في حكم تاريخي: القضاء الإداري يقضي بعدم جواز اشتراط انضمام السائقين للنقابة العمالية لتجديد الرخصة

بيانات صحفية
الأحد, سبتمبر 8, 2024 - 07:40

 

- قرار المحكمة يعيد للسائقين حرية اختيار الانضمام للنقابات ويقضي بإنهاء الإجبار

في سابقة هي الأولى من نوعها، أصدرت محكمة القضاء الإداري في 26 يونيو 2024، حكماً بإلغاء شرط الانتساب إلى إحدى النقابات العمالية أو فروعها، الذي كان يفرضه قانون المرور على السائقين كشرط للحصول على رخصة مهنية.

كانت دار الخدمات النقابية رفعت في 19 نوفمبر 2023، دعوتين منفصلتين رقم 13205، 13207 لسنة 78 ق، لكل من خليل رزق خليل، ومصطفى صلاح محمد، يعملان كسائقين، ضد كل من: وزير الداخلية، ومدير الإدارة العامة للمرور - بصفتهما - طالبت فيهما بإلغاء القرار الإداري المستند إلى المادة 254 من اللائحة التنفيذية رقم 1613 لسنة 2008، لقانون المرور، والمتمثل في اشتراط الإدارة العامة للمرور، بانضمام السائق – المدعي- إلى النقابة العامة، او أحد فروعها حتى يتسنى له تجديد رخصته المهنية، مما يستتبع آثاراً قانونية أهمها إجباره على الانضمام للنقابة، وإلزامه بدفع مبلغ الاشتراك.

تكمن أهمية هذا الحكم في كونه يعد تاريخياً، إذ يعيد للعمال حقهم في حرية الانضمام إلى المنظمات النقابية أخيرا، وهو الحق الذي قوضته الأنظمة السياسية المتعاقبة، فعلى مدار سنوات أجبرت الدولة العمال على الانضمام إلى تنظيمات عمالية تابعة لها، مناوئة للسلطة، مما أفرغ مفهوم حرية التنظيم النقابي من معناه الحقيقي.

من المفارقات اللافتة أن شرط الانضمام الإلزامي للنقابة العامة كان يمتد ليشمل العاملين في بعض القطاعات غير الرسمية، رغم أن هذه العضوية المفروضة لا تقدم لهم أي منفعة تُذكر، كما تحرمهم من إنشاء نقابات من شأنها العمل على حماية مصالحهم بشكل فعال.

المحكمة بدورها أقرت في حكمها أن شرط الإجبار على الانضمام للنقابة، الذي تفرضه اللائحة التنفيذية لقانون المرور، شرطا مستحدثا، لم ينص عليه القانون رقم 66 لسنة 1973، وبما يخل بالدستور الذي ينص في مادته رقم 170، على ان إصدار اللوائح، لا يجب أن يتضمن تعديلا لحكم القانون، أو تعطيلا لمقتضاه، أو حتى إعفاء من تنفيذه.

في حين يتسق حكم المحكمة مع ما نصت عليه المادة 4 من قانون المنظمات النقابية -العمالية، رقم 213 لسنة 2017 الذي ينص على: " للعمال دون تمييز الحق في تكوين المنظمات النقابية، ولهم كذلك حرية الانضمام إليها، أو الانسحاب منها، وذلك وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في هذا القانون، ولائحته التنفيذية".

جدير بالذكر أن حكم محكمة القضاء الإداري واجب النفاذ من تاريخ صدوره، كما لا يمنع تنفيذه الطعن عليه.

يأتي الحكم بالتزامن مع تعاظم الانتهاكات بحق العمال، فيما تلوذ النقابات العامة، والاتحاد "الحكومي"، بالصمت في اغلب الأحيان، أو الوقوف علنا ضد العمال في أحيان أُخر، مما يعكس مدى الحاجة إلى تنظيمات نقابية حقيقية مستقلة تعبر عن مصالح العمال.

وإذ نشيد بقرار المحكمة الذي يعيد حقا ظل مهضوما لسنوات طويلة، نؤكد على أهمية احترام الحرية النقابية، بما في ذلك حق التنظيم، والانضمام إلى النقابات، التي طالما كان لها تأثيرات بالغة في فترات التحولات الكبرى. وفي ظل الظروف الراهنة، نذكر بضرورة دعم الحركة النقابية وتعزيز حقوق العمال أملا في الخروج من المأزق الاجتماعي – الاقتصادي الذي نعيشه منذ سنوات.

إضافة تعليق جديد