عمال بور سعيد.. وقانون العمل
نظمت دار الخدمات النقابية والعمالية يوم الخميس الموافق 7 أغسطس ورشة عمل حول قانون العمل 14لسنة 2025 بحضور 28 مشارك ومشاركة من عمال مصانع النهر الخالد وسبأ وفريدوم بالمنطقة الاستثمارية ببورسعيد، وقد مثلت العاملات المشاركات قرابة نصف الحاضرين، بينما شارك عددٌ من الشباب صغير السن للمرة الأولى.
افتتحت ورشة العمل رحمة رفعت الخبيرة القانونية ومنسقة البرامج بدار الخدمات النقابية مشيرةً إلى أن القانون الجديد يبدأ سريانه اعتباراً من الأول من سبتمبر القادم، حيث من المفترض أن يتم إصدار القرارات التنفيذية للقانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إصداره.
وأوضحت إلى أن الهدف الآن من تنظيم ورش العمل هو التعرف على بعض ما نراه من أوجه القصور في القانون الجديد، وكذلك أبرز مزاياه، لكي يكون بمقدورنا تفادي الوقوع في شباك مثالب القانون، والاستفادة من مزاياه ، وما يكفله لنا من حقوق-على الأخص- وأن كثيراً من أصحاب العمل يمتنعون أو يتحايلون على القانون للتخلص مما يكفله من حقوق للعمال.
قامت رحمة رفعت بعرض أبرز ملاحظاتنا على القانون الجديد ، وما نراه من سلبيات تتلخص في احتفاظه ببعض عيوب قانون العمل السابق العمل به رقم 12 لسنة 200د3، رغم ما كشف عنه تنفيذه على مدا اثنتي وعشرين سنة من إشكاليات.
ولعل أبرز نواقص القانون هي ما يتعلق بالأمان الوظيفي المفترض توفيره للعامل لكيلا أسير القلق على استمراره في العمل وتأمين مورد رزقه.. حيث يترك القانون صاحب العمل مطلق اليد في تشغيل العمال بموجب عقود عمل مؤقتة دون وضع قواعد أو معايير.. حيث كنا- وما زلنا- نطالب بأن ينص القانون على أن عقد العمل غير محدد المدة (الدائم) هو الأصل وأن الاستثناء هو عقد العمل محدد المدة (المؤقت) الذي يتم العمل به فقط إذا كان العمل بطبيعته مؤقتاً ولا يعد ضمن أعمال المنشأة الأصلية الدائمة.
ورغم أن القانون يوفر ضمانة لحماية العامل من الفصل التعسفي بجعله الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل للمحكمة العمالية ، إلا أنه يعود ويعصف بهذه الضمانة في موضع آخر بباب انتهاء علاقة العمل حين ينص على أن "لطرفي العقد -أي العامل وصاحب العمل- الحق في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة (الدائم) بشرط إخطار الطرف الآخر قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يعني أنه يمكن لصاحب العمل أن يقوم بفصل العامل مباشرةً دون اللجوء إلى المحكمة العمالية بزعم أن ذلك إنهاء عقد العمل وليس فصلاً.
لكنه في شأن الأمان الوظيفي تضمن القانون تطوراً إيجابياً هاماً في شأن الاستقالة، حيث تصدى للمشكلة التي نعرفها جميعاً حيث كثيراً ما كان العامل لدى تشغيله يُجبر على توقيع استقالته مع عقد
عمله، وتكون الاستقالة غير مؤرخة ليحتفظ بها صاحب العمل لديه مع استمارة 6 تأمينات التي يوقعها العامل أيضاً ويحتفظ بها صاحب العمل ليكون بمقدوره اقصاء العامل وقتما يشاء مع زعم أنها استقالة، ورغم أن هذا المسلك الذي يعد تحايلاً واضحاً على القانون كان معلوماً للكافة إلا أنه استمر لسنوات ولم يتصدَ له قانون العمل رقم 12 لسنة 2003.. إلا أن القانون الجديد نص على أن استقالة العامل لا يعتد بها إلا إذا كانت موقعة من الجهة الإدارية (مكتب العمل أو مديرية العمل أو الوزارة)، وهو ما يعني أنه اعتباراً من أول سبتمبر القادم تصبح أي استقالة موجودة تحت يد صاحب عمل غير ذات قيمة مادامت غير معتمدة، ولعل هذا النص من أبرز مزايا القانون الجديد.
وفي شأن الأجور تم إبراز أن المجلس القومي للأجور بدأ يمارس جانب من اختصاصاته بعد غيابه قرابة العشرين عاماً، حيث يقرر سنوياً الحد الأدنى للأجور، غير أن تطبيق هذا الحد الأدنى على العاملين مازال في حاجة إلى مزيد من الإحكام والرقابة.
بينما تضمن القانون انتقاصاً من حق العاملين في علاوة دورية عادلة، حيث أقر العلاوة بنسبة 3% من الأجر التأميني، وهي نسبة قليلة -على الأخص- إذا أخذنا في الاعتبار أن أصحاب العمل كثيراً ما يقرون أجراً تأمينياً منخفضاً للتنصل من سداد حصة كبيرة في الاشتراكات التأمينية. غير أنه يتوجب التذكير به هو أن هذه النسبة هي الحد الأدنى ويمكن الزيادة عليها إذا نجح العمال في التفاوض بهذا الشأن.
وأشارت رحمة رفعت إلى ميزة هامة تضمنها القانون، وهي إنشاء المحاكم العمالية المتخصصة التي يفترض أن تكون أقدر على تطبيق القانون وإعماله، وأيضاً سرعة إجراءات التقاضي، ولعله من الجدير بالذكر أن العامل يمكنه في حال فصله أو نشوء منازعة عمل مع صاحب العمل أن يتقدم بشكواه إلى مكتب العمل واللجنة الثلاثية التي تحيل الشكوى بناءً على طلبه إلى قاضي الأمور الوقتية في المحكمة ليفصل في الدعوى على وجه السرعة ويقضي بصفة مستعجلة في حالة فصل العامل بصرف أجره اعتباراً من تاريخ فصله، وهو تقدم نأمل أن
وقد أثارت قضية الأجور الكثير من تعليقات وآراء المشاركين من العاملات والعمال، حيث أفاد الكثيرون بأن الحد الأدنى للأجور لا يطبق عليهم ، وقد تم التفاعل مع تعليقاتهم بتوضيح أن العام الماضي 2024 شهد الكثير من الاستثناءات، وتنصل معظم أصحاب العمل من تطبيق الحد الأدنى للأجر في منشآتهم، غير أنه في العام الحالي صدر الكتاب الدوري لوزارة العمل متضمناً النص على أنه لا توجد أي استثناءات هذا العام، كما صرح وزير العمل أكثر من مرة بذلك مؤكداً أنه سيتم تفعيل آليات الرقابة والتفتيش على هذا الشأن، ويمكن للعمال تفعيل ذلك بتقديم شكواهم حتى ولو كانت شكاوى شفهية أو غير موقعة حيث أن بعض العمال أعربوا عن الخشية من انتقام صاحب العمل من مقدمي الشكاوى إلى مكتب العمل كما حدث مع محمود يوسف القيادي النقابي البارز.
وأبدى بعض العمال أيضاً شكواهم من عدم تدرج الأجر استناداً إلى الحد الأدنى، وهو موضع تضرر الكثير من العمال الذين أمضوا سنوات في العمل حتى في شركات قطاع الأعمال العام، لذلك من الهام أن تتضمن القرارات التنفيذية للقانون معالجة هذا الأمر.
دار الخدمات النقابية والعمالية
10 أغسطس 2025