من أجل تمثيل حقيقى للعمال فى البرلمان

بيانات صحفية
الخميس, أغسطس 7, 2014 - 01:14
انطلاقاً من قناعتها بالأهمية البالغة التى تكتسبها الانتخابات البرلمانية القادمة فى ظل المرحلة المفصلية التى يخوضها وطننا اليوم.. وحرصها على تطوير وتفعيل أوسع مشاركة شعبية فى هذه الانتخابات على النحو الذى يحقق أفضل تمثيل ممكن للفئات والقطاعات الاجتماعية كافة.. وتمسكاً بمبادئها وتوجهاتها الثابتة فى الدفاع عن حقوق العمال والقطاعات الشعبية التى تقف على الدرجات الأدنى من السلم الاجتماعى وقد أثقلت كاهلها أوضاعاً اقتصادية واجتماعية تنوء بحملها الجبال.. تطلق دار الخدمات النقابية والعمالية دعوتها ومبادرتها لبناء كتلة عمالية تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بالشراكة والتحالف مع كافة القوى السياسية الديمقراطية التى تتوافق معها على استحقاقات وأولويات المرحلة المقبلة .

نحن أمام انتخابات لا تكتسب أهميتها فقط من كونها الاستحقاق الثالث والأخيرفى خارطة الطريق الذى كان ولم يزل طريقاً محفوفاً بالمخاطر والصعاب.. وإنما لأنها انتخابات برلمان يفترض أنه- وفقاً لدستورنا الجديد- يتمتع بصلاحيات مجلس تشريعى حقيقى.
إننا نعرف ونقر مع غيرنا من القوى الديمقراطية والفعاليات الحية فى مجتمعنا بمثالب ومشاكل قانون الانتخابات، بمخاطر ومشاكل الانتخابات الفردية فى ظل البون الشاسع الذى يفصل بين مطالب شعبنا وتطلعاته وبين آليات العملية الانتخابية المحملة بكل آثام الماضى البغيض.. إننا ندرك الصعوبات التى تواجهنا فيما نحن محاصرون بين رجالات النظام القديم الذين مابرحوا متمترسين فى مواقعهم، وفلول الإخوان المسلمين وحلفائهم الذين يشهرون سلاحهم ويخوضون حرب النفس الأخير فى مواجهة الجميع.. وفيما المنطقة العربية تموج من حولنا بالصراعات، وقد اشتعلت فيها كل أنواع الفتن الطائفية والعرقية.. حيث تتمدد الميول الفاشية، وتتعالى صرخات التكفير والتخوين وتتراجع أصوات العقل .. يصبح الآخر عدواً لمجرد الاختلاف فى الرأى، وتبتعد نقطة التوازن التى لم نلبث نلهث وراءها منذ الخامس والعشرين من يناير2011.

غير أننا رغم كل ذلك ينبغى أن نتمسك بمجموعة من الحقائق والاعتبارات:
أن غالبية أبناء شعبنا الذين نزلوا إلى الشوارع والميادين فى الخامس والعشرين من يناير 2011 .. كانوا ومازالوا يتطلعون إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. وهم.. هؤلاء.. من حقهم العيش الكريم فى بلادهم ..

.إن كل التعقيدات التى أحاطت بمسار الواحد وأربعين شهراً الماضية لا تنال من هذه الحقيقة الأبسط والأوضح والأكثر أصالة.. هذا الشعب الذى كان قد بلغ به الغضب مبلغاً لا مرد له دفع به إلى الميادين والشوارع لا يلى على شئ لم يكن يملك أدوات التغيير أو صناعة المستقبل.. وقد صودرت منه حرية التعبير المنظم عن مصالحه والضغط من أجل تحقيقها.. صودر حقه فى بناء منظماته المستقلة.. نقاباته وجمعياته .. صودرت قدرته على المشاركة فى صنع القرار ، وتغيير السياسات.
هذا الشعب الذى نزل إلى الشوارع أفراداً- وليس قوى منظمة- كان طبيعياً أن يتعرض لكل أنواع التضليل والمتاجرة باسمه والتحدث نيابة عنه.. كان طبيعياً أن تتنازعه الميول والأهداف السياسية المتعارضة.. أن يتعلم الدرس بنفسه وهو يمضى من تجربة قاسية إلى أخرى .. يبنى وعيه الخاص عبر موجات مد وجذر يتجاذبها المستقبل والماضى الأليم.

لكن المطالب الأكثر أصالة لا تضيع ولا تغيب.. المصالح الحقيقية لا سبيل إلى تزييفها.. العدالة.. الحق فى العيش الكريم، والحياة الآمنة.. الحق فى العمل اللائق، والأجر العادل.. الحق فى الرعاية الصحية والعلاج والتعليم والمسكن الصحى الملائم.
إننا من هنا ندعو كل من يتبنى مطالب هذا الشعب إلى الاصطفاف معنا فى شراكة حقيقية ديمقراطية لخوض معركة الانتخابات المقبلة.

لقد استطاع العمال المصريون- فى أعقاب ثورة يناير- انتزاع بعض من حرياتهم النقابية التى صدر بها الإعلان الوزارى فى الثانى عشر من مارس 2011 .. غير أن ممارسة الحريات النقابية ظلت - تواجه - على الأرض- صعوبات بالغة، وتتعرض لانتهاكات فظة من قبل المنظومة الجهنمية لتحالف الإدارات الحكومية- مع عدد من رجال الأعمال والشركات الخاصة مستخدمين فى ذلك مؤسسة النظام السابق النقابية "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر" ، وبعض الكيانات الجديدة التى شرعت تلعب دورها فى تفتيت الحركة العمالية المصرية والتحدث نيابةً عنها.

لقد ناضل من أجله العمال المصريين طويلاً قبل وبعد الثورة من أجل إلغاء القيود القانونية المفروضة على حق تكوين النقابات استقلالاً عن المؤسسة النقابية الرسمية المفروضة عليهم.. وتحرير العمال المصريين من كافة صور الضم القسرى والإكراه على العضوية النقابية، غير أن واقع العمال المصريين- الذين يضطرون دوماً إلى اللجوء للإضراب بحثاً عن المفاوضة- ما برح يشير إلى الحاجة الملحة لتمكينهم من تكوين النقابات المعبرة عن مصالحهم والتى تمثلهم بحرية وفتح الطريق أمام المفاوضات الجماعية بشأن حقوقهم المعلقة منذ سنوات.. فيما لم يزل قانون الحريات النقابية المفترض حبيس الأدراج بعد جولات متكررة ومتعددة من الحوار بشأنه عبر ثلاث سنوات منذ إعداد مسودته الأولى، ولم يزل القانون رقم 35 لسنة 1976 قائماً بعد أن تجاوزه الواقع والزمان منذ شرع العمال فى تحطيم قيوده بأنفسهم.

لم يزل العمال والنقابيون فى مئات النقابات المستقلة يتعرضون للتنكيل.. حيث يفقد العشرات عملهم ومورد رزقهم الوحيد لممارستهم حقوقهم الديمقراطية المشروعة، بينما تُحجب الحماية القانونية عن هؤلاء على سند من القول بعدم صدور قانون الحريات النقابية الجديد المنتظر.. وتتعثر إمكانيات المفاوضة الجماعية بين أطراف العمل فى ظل الأوضاع النقابية المقلوبة واستمرار القانون رقم 35 لسنة 1976 سئ السمعة الذى كان يفترض إلغاؤه صبيحة الثورة على منظومة الحكم السابقة..

إن العدالة الاجتماعية التى كان غيابها دافعاً رئيسياً لثورة 25 يناير ومطلباً أساسياً لها تبدى فى شعارها الأول .. ودعا الملايين إلى الالتحاق بصفوفها .. لم تزل دون التحقق بعيدة المنال .. بل أنها ظلت دائماً منذ قيام الثورة وحتى الآن محلاً للتجاهل والنكران.

ورغم أن أحداً لا يمكنه ولا يسعه أن ينكر الحال التى كان قد آل إليها مجتمعنا من انعدام التوازن على نحو كان قد بات معه أبناء شعبنا من العمال والكادحين والعاطلين غير قادرين على احتمال الحياة يوماً آخر قبل أن تنفجر ينابيع غضبهم فى يناير 2011.

ورغم أن الجميع لم يكف عن الإقرار اللفظى بحق هؤلاء المقهورين فى اقتضاء حقوقهم التى طال إهدارها.. وأن متصدرى المشهد السياسى ومسيرى الأمور على اختلافهم منذ الثورة لم يتوقفوا عن التعهد بأخذ هذه الحقوق فى الاعتبار .. إلا أن السياسات التى تم الأخذ بها قد اتخذت مساراً مختلفاً عن مقتضيات العدالة الاجتماعية التى لا يمكن لها أن تتحقق دون تمكين الأطراف الاجتماعية من التعبير عن مصالحها والتفاوض بشأنها.. ودون امتلاك الأدوات التنظيمية اللازمة لإجراء المفاوضة الاجتماعية .. وفى مقدمتها النقابات المستقلة الحقيقية.

إن التغيير الديمقراطى لمجتمعنا قد تم اختصاره - على نحو مُخل للغاية - فى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية..بينما يغيب عن مفرداته تحرير المجتمع المدنى، وحقوق العمال والفئات الاجتماعية الأخرى فى التعبير عن مطالبها وممارسة نفوذها .. وتطوير موقعها التفاوضى من أجل الحصول على حقوقها..

إن الأحزاب السياسية لا يمكنها أن تنمو فى الفراغ ، أو أن تطفو على سطح لا قاع له.. إننا بطبيعة الحال لا نملك تقييم تجربة الأحزاب غير أننا نعتقد أن خبرة السنوات الثلاث الماضية تشير إلى صعوبة بناء الأحزاب اعتماداً فقط على تنظيم الأفراد.. أو مجموعات الشباب الذى عانى هو الآخر من تجربة الدوران فى الفلك المغلق للنخبة السياسية.
إن الأحزاب السياسية لا يمكن لها أن تنضج أو تنمو دون أن ينمو الفضاء المجتمعى من حولها.. دون أن يمتلأ الفراغ بمنظمات الناس .. نقاباتهم، وجمعياتهم.. وحركاتهم الاجتماعية.. ودون ذلك يظل كل حديث عن التغيير الديمقراطى مبتسر، وتظل كل انتخابات شائهة حتى إذا لم تشوبها شائبة من تزوير أو انتهاك مباشر.. بغض النظر عن الانتهاكات غير المباشرة من المتاجرة بالدين، أو شراء الأصوات واستغلال الفقر والعوز.
إننا بحق أمام مرحلة مفصلية فى تاريخنا.. إن البرلمان القادم منوط به وينبغى له أن يصدر ثلة من القوانين التى تتوافق مع الدستور الجديد.. التى يمكن لها أن تمكن العمال وقطاعات الشعب جميعها من التمتع بالحقوق التى يكفلها هذا الدستور.
لقد نجحنا فى الحصول على دستور يكفل الكثير من الحقوق والحريات .. غير أنه لم يصبح بعد عقداً اجتماعياً تلتزم به السلطات، وتحتكم إليه التشريعات، والقرارات التنفيذية..

لهذا.. نبادر إلى دعوة العمال المصريين.. النقابات المستقلة.. النشطاء والقادة العماليين إلى تكوين الكتلة العمالية.

وندعو الأحزاب والقوى السياسية إلى التقدم السريع نحو بناء تحالف انتخابى قوى على قاعدة الحوار والتوافق على مجموعة من النقاط البرنامجية الأساسية..

وفى هذا الصدد نطرح من جانبنا النقاط التالية:
نستهدف برلمان قوى تمثل فيه الفئات والقطاعات الشعبية المتنوعة، والقوى السياسية الديمقراطية، وكافة ألوان الطيف المصرية.. يلتزم أعضاؤه بإصدار التشريعات والقوانين التى تتوافق مع الدستور فيما يكفله من حقوق وحريات وعلى الأخص:
إصدار قانون الحريات النقابية وفقاً لمسودته الأخيرة المعدة.
تعديل قانون العمل المصرى بما يكفل الحماية اللازمة للطرف الأضعف فى علاقة العمل، ويعالج سلبيات القانون الحالى على الأخص فيما يتعلق بتحقيق الأمان الوظيفى، وحماية العمال من الفصل، وتفعيل آليات المفاوضة الجماعية وإبرام العقود الجماعية، وعلى الأخص رفع القيود المفروضة على حق الإضراب.
إصدار قانون الحد الأدنى للأجر الذى يطبق على جميع العاملين.
تعديل قانون التأمينات الاجتماعية بما يضمن حداً أدنى كريماً للمعاش وكفالة الضمان الاجتماعى لجميع المصريين، وشمول العمالة غير المنتظمة والعمالة فى القطاعات غير الرسمية بمظلة التأمين الاجتماعى.
إصدار القوانين التى تتواءم مع الدستور الجديد وتمكن المصريين من اقتضاء حقهم فى الرعاية الصحية والعلاج والسكن والتعليم وتكفل تكافؤ الفرص بين الجميع، وتحظر كافة صور التمييز.
إصدار قانون بإنشاء المجلس الاقتصادى والاجتماعى الذى يضم الشركاء الاجتماعيين على أن يكون آلية لتنظيم الحوار والتفاوض المجتمعى بشأن السياسات والتشريعات الاقتصادية والاجتماعية.. ويتجاوز هذا المجلس آليات المفاوضة الجماعية بين العمال ورجال الأعمال فى تشكيله الذى يجمع كافة الشركاء الاجتماعيين وأطراف المجتمع المدنى [منظمات المجتمع المدنى المعنية، وممثلى الفلاحين، والحرفيين، والتعاونيات..]، وكذلك فى اختصاصاته التى تتسع لتناول كافة السياسات والتشريعات الاقتصادية والاجتماعية بما فى ذلك الموازنة العامة ، والاتفاقيات التجارية الدولية.

يلتزم البرلمان – فضلاً عن ممارسة دوره الرقابى- بتفعيل أدوات الرقابة المجتمعية ، وبعرض الموازنة العامة للدولة على الكافة، وإعلانها قبل إصدارها بوقت كاف، وتنظيم الحوار المجتمعى والمفاوضة المجتمعية بشأنها.

كما يلتزم البرلمان بتفعيل الحوار المجتمعى حول القوانين والتشريعات والسياسات الحكومية، وتنظيم جلسات الاستماع والحوار، وعلى الأخص بعرض القوانين على الأطراف ذات الصلة والمخاطبين بأحكامها قبل إصدارها.

انتصاراً لثورة الشعب المصرى ونزولاً على توجهاتها الأهم إلى العدالة الاجتماعية ونزوعها الأعمق إلى الكرامة الإنسانية .. انتصاراً لمطالب العمال المصريين الذين كانوا قد بدءوا العد التنازلى لنظام مبارك قبل أربع سنوات من اهتزاز أركانه على وقع دبيب الملايين.. ومن أجل الحرية التى سالت فى سبيلها الدماء، وإجلالاً للشهداء الذين قدموا الحياة ثمناً لها.. الحرية، أنشودة التحرير الرائعة التى لم تكن أبداً مجرد أغنية جديدة تتواتر فى قنوات التليفزيون الرسمى، أو استبدالٍ للأغلبية التى تحتل مقاعد البرلمان.. الحرية التى أرادها العمال وأبناء الشعب المصرى جميعهم لكى يستطيعوا التعبير عن مطالبهم وحقوقهم.. لكى يجدوا وسيلة إلى الرقابة على ناتج عملهم وموارد بلادهم.. لكى يعاد توزيعها ببعض العدالة، لكى تزاد حصة الطبقات والفئات المقهورة من هذه الموارد بما يكفيها على الأقل شر الجوع، وما يقيها آلام المرض.
انتصاراً للعدالة والكرامة والحرية.. وإجلالاً لشهداء لن تذهب دماءهم هدراً مهما حدث.. نبادر اليوم إلى تكوين الكتلة العمالية.

دار الخدمات النقابية والعمالية
الأحد الموافق 6/7/2014
 

إضافة تعليق جديد