صفعة مدوية للمشككين:
الإدارية العليا تطيح بشرط الانضمام للنقابة وتؤكد حرية السائقين
مؤتمر صحفي لإعلان آليات تنفيذ الحكم الثلاثاء المقبل في دار الخدمات
أسدلت المحكمة الإدارية العليا الستار في 16 أكتوبر 2024 على معركة إلغاء شرط انتساب السائقين للنقابة العامة أو فروعها، بتأييدها حكم الدرجة الأولى القاضي بنفس القرار، ورفض الطعن على القرار المقدم من جهة هيئة قضايا الدولة، وذلك في حكم تاريخي يقضي على سمة الإجبار التي طالما خالفت روح الحرية النقابية.
وكانت محكمة القضاء الإداري – الدرجة الأولى - في 26 يونيو 2024 حكماً بإلغاء شرط الانتساب إلى إحدى النقابات العمالية أو فروعها، الذي كان يفرضه قانون المرور على السائقين كشرط للحصول على رخصة مهنية، في سابقة هي الأولى من نوعها.
كانت دار الخدمات النقابية رفعت في 19 نوفمبر 2023، دعوتين منفصلتين رقمي 13205، 13207 لسنة 78 ق، لكل من خليل رزق خليل، ومصطفى صلاح محمد، يعملان كسائقين، ضد كل من: وزير الداخلية، ومدير الإدارة العامة للمرور - بصفتهما - طالبت فيهما بإلغاء القرار الإداري المستند إلى المادة 254 من اللائحة التنفيذية رقم 1613 لسنة 2008، لقانون المرور، والمتمثل في اشتراط الإدارة العامة للمرور، بانضمام السائق – المدعي- إلى النقابة العامة، أو أحد فروعها حتى يتسنى له تجديد رخصته المهنية، مما يستتبع آثاراً قانونية أهمها إجباره على الانضمام للنقابة، وإلزامه بدفع مبلغ الاشتراك.
تاليا، وفي محاولة لعرقلة تنفيذ حكم الدرجة الأولى، تقدمت هيئة قضايا الدولة بالطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ضد السائقين المذكورين برقمي 58677 و58681 لسنة 70. ومع ذلك، رفضت المحكمة الطعن، وأكدت الحكم السابق، مما يجعل تنفيذ القرار ملزما للجميع.
الحكم الأخير والنهائي بموجب درجات التقاضي المعمول بها، ينهي جدلا أثارته النقابة العامة، وبعض لجانها، وذلك في أعقاب حكم الدرجة الأولى، إذ شككت في الحكم عبر منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي ووصفته بـ "الشائعات المغرضة"، مشيرة في الوقت نفسه إلى الطعن عليه، رغم أنها ليست طرفا في القضية المقامة ضد وزارة الداخلية في الأساس.
من المفارقات اللافتة أن شرط الانضمام الإلزامي للنقابة العامة كان يمتد ليشمل العاملين في بعض القطاعات غير الرسمية، رغم أن هذه العضوية الإجبارية لا تقدم لهم أي منفعة تُذكر، كما تحرمهم من إنشاء نقابات من شأنها العمل على حماية مصالحهم بشكل فعال.
وكانت المحكمة بدورها أقرت في حكمها بالدرجة الأولى أن شرط الإجبار على الانضمام للنقابة، الذي تفرضه اللائحة التنفيذية لقانون المرور، شرطا مستحدثا، لم ينص عليه القانون رقم 66 لسنة 1973، وبما يخل بالدستور الذي ينص في مادته رقم 170، على أن إصدار اللوائح، لا يجب أن يتضمن تعديلا لحكم القانون، أو تعطيلا لمقتضاه، أو حتى إعفاء من تنفيذه.
كما يتسق حكم المحكمة مع ما نصت عليه المادة 4 من قانون المنظمات النقابية -العمالية، رقم 213 لسنة 2017 الذي ينص على: "للعمال دون تمييز الحق في تكوين المنظمات النقابية، ولهم كذلك حرية الانضمام إليها، أو الانسحاب منها، وذلك وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في هذا القانون، ولائحته التنفيذية".
يعد الحكم تتويجا لنضالات العمال في سبيل الحصول على حرياتهم النقابية، بعد أن نجحت الأنظمة السياسية المتعاقبة في تطويع النقابات العامة التابعة للاتحاد الحكومي لخدمة مصالحها، بمعزل عن العمال، حيث يلوذ أغلبها بالصمت في حال وقع أي انتهاك بحق منتسبي النقابة، مكتفين بتحصيل الرسوم المقررة، بل وتكوين الثروات على نفقة هؤلاء المشتركين.
الحكم أيضا يأتي استجابة لمطالبات طالما تمسكت بها دار الخدمات النقابية والعمالية، منذ اللحظات الأولى لصدور إعلان الحريات النقابية في أعقاب ثورة يناير وتحديدا في مارس عام 2011، كما لم تتوقف عن تلك المطالبة حتى مع صدور قانون المنظمات النقابية وحماية حق التنظيم 213 لسنة 2017، الذي عضد هذا الحق، في حين سعت النقابات العامة لإهماله، وتجاهله عن عمد.
نثني على قرار المحكمة الذي يعيد حقًا أُهدِرَ لسنوات طويلة، كما ندعو جميع القوى السياسية والمدنية الوطنية دعم تنفيذ هذا الحكم النهائي، والمشاركة في حملتنا المقررة خلال الفترة المقبلة، والتي نستهلها بمؤتمر صحفي يوم الثلاثاء المقبل، 22 أكتوبر 2024، في مقر دار الخدمات النقابية.
إضافة تعليق جديد