بيان الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية: قانون التنظيمات النقابية الجديد يصادر حق العمال في تكوين تنظيماتهم المستقلة

بيانات صحفية
الجمعة, نوفمبر 17, 2017 - 11:50

 

قانون التنظيمات النقابية الجديد يصادر حق العمال في تكوين تنظيماتهم المستقلة

 


تعلن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية عن رفضها الشديد لقانون التنظيمات النقابية والعمالية وحق التنظيم النقابي الذي وافق عليه مجلس النواب مؤخرا، مؤكدة أنه يعتبر استمرار لنهج النظام في إصدار قوانين تصادر الحريات وتحاصر المجال العام وتحرم جميع فئات المجتمع من حقهم في تنظيم أنفسهم وهو الحق الذي كفله الدستور وكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية..

وترجع الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية سبب رفضها لقانون التنظيمات النقابية والعمالية لعدة أسباب ولعل أهمها:

  • أولا: مصادرة القانون للحق في التنظيم المكفول بمقتضى الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، الأمر الذي سيؤدي إلى حرمان فئة العمال من إمكانية الدفاع عن مصالحهم والتفاوض بشأن الأجور العادلة وظروف العمل اللائقة.

فبالرجوع للدستور المصري لعام 2014 نجد أنه قد نص على كفالة الحق في التنظيم النقابي العمالي ومنح العمال الحق في إنشاء وتأسيس نقابتهم بحرية وعلى أساس ديمقراطي دون تدخلات ( المادة 76) والتي نصت على "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون. وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم "وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ولا يجوز إنشاء "أي منها بالهيئات النظامية"

وعن الحق فى التنظيم فى المواثيق والاتفاقيات الدولية:

تنص المادة 93 من الدستور المصرى على : " تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر ، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا للأوضاع المقررة " وبالتالى تصبح الاتفاقيات والمواثيق الدولية جزء من التشريع الداخلى.

وعلى ضوء ذلك فقد نصت المادة 23 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان أن: " لكل شخص الحق فى أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته..".كما تنص اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى المادة (8) على أن تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي:

  • حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفى الانضمام إلى النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، على قصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها. ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون ...
     
    حق النقابات في إنشاء اتحادات قومية، وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها.
  •  حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية، دونما قيود غير تلك التي ينص عليها القانون.
  • حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعنى.

وفي ضوء ما سبق ، نجد أنه من الممكن الحكم بعدم دستورية القانون لتعارضه مع المادة 76 من الدستور سالفة الذكر وكذلك لمخالفته للمادة 73 التي تلزم الدولة بإصدار قوانين متفقة مع المواثيق والاتفاقيات الدولية، فنجد على سبيل المثال:

  1. المادة الثالثة من القانون تنطوي على تمييز واضح وعدم مساواة بين كل من النقابات التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر والنقابات المستقلة، حيث تحتفظ الأولى بشخصيتها الاعتبارية بعد صدور القانون، فيما لا تكتسب الثانية شخصيتها الاعتبارية إلا بعد توفيق أوضاعها . وهنا نجد أن المادة الثالثة، ليست "تمييزية" فحسب، بل في كونها ستُثير مُشكلات تتعلق بالمهلة الخاصة بتوفيق الأوضاع وإجراء الانتخابات.

وفى هذا الإطار ، فأنه ينبغى المساواة بين جميع النقابات التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر والمستقلة وإخضاع الجميع لقاعدة قانونية عامة ومجردة.

وفضلاً عن أن حظر تكوين أكثر من نقابة فى المنشأة يمثل فى حد ذاته مخالفة صريحة وافتراقاً واضحاً عن اتفاقية العمل رقم 87 فإن اقترانه بنص المادة الثانية من مواد الإصدار قد يؤدى عملياً إلى منع تكوين أى نقابة فى المنشآت التى تتواجد بها نقابات تابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر المكتسبة شخصيتها الاعتبارية ابتداءً بما يعنى سبقها على أى نقابة مستقلة عن هذا الاتحاد.

  1.  
  2. إن حرمان العاملين فى المنشآت التى يقل عدد عمالها عن خمسين عاملاً من شأنه أن يؤدى إلى استبعاد نسبة لا يستهان بها من المنشآت من تكوين النقابات فيها، وهو الأمر الذى لا يستقيم مع نسبة هذه المنشآت إلى إجمالي عدد المنشآت فى واقعنا، كما أن اشتراط خمسين عضواً لتكوين النقابة يبدو مبالغاً فيه وغير مبرر مقارنة بالأرقام المستقر عليها فى الخبرات الدولية، ومنظمة العمل الدولية.

كما أن اشتراط عشرين ألف عضو لتكوين النقابة العامة ومائتى ألف عضو لتكوين الاتحاد العام تبدو شروطاً تعجيزية قد تحول دون ممارسة الكثير من العمال حقهم فى تكوين نقاباتهم واتحاداتهم مادمنا نتحدث عن عضوية اختيارية غير اتوماتيكية..

  1. إن رقم عشرين ألف عضو يتنافى مع خبرة نقابات عامة قائمة فعلياً لا يبلغ عدد جميع العاملين فى قطاعاتها هذا الرقم مثل نقابة هيئة النقل العام، بل ونقابة العاملين فى المناجم والمحاجر التابعة للاتحاد العام لنقابات العمال ذاته.
  1. إن ما تتضمنه المادة 12 من مشروع القانون فيما تنص عليه من أن المنظمات النقابية "تتكون مستوياتها من  اللجنة النقابية للمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية على مستوى المدينة أو المحافظة. النقابة العامة. الاتحاد النقابى العمالى".. هو استنساخ للمادة 7 من القانون الحالى رقم 35 لسنة 1976، وهى المادة التى كانت ولم تزل محلاً للانتقاد والرفض وموضعاً لأهم ملاحظات لجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية..

مرةً أخرى نحن أمام صياغة لبنيان نقابى هرمى يتكون من ثلاثة مستويات.. بينما يفترض الواقع الغنى بالمبادرات المتنوعة وجود نقابات للمنشآت لا تنضوى فى أى نقابة عامة، ووجود نقابات عامة ترفض الانضمام إلى أى اتحاد ..كما أن هذا الهيكل الموضوع يتجاهل الاتحادات النوعية (القطاعية)، والاتحادات الإقليمية رغم تشكلها فى واقعنا خلال السنوات الماضية والبعض منها له تجربته الجديرة بالاحترام.

  1.  
  2. إن التعديل الذي أدخلته لجنة القوى العاملة على المادة 6 من المشروع لتلافى ملاحظة لجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية قد سار بها إلى الأمام وذلك فيما يتعلق بإصدار الوزير لوائح نموذجية ..حيث تم إلغاء كلمة قرار، ونصت المادة على كونها لوائح استرشادية عند الضرورة.

إلا أنه- رغم ذلك- لا يبدو هناك ما يبرر النص على هذه اللوائح النموذجية فى القانون.. مادام الهدف منها هو تقديم الدعم الفنى للنقابات فى وضع لوائحها دون إلزامها بها.

  1.  
  2. تعداد العاملين الذين تسرى عليهم أحكام القانون تزيد لا مبرر له، وربما أدى إلى إسقاط حق بعض الفئات فى تكوين النقابات، وعلى سبيل المثال العاملين لحساب أنفسهم، والعاملين فى قطاع الصيد، ولما كان الأصل فى حق تكوين النقابات هو الإباحة وإتاحة ممارسة الحق لجميع الفئات، فقد كان من الأوفق النص فقط على الفئات المُستثناه بموجب الدستور(العاملين فى الهيئات النظامية).

وفضلاً عن ذلك تجاهلت المادة أو أسقطت عمداً حق أصحاب المعاشات، أو المحالين للتقاعد فى تكوين نقاباتهم على الرغم من التجربة الملهمة لنقابة أصحاب المعاشات التى تعد واحدة من أهم النقابات خلال السنوات الماضية حيث استطاعت تمثيل أصحاب المعاشات والتعبير عن مصالحهم ومطالبهم، وأدارت العديد من المفاوضات الجماعية باقتدار .

  1. الكثير من مواد مشروع القانون تغتصب حق الجمعيات العمومية المطلق فى وضع دساتير منظماتها النقابية (لوائحها) بإرادتها الحرة ودون تدخل من أىٍ من السلطات.. حيث تحدد مدة الدورة النقابية، وشروط العضوية، وشروط الترشح لمجلس إدارة المنظمة النقابية، وإجراءات الانتخابات.. الخ
  2.  
  3. من حيث المبدأ.. هناك رفض للعقوبات المقيدة للحرية فى شأن نشاط مدنى، ومخالفات ذات طابع إدارى.. بل وفى عمل يفترض أنه تطوعى.
  • ثانياً : رفض بعض رجال الأعمال للقانون، فمن المفترض أن يضمن القانون وجود تنظيمات نقابية مستقلة باعتبارها أداة للتفاوض أو أطر تنظيمية حاكمة للعلاقة بين الطرفين الجهة العاملة ورجال الأعمال، ولكن القانون يسير في إتجاه مخالف لذلك ويقوض من وجود تلك التنظيمات الأمر الذي يلقي بظلاله على شكل وطبيعة العلاقة الحاكمة بين الطرفين ( العمال ورجال الأعمال) وهو ما لا يرغب فيه بعض رجال الأعمال الواعين بان مصالحهم ونجاح أعمالهم يقتضي وجود اطر تنظيمية معبرة عن مصالح ومطالب العمال تمكنهم من التفاوض معهم بشكل يسمح للوصول الي تفاهمات ويحقق الاستقرار للعملية الإنتاجية.
  • ثالثا : من المحتمل أن يؤدي القانون المعيب إلى إدارج مصر ضمن اللائحة السوداء المنتهكة لحقوق العمال وذلك من قبل منظمة العمل الدولية، وعليه فإن الأخيرة من الممكن أن تقوم بدورها بتقديم توصيات إلى جهات دولية معنية قد تمتلك القدرة على فرض عقوبات معينة على مصر وذلك احتجاجاً على إصدار مثل هذا القانون المعيب

يذكر أنه خلال الفترة القادمة سيعقد مجلس إدارة منظمة العمل الدولية اجتماعاً لمناقشة حالة الدول الموجودة بقائمة الحالات الفردية (اللائحة السوداء)، والدول التي صدرت في حقها تقارير خلال العام الجاري، ومن بينها مصر.

  • رابعا : سيلقى القانون بظلاله على الاقتصاد المصري، لكونه يضيق من مجالات الاستثمار الأجنبي في مصر ، إذ هناك شركات عالمية قد هددت بالانسحاب من سوق العمل المصري اذا ما أقر قانون مخالف للاتفاقيات والمواثيق الدولية لان ذلك ببساطة سيضر بمصالحها في بلادها الأصلية وربما يسبب لها المتاعب، الأمر الذي سيضعف من مجال الاستثمارات الأجنبية بالبلاد 

 

إضافة تعليق جديد