مجلس النواب يقر قانون العمل بشكل مبدئي وسط انتقادات واسعة
خلال الأسبوع الجاري عقدت الجلسة العامة الأولى لمشروع قانون العمل الجديد في مجلس النواب، والمقدم من الحكومة، حيث نال القانون - الذي لم ينظم له جلسة استماع واحدة - على الموافقة المبدئية، بينما تم إقرار 12 مادة منه.
بعض النواب أبدوا تحفظاتهم على بعض مواد القانون ومنهم النائب إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة، الذي أشار إلى أن تعريف الإضراب في القانون يقتصر على ممارسته داخل مقر العمل فقط، وهو ما يعتبره قيدًا على حق العمال. وطالب بتعديل النص ليشمل الإضراب خارج المنشأة أيضًا، مؤكدًا أن العمال قد يفقدون حقهم في الإضراب إذا أغلقت المنشأة أبوابها في اليوم المحدد. وأضاف أن الإضراب السلمي هو حق دستوري وليس مجرد مصلحة للعمال، مشيرًا إلى أن حصر الإضراب داخل المنشأة قد يحرم العمال من ممارسة هذا الحق بشكل كامل.
كما أثار منصور قضية تأخر تسوية النزاعات العمالية، حيث ذكر أن بعض العمال في قطاع الزراعة لم يتقاضوا رواتبهم منذ ثلاث سنوات، معربًا عن مخاوفه من أن الحق الدستوري في الإضراب لن يُطبق بشكل فعلي.
من جهته، أوضح وزير المجالس النيابية، والتواصل السياسي، محمود فوزي، أن السماح بالإضراب خارج المنشأة قد يؤدي إلى تداخل بين العاملين في المنشأة وأطراف أخرى، مما قد يؤثر على الصالح العام. وأكد أن الإضراب يجب أن يقتصر على داخل المنشأة لتحديد أهدافه بشكل واضح، مشيرًا إلى أن صاحب العمل لديه الحق في إغلاق المنشأة حتى لو كان العمال داخلها.
من جهة أخرى أعلنت النائبة إيرين سعيد موافقة حزب الإصلاح والتنمية على القانون من حيث المبدأ، مطالبة في الوقت نفسه بإلغاء استثناء عمال الخدمة المنزلية من تطبيق القانون، مؤكدة أن هذه الفئة تتعرض لانتهاكات وتحتاج إلى حماية قانونية. وانتقدت أيضًا مشكلة شركات توريد العمالة في القطاع الخاص، والتي تعتمد عليها الشركات لتجنب تحمل مسؤوليات العمال.
وردًا على ذلك، أكد فوزي أن تنظيم عمل الخدمة المنزلية يتطلب قانونًا خاصًا، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل حاليًا على إصدار تشريع خاص بهذا الشأن.
وفي تعليقه على القانون، انتقد النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة، عدم مراعاة القانون للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها سوق العمل منذ عام 2017.
كما انتقدت النائبة أميرة أبو شقة تأخر الحكومة في إصدار قانون جديد يتناسب مع التطورات التي حدثت منذ إصدار القانون الحالي عام 2003، قائلة: "هل أنا أمام تشريع بفلسفة جديدة لإزالة العوار الموجود في القانون الحالي، أم أن الفلسفة في المشروع الجديد غابت أيضًا واستحضرت نصوص القانون الحالي".
من جانبه أعلن النائب عاطف المغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، موافقته من حيث المبدأ على مشروع قانون العمل الجديد، قائلا: "نحن بصدد تشريع قانون لصالح العمال، لأنهم يمثلون الحلقة الأضعف في علاقات العمل. وعندما ننظم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، يجب أن نراعي الطرف الأضعف".
وأشار المغاوري إلى أن هناك العديد من النصوص القانونية التي تنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، لكن غياب التفتيش والرقابة يؤدي إلى استغلال بعض أصحاب العمل للعمال. وأضاف: "في قطاع المصانع، عندما يكتشف صاحب العمل أن هناك من يشكل نقابة داخل المصنع، يقوم بفصله فورًا، وكأن إنشاء النقابات العمالية يُنظر إليه بشبهة".
وحول ضرورة عقد جلسات استماع، أكد المغاوري أن البرلمان ملتزم دستوريًا بضرورة مشاركة الفئات المعنية في صياغة القوانين التي تخصها. وقال: "عندما نضع قانونًا لفئة معينة في المجتمع، يجب أن نستمع إلى ممثلي هذه الفئة، كما حدث عندما استدعى البرلمان نقابة المحامين أثناء مناقشة قانون الإجراءات الجنائية".
وأضاف أن قانون العمل الجديد لم يستوفِ الشروط الكافية لاستماع وجهة نظر أصحاب المصلحة، واختتم المغاوري كلمته بالقول: "نتمنى المشاركة في تعديل بعض المواد لصالح العامل، لضمان تحقيق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل".
من جانبه، أيد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، عبد المنعم الجمل، القانون بشكل مبدئي، معتبرًا أنه يدعم الاستقرار ويتوافق مع المعايير الدولية. ومع ذلك، انتقد تعديل بعض المواد التي تمس ميزانية الثقافة العمالية، إذ يدخل أغلب مخصصاتها إلى الاتحاد.
كانت دار الخدمات النقابية أصدرت ورقتها البحثية، والتي جاءت تحت عنوان "موقفنا بشأن الصياغة النهائية لمشروع قانون العمل الجديد" يوم الاثنين الماضي 24 فبراير، حيث تعرضت لأهم النقاط الخلافية، مشيرة إلى أن التغيير لم يشمل اغلب مواد القانون، الذي يشابه في كثير من مواده القانون القديم.
أما أهم النقاط الخلافية التي تعرضت لها الورقة فتدور حول افتقاد القانون لعوامل الأمان الوظيفي، وكذلك الأجر حيث خفض القانون العلاوة الدورية من 7% إلى 3%، واستمرار مواد فصل العمال على هوى صاحب العمل، كذلك تمسكه بشروط الإضراب التي تحرم العمال من ممارسة أحد أهم حقوقهم الأساسية، فضلا عن استبعادها لعاملات المنازل من القانون برمته، كذلك تقنين وكالات الاستخدام التي تمثل خطرا على مستقبل العمال، وتسلبهم جزءا لا يستهان به من أجورهم.
للاطلاع على الورقة البحثية "موقفنا" يرجى الضغط على الرابط التالي:
إضافة تعليق جديد