خصخصة الصحة وتخلي الحكومة عن مسؤوليتها
في خطوة خطيرة على طريق تنصل الدولة من مسئولياتها الاجتماعية وافق البرلمان يوم الاثنين 20 مايو 2024 على قانون "تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية" والذي يسمح بتأجير المستشفيات الحكومية للمستثمرين مع إعطائهم الحق في الاستغناء عن ما يصل إلى 75% من العمالة الموجودة بها والسماح أيضا بتعيين ما يصل إلى 25% من العمالة الأجنبية من أطباء وأفراد هيئة التمريض وفنيين دون أى إلزام للمستثمر بوضع حد أقصى لسعر الخدمة الصحية المقدمة في هذه المنشآت أو توفير أى نسبة من العلاج لمحدودي الدخل.
وذهبت كلمات نقابة الأطباء المصرية الموجهة للبرلمان أدراج الرياح حيث وجه نقيب الأطباء د.أسامة عبد الحى خطاب إلى رئيس مجلس النواب حذر فيه من أن القانون أغفل حق المريض المصري في الحصول على العلاج والرعاية الصحية وفقا لما نص عليه الدستور كما أنه يهدد استقرار 75% من الأطقم الطبية بتلك المستشفيات؛ لأنه يعطي الحق للمستثمر الاستغناء عنهم، ليعاد توزيعهم بعدها بمعرفة وزارة الصحة دون النص في القانون على مراعاة للظروف الاجتماعية والأسرية لهم، مما يزيد معاناة الأطقم الطبية ويؤدي لزيادة وتيرة هجرة العمالة الطبية الماهرة إلى الخارج.
كما أجاز مشروع القانون لوزير الصحة أن يمنح ترخيص مزاولة مهنة الطب للأطباء الأجانب للعمل داخل المنشأة التي يستأجرها المستثمر دون غيرها، متخطيًا بذلك الإجراءات المعمول بها في منح ترخيص مزاولة مهنة الطب للأجانب والمنصوص عليها في القوانين السارية المتعلقة منها قانون نقابة الأطباء رقم ٤٥ لسنة ١٩٦٩ وقانون مزاولة مهنة الطب رقم ٤١٥ لسنة ١٩٥٤ وتعديله بالقانون ١٥٣ لسنة ٢٠١٩. وهو ما يثير المخاوف من تعيين المستثمرين لأطباء من خريجي جامعات غير معترف بها من المجلس الأعلى للجامعات، والتي قررت نقابة الأطباء في جمعيتها العمومية عدم قيدهم بسجلاتها.
ومن المؤلم أن يأتي ذلك في ظل تراجع الإنفاق الحكومي على الصحة ووجود عجز في عدد الأسرة بالمستشفيات والذي تصل نسبته إلى 1,1 لكل ألف مواطن بالمقارنة بالنسبة العالمية 2,8 لكل ألف مواطن، وبعد أقل من ثلاثة أشهر على صدور القرار رقم 75 لسنة 2024 بشأن اللائحة التنظيمية للمنشآت الصحية والمستشفيات الحكومية العامة التابعة لوحدات الإدارة المحلية، الذي رفع أسعار تحصيل الخدمة - التي كان من المفترض أنها مجانية - من المواطنين، ومن بينها قيمة الكشف والعلاج من المترددين على العيادات الخارجية الصباحية، ومقابل زيارة المرضى في أوقات الزيارة، وقلص الحد الأدنى لنسب العلاج المجاني إلى 25% من عدد الأسرة والأقسام الداخلية، ورفع أسعار الخدمات التي تقدمها المنشآت الصحية والمستشفيات الحكومية العامة التابعة لوحدات الإدارة المحلية.
وتدين دار الخدمات النقابية والعمالية صدور هذا القانون الذي يقنن تخلي الدولة عن العاملين بالقطاع الصحي مما سيؤدي بالضرورة للمزيد من تدهور القطاع مما ينذر بكارثة في مستويات الصحة العامة لا يمكن إلا أن تؤثر سلبا على العملية الإنتاجية التي تتخذها الحكومة ذريعة خلف كل خطوة تخطوها في طريق التخلي عن مسئولياتها الاجتماعية.
كما تؤكد دار الخدمات النقابية والعمالية على موقفها الرافض لتخلي الدولة عن مسئولياتها الاجتماعية في مختلف المجالات وعلى رأسها الصحة والتعليم والأمن الغذائي والسكن وتحول الحكومة لحكومة جباية تعمل فقط من أجل تسديد ديون لم يكن المواطن طرفا في الحصول عليها ولم تنعكس على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
دار الخدمات النقابية والعمالية
23 \ 5 \ 2024
إضافة تعليق جديد