رغم تشكيل اللجنة الوزارية بوزارة القوى العاملة للشكاوى والمتابعة
مؤشرات لا تبعث على التفاؤل وتثير الكثير من الشكوك والتساؤلات
خطاب صادم صادر عن مديرية القوى العاملة بالغربية
في إطار مشروع علاقات العمل ومؤسساتها في مصر الذي تقوم على تنفيذه منظمة العمل الدولية بالشراكة مع الحكومة والأطراف الاجتماعية المصرية ، تم انعقاد الاجتماع الثلاثي الثاني في الخامس من نوفمبر 2020 بمشاركة كافة الأطراف.
وكان المشروع قد تم إطلاقه في الثامن من مارس 2020 مستهدفاً العمل على محاور ثلاث هي:
وخلال اجتماع الخامس من نوفمبر تم استعراض نتائج المشاورات الأولية التي أجرتها المنظمة مع الأطراف الاجتماعية، ومدى التقدم المحرز في اتجاه تحقيق أهداف المشروع، حيث أعربت المنظمات النقابية العمالية المشاركة عن قلقها بشأن تعثر الخطوات المفترض اتخاذها من أجل تعزيز الحريات النقابية وعلى الأخص فيما يتعلق بالمنظمات النقابية المعلقة أوضاعها منذ شهور طويلة –وربما لمدة تتجاوز العامين- رغم اكتمال اتخاذها كافة الإجراءات وتقديم أوراقها ومستنداتها اللازمة لاستيفاء أوضاعها القانونية.
وقد أبدت الحكومة ممثلة في وزارة القوى العاملة استعدادها للعمل من أجل حل جميع الأوضاع المعلقة ، وانتهى الاجتماع إلى الاتفاق على خطوات عملية في هذا الاتجاه يتم اتخاذها من خلال اللجنة التي قام بتشكيلها وزير القوى العاملة لفحص أوضاع وشكاوى المنظمات النقابية المعلقة أوضاعها ، حيث تعاقبت اجتماعات اللجنة مع المنظمات النقابية، وتم الانتهاء من تسجيل البعض القليل منها.
غير أن إيقاع العمل قد عاد إلى التباطؤ من جديد خلال الأسابيع الأخيرة ، وبدا أننا نراوح مكاننا، بل أننا في بعض الأحيان نتقدم خطوة ثم نتراجع خطوتين ، حيث تبدت عقبات خطيرة ، وبرزت مشكلة كبيرة يصعب تفسيرها وهي امتناع مديريات القوى العاملة عن تنفيذ ما يتم التوافق عليه مع اللجنة الوزارية المشكلة ، كما وردت رسائل سلبية يتعين التوقف عندها ونوردها فيما يلي من وقائع:
ثم فوجئ أعضاء اللجنة النقابية –بل وفوجئنا جميعاً- بكتاب صادر عن مديرية القوى العاملة بالغربية-شئون المنظمات النقابية برقم صادر 5176 مؤرخ في 31/12/2020 موجه إلى رئيس اللجنة النقابية مفيداً بأنه "لا يجوز إنشاء لجنة نقابية أخرى للضرائب العقارية داخل المنشأة بمحافظة الغربية"!! .."حيث أنه يوجد لجنة نقابية بالضرائب العقارية بالغربية تحت مسمى "اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بالغربية".؛
واستندت مديرية الضرائب العقارية في رفضها تسجيل اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية والملاهي بمحافظة الغربية إلى "المادة (1/هـ) من قانون رقم 213 لسنة 2017 بشأن إصدار قانون المنظمات النقابية وحق التنظيم النقابي" التي نصت على "اللجنة النقابية للمنشأة : التجمع النقابي الذي ينشئه العمال على مستوى المنشأة" [وهو النص الوارد ضمن التعاريف] مستخلصةً من هذا النص "أن للمنشأة لجنة نقابية واحدة لا غير، بحسب دلالة النص التعريفي للجنة النقابية للمنشأة"
ثم دللت المديرية أيضاً على ادعائها عدم جواز أكثر من لجنة نقابية بالمنشأة بما نصت عليه المادة 23 من القانون رقم 213 لسنة 2017 من أنه "تنتقل عضوية العامل إلى اللجنة النقابية للمنشأة التي ينقل إليها ، ويتمتع بالمزايا ، والخدمات المقررة في المنظمة النقابية المنقول إليها من تاريخ النقل.
وفي حالة دمج المنشأة التي بها مقر اللجنة النقابية العمالية في منشأة أخرى تنتقل عضوية العامل إلى اللجنة النقابية في المنشأة المدمجة فيها، ويتمتع بالمزايا والخدمات المقررة في المنظمة النقابية المنقول إليها من تاريخ النقل".. ووفقاً لإدعاء المديرية "أعطى هذا النص"- لا نعرف كيف- دلالة على أن للمنشأة لجنة نقابية واحدة ، وأشار إلى أنه في حالة الدمج لمنشأتين وكل منهما لها لجنة نقابية قائمة، فإنه تنتقل عضوية العامل إلى اللجنة النقابية الموجودة –أصلاً- في المنشأة المدمجة فيها المنشأة الأولى".
ورغم تهافت الأدلة التي ساقتها المديرية للبرهنة على عدم جواز تأسيس أكثر من لجنة نقابية في المنشأة ، يهمنا في هذا الصدد أن نوضح الآتي:
ولما كان حظر تكوين أكثر من نقابة في المنشأة يمثل في حد ذاته مخالفة صريحة وافتراقاً واضحاً عن اتفاقية العمل رقم 87 ، فقد أبدت منظمة العمل الدولية / بعثة الاتصال المباشر· تحفظها على النص غير أن كافة الأطراف الحكومية الذين التقتهم البعثة-وبينهم السيد/ وزير الشئون البرلمانية – قد أكدوا لها أن هذا النص لم يقصد به حظر تكوين أكثر من لجنة نقابية بالمنشأة- حيث أوردت البعثة ذلك فى تقريرها- وقد أكدت الحكومة ذلك أثناء مناقشة القانون في مجلس النواب كما هو ثابت في مضبطة الجلسة.
ولا يخل انسحاب العامل من أي منظمة نقابية عمالية بأية حقوق مستحقة له عن اشتراكه بتلك المنظمة وفقاً للوائح نظمها الأساسية"
حيث يبين من هذا النص أن حق العمال في تكوين واختيار منظمتهم النقابية مطلقاً لا تحده موانع أو عقبات كتلك التي اختلقتها مديرية القوى العاملة بالغربية وأسندتها إلى بعض نصوص القانون غير ذات الصلة."
وفضلاً عن ذلك نصت اللائحة التنفيذية للقانون في المادة 11 منها على أنه "على المنظمات النقابية العمالية أن تراعي في اختيارها للاسم ألا يؤدي إلى اللبس بينها وبين أي منظمة نقابية عمالية أخرى تشتركمعها في نطاق عملها، وعند التنازع تكون الأولوية للمنظمة الأسبق في تاريخ إيداع أوراقها أو توفيق أوضاعها"
حيث يبدو هنا واضحاً أنه يمكن أن تتأسس أكثر من منظمة نقابية في نطاق العمل الواحد سواء كان منشأة أو قطاع –تبعاً للحال- على أن يُراعى في اختيار الاسم تجنب اللبس.
وللعاملين فى المنشآت التي لم تستوفِ النصاب المنصوص عليه في الفقرة السابقة، وللعاملين فى المنشآت التي يقل عدد العاملين بها عن خمسين عاملاً، وكذا للعاملين من ذوي المهن والحرف تكوين لجنة نقابية مهنية عمالية على مستوى المدينة أو المحافظة، بحسب الأحوال، لا يقل عدد أعضائها عن خمسين عاملاً، وذلك بالاشتراك مع غيرهم من العاملين في مجموعات مهنية أو حرفية أو صناعات متماثلة أو مرتبطة ببعضها أو مشتركة في إنتاج واحد، على أن تعتبر المهن المتممة والمكملة لبعض الصناعات داخلة ضمن هذه الصناعة وفقا للمعايير الدولية المطبقة في هذا الشأن"
القانون إذن لم يشترط أن يكون تكوين اللجنة النقابية للمنشأة على مستوى المدينة أو المحافظة، وإنما اشترط ذلك فقط في تكوين اللجان النقابية المهنية العمالية... ذلك إن اللجنة النقابية للمنشأة يتحدد نطاق عملها بالمنشأة التي تتكون بها، دون حاجة إلى تعيين نطاقها الجغرافي، بينما تبدو الحاجة إلى تحديد النطاق الجغرافي لعمل اللجنة النقابية المهنية التي تضم عاملين في منشآت متعددة.
وغير ذلك تم تقديم العديد من الأمثلة من واقع نتائج انتخابات رئيس وأعضاء مجالس إدارات المنظمات النقابية المنشورة فى الوقائع المصرية بتاريخ 30/6/2018 بناءً على القرار الوزاري رقم 127 لسنة 2018.
ثم قام الراغبون فى الترشح لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية بالتقدم بأوراق ترشحهم خلال المدة المحددة لذلك، غير أنهم فوجئوا بقرار اللجنة العامة للإشراف على المرحلة الثانية من الانتخابات إلغاء لجنتهم النقابية ، حيث صدر هذا القرار منعدماً للأسباب الآتية:
وبناءً عليه أقامت اللجنة النقابية لصيادي دمياط الدعوى رقم 227 لسنة 2018 عمال كلي دمياط أمام محكمة دمياط الابتدائية التي أصدرت حكمها بإلغاء القرار الصادر من اللجنة العامة للإشراف على الانتخابات مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها أن هذا القرار قد صدر من اللجنة المشرفة على الانتخابات و"التي حصر القانون عملها وليس من بينها بحث تشكيل اللجان النقابية القائمة"، وأن "المادة العاشرة من القانون سالف الذكر قد حددت الطريق الوحيد لحل اللجان النقابية بأن جعلت للوزير المختص، ولكل ذي مصلحة أن يطلب من المحكمة العمالية المختصة الحكم بحل مجلس إدارة المنظمة النقابية العمالية"، "مما يكون معه هذا القرار قد بات صادراً من غير مختص قانوناً متعيناً إلغاؤه واعتباره منعدماً".
غير أن مديرية القوى العاملة بدمياط واللجنة العامة للانتخابات بدمياط لم يرتضيا هذا الحكم فطعنا عليه بالاستئناف رقم 201 لسنة 51 ق عمال دمياط ، فأصدرت محكمة استئناف المنصورة . مأمورية دمياط يوم 5/11/2019 برفض الاستئناف وتأييد حكم محكمة أول درجة.
ورغم هذا الحكم النهائي لم تتمكن اللجنة النقابية لصيادي دمياط من استيفاء أوضاعها ومباشرة نشاطها حتى الآن، حيث أصرت اللجنة الوزارية المشكلة على أن تحضر اللجنة النقابية صورة تنفيذية من الحكم أو شهادة من هيئة قضايا الدولة بأنه لا مانع من التنفيذ.
ولما كان الحكم الصادر لصالح اللجنة النقابية لصيادي دمياط هو حكم تقريري قضى بإلغاء قرار باطل أو منعدم قانوناً ، وبوجود الحق المتنازع عليه –الذي كان موجوداً قبل صدور الحكم- وهو الحق في وجود اللجنة النقابية لصيادي دمياط ، وكفل بذلك الحماية القانونية لهذا الحق، دون الحاجة إلى تنفيذ جبري لهذا الحق ، وبالتالي فإنه ليس سنداً تنفيذياً، أي أننا لا يمكن لنا أن نطلب من المحكمة صورة تنفيذية من هذا الحكم.
كما أفادت هيئة قضايا الدولة أن هذا الحكم هو حكم مقرر وينفذ بمسودته بمجرد صدوره ، وأنها لا تصدر سوى نوعين من الخطابات وهما "خطاب الصرف" لصرف مبالغ محكوم بها أو "خطاب الصادر" لإعلام الطالب أن هيئة قضايا الدولة قامت بالتصرف
هكذا.. تدور اللجنة النقابية لصيادي دمياط في حلقة مفرغة رغم أن القرار الصادر في حقها قرار منعدم ، ورغم تأكيد حقها بموجب حكم نهائي واجب التنفيذ !!
ثم قام الراغبون فى الترشح لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية المهنية لخدمات السائقين بالقليوبية بالتقدم بأوراق ترشحهم خلال المدة المحددة لذلك، ثم قام الراغبون فى الترشح لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية بالتقدم بأوراق ترشحهم خلال المدة المحددة لذلك، غير أنهم فوجئوا بقرار اللجنة العامة للإشراف على المرحلة الثانية من الانتخابات إلغاء لجنتهم النقابية ، حيث صدر هذا القرار منعدماً لذات الأسباب الموضحة أعلاه فيما يختص باللجنة النقابية لصيادي دمياط.
وقد أقامت اللجنة دعوى قضائية غير أنها لم تزل منظورة أمام القضاء، ومؤخراً تم التوافق مع اللجنة الوزارية المشكلة على تقديم شهادة بحالة القضية المنظورة دون انتظار صدور الحكم حيث أن قرار اللجنة المشرفة على الانتخابات قد صدر منعدماً ومن جهة لا تملك سلطة إصداره ، كما أن لجنة الإشراف على الانتخابات ليست هيئة قضائية وقراراتها ليست أحكاماً قضائية.
غير أن اللجنة الوزارية لم تزل تراوح في تسوية وضع اللجنة النقابية المهنية لخدمات السائقين بالقليوبية التي وفقت أوضاعها واكتسبت شخصيتها الاعتبارية ولا يملك أحد حق إلغائها أو حلها.
وبعد.. لقد رحبنا ورحبت المنظمات النقابية المستقلة بتشكيل اللجنة الوزارية التي انتظمت اجتماعاتها وبدأت في فحص ملفات عدد من المنظمات النقابية المعلقة أوضاعها والاتجاه إلى حل مشاكلها، غير أن محدودية التقدم المحرز ، ورفض المديريات ، ثم أخيراً الخطاب الصادم الصادر عن مديرية القوى العاملة بالغربية جميعها مؤشرات لا تبعث على التفاؤل وتثير الكثير من الشكوك والتساؤلات.
دار الخدمات النقابية والعمالية
الأربعاء 6/1/2021
إضافة تعليق جديد