كمال عباس يكتب عن شهداء لقمة العيش: ألم يحن الوقت للعمل بدلاً من التصريحات؟

أخبار
الاثنين, أكتوبر 6, 2025 - 06:44

كمال عباس يكتب عن شهداء لقمة العيش: ألم يحن الوقت للعمل بدلاً من التصريحات؟

#شهداء_لقمة_العيش

بينما تتزايد أعداد الضحايا من العمال والعاملات شهداء لقمة العيش تتوالى تصريحات وزير العمل التى تشيد وتتفاخر بقانون العمل الجديد وبما تضمنه من نصوص قانونية لحماية العمال لم يأتِ بها أي قانون عمل أخر على ظهر الكوكب، ما جعل وزراء العمل فى أفريقيا وأوروبا والبلدان المتقدمة وخبراء منظمة العمل الدولية يصطفون أمام وزارة العمل وكلهم أمل أن ينعم عليهم المسئولون بوزارة العمل ، ويخبرونهم بسر “الخلطة”، وكيف استطاعوا إنتاج قانون عمل يحمى حقوق العمال ورجال الأعمال فى آنٍ واحد ويدفع عجلة الإنتاج بأقصى سرعة دون أن “تفرقع”.

غير أن هذا “الفرح” المنصوب في وزارة القوى العاملة قد أفسدته سلسلة الحوادث الأليمة التي شهدتها الأشهر الأخيرة، وراح ضحيتها عشرات الضحايا من العاملات والعمال.. من سقوط اثنين من شباب عمال شركة غزل المحلة اختناقاً بسبب التلوث، و سوء التهوية.. إلى سقوط أربعة من شباب المهندسين العاملين في الشركة المصرية للاتصالات اختناقاً- أيضاً- أثناء الحريق الكبير الذي اندلع في السنترال المركزي برمسيس كاشفاً عن غياب كافة وسائل الحماية من الحرائق وأدوات الإطفاء.. ووفاة عشرين ضحية بينهم تسعة عشرة فتاة في عمر الزهور نتيجة حادث الطريق الذي تعرض له “الميكروباص” الذي كان يقلهن أثناء ذهابهن للعمل في أحد مزارع العنب- لم يُكشف عن اسم صاحبه.. ثم وفاة خمسة عشر عاملاً ومواطناً في حادث مروع بأحد مصانع “بير السلم” اندلع فيه الحريق بسبب ماس كهربائي وأدى إلى انفجار غلاية وانهيار بناية فوق رؤوس رجال الإطفاء أنفسهم، لتكشف التحقيقات عن تواطؤ مذهل لأجهزة تنفيذية تغض الطرف عن إقامة مصنع دون أية تراخيص رغم وجود “الغلاية” التي يُفترض ألا يُصرح بها دون الالتزام بكود محدد لها، وإهمال جسيم من قبل موظفي العمل- إذا افترضنا حسن النية-حيث يعمل العمال دون أدنى نوع من الحماية القانونية ، بل حتى دون أن تُسجل أسماؤهم على أي نحو في سجلات صاحب العمل، أي دون أن تربطهم به- من الناحية الشكلية- أية رابطة..

وأخيراً- ونرجو أن يكون آخراً- وفاة ثلاثة أطفال وإصابة ستة آخرين أكبرهم سناً لم يتجاوز الثالثة عشرة – كل جريمتهم أنهم أبناؤنا- في حادث طريق أثناء استقلالهم سيارة نصف نقل- مخصصة لنقل البضائع- إلى عملهم بأحد المزارع- لم يعرف اسم صاحبه أيضاً- بمدينة طهطا.

والغريب أن الجهاز الإعلامي لوزارة العمل لا يتوقف -بعد أيٍ من هذه الحوادث الأليمة- بل ينشط في نشر تصريحات السيد وزير العمل المزينة بصورته مشيداً بما تضمنه قانون العمل الجديد من ضمانات الالتزام بقواعد السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل.

وعلى الجانب الآخر، تشهد المواقع العمالية شكاوى العمال واحتجاجاتهم المطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور الذي يستعصي على التطبيق الصحيح ويتم التحايل عليه ليس فقط في منشآت القطاع الخاص، وإنما أيضاً في شركات قطاع الأعمال العام، وكثيراً من الهيئات الحكومية التي تتحايل على تطبيق قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 2594 لسنة 2025 بشأن الحد الأدنى للأجر والتدرج الوظيفي.

غير أن أصوات العمال الواضحة تبدو وكأنها لا تصل إلى مسامع وزارة العمل التي لم تزل التصريحات الصادرة عنها تؤكد إصدار تعليماتها المشددة لمكاتب العمل بإجراء التفتيش الدوري على المنشآت لضمان تطبيق الحد الأدنى للأجور!!

وضمن هذا السياق الأليم لسقوط الضحايا، كانت فاجعة وفاة الرضيعة ابنة زميلتنا دعاء العاملة بشركة نايل لينين جروب، والتي كشفت مأساتها عن مخالفات الشركة لقانون العمل سواء القديم أو الجديد، بل وتجاهل القانون على امتداد السنوات الماضية رغم تنظيم نقابة العاملين بالشركة أكثر من احتجاج اعتراضاً على سوء معاملة العمال وتردي أوضاعهم. أيقظ موت الرضيعة وزارة العمل فجأة ليصدر الوزير تعليماته لوكيل الوزارة مدير مديرية العمل بالإسكندرية بالتوجه إلى الشركة وإجراء التحقيق ومطالبة صاحب العمل أخيراً بتطبيق القانون.

رغم كل ذلك.. كان الأمل قد ساورني بعد موت الرضيعة وما أثاره من غضب مجتمعي، وخاصة بعد أن تكشفت أوضاع العمل التى يعمل تحت وطأتها عمال شركة نايل لينين جروب والتى تنتمي إلى عصر ما قبل القانون، حيث بدا أن هذه المرة يصعب أن تمر كما مرت حوادث من قبلها، وأن أوان المحاسبة قد حل، والمقصرون سوف يحاسبون، وستتجه وزارة العمل إلى ممارسة أهم وظائفها ورقابتها على تنفيذ القانون. ساورني الأمل في توقف عداد الموت عن العد بعد كل هذا العدد من الضحايا.

إلا أنني سرعان ما خاب أملى.. فما زلنا نصحو يوماً بعد آخر على حادثة جديدة وسقوط ضحايا جدد دون محاسبة، ومازال العمال يطالبون بالتطبيق الصحيح للحد الأدنى للأجور دون مجيب ومازالت ماكينة التصريحات بوزارة العمل تدور دون توقف.

كمال عباس

#قانون_العمل_الجديد

للتفاصيل: https://tinyurl.com/24dzwjej
قد تكون صورة ‏‏‏٣‏ أشخاص‏ و‏تحتوي على النص '‏كمال عباس يكتب عن شهداء لقمة العيش ألم يحن الوقت للعمل بدلآ من التصريحات؟ /@daaarbnews‏'‏‏

إضافة تعليق جديد