال افكو مع المتضامنين معهم من النقابات والأحزاب السياسية بحضور عدد من الصحفيين المهتمين بهذا الشأن..حيث رحب كمال عباس بالحاضرين فى مقر الدار ثم ترك إدارة اللقاء لنقابى افكو المخضرم يسرى حافظ .
برواية الأحداث التى شهدتها افكو خلال الشهر الماضى افتتح يسرى حافظ الكلمات مغالباً انفعالاته لدى استعادته تفاصيل اقتحام قوات الأمن للمصنع فجر الثانى من يناير معبراً عن صدمته إزاء انحياز أجهزة الدولة للمستثمر الهندى فى مواجهة العمال.
تداول عمال افكو الحاضرون الكلمات وأدلوا بشهاداتهم –كلٌ بما تعرض له من عسف وظلم-.. وصولاً إلى محمد سعيد رئيس نقابة العاملين بشركة افكو الذى عرض موجزاً لنضال عمال شركة افكو من أجل تكوين نقابتهم، وتقريراً عن أعمال النقابة ودورها وصولاً إلى استهدافها واستثمار إدارة الشركة الأزمة الحالية من أجل القضاء عليها.. وختاماً تحدث أحمد بكر عن الأوضاع الاقتصادية لشركة افكو .
إذا جاز تلخيص شهادات عمال افكو – الممزوجة بمرارة لا توصف- يمكن إبراز النقاط التالية فيما قدموه:
إن عمال شركة افكو لم يطلبوا أكثر من التوزيع العادل للمبلغ المخصص للعلاوة الاجتماعية باعتبارها علاوة خاصة لامتصاص بعض من آثار ارتفاع الأسعار غير المسبوق-وهو الأمر غير الخافى على أحد والثابت فى محاضر مكتب العمل- وأن العضو المنتدب بالشركة يعد مسئولاً مسئولية مباشرة عما آلت إليه الأمور .. أولاً بجمعه العمال يوم 26 ديسمبر وإبلاغهم بتوزيع المبلغ المخصص للعلاوة الوارد من الإدارة بالخارج على العمال دون المديرين وكبار الموظفين، وثانياً بمفاجأة العمال باحتساب علاوات المديرين من المبلغ المرصود بما يؤدى إلى تخفيض قيمة علاوات العمال ثم رفضه التفاوض بشأن تعديل قواعد احتساب العلاوة.
كان طبيعياً أن يؤدى ذلك إلى إحباط توقعات العمال واستثارة غضبهم الشديد، واتخاذهم رد فعل فورى مباشر بالاعتصام والإضراب .. ولم يكن بوسع النقابة أن تثنيهم عن موقفهم أو توقف حركتهم الاحتجاجية غير أنها تعرضت لضغوط شديدة حيث تم استدعاء رئيسها من قبل الأمن الوطنى واحتجازه عدد من الساعات ومعاملته معاملة مهينة وتهديده لإجباره على فض الاضراب العمالى.
لم يكن بوسع النقابة أن تقف فى وجه شلال الغضب الذى يندفع آنذاك لا يلى على شئ..غير أن أجهزة الأمن- للأسف- لا تقرأ ردود الأفعال العفوية المباشرة للعمال- أو لغيرهم من القطاعات الشعبية- حال احباط توقعاتهم أو الهجوم المباشر على حقهم الذى يمسكونه بأيديهم- لهذا مارست أقصى وأقسى الضغوط على النقابة التى كانت تواجه على الجانب الآخر تعنت العضو المنتدب وإدارة الشركة ورفضهم أى تفاوض لتعديل طريقة احتساب العلاوة الاجتماعية.
لم يزل عمال افكو يعانون الصدمة والشعور بالكرب جراء موقف أجهزة الأمن والدولة منهم.. فهم لا يرون مبرراً مقنعاً لانحيازها لإدارة شركة افكو ضد عمالها.. وهم جميعاً – العمال والنقابة- لم يتوقعوا من قبل ولا يستطيعون حتى الآن فهم لماذا تنحاز أجهزة دولتهم ضدهم لصالح مستثمر أجنبى؟!.. ولماذا تتخذ فى حقهم كل هذه الإجراءات التعسفية لمجرد مطالبتهم بتعديل طريقة احتساب العلاوة الاجتماعية.
إن ما حدث تجاوز كل ما خبروه وما تصوروه من قبل.. حيث تم اقتحام اعتصامهم فجر الثانى من يناير بأكثر من خمسين عربة أمن مركزى مصحوبة بالكلاب البوليسية ليتم فض الاعتصام بطريقة وحشية بينما تداهم قوات الأمن منازل أعضاء النقابة .. ليس فقط منازلهم وإنما البحث عنهم فى بيوت الأقارب والأصهار وكأننا بصدد جماعة إرهابية.
وإزاء هذا الدعم الأمنى والحكومى تنطلق الميول الانتقامية لإدارة الشركة دون كابح.. فتعيد العمال إلى عملهم على دفعات.. ويتم السماح للبعض بالدخول ويؤجل البت فى أوضاع آخرين لليوم التالى.. فيما يبدو ترهيباً وإذلالاً متعمداً للعمال.
ثم ينتهى الأمر إلى استبعاد- أو فصل- ستة وعشرين عاملاً (أو قرابة ذلك الرقم) من العمل.. أدت مساندة أجهزة الدولة لإدارة الشركة إلى ممارستها أقصى درجات التعسف ، واستثمار الفرصة لتصفية الحسابات مع النقابة والنقابيين الذين جعلوها تأتى من قبل كرهاً إلى مائدة المفاوضات وتوقع اتفاقية عمل جماعية مرتين متتاليتين.
لم تكتف إدارة الشركة بفصل أعضاء مجلس النقابة وإنما ضمت إليهم أعضاء بارزين فى المجلس فى الدورة السابقة، واحتياطى أعضاء المجلس فى الدورة الحالية، ونشطاء نقابيين بارزين فى الشركة.. بل أنها استثمرت الفرصة أكثر من ذلك فأضافت إلى قائمة المستبعدين – فى قسوة بالغة – بعض العمال الذين أصيبوا بأمراض مهنية نتيجة عملهم، وترغب الإدارة فى التخلص منهم!!
وفضلاً عن ذلك قامت إدارة الشركة بخصم قرابة الخمسمائة جنيه من أجر كل عامل بزعم تعرضها للخسارة بسبب الإضراب واقتطاعها قيمة الخسارة من أجورالعمال.
يبدى العمال دهشتهم الشديدة لانحياز أجهزة الدولة إلى إدارة هذه الشركة ومالكها الهندى- الذى يعد من أغنى عشرة رجال فى الخليج (مركز الشركة الأم فى الشارقة)- رغم أنها تجرى كافة تعاملاتها بالدولار –بما فى ذلك التعاملات داخل مصر- وتأخذ بنظام الإقفال المالى الشهرى وتحويل عوائدها الدولارية إلى الخارج [تحقق أرباحاً قيمتها 17 مليون دولار شهرياً].. العمال يرون أنهم يعملون مقابل أجور منخفضة لا تتناسب مع أوضاع الشركة الاقتصادية ، لكى تحقق الشركة أرباحاً يتم نزحها خارج مصر.. فلماذا إذن تنحاز أجهزة الدولة لهذه الشركة؟.. لماذا كل هذا العنت الذى يلاقونه لحساب مستثمر لا يساهم فى تنمية بلادهم ولا يطالب بتحمل أى قسط من المسئولية الاجتماعية؟
تعد نقابة العاملين بشركة افكو "المستقلة" نموذجاً للنقابات النشطة الممثلة لعمالها.. هذه النقابة كانت ثمرة نضال طويل لعمال افكو من أجل إنشاء نقابتهم.. ووفقاً لرئيس النقابة هى نقابة "الجيل الثالث".. ذلك أن عمال افكو كانت لهم محاولتين سابقتين لإنشاء نقابة قبل ثورة يناير 2011.. وفى كل مرة كان العمال يصطدمون بحصار خانق تحكم حلقاته عليهم المؤسسة النقابية الحكومية "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر".. حيث ينجح نشطاء العمال فى ضم عدد كاف من الأعضاء ثم يتوجهون إلى النقابة العامة التابعة للاتحاد الحكومى لتقديم أوراق الانضمام إليها وفقاً للقانون رقم 35 لسنة 1976-منتهى الصلاحية- فإذا بها تقوم من جانبها بالاتصال بإدارة الشركة التى تقرر فصل المؤسسين على الفور.. بل أن المؤسسين فى المرة الثانية تعرضوا أيضاً لملاحقات أمنية.
بعد ثورة يناير وصدور إعلان الحريات النقابية شق عمال افكو طريقهم الجديد إلى تأسيس نقابة مستقلة هذه المرة .. وانتزعوا الحق فى تكوينها أثناء إضرابهم عن العمل فى إبريل 2011 .
تأسست النقابة فى 18/9/2011 ولعبت منذ ذلك التاريخ دوراً بارزاً ومؤثراً فى حياة عمال الشركة.. حيث استطاعت تحسين الأجور وشروط العمل من خلال اتفاقيتى عمل جماعيتين. حرصت النقابة على انعقاد جمعيتها العمومية سنوياً، وإجراء انتخابات ديمقراطية موثقة لمجلسها التنفيذى.
وبدلاً من إفساح المجال أمام النقابة للتعبير عن مصالح أعضائها وتنظيمهم .. تناصبها الأجهزة الحكومية العداء.. يُحال أعضاؤها للمحاكمة، ويُمكِن "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر" الحكومى إدارة الشركة من العصف بها بإدعائه عدم شرعيتها لكونها "نقابة مستقلة عنه"..
هكذا كانت شهادات عمال افكو ورواياتهم .. ثم انتقلت دفة الحديث إلى الحاضرين من المتضامنين ثم الحوار معهم لينتهى اللقاء إلى مايلى:
متابعة وتطوير حملة التضامن مع عمال افكو .. والتنسيق بين كافة الفعاليات والعمل المشترك فيما بينها.
يقترح أن تتضمن الحملة ما يلى:
لجنة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمل
مساء السبت الموافق 28/1/2017