تقرير بشأن الأوضاع العمالية، وقضايا الحريات النقابية

الاثنين, يوليو 29, 2024 - 14:02

إلى السيد/ وزير العمل في الحكومة الجديدة

تقرير بشأن الأوضاع العمالية، وقضايا الحريات النقابية

أدى الوزراء اليمين الدستورية يوم الأربعاء الموافق 3/7/2024، لتبدأ الحكومة الجديدة مباشرة أعمالها والتعامل مع الملفات الكثيرة المفتوحة والمعقدة.

ويهمنا أن نعرض على وزير العمل في الحكومة الجديدة تقريراً بشأن الأوضاع العمالية والنقابية، آملين ومطالبين بالعمل على معالجة هذه الأوضاع.

------------

شهدت البلاد خلال العامين الأخيرين أزمات اقتصادية متصاعدة حيث قفز الدين الخارجي في الفترة من 2016 إلى 2022 بنسبة 614% ليصل إلى 2526 تريليون جنيه، بينما قفز الدين المحلي الداخلي خلال نفس الفترة بنسبة 109% بزيادة قدرها 2497 تريليون جنيه.

وقد بلغ إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي ما يعادل 113% من الناتج المحلي في آخر يونيو 2023، وبلغت نسبة أعباء الدين المقرر سدادها إلى الإيرادات المتاحة 113% في العام المالي 2023/2024، وتبدو مؤشرات خدمة الدين في الموازنة في وضع حرج عند قياسها بالنسبة للصادرات والاحتياطات العامة التي تحدد قدرة الدولة على خدمة الدين، حيث تبلغ نسبة الدين المستخدم لتمويل العجز 90% أي أنه ليس ديناً لتمويل استثمارات تضيف طاقة إنتاجية للمجتمع

ولم يزل القطاع الخاص- المصري والأجنبي- يستنكف عن الاستثمار بسبب الممارسات الاحتكارية لبعض مؤسسات الدولة، ولم ينخفض معدل التضخم الأساسي الذي وصل في مارس 2024إلى مستوى قياسي متجاوزاً 35%، كما تضاعفت أسعار الغذاء والسلع الأساسية على نحو غير مسبوق على خلفية خفض قيمة العملة المحلية (الجنيه)، والنقص القائم في العملة الأجنبية، وتأثير نقص المواد الخام، والتأخيرات المستمرة في دخول الواردات التي تتراكم في الموانئ انتظاراً لسداد رسوم الجمارك حيث يفسد جانب منها مخلفاً أزمة جديدة.

بدلاً من العمل على تطوير القدرات الانتاجية فى مجالات الزرعة والصناعة.. تعلن الحكومة عن تشكيل لجنة لتصفية الأصول لتحقيق عائد ما بين 20 إلى 25 مليار جنيه فى العام.

وفضلاً عن ذلك، يشهد دور الدولة في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها تراجعاً واضحاً، ويتجلى ذلك مؤخراً في إصدار قانون "تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية" الذي يسمح بتأجير المستشفيات الحكومية للمستثمرين مع إعطائهم الحق في الاستغناء عن نسبة تبلغ 75% من العمالة الموجودة بها.

 

 

ويحدث ذلك في ظل تراجع الإنفاق على الصحة ووجود عجز في عدد الأسرة بالمستشفيات والذي تصل نسبته إلى 1,1 لكل ألف مواطن (النسبة العالمية 2,8 لكل ألف مواطن)، وبعد أقل من ثلاثة أشهر على صدور القرار رقم 75 لسنة 2024 بشأن اللائحة التنظيمية للمنشآت الصحية والمستشفيات الحكومية العامة التابعة لوحدات الإدارة المحلية، الذي رفع أسعار الخدمات التي تقدمها المنشآت الصحية والمستشفيات الحكومية العامة التابعة لوحدات الإدارة المحلية.

فضلاً عن ذلك قامت الحكومة منذ بداية شهر يونيو بتخفيض قيمة دعم الخبز-الذي يعد الغذاء الرئيسي للمصريين، بينما تشرع في تقليص دعم الكهرباء والمواد البترولية على النحو الذي يؤدي عملياً إلى تآكل الأجور.

 

شروط عمل قاسية في القطاع الخاص

ويعاني عمال القطاع الخاص- على الأخص- من شروط عمل قاسية، وإذا كنا ندرك التأثيرات السلبية للأزمة الاقتصادية الراهنة على رجال الأعمال المصريين، ونطالب بمعالجتها، غير أننا -في الوقت نفسه- نرفض اتجاههم إلى التخلص من أزماتهم أو الحد منها فقط من خلال حملهم على العمال والانتقاص من حقوقهم على النحو الذي يسلمهم وعائلاتهم –حرفياً- إلى الجوع.

يتنصل أصحاب العمل من تحمل المسئولية الاجتماعية، ويعمدون إلى مخالفة القانون صراحةً فكثيراً ما يتم توظيف العمال دون عقود عمل أو بموجب عقود عمل مؤقتة تتجدد وفقاً لإرادتهم ويكون بوسعهم التخلص من العامل بإرادتهم المنفردة دون حصوله علي أية مستحقات أو تعويضات، وعادةً ما يعمل العمال أكثر من ساعات العمل المقررة قانوناً في بيئة عمل غير آمنة، وتتخذ غالبية أصحاب العمل موقفاً معادياً لحق العمال في تكوين نقاباتهم، ويؤدي ذلك مع المعوقات القانونية والإدارية إلى خلو معظم شركات القطاع الخاص من النقابات، وتعذر المفاوضة الجماعية .

 

تطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص

مع تصاعد احتجاجات ومطالبات عمال القطاع الخاص بتطبيق الحد الأدنى للأجور بواقع 600 جنيه عليهم، على الأخص بعد استجابة الحكومة لاحتجاج عمال قطاع الأعمال العام وتطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم، اجتمع المجلس القومي للأجور، وأصدرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية القرار رقم 27 لسنة 2024، بتقرير الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص، والذي نص في المادة الأولى منه على أن "يكون الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص ستة آلاف جنيه فقط لا غير"، وذلك اعتبارًا من 1/5/2024، ويستثنى من تطبيق هذا القرار المنشآت متناهية الصغر التي يعمل بها عشرة عمال فأقل.

ووفقًا لنص المادة الثانية من القرار "يَحِق للمنشآت التي تتعرض لظروف اقتصادية يتعذر معها صرف الحد الأدنى للأجور التقدم بطلب استثناء من تطبيقه، وذلك في موعد غايته 15 مايو 2024، على أن يكون ذلك من خلال الاتحادات التابعة لها تلك المنشآت.

ثم قامت وزارة العمل بإرسال كتاباً دورياً إلى مديريات العمل يتضمن آليات تنفيذ هذا القرار، وقواعد احتساب الحد الأدنى للأجر الذي يشمل حصة صاحب العمل في اشتراكات التأمينات الاجتماعية، كما يشمل العمولة، النسبة المئوية، العلاوات، المزايا العينية، المنح، البدلات، نصيب العمال في الأرباح، الوهبة.

حيث تتعين هنا الإشارة إلى ما يلي:

  • أن احتساب حصة صاحب العمل في اشتراكات التأمينات الاجتماعية يؤدي إلى خصم حوالي 720 جنيهاً من قيمة الحد الأدنى المشار إليها، أي أن الحد الأدنى للأجور عمليا هو 5280 جنيهاً، كما يحتسب ضمن قيمة هذا الحد الأدنى جميع عناصر الأجر المتغير النقدية بما في ذلك المزايا العينية (ملابس، وجبات، خدمات التوصيل.. الخ)، وأيضاً نصيب العمال في الأرباح الذي يحصلون عليه في نهاية العام، أي أن الحد الأدنى للأجور عملياً يقل كثيراً عن الستة آلاف جنيه.
  • أن الكثير من الاتحادات والغرف التجارية لم تلتزم بالحد الأقصى لموعد تقديم طلبات الاستثناء من تطبيق الحد الأدنى، وطالبت بمد الموعد، مع الأخذ في الاعتبار أنه لن يتم تطبيق قرار الحد الأدنى إلا بعد الرد على جميع طلبات الاستثناء.
  • تقدمت جميع الشركات العاملة في قطاع الملابس الجاهزة –وليس الشركات المصدرة فقط- بطلب الاستثناء من تطبيق قرار حد الأدنى على سند من القول بأن القطاع كثيف العمالة، ولن تستطيع الشركات الوفاء بالتزاماتها قبل العمال.

كما طالبت الكثير من المدارس الخاصة باستثنائها من القرار أيضاً.

 

العمالة غير المنتظمة

أكثر من نصف المصريين يعملون في ظل ظروف عمل هشة، وغير مستقرة، وبأجور زهيدة غير منتظمة، كما أنهم غير متمتعين بأي نوع من الحماية الاجتماعية، وهو ما يجعلهم أكثر تأثراً بالأزمات الاقتصادية، وأكثر تعرضاً للوقوع تحت خط الفقر بشكل مضاعف.

وفي مسح أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء على عينة من 23864 أسرة معيشية في أنحاء البلاد، تبين أن أكثر من 75% من الشباب المصري يعمل أعمالاً غير رسمية، دون أي عقود عمل، وهو ما يعني أن ثلاثة أرباع الشباب يعملوا في ظروف عمل غير مستقرة، وغير آمنة ودون مظلة تأمينية تكفل لهم الحماية في أحوال التعطل أو الإصابة أو المرض، أو بلوغ سن التقاعد.

وترتفع نسب التركز في القطاع غير الرسمي بشكل ملحوظ في الريف عن الحضر، وتواجه بعض الفئات صعوبة أكبر من غيرها في الخروج من فخ العمالة غير الرسمية، مثل النساء والشباب في المرحلة العمرية من 15 إلى 29 عاماً، وكذلك الأشخاص الأقل تعليماً والأشخاص الأكثر فقراً.

وتتعرض النساء إلى تمييز مضاعف في سوق العمل في كثير من الأحيان حيث تكون أجورهن أقل من أجور الرجال.

قامت وزارة القوى العاملة بتشكيل لجنة ومجموعة عمل استشارية محلية بمديريات القوى العاملة لمتابعة تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة، غير أن ذلك لم يسفر عن نتائج ملموسة الأثر فى توفير الحد الأدنى اللازم من الحماية القانونية لهذه العمالة- والتى لا يمكن تحقيقها دون تطـــوير نص قانونى يستجيب لتعقيدات وعلاقات العمل على الأرض، وبناء آليات رقابة حكومية ومجتمعية فاعلة.

وواقع الحال أن جميع ما تضمنته قرارات وزارة العمل ظل حبراً على ورق، فلم نشهد أياً من هذه اللجان الاستشارية المحلية التي تتابع تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة، ولم تُتخذ خطوات ذات وزن نحو تسجيل العمالة غير المنتظمة- اللهم إلا مع تفجر الأزمة التي صاحبت وباء كوفيد-19، ولم يتم تسجيل أكثر من مليون وستمائة ألف عاملاً إبان هذه الأزمة على أية حال- .(رغم أن عدد العاملين عملاً غير منتظم يتجاوز 13 مليون عامل وفقاً لأكثر التقديرات تحفظاً.

استمر تشغيل هؤلاء العمال من خلال مقاولي الأنفار-رغم القرارات الوزارية- بل تشكلت شركات تتولى تشغيل العمال من الباطن تحت مسمى شركات حراسة أو شركات تقديم خدمات معاونة- واستمرت الغالبية العظمى منهم تعمل دون عقود عمل ودون أي حقوق.. ذلك أن الآليات التيعمدت إليها وزارة القوى العاملة بقيت محدودة [ونكاد نقول عديمة] الأثر لأسبابٍ عديدة نذكر منها أن نسبة ما يتم حصره وتسجيله من العمال محدودة للغاية.. حيث تعتمد طريقة التسجيل على العمال أنفسهم الذين لا يجدون حافزاً لتحمل مشقاتها. وأن المنافع التي يقدمها صندوق تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة قليلة للغاية.

وضمن حزمة القرارات التي اتخذتها الحكومة في مطلع مارس الماضي لدعم الشرائح والفئات الاجتماعية التي تعاني آثار التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية غير المسبوق، تقرر صرف خمس منح سنوياً للعمالة غير المنتظمة غير أن هذه المنح- بطبيعة الحال- لا يحصل عليها سوى العمال المسجلين –وهم أقلية كما سبق القول، كما أنها قليلة ومحدودة الأثر، حيث قيمة المنحة 500 جنيه (ما يعادل 10 دولار تقريباً) أي أن مجموع المنح السنوية يعادل 50 دولار تقريباً !!!

 

 

العمال يدفعون فاتورة الأزمات الاقتصادية

وبطبيعة الحال يتحمل العمال، وذوي الدخول الثابتة والمنخفضة، فاتورة هذه الأزمات الاقتصادية الخانقة، ورغم إصدار الحكومة حزمة من القرارات في محاولة لامتصاص آثارها تضمنت زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين في الإدارات والمؤسسات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام إلى6000 جنيه، وتقديم موعد صرف زيادة المستحقات التأمينية (المعاشات) إلى شهر مارس بدلاً من يوليو، وضخ المزيد من بعض الإعانات الإضافية إلا أن هذه الإجراءات المحدودة لم يكن لها أن تصمد أمام تضاعف أسعار السلع الأساسية الذي التهمها دون رحمة، بل أن الكثير من الأسر عانت مباشرةً من انخفاض واضح وكبير في مستوى معيشتها- على الأخص- وأنها لا تملك ترف اللجوء إلى بدائل أقل تكلفة.

وقد أدى ذلك إلى تواتر الإضرابات والحركات الاحتجاجية العمالية منذ بداية العام الحالي في مختلف القطاعات للمطالبة بزيادة الأجور، حيث كشفت هذه الإضرابات والتحركات-مرةً أخرى- عن غياب التنظيم النقابي الفاعل الذي يحظى بثقة العمال ويمكنه التفاوض نيابةً عنهم.. فالاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي" لم يزل أقرب ما يكون إلى مؤسسة حكومية وليس منظمة جماهيرية، يحتكر تمثيل العمال، بينما هو غائبٌ عن مشاكلهم، ولا يتبنى مطالبهم، ولم تزل الأغلبية الساحقة من عمال القطاع الخاص بلا نقابات، بل لم تزل غالبية العمال المؤقتين الذين يعملون في الهيئات التابعة للحكومة ذاتها غير ممثلين في المنظمات النقابية.

ولأن غالبية الإضرابات والحركات الاحتجاجية يلجأ إليها العمال تلقائياً دون منظمات نقابية إزاء غياب آليات المفاوضة الجماعية، وامتناع أصحاب العمل- بمن فيهم الهيئات الحكومية- عن التفاوض مع العمال، فإن هذه الإضرابات والحركات الاحتجاجية غالباً ما تواجه بصور شتى من القمع التي تبدأ بالتحقيق الإداري وتوقيع العقوبات على العمال، وتنتهي بتحقيقات النيابة، واحتجاز البعض منهم في أقسام البوليس أو مقرات الأمن الوطني.

 

أحداث غزل المحلة

كان من شأن قرار زيادة الحد الأدنى للأجر للعاملين في الأجهزة الحكومية إلى 6000 جنيه والاحتفاء الإعلامي بهذا القرار - بما تضمنه من تشديد على إدراك القيادة السياسية لمعاناة أبناء الشعب المصري والرغبة في تخفيف هذه المعاناة- أن يرى عمال شركات قطاع الأعمال العام –وبينهم عمال غزل المحلة- وعمال القطاع الخاص من غير المنطقي استبعادهم من تطبيق الحد الأدنى للأجر الذي قررته الحكومة للعاملين فيها.-على الأخص- وأن الحد الأدنى الذي قررته الحكومة للعاملين في أجهزتها هو بغير شك الحد الأدنى اللازم لكي يتمكن العامل أو لنقل الإنسان من الوفاء بالتزاماته واحتياجاته واحتياجات أبنائه الضرورية، وهو حق لعمال مصر جميعهم.

وبسبب من ذلك كانت الأحداث المتصاعدة التي شهدتها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى منذ صباح الخميس الموافق 22/2/2024 حيث تجمعت العاملات بمصانع الملابس البالغ عددهن حوالي 3700 عاملة معربات عن احتجاجهن على أجورهن المتدنية، ثم تجمع العمال بساحة طلعت حرب يوم السبت الموافق 24/2 مطالبين بتطبيق الحد الأدنى للأجر الذي قررته الحكومة للعاملين فيها عليهم، ومعلنين إضرابهم عن العمل الذي استمر لمدة أسبوع مع التزامهم بالتعبير عن مطالبهم بالوسائل السلمية المشروعة.، واستثناء الأقسام المنوط بها إنهاء طلبيات التصدير من الإضراب، ولدى تدخل أعضاء اللجنة النقابية التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر (الحكومي) لحمل العمال على فض التجمع والإضراب قوبلوا برفض العمال واستنكارهم .

ورغم استعداد العمال للتفاوض بشأن مطالبهم إلا أن إدارة الشركة والمسئولين الحكوميين استنكفوا عن التفاوض معهم، ولما كانت اللجنة النقابية التابعة للاتحاد الحكومي قد اتخذت موقفاً مضاداً لحركة العمال وإضرابهم، ورغم أنهم طالبوا بالتفاوض مع ممثليهم الذين يختارونهم بإرادتهم الحرة، إلا أنه لم يتم تنظيم أي مفاوضة جماعية مع العمال.

 ثم صدر يوم الأربعاء الموافق 28/2/2024 قرار وزير قطاع الأعمال العام رقم 16 لسنة 2024 الذي تضمن زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين في شركات قطاع الأعمال العام إلى 6000 جنيه شهرياً، ورغم عدم الاستجابة لمطالب عمال غزل المحلة الأخرى، إلا أنهم قرروا إنهاء إضرابهم والعودة إلى العمل بمجرد تلقيهم رسالة إيجابية من الحكومة.

وبالرغم من ذلك تعرض عمال غزل المحلة طوال مدة إضرابهم، للكثير من الضغوط، وممارسات التهديد والترويع.. حيث تم استدعاء ما يزيد على سبعين عاملاً وعاملة من قبل جهاز الأمن الوطني، وتم احتجاز معظمهم لعدد طويل من الساعات دون أن يعلم أحد مكان احتجازهم وما يجري معهم، ثم قام جهاز الأمن الوطني يوم 29/2 وبعد عودة العمال للعمل باحتجاز ثلاثة عشر عاملاً، وفيما تم لاحقاً بعد أكثر من يومين إطلاق سراح عدد منهم، استمر اختفاء كل من وائل محمد أبو زويد، ومحمد محمود طلبة، إلى أن فوجئ ذويهم وزملاؤهم بظهورهما أمام نيابة أمن الدولة العليا التي أصدرت قراراً بحبسهما خمسة عشر يوماً على ذمة القضية رقم 717 لسنة 2024.. حيث تم اتهامهما بالتهمتين الشائعتين المكرورتين: الانضمام إلى جماعة مُشكلة على خلاف القانون، ونشر إشاعات وأخبار وبيانات كاذبة!!

ورغم انتهاء إضراب العمال في شركة غزل المحلة، استمر حبس وائل محمد أبو زويد، ومحمد محمود طلبة لمدة ثلاثة أشهر إلى أن تم الإفراج عنهما يوم الأحد الموافق 26 مايو 2024 دون أن يكون لهذا التعسف ما يبرره، اللهم إذا كان محاولة لتحميل أحد مسئولية الإضراب رغم أن الحكومة وحدها هي من تتحمل المسئولية، أو إذا كان رغبة غير مفهومة في الانتقام من عمال غزل المحلة تتجسد في التنكيل باثنين منهم دون سبب أو سند من الواقع.

 

عمال ونقابيون ما زالوا قيد الحبس الاحتياطي

لم يكن وائل ومحمد طلبة هما فقط العمال المحبوسين الموجهة إليهم ذات الاتهامات المكرورة التي يدرك الجميع تهافتها (الانضمام إلى جماعة مؤسسة على خلاف القانون، ونشر إشاعات وأخبار وبيانات كاذبة )، فلم يزل هناك غيرهم من النقابيين محبوسين وموجهة إليهم هذه الاتهامات المتهافتة وهم سامح زكريا من العاملين في هيئة الإسعاف الحكومية محبوس على ذمة القضية رقم 2412 لسنة 2022، وأحمد عبد الفتاح الأمين العام المساعد لنقابة العاملين بشركة شرق الدلتا للنقل والسياحة محبوس على ذمة القضية رقم 2124 لسنة 2023، والنقابي شادي محمود من الإسكندرية وتم القبض عليه وحبسه مؤخراً يوم 29 إبريل الماضي.

 

وآخرون يتعرضون للضغوط

كما تعرض الموظفون المتضررون من القانون رقم 73 لسنة 2021 والمتظلمون من قرارات إنهاء خدمتهم للكثير من الضغوط الأمنية، حيث قامت قوات الأمن بفض تجمعاً للعشرات منهم وألقت القبض على ثلاثة عشر موظفاً منهم من محيط نقابة الصحفيين يوم السبت الموافق 1 يونيو، لتتم إحالتهم إلى النيابة التي وجهت لهم تهمة التظاهر بدون ترخيص بالمخالفة للقانون رقم 107 لسنة 2013، وتم التحفظ عليهم لمدة يومين بقسم قصر النيل رغم نفيهم الاتهامات الموجهة إليهم كونهم قد قاموا بإرسال إخطار بالتظاهر إلى مأمور قسم قصر النيل قبل أكثر من أسبوع، كما أنهم امتثلوا للأوامر الأمنية بالانصراف.

ويجدر بالذكر أن عشرات الآلاف من الموظفين في الهيئات والمؤسسات الحكومية قد تم إنهاء خدمتهم على سند من القول بتعاطيهم المخدرات بعد إجراء تحليل مفاجئ لهم تنفيذاً للقانون رقم 73 لسنة 2021، ويشكك غالبية هؤلاء في صحة نتائج التحاليل التي تقوم اللجان بإجرائها ومدى التزامها بالحيادية، ومعايير الشفافية والنزاهة.

 

تراجع الحريات النقابية

وعلى صعيد آخر لم يزل مطلب الحريات النقابية بعيد المنال، فالانتخابات النقابية تجري وفقاً لنصوص القانون رقم 213 لسنة 2017 بما تتضمنه من إكراه النقابات على إجراء انتخاباتها في موعد واحد، وإكراه الراغبين في الترشح للانتخابات على تقديم كثير من المستندات التي لا مبرر لها، وإخضاع العملية الانتخابية لإشراف وتدخل وزارة ومديريات العمل، حيث شهدت الانتخابات النقابية التي أجريت عام 2022 انتهاكاً فظاً لحق العمال في اختيار ممثليهم بحرية وفقاً لما ينص عليه الدستور، واتفاقيات العمل الدولية، بل ونصوص قانون المنظمات النقابية العمالية رقم 213 لسنة 2017 ذاته، حيث تم حرمان ما يقارب ألفين من المتقدمين بطلبات وأوراق ترشحهم من حقهم في الترشح.. وتباينت أسباب الاستبعاد بين اعتبارات لدى أجهزة الأمن- وإن كانت في معظم الأحوال غير مفهومة وغير مبررة-واعتبارات لصالح رجالات الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي" سواء باستبعاد مرشحي اللجان النقابية المستقلة أو باستبعاد المرشحين المنافسين لانتخابات مجالس إدارات اللجان النقابية التابعة للاتحاد نفسه، بل وأحياناً مجرد اعتبارات شخصية أو انتقامية !!ُ

ولعله جديرٌ بالذكر أن محكمة جنوب الجيزة الابتدائية قد قضت في الدعوى رقم 1184 لسنة 2022 بأحقية عبد الرؤوف محمد أحمد- المستبعد- في إدراج اسمه ضمن كشوف المرشحين الابتدائية والنهائية، حيث تأيد هذا الحكم وأصبح نهائياً بموجب الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، مأمورية السادس من أكتوبر في القضية رقم 1395 لسنة 140ق.

وقد تأسس هذا الحكم الصادر بأحقية عبد الرؤوف في الترشح لانتخابات رئيس اللجنة النقابية للعاملين بهيئة الإسعاف بالجيزة على مخالفة اللجنة المشرفة على الانتخابات نص المادة 24 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 213 لسنة 2017 كونها رفضت تظلمه دون إبداء الأسباب، وهو المسلك الذي دأبت عليه جميع اللجان المشرفة على الانتخابات، حيث تم استبعاد المئات من راغبي الترشح ورفض تظلماتهم دون إبداء الأسباب!!

وفضلاً عن الاستبعاد غير المسبب تعرض بعض من راغبي الترشح في المنظمات النقابية المستقلة-قبيل الانتخابات- للتهديد من قبل جهاز الأمن الوطني كما حدث مع اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالإسماعيلية، واللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية في كفر الشيخ، واللجنة النقابية للعاملين بأندية هيئة قناة السويس، واللجنة النقابية للعاملين بهيئة الإسعاف بالفيوم.

حيث كان من شأن هذه التهديدات أن تؤدي إلى امتناع العمال في المنظمات النقابية المستقلة عن التقدم للترشيح ليتجنبوا دفع الثمن الكبير لذلك من حريتهم أو حقهم في العمل.

ومن أمثلة ذلك أيضاً طارق كعيب الذي كان مرشحاً لرئاسة اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالقليوبية، مصطفى سيد أبو سبع الذي كان مرشحاً لرئاسة اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالديوان العام، ومجدي محمد علي الذي كان مرشحا لعضوية هذه اللجنة، جميع المرشحين للمجلس التنفيذي للجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بقنا، وعبد العزيز سليمان الذي كان مرشحاً لرئاسة اللجنة النقابية للعاملين بمجموعة النيل لينين جروب للنسيج.

وبالإضافة إلى ذلك قررت اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات (برئاسة ممثل وزارة القوى العاملة وعضوية ممثل الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي" عدم إجراء الانتخابات النقابية لكلٍ من اللجنة النقابية للعاملين بشركة المياه والصرف الصحي بقنا والقليوبية، واللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بقنا.

 

التوقف عن تسجيل النقابات المستقلة وإنهاء الأوضاع المعلقة

وعلى امتداد العامين الماضيين لم يحدث تقدم يُذكر في ملف الحريات النقابية، ولم تتمكن المنظمات النقابية المُعلقة أوضاعها من إيداع أوراقها واستيفاء أوضاعها القانونية، ورغم أن الحكومة المصرية كانت قد تعهدت بالعمل على إنهاء كافة الأوضاع المعلقة، وتم تشكيل لجنة بموجب قرار وزير القوى العاملة رقم 162 لسنة 2020 لمراجعة جميع أوضاع وشكاوى المنظمات النقابية غير أنه لم يتم تسجيل سوى عدد قليل للغاية من المنظمات النقابية.

ومع التعديل الوزاري السابق وتقلد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الحكومي" سابقاً منصب وزير العمل، تم تجميد عمل اللجنة الوزارية، وتوقفت المفاوضات بشأن مشاكل تسجيل النقابات، وتم التراجع بضع خطوات في ملف الحريات النقابية، حيث تصر مديريات العمل على استلام أوراق المنظمات النقابية دون تسليم ممثليها إفادة بذلك مدعية انتظار تعليمات الوزارة الذي يمتد شهوراً وربما أعوام دون أن يخلو الأمر من محاولات الضغط على المنظمات النقابية المستقلة لإكراهها على الانضمام إلى الاتحاد العام للنقابات (الحكومي).

إن هذا لا يحرم فقط العمال الذين يؤسسون نقاباتهم من حقهم في تكوين نقابات، وإنما أيضاً ينتهك هذا الحق كلياً، فكيف يمكن للعمال أن يتجهوا إلى تأسيس نقاباتهم بينما هم يعلمون أن محاولاتهم سوف تنتهي إلى الفشل.

 

 

المنظمات النقابية الآتية لم تتمكن من التسجيل رغم اكتمال إجراءاتها وأوراقها

  • النقابة العامة للعاملين بالضرائب العقارية
  • النقابة العامة للعاملين بالسياحة والنقل السياحي.
  • اللجنة النقابية المهنية للعاملين بأسمنت حلوان
  • اللجنة النقابية للعاملين بإدارة شرق المنصورة التعليمية
  • اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بأسيوط
  • اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالبحيرة
  • اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالبحيرة
  • اللحنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالدقهلية
  • اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالغربية
  • اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالجيزة
  • اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية ببور سعيد
  • اللجنة النقابية للعاملين بالجودة بالقاهرة.
  • اللجنة النقابية للعاملين بالجودة بالإسماعيلية
  • اللجنة النقابية للعاملين بنيابات ومحاكم القاهرة الجديدة.

وفضلاً عن ذلك، لم تتمكن بعض النقابات التي نجحت في التسجيل من ممارسة أعمالها وأنشطتها لامتناع الجهة الإدارية (مديريات العمل) عن تسليمها الخطابات اللازمة لتسيير عملها، ومن أمثلة ذلك اللجنة النقابية لخدمات السائقين بالقليوبية، اللجنة النقابية للعاملين بالتعليم بقنا، اللجنة النقابية للعاملين بالتعليم في قوص.

كما يتعرض بعض النقابيين للتعسف الإداري على الأخص في الهيئات الحكومية ومن أمثلة ذلك فصل النقابي أحمد عبد المرضي عضو اللجنة النقابية للعاملين بهيئة تعليم الكبار من عمله لممارسة نشاطه النقابي.

وبالرغم من الحق المطلق للجمعيات العمومية للمنظمات النقابية في أن تقرر شئونها وتختار ممثليها بحرية، فإن العديد من المنظمات النقابية تجد نفسها في وضع غير معقول حيث لم تجرِ انتخابات المجلس التنفيذي في الموعد المحدد بقرار وزارة القوى العاملة، وبالتالي تظل أوضاعها معلقة مثل اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بقنا، اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالقليوبية.

 

تعرض اللجنة النقابية للعاملين بأندية هيئة قناة السويس لانتهاكات فظة، والتنكيل برئيسها

إن إحدى الأمثلة الصارخة على التدخل الحكومي في الشأن النقابي، ومصادرة حق الجمعيات العمومية في اختيار ممثليها هو ما يحدث مع اللجنة النقابية للعاملين بأندية هيئة قناة السويس التي تتعرض لانتهاك فظ الآن كما يلي:

كانت المنظمة النقابية للعاملين بأندية هيئة قناة السويس قد تأسست في فبراير 2012 وفقاً لإعلان الحريات النقابية الذي أصدره وزير القوى العاملة في مارس 2011، واستمرت تعمل وتمارس أنشطتها رغم الكثير من العقبات التي تحدتها، ومع صدور قانون المنظمات النقابية رقم 213 لسنة 2017 قامت المنظمة النقابية في مارس 2018 بتوفيق أوضاعها وفقاً لأحكام القانون، واكتسبت بذلك شخصيتها الاعتبارية.

وفي سنة 2022 لدى إعلان وزارة القوى العاملة القرارات الوزارية المنظمة لإجراء الانتخابات النقابية في كافة النقابات على المستوى القومي تعرض أعضاء اللجنة النقابية الراغبين في ترشيح أنفسهم لرئاسة وعضوية المجلس التنفيذي للنقابة لتهديد الأجهزة الأمنية الرافضة لبعض هؤلاء المرشحين مما ترتب عليه عدم إجراء الانتخابات في هذه النقابة وفقاً للتوقيت المعلن من وزارة القوى العاملة.

ولأن العديد من المنظمات النقابية قد تظلمت من عدم إجراء الانتخابات بها نتيجة التدخلات الأمنية والإدارية، فقد أصدر وزير القوى العاملة القرار الوزاري رقم 1061 الذي تضمن السماح للمنظمات النقابية باختيار مجالسها لتسيير أعمالها، ووفقاً لذلك قامت اللجنة النقابية للعاملين بأندية هيئة قناة السويس بعقد جمعيتها العمومية يوم 10/8/2022، حيث قررت بإجماع أعضائها تجديد الثقة في مجلسها التنفيذي الحالي.

وتقدمت اللجنة النقابية إلى مديرية القوى العاملة بمحضر اجتماع الجمعية العمومية وقراراتها غير أنها رفضت استلام الأوراق، فتقدمت اللجنة بمذكرة إلى وزارة القوى العاملة مرفق بها محضر اجتماع الجمعية العمومية وكشف توقيعات الأعضاء غير أنها لم تتلقَ رداً.

ثم فوجئت اللجنة النقابية بتاريخ 5/3/2024 بالمديرية ترسل خطاباً إلى إدارة الأندية (جهة العمل) يفيد بأن اللجنة النقابية ليس لها تشكيل معتمد، وتسلم رئيس اللجنة النقابية ما يشبه الإنذار بعدم وجود اللجنة كونها ليس لها تشكيل، وبناء عليها أوقفت جهة العمل التعامل مع اللجنة النقابية، وتعرضت اللجنة لتجميد نشاطها، بل أن رئيس اللجنة النقابية كرم عبد الحليم تم إحالته للتحقيق الإداري بزعم انتحاله صفة رئيس لجنة نقابية وادعائه تمثيل كيان لا وجود له.

 

اللجنة النقابية للعاملين بشركة النصر للغزل والنسيج (الشوربجي)

بتاريخ 22/6/2021 قررت الجمعية العمومية لشركة مصر حلوان للغزل والنسيج دمج ثلاث شركات بها وهي شركة مصر لصناعة معدات الغزل والنسيج، الشركة المصرية لغزل الصوف والقطن، وشركة النصر للغزل والنسيج (الشوربجي)، واقتصرت عملية الدمج على الدمج الإداري فقط بينما ظل العاملون بالشركات المدمجة يعملون في شركاتهم وعلى قوتها.

وبتاريخ 6/4/2022 صدر القرار الوزاري رقم 45 لسنة 2022ابالجدول الزمني للانتخابات النقابية، ووفقاً لهذا الجدول تم إجراء انتخابات اللجنة النقابية للعاملين بشركة النصر للغزل والنسيج/الشوربجي (لجنة نقابية تابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر الحكومي)، يوم الاثنين الموافق 16/5/2022 حيث انتخب العمال مجلس إدارة اللجنة النقابية الذي باشر أنشطته منذ انتخابه، إلى أن فوجئ مؤخراً بالنقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج -التي يُفترض أن اللجنة النقابية للعاملين بالشوربجي عضوٌ بها – تُقرر حل هذه اللجنة، وتخاطب إدارة شركة مصر حلوان التي تتخذ بدورها قراراً بنقل العضوية النقابية للعاملين بشركة الشوربجي إلى اللجنة النقابية للعاملين بشركة مصر حلوان للغزل والنسيج.

وقد استندت النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج (التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر) في قرارها حل اللجنة النقابية للعاملين بالشوربجي إلى المادة (23) من قانون المنظمات النقابية رقم 213 لسنة 2017 التي تنص في فقرتها الثانية على أنه "في حالة دمج المنشأة التي بها مقر اللجنة النقابية العمالية في منشأة أخرى تنتقل عضوية العامل إلى اللجنة النقابية في المنشأة المدمجة فيها ويتمتع بالمزايا والخدمات المقررة في المنظمة النقابية المنقول إليها من تاريخ النقل"، غير أن ذلك يستدعي الملاحظات التالية:

  • إن المادة (23) من قانون المنظمات النقابية رقم 213 لسنة 2017 هي واحدة من مثالب القانون المُطالب بتعديلها، ذلك أنها فيما تقرره من انتقال عضوية العامل- أوتوماتيكيا دون إرادته- من منظمة نقابية إلى منظمة نقابية أخرى إنا تمثل انتهاكاً لحرية الانضمام والانسحاب من المنظمة النقابية.
  • إن ما ذهبت إليه النقابة العامة في قرارها حل اللجنة النقابية للعاملين بالشوربجي ونقل عضوية أعضائها إلى لجنة نقابية أخرى إنما يتناقض صراحةً مع المادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون المنظمات النقابية التي تنص على أنه "للعمال –دون تمييز- الحق في تكوين المنظمات النقابية، ولهم كذلك حرية الانضمام إليها، أو الانسحاب منها، وذلك وفقاً للقواعد المقررة في هذه اللائحة والنظم الأساسية لهذه المنظمات........"، وكذلك المادة (4) فيما تنص عليه من أنه "لكل منظمة نقابية شخصية اعتبارية مستقلة عن غيرها من المنظمات وللمنظمة النقابية الأدنى الحق في الانضمام لمنظمة نقابية أخرى أعلى أو الانسحاب منها أو ممارسة نشاطها منفردة دون الانضمام لأي منظمة نقابية أخرى"

إن اللجنة النقابية للعاملين بالشوربجي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج ولا يملك حق حلها سوى جمعيتها العمومية

  • إن المادة (23) من القانون-رغم ما يؤخذ عليها- إنما قُصد منها كفالة حق العمال أعضاء المنظمة النقابية -الذين لم يعد لمنشأتهم من وجود- وليس إكراههم على انتقال عضويتهم، وإعمال هذه المادة إنما ينصرف فقط إلى الحالة التي يتم فيها دمج المنشأة التي بها مقر اللجنة النقابية في أخرى، بينما في حالة اللجنة النقابية للعاملين بالشوربجي لم تزل المنشأة التي بها مقر اللجنة النقابية قائمة، ولم يزل العاملون يعملون بمصانعها، ولا يخل الدمج الإداري لها بأن يحتفظ هؤلاء العمال بمنظمتهم النقابية المستقلة عن المنظمة النقابية للعاملين بشركة مصر حلوان للغزل والنسيج التي اندمجت فيها شركتهم إدارياً.
  • إن الأمر المدهش هنا هو أن تخاطب النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج إدارة شركة مصر حلوان للغزل والنسيج وأن تصدر هذه الإدارة قرار انتقال عضوية العاملين بالشوربجي إلى اللجنة النقابية لشركة مصر حلوان!!.. واستكمالاً لهذا المشهد العبثي تقوم إدارة الشركة بالاستيلاء على مقر اللجنة النقابية وسائر متعلقاتها.. هل تملك الإدارة سلطة إصدار القرار في شأن نقابي؟

قصور آليات الحوار الاجتماعي

يعد الحوار الاجتماعي أحد الشروط الهامة لتوازن المجتمع، وضرورة من ضرورات استقرار مجتمع العمل، وإيجاد البيئة الدافعة له.

وقد نص الدستور المصري في المادة 13 منه على أن " تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعي، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، ويحظر فصلهم تعسفياً، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون".

ونصت اتفاقية العمل الدولية رقم 98 الموقع عليها من الحكومة المصرية عام 1954 على التزام الحكومات بتشجيع المفاوضة الجماعية الطوعية، من خلال وضع آليات مناسبة تضمن حرية التنظيم وتدابير مشجعة للمفاوضة الجماعية.

وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1027 لسنة 2014 بتأسيس المجلس الأعلى للحوار المجتمعي، وتم تعديله بموجب القرار رقم 799 لسنة 2018، غير أن قواعد المشاركة في المجلس وآليات عمله لم تزل تحد من فاعليته كآلية للحوار تتيح التفاعل والتفاوض بين الرؤى والمواقف المختلفة للأطراف الاجتماعية، ومن أمثلة ذلك حرمان واحد من التجمعات العمالية الهامة – وهو اتحاد تضامن النقابات العمالية تحت التأسيس- من التمثيل في الحوار والتفاوض بشأن مشروع قانون العمل –وهو الشأن العمالي الهام-.

ولعله جدير بالذكر أيضاً في هذا الصدد أن لجنة القوى العاملة بمجلس النواب قد امتنعت حتى الآن عن تنظيم جلسات استماع مع الأطراف العمالية وكافة المهتمين بهذا الشأن وأصحاب المصلحة في صدور قانون عمل متوازن يكفل حقوق العمال.

-------------------------------

وبعد.. يتساءل البعض ماذا يريد العمال من الحكومة الجديدة، ووزير العمل الجديد.. والإجابة ببساطة يريد العمال معالجة الأوضاع المذكورة أعلاه.. يريد العمال إزالة جميع القيود والمعوقات القانونية والإدارية التي تحول دون ممارسة حقهم في تكوين منظماتهم النقابية بحرية.. يريد العمال مواكبة الأجور للأسعار، وتحديد الحد الأدنى للأجور سنوياً بموجب قانون ملزم لكافة الأطراف بتطبيقه على أن يكون عادلاً كافياً للوفاء بمتطلبات المعيشة الأساسية، ويعاد النظر فيه بما يتلاءم مع معدلات التضخم.. يريد العمال قانوناً للعمل يكفل لهم الأمان الوظيفي والأجر العادل، كما يكفل حقهم في الإضراب دون شروط تعجيزية.. يريد العمال تعديل قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019.. وكفالة الحماية القانونية والاجتماعية للعمالة غير المنتظمة، وقبل كل ذلك الإفراج عن العمال المحبوسين، وتفعيل آليات الحوار والتفاوض الاجتماعيين التي تكفل تمثيلهم فيها من خلال منظماتهم الحقيقية الفاعلة.

اتحاد تضامن النقابات العمالية

لجنة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمال

دار الخدمات النقابية والعمالية