كمال عباس يكتب : العمال قبل الأرباح

مقالات
الأحد, مارس 22, 2015 - 16:14


قبل أن تبدأ فاعليات المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ بساعات قليلة أصدر السيد/ رئيس الجمهورية حزمة من القوانين الهامة التى كانت تحتاج قبل إصدارها إلى نقاش وحوار مجتمعى خاصة فى ظل غياب البرلمان صاحب الحق الأصيل فى إصدار التشريعات وخرج علينا المسئولين ليؤكدوا على قيمة هذه القوانين ليس فقط لانجاح المؤتمر ولكن لتحقيق الغرض الأساسى منها فى جذب الاستثمارات اللازمة لتحقيق خطط ومشاريع التنمية، وقد جاءت هذه القوانين لصالح المستثمرين المحليين والدوليين فحملت مواد تلك القوانين تخفيضات ضريبية وإعفاءات جمركية وتسهيلات فى تملك أراضى الدولة وسهولة فى حركة دخول وخروج الأموال، وبالطبع اثنى عالم الاستثمار برجاله ومؤسساته وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين على هذه القوانين، بل أن البعض ذهب إلى اعتبار هذه القوانين ثورة تشريعية تستحق الحكومة المصرية التقدير عليها.

وإذا كان هذا هو حال عالم المال والأعمال فما هو حال العمال الطرف الآخر فى معادلة التنمية؟ بالنظر إلى أوضاع العمال سنرى أن القوانين المنظمة لعلاقة العمل خاصة قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 تنحاز بشدة لصالح رجال الأعمال، فقد جاء باب انقضاء علاقة العمل بالقانون ليفتح البابا واسعاً أمام علاقة عمل محددة المدة مما يهدر الأمان الوظيفى الذى يعد أحد أهم معايير العمل الأساسية حيث يساوى بين صاحب العمل والعامل فيما يعتبره حق إنهاء علاقة العمل – رغم أنه من المفترض طبقا للاتفاقيات الدولية وأحكام محكمة النقض المصرية أن الفصل التعسفى هو بالضبط إنهاء لعلاقة العمل من جانب صاحب العمل – حيث جاءت المادة 110 من القانون لتجيز لطرفى علاقة العمل إنهاء علاقة العمل بشرط إخطار الطرف الآخر قبلها بثلاثة أشهر، مما فتح الباب واسعاً أمام أصحاب الأعمال فى التخلص من أعداد كبيرة من العمال، هذا فضلاً عن عدم وجود قانون يحدد الحد الأدنى للأجر، وقد أدى هذا بالطبع إلى أن بعض الحقوق التى يكفلها قانون العمل للعمال يتم العصف بها لأنه من الطبيعى عندما يحدد القانون ساعات العمل فإنه من الضرورى أن يحدد أجر ساعة العمل، وإذا كان هذا هو حال العمالة المنتظمة فما بالنا بحال العمالة غير الرسمية والتى أصبحت تمثل أكثر من 30% من سوق العمل، تلك العمالة التى تعمل دون أدنى حماية قانونية.

أما عن وضعية النقابات العمالية فإن العمال المصريين ما زالوا يرزحون تحت وطأة قيود قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 ذلك القانون الذى يفرض على العمال المصريين تنظيم نقابى واحد.. تنظيم نقابى بيروقراطى فاسد يخضع تماماً للسلطة يفرض على العمال الإنضمام إليه وتستقطع منهم اشتراكاته جبراً، ذلك التنظيم الذى لم يضبط يوماً بالدفاع عن حقوق العمال، بل كان دائماً يعمل كذراع نقابية لأى نظام حاكم فضاعت فى زمانه حقوق العمال.

من ذلك الاستعراض لأوضاع عالم رجال الأعمال وعالم العمال يتبين لنا أننا أمام إنحياز واضح من الدولة لرجال الأعمال مما يهدد الاستقرار الاجتماعى لأن التنمية الحقيقية تعنى إيجاد فرص عمل بشروط عادلة وتوفير حماية اجتماعية للطبقات الفقيرة تضمن لها حقها العادل فى عوائد الاستثمار، لذلك نحن مطالبين بالعمل من أجل أحداث تغييرات جذرية فى القوانين المنظمة لعلاقات العمل حتى نأتى بقوانين عمل متوازنة تصون حقوق العمال، نحن بحاجة لشراكة اجتماعية حقيقية وعلاقات عمل قائمة على التفاوض، الأمر الذى يتطلب إطلاق حق العمال فى إنشاء نقاباتهم بإرادتهم الحرة.

المنسق العام لدار الخدمات النقابية

كمال عباس

http://albedaiah.com/articles/2015/03/22/85513

 

إضافة تعليق جديد