تعديلات جبالي لقانون النقابات تكشف هشاشة الاتحاد "الحكومي".. رئيس "القوى العاملة" يغلب مصالحه على سمعة مصر وحقوق العمال

بيانات صحفية
الأحد, فبراير 11, 2018 - 11:48

تعديلات جبالي لقانون النقابات تكشف هشاشة الاتحاد "الحكومي"

رئيس "القوى العاملة" يغلب مصالحه على سمعة مصر وحقوق العمال

لم يتحمل اتحاد نقابات عمال مصر"الحكومي"، ورئيسه جبالي محمد جبالي المراغي، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أكثر من بضعة أشهر على تطبيق قانون المنظمات النقابية العمالية رقم 213 لسنة 2017، الذي شاركت لجنته البرلمانية في صياغته، ما أفرزه أول تطبيق للقانون من إقرار وجود نقابات مستقلة للعمال مستندة إلى الحق الدستوري والاتفاقيات الدولية بعد أن أثبتت وجودها الواقعي منذ وتزايد التفاف العمال حولها منذ بدء ظهورها عام 2008، وانتزعت الاعتراف المحلي والدولي بها، وذلك رغم ما واجهته من عراقيل إدارية وبيروقراطية، وفي الوقت نفسه بدء تآكل عضوية تنظيمه النقابي الهش والمعزول أصلاً عن العمال منذ سنوات طويلة بسبب مواقفه المعادية أو المتجاهلة لحقوق العمال، وتأييده الدائم لسياسات السلطة، أي سلطة بما فيها سلطة جماعة الإخوان التي كافأته باستمرار تعيينه رئيساً للاتحاد وعضواً بمجلس الشورى خلال حكمها، وكلها سياسات معادية لمصالح العمال بدءاً من تحرير الاقتصاد وتحرير السوق وخصخصة مواقع الإنتاج والخدمات العامة بما فيها الصحة والتعليم وما ترتب عليها من جحيم الغلاء وتشريد العمال وتقليص حقوقهم المكتسبة وتجريدهم من كافة أشكال الحماية القانونية والنقابية، حتى أصبح العمال يناضلون يومياً من أجل تحسين شروط وظروف عملهم ومعيشتهم بلا نقابات، حتى استطاعوا إنشاء نقاباتهم المستقلة بإرادتهم الحرة.

النائب جبالى المراغى، رئيس الاتحاد "الحكومي" أعلن في تصريحات صحفية، أنه سيعد بعض التعديلات على مواد قانون المنظمات النقابية العمالية ويقدمها لمجلس النواب خلال الفترة المقبلة لمناقشتها وإقرارها، مشيراً إلى أن التطبيق العملى لقانون النقابات العمالية كشف عن وجود أوجه قصور، وأن هناك بعض المواد فيه ستتسبب فى انهيار الحركة النقابية (وبالقطع هو يقصد انهيار اتحاده الذي لم يكن ليستمر طوال السنوات الأربعين الماضية لولا دعمه من أجهزة الدولة واستناده إلى قانون معيب فرض على العمال تنظيماً نقابياً على غير إرادتهم ومنعهم من إنشاء نقاباتهم بحرية، حتى استطاعوا انتزاع هذا الحق وإقراره في الدستور والقانون الجديد.

 وأوضح المراغي أن هذا القانون تسبب فى تقليص عدد المشاركين والمنضمين للنقابات العمالية بسبب القيود التى يضعها، ولفت إلى أن هناك تعنت من وزارة القوى العاملة فى بعض الإجراءات، لافتا إلى أنه خلال عملية انتخابات النقابات واللجان النقابية العمالية وخلال توفيق أوضاع بعض الكيانات النقابية طلبت أوراق غير منصوص عليها فى القانون ولا أى لائحة، مما يعد تعجيزا للناس (والحقيقة أن التقلص حدث في اتحاد نقابات عمال مصر الذي بدأ العمال المنفضون عنه يتزايدون، والمهدد بانسحاب العديد من اللجان النقابية من عضويته تباعاً بعد أن منحها القانون الشخصية الاعتبارية، ولم تعد ملزمة بالتبعية للنقابات العامة الحكومية، كما أن العراقيل التي شهدتها فترة توفيق الأوضاع والانتخابات النقابية التي أجريت قبل شهور قليلة كانت كلها أمام النقابات المستقلة، وما زالت، وليست أمام تنظيمه النقابي الذي لقي كل التسهيلات بحكم العادة، أو التراث البيروقراطي لدى الموظفين في كافة الجهات المعنية بعمليات التوفيق والانتخابات والتأسيس)

 فلماذا إذن يشكو المراغي؟ وما هي التعديلات التي يستهدفها؟ والمصالح التي تدفعه لهذه التعديلات المزمعة؟.

 الإجابة انكشفت في تحديد المراغي، خلال تصريحاته الصحفية، المواد التي تزعجه والتي كشفت عورات وهشاشة تنظيمه النقابي، حيث قال إنه سيعدل بعض المواد المتعلقة بالتأسيس وتوفيق الأوضاع ومنح الشخصية الاعتبارية للجان النقابية..

المراغي إذن يريد بالتحديد وضع مزيد من القيود على تأسيس لجان نقابية جديدة للعمال، باعتبار أن توفيق الأوضاع كان مرتبطاً بفترة الشهرين التاليين لصدور اللائحة التنفيذية للقانون وانتهى، كما يريد سلب اللجان النقابية الشخصية الاعتبارية، حتى يتمكن من الحفاظ على تنظيمه النقابي من التقلص والتآكل، ويفقد كل المزايا الشخصية التي اكتسبها بحكم رئاسته له، من ثروة ومناصب برلمانية ونفوذ.

والحقيقة أن هاتين النقطتين بالتحديد، حق العمال في إنشاء نقاباتهم خارج التنظيم الحكومي ومنح الشخصية الاعتبارية للجان النقابية هم أهم مكسبين في قانون النقابات العمالية الجديد، رغم الشروط شبه التعجيزية لإنشاء النقابات المستقلة في العديد من قطاعات العمل، وقد تم إقرارهما نتيجة لتطورات الحركة العمالية والنقابية خلال السنوات الماضية واضطرار الحكومة لتغيير القانون السابق لرفع اسم مصر من "القائمة السوداء" في منظمة العمل الدولية، والتي تشمل الدول المعادية لحق العمال في إنشاء نقاباتهم بحرية وفقاً للاتفاقيات الدولية. المراغي إذن لا يهمه هنا إلا مصالحه الشخصية، ولا يعبأ بسمعة مصر الدولية، ولا بحقوق العمال والاستقرار الاجتماعي في مصر والتوازن بين أطراف العمل. وهذا ما يجب أن تنتبه له الحكومة المصرية قبل التورط في دعم المنتفعين الذين لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية على حساب المصالح العامة لمصر.

إننا ندعو النائب رئيس اتحاد نقابات العمال الحكومي لتقديم كشف حساب للعمال عن فترة رئاسته لهذا التنظيم، مثلما تفعل النقابات المستقلة أمام جمعياتها العمومية، والكشف عن مصادر ثروته التي تضخمت منذ تولى رئاسة الاتحاد.

ونطالب الجهاز المركزي للمحاسبات بإعلان تقاريره السنوية عن مخالفات هذا الاتحاد ونقاباته العامة وماذا تم بشأنها.

إن قيادات الاتحاد التي تسعى لتوريث أبنائها في مناصبها، والتي تتحايل للحفاظ على تلك المناصب والمكاسب، والتربح من تلك المناصب وتملك الأراضي والأبراج والسفريات التي تتجاوز نفقاتها ملايين الجنيهات من أموال العمال المستقطعة جبراً من أجورهم الهزيلة، هي قيادات ليست فقط غير مؤتمنه على حقوق العمال، وغير مؤهلة للدفاع عن مصالحهم، ولكنها أيضاً غير مؤتمنة على وضع تشريعات، وهي التي لا يهمها سوى تفصيل ما يحفظ مكاسبها الشخصية من قوانين، حتى ولو أساءت للعمال أو للمجتمع أو لسمعة مصر أمام العالم.

ويهمنا هنا الإشارة إلى أن حملة الحريات النقابية، ومنذ صدور القانون 213 لسنة 2017، تطالب بتعديل العديد من مواده، ولكن ليس في اتجاه تحقيق مصالح شخصية، وإنما في اتجاه التوافق التام مع نصوص الدستور ومعايير العمل الدولية، واتفاقية العمل رقم 87 الموقع عليها من الحكومة المصرية، وضمان الحرية الكاملة للعمال في تأسيس نقاباتهم بحرية. وتستهدف التعديلات التي نريدها ما يلي:

1-    إلغاء أي نص يحمل شبهة تمييز بين النقابات، سواء كانت تابعة للاتحاد الحكومي أو مستقلة عنه، وذلك لإخضاع الجميع لقاعدة قانونية عامة ومجردة.

2-    الاكتفاء بالنص على الفئات المحظور عليها تكوين نقابات بدلاً من النص على الفئات التي يسري عليها القانون تجنباً لإسقاط بعض الفئات وإهدار حقها، مثل العاملين بالصيد وأصحاب المعاشات.

3-    إقرار حق الجمعيات العمومية للمنظمات النقابية في وضع نموذج التنظيم النقابي الذي تختاره (هرمي أو أفقي) وحق تشكيل الاتحادات النوعية والإقليمية.

4-    عدم فرض منظمة نقابية بعينها على العاملين في أي منشأة، باعتبار أن إنشاء المنظمات العمالية حق للعمال وحدهم.

5-    تخفيض الأعداد المطلوبة كحد أدنى من العاملين لإنشاء منظمة نقابية، ليتناسب مع انتشار المنشأت الصغيرة ومتناهية الصغر في الاقتصاد المصري، وتخفيض الأعداد المطلوبة لتشكيل نقابات عامة إلى عشرة منظمات نقابية تضم في عضويتها خمسة آلاف عامل، بدلاً من الشرط التعجيزي الحالي (15 لجنة تضم 20 ألف عامل). والتخفيض كذلك بالنسبة للاتحادات على المستوى القومي.

6-     إلغاء المادة 40 التي هي استمرار لنص في القانون الملغي كان يستهدف استمرار أشخاص بعينهم في المناصب النقابية بعد إحالتهم للتقاعد.

7-    تعديل المادة 41 فقرة (د) بشأن شروط الترشيح لمجالس إدارات المنظمات النقابية لأنها منقولة في القانون الملغي وكانت مفصلة على عمال القطاع العام، الذي تقلص مؤخراً مع انتشار العمالة غير المنتظمة والعاملين بعقود مؤقتة.

8-    تعديل المادة 42 الخاصة بمدة الدورة النقابية، وتركها لتحديد كل جمعية عمومية ونظمها الأساسية بما تتضمنه من قواعد الانتخابات وضمانات نزاهتها وديمقراطيتها ورقابة أعضائها.


القاهرة في 14 نوفمبر 2018

حملة الحرية النقابية وحقوق العمال

إضافة تعليق جديد