قراءة في شأن تعديل المواد الخاصة بجريمة التحرش الجنسي بقانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937

مقالات
الثلاثاء, يوليو 13, 2021 - 12:29


  

قراءة في شأن تعديل المواد الخاصة بجريمة التحرش الجنسي

بقانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937

 

   وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب المصري يوم الأحد 27 يونيو على مشروع قانون يدعو إلى تعديل قانون العقوبات فيما يخص مواد جريمة التحرش الجنسي. وتغليظ العقوبة بقانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 وهو ما نعتبره توجهاً محموداً من المشرع المصري.

حيث جاءت التعديلات بشأن تحويل جريمة التحرش الجنسي لجناية بدلا من جنحة وفى هذا الشأن تم تشديد عقوبة التعرض للغير، المنصوص عليها بالمادة «306 مكرر ب " وتحويلها إلى جناية بدلا من جنحة

كذلك تم تعديل المادة «306 مكررًا» (أ) وتقضى بأن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 4 سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مائتي ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير في مكان عام، أو خاص، أو مطروق بإتيان أمور، أو إيحاءات، أو تلميحات جنسية، أو إباحية سواء بالإشارة، أو بالقول، أو الفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية، أو اللاسلكية، أو الإلكترونية، أو وسيلة تقنية أخرى.

كما تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد علي ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديها الأدنى والأقصى.فضلا عن تعديل المادة «306 مكرر» (ب)، بأنه يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة «306 مكرر» (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويُعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغوط، تسمح له الظروف بممارستها عليه، أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهما على الأقل يحمل سلاحا، تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات والغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف جنية ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه..

 

من المؤكد أننا جميعا نشيد بكل تعديل تشريعي   يضع عقوبة لمناهضة جرائم العنف ضد   النساء في المجتمع..  وفى هذا الإطار يجب مناقشة عدد من التساؤلات التي يمكن أن تفتح حوارا بناء يمكننا من تفعيل القانون بآليات وتدابير تنفيذية   تمكن الضحايا من الاستفادة الفعلية لتغليظ   العقوبة بالقانون.. لذلك يجب ان نتساءل أولا هل تغليظ العقوبة وحدها هو الحل الرادع لجرائم العنف ضد النساء؟ وبشكل محدد هنا جريمة " التحرش الجنسي" قد يكون طرحنا الآن لهذا التساؤل لأننا راينا رغم  صدور القانون رقم  50 لعام 2014 إلا أن معدلات  جريمة التحرش الجنسي  ظلت مرتفعة وظل ما يتم الإبلاغ عنه أقل كثيرا مما يحدث في الواقع  حيث يرجع ذلك  لعدد من الأسباب التي جعلت  القانون لم يفعل  بشكل كافى  على أرض الواقع ..

صعوبة الإجراءات الخاصة بالإبلاغ، وما تتطلبه من توجه لأقسام الشرطة خاصة إذا قام الجاني بتحرير محضر كيدي بهدف الضغط على المجني عليها.

عدم الوعي الكافي بالقانون لدى الضحية والمجتمع   بمفهوم التحرش ذاته  

الوصم المجتمعي الذي يلاحق الناجية متى قررت الإبلاغ، بخلاف الحكم الأخلاقي والتشهير بها.

صعوبة إثبات الواقعة خاصة في حالات التحرش اللفظي أو التحرش داخل العمل.

عدم التدريب الكافي للقائمين على تنفيذ القانون في التعامل مع مثل هذا النوع من القضايا.

وهو ما يحتاج معه النظر الآن في ضرورة وضع آليات وتدابير تنفيذية لحل المشكلات التي تواجه تطبيق القانون وإمكانية تفعيله على أرض الواقع

والنظر في كيفية استخدام السلطة التقديرية بتطبيق المادة 17 المخففة للعقوبة على الأقل في حالات العود لجرائم العنف الجنسي

كذلك وجوب حماية سرية بيانات المبلغين والشهود وتخصيص أماكن بكل قطاع من قطاعات الأقسام والنيابات لتلقي البلاغات في جرائم العنف الجنسي مدعومة بعناصر من الشرطة النسائية، مع تدريبهم وتأهيليهم للتعامل مع هذه الجرائم

 

 والآن نتساءل هل تعديل  عقوبة جريمة التحرش الجنسي  داخل قانون العقوبات تكفى وحدها للحد من جرائم التحرش الجنسي داخل أماكن العمل ؟ ..

.. انطلاقا من عمل المؤتمر الدائم للمرأة العاملة على مدار عشر سنوات ماضية على قضايا النساء العاملات والتي كانت أحد أهم القضايا الذي ركز عليها المؤتمر “جريمة التحرش الجنسي " داخل أماكن العمل التى تتعرض لها النساء العاملات بشكل دائم.. وفى إطار ذلك طرح  المؤتمر الدائم مقترح تشريعي بإضافة عدد من المواد  الخاصة بجريمة التحرش الجنسي على أن يتضمنها مشروع  قانون العمل الذى مازال قيد المناقشة بالبرلمان  حيث عرف مفهوم التحرش الجنسي بشكل محدد وفقا للاتفاقية الدولية رقم   190  الصادرة عن منظمة العمل الدولية والخاصة بمناهضة العنف والتحرش داخل أماكن العمل و  الذى  طالب المؤتمر الدائم منذ صدورها  بتصديق الحكومة المصرية عليها ليتوافق  قانون العمل رقم 12 لعام 2003 مع ما جاء بها من نصوص  وماتضمنته من حماية للنساء العاملات داخل أماكن العمل على وجه التحديد من جميع أنواع العنف بما فيها  جريمة التحرش الجنسي وذلك لعدد من الأسباب   تؤكد ان الاكتفاء بتجريم التحرش الجنسي داخل قانون العقوبات المصري لا يكفى وحده  لحماية  النساء العاملات المتعرضات لجريمة التحرش داخل العمل والتي سبق أن رصدها المؤتمر الدائم قبل إعداد  مقترح المواد التشريعية لإضافتها بمشروع قانون العمل الجديد ..

  حيث رأينا أن مواجهة الضحية لجريمة التحرش الجنسي داخل العمل لا تكـون ممكنـة فـي أغلب الحالات خصوصـا حيـن تكـون القـوة غيـر متسـاوية بيـن الطرفيـن أي فـي الحالات ّ التـي يكـون فيهـا مرتكـب التحـرش هـو المشـرف أو المديـر عند ذلك   تخشى الضحيـة ّ مما يترتب من آثار عند شروعها في التبليغ عن جريمة التحرش بها. وحيث أن   النسـاء هـن الأكثر تعرضـا للتحـرش ّ الجنسـي. فعلى المشرع أن يضع قانون لتهيئـة بيئـة عمل آمنـة تتيـح  لأى عاملة تتعرض  للتحرش ّ الجنسـي أن  تبلغ عن الجريمة فور وقوعها  كذلك يجب أن ندرك جميعا أن   جريمة التحرش الجنسي داخل العمل  ليــس  المقصود بها التحرش في حد ذاته  بــل هــو فــي الأساس ممارســة للســلطة والســيطرة علــى الضحيــة  وعندمـا تصبـح التعليقـات الجنسـية والتلميحـات جـزءا مـن ثقافـة العمـل  تخلـق  بالتأكيد بيئـة عمـل غيـر آمنـة إضافـة إلـى مـا سـبق  إن ّ عـدم معالجـة حـوادث التحـرش الجنسـي فـي مـكان العمـل قـد يسـاهم فـي زيـادة الآثار السلبية  التـي تواجههـا معظـم النسـاء والتـي تحـول دون وصولهـن إلـى سـوق العمـل أو نيلهـن لفـرص الترقيـة.  ذلـك بالإضافة إلـى الحواجـز الاجتماعية ّ والثقافيــة التــي تحــد مــن دور المــرأة وتكرس الممارسـات التمييزيـة في العمل. حيث تعتبر جريمة التحرش الجنسي في إطار العمل أصعب على النساء الإفصاح والتبليغ عنها ذلك لأن الرؤساء في العمل أو المشرفين عند قيامهم بارتــكاب جريمة التحــرش الجنســي  يصبحوا أكثر عنفــا فــي رد الفعــل في حالــة رفــض الضحية لهم . وبذلك يتعرضن لضغــوط، عديدة منهــا المعاملــة الســيئة أو إضافــة أعبــاء عمــل مضاعفــة أو الخصومــات والتهديــد بالفصــل مــن العمــل حتى يصــل الأمر أن تضطر العاملــة تــرك العمــل خاصــة من يعملن بالقطــاع الخــاص.

  كما أن هناك عاملات تفرض طبيعة عملهن التواصـل مـع الجمهـور مـن خـارج أماكـن العمـل مثل   الممرضات – البائعـات – من يتعاملــن مــع عملاء مــن خــارج شــركاتهن فــي حالــة ٍ مقاومتهـن وتصديهـن للمتحـرش يحـدث ضغـط مـن الشـركة نفسـها علـى الموظفـة حتـى لا تخسر الشـركة عملائها.

 ولأن لم توجد آليـات سريعة وسهلة مخصصـة للشكوى داخل العمل وضمـان للخصوصيـة تضمن أن لا تتحول التحقيقـات والشـكاوي المقدمـة الى نوع من الفضيحـة يتداولهــا الزملاء فــي العمــل تعزف الضحية على التبليغ عن الواقعة وفى بعض الأحيان تضطر لترك العمل خوفا من توجيــه اللــوم لهــا وتحميلهــا المســئولية ً.

 في ضـوء مـا سـبق، وتماشـيا ً مـع العمـل المنجـز الذي تم بتعديل بعض المواد الخاصة بجريمة التحرش الجنسي في قانون العقوبات المصري نطالب مجددا بضرورة إضافة عدد من المواد الخاصة بجريمة التحرش الجنسي داخل العمل الذي قام بإعدادها المؤتمر الدائم للمرأة العاملة بعد عدد من اللقاءات والمناقشات القانونية تضمنت حقوقيون وشخصيات عامة وقيادات نقابية وعمالية من مختلف قطاعات العمل ليتضمنها قانون العمل رقم 12 لعام 2003 وكذلك مشروع قانون العمل الذي مازال قيد المناقشة أمام البرلمان.. وفى هذا الإطار نوضح كمايلى بعض الآليات والتدابير التنفيذية التي قد تساهم في تفعيل مواد القانون وتســتند لمبــادئ مواد اتفاقية منظمــة العمــل الدوليــة رقم 190 لعام 2019..

ضرورة التزام الشــركات بوضــع سياســات داخليــة. واضحة لمواجهـة ّ التحــرش الجنســي فــي مــكان العمــل ويترتب على عــدم التزام الشركات بهــذه ّ السياسـات عقوبـات وهوما يســاهم فــي سرعة الإجراءات وسهولتها على الضحية عنـد التعامـل مـع التحـرش الجنسـي فـي مـكان العمـل

ضرورة  مشاركة  أصحـاب ّ الشركات في وضع سياسات تحد من جريمة التحرش الجنسي داخل عالم العمل وأن يدركوا  أن أثـر التحـر ش الجنسـي لم يقع فقط علـى الضحايـا وأنما على الشـركة فيما يتمثل في انخفـاض الرضـا الوظيفـي، وانخفـاض الإنتاجية، وتراجـع الأداء .  

ضرورة إلزام الشركات عنـد صياغـة سياسـات التحـرش الجنسـي بالالتزام بتعريـف معنـى ّ التحــرش الجنســي بشــكل واضــح كما ينص عليه القانون والتأكــد مــن أن الموظفيــن يدركــون ويفهمــون معناه.  

على الشركات أن تقدم الدعم لضحايا مواجهـة التحـرش الجنسـي حتى لا تكرس فكرة إلقـاء اللـوم ّ علـى الضحيـة، مما يساهم في تعزيـز ثقافـة الصمـت إزاء التحـرش.  

عنــد وضــع سياســات لمواجهــة التحــرش الجنســي فــي مــكان العمــل، مــن المهــم تعريــف حــدود مــكان العمــل   قــد يتضمــن مــكان ّ العمـل أي مسـاحة تنفـذ فيهـا الوظائـف والمهـام المتعلقـة بالعمـل مثـل الاجتماعات والمؤتمــرات وبذلك تكون الشــركة مسئولة عن مواجهــة حــوادث التحــرش التــي تحــدث خــارج العمــل، والتـي قـد يرتكبهـا صاحـب العمـل، أو المشـرف، أو الزميـل، أو المـرؤوس  

مــن المهــم أيضــا ّ ان تشمل الحماية جميع العاملين/ات الدائمين واللذين يعملون/ن بعقد مؤقت   والمتدربيــن /ات والمتطوعيــن /ات خلال عملهــم فــي الشــركة

على الشركات الالتزام بآليــات التبليغ التي تتضمنها مواد مشروع قانون العمل المقترحة عــن التحــرش الجنســي وتوضيح هـذه الآليات ووضعها في أماكن متاحة للاطلاع عليها من قبل جميع العاملين/ات بالشركة

 تشـجيع التبليـغ الفـوري عـن الحـوادث وان يؤخذ البلاغ علـى محمـل الجـد والتحقيق السريع فيه

  الحفـاظ علـى سـرية هويـة الشـخص ّ الـذي يبلـغ عـن حادثـة التحـرش الجنسـي ويتخـذ هـذا القـرار سـواء لحمايـة المبلـغ مـن الانتقام، أو بنـاء علـى طلبـه.   

يمكن أن تقـرر الشـركة نقـل الضحيـة إلـى قسـم آخـر لتفـادي شـعورها بعـدم الارتياح للتواصـل اليومـي مـع ً المشـتبه بـه.

يجب إلزام الشركات بتقديم تقرير سـنوي عـن التحـرش الجنسـي فـي مـكان العمـل.  يبـرز عـدد حالات التحـر ش الجنسـي المبلـغ عنهـا، بالإضافة إلـى نجاح الشركة فـي معالجـة حالات التحـرش الجنسـي المبلـغ عنهـا مـن أجـل التأكيـد ّ علـى جديـة الشـركة بشـأن معالجـة التحـر ش. ويمكـن أن يتضمـن التقريـر أيضـا إحصاءات ّ حــول التحــرش الجنســي فــي مــكان العمــل، وأثــره علــى الضحايــا

فضلا عن ضرورة تفعيل دور وحدة تكافؤ الفرص فـي الـوزارات وتعريف العاملات بمهامها وآليات تقديـم الشــكوى لها نظرا لأن العاملات لا يعلمون عنها شيئا.

أخيرا ضرورة تفعيــل الاستراتيجية الوطنيــة لمناهضــة العنــف ضــد المـرأة

 

 

المؤتمر الدائم للمرأة العاملة

بدار الخدمات النقابية والعمالية

13/7 /2021

  •  

 

       

 

 

 

    

  

إضافة تعليق جديد