نوال السعداوي.. “امرأة من نسيج خاص “

مقالات
الثلاثاء, مارس 23, 2021 - 17:25

 

نوال السعداوي..  “امرأة من نسيج خاص “ 

 

 مشوار بدأ 27 أكتوبر 1931 

 

نوال السعداوي الطبيبة والكاتبة والروائية المصرية المدافعة عن  حقوق الإنسان   وحقوق المرأة لم تقدّم التنازلات يوماً في نضالها المستمر في سبيل تحرير المرأة. لطالما كان القلم والورقة سلاحها الوحيد.  حتى كان يقول سجانها سيكون إيجاد قلم وورقة في زنزانتها أكثر خطورة من إيجاد سلاح فهي التى أضاءت عتمة الدروب، ولم تغمض عينيها في عالم لا يحب إلا النساء المغمضات "هكذا وصفتها ابنتها " المرأة التى رغم أغلاق الأبواب عليها ومهاجمتها لم تغلق عينيها، بل بقى بريق عينيها يهبها الشجاعة والثبات على المبدأ حتى وصفها يوسف إدريس قائلا: «نوال قطعة ملتهبة من الشمس انفصلت عنها ولا أظن أنها ستعود».. 

.. نضال طويل خاضته الراحلة نوال السعداوي، في رحلة واجهت فيها تحديات ومواقف صعبة. واجهتها   بشجاعة استثنائية على مدى عقود متواصلة في نضال بدأ منذ خمسينات القرن الماضي وكان عنوانه الرئيسي "حقوق المرأة" حتى أصبحت رمزاً للحركة النسوية في العالم. وبفضل كلماتها الحادة ولهجتها الواثقة وكتاباتها الصريحة وتصادمها المباشر والمعلن مع الكثير من المسائل المتعلقة بالدين والجنس والسياسة    أصبح الكثير من كلماتها مرجعاً ومضرباً للمثل كجملتها الشهيرة "أنا أقول الحقيقة.. والحقيقة متوحشة وخطيرة...

 

.. تخرجت نوال السعداوي من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1955 وعملت كطبيبة، ثم تخصصت في الطب النفسي. لم تكن يوما تفكر في كسر القواعد أو الضوابط، وإنما في أن تقول الحقيقة". التى يخشاها الآخرون ودائما ما كانت تقول للنساء " كوني البطلة بالنسبة لنفسك " إنها واحدة من العبارات التي تحمل في طيّاتها معنى الثورة والتمرد. لقد فهمت نوال السعداوي منذ مرحلة مبكرة أن "الكتابة نضال بحد ذاته"، كما كانت تقول الروائية الكندية مارغريت أتوود: "لقد عبّرت بأسلوبها عن مسائل لا يمكن التعبير عنها هكذا كانت رائدة في مجالها لأنها أدركت بكل وضوح وقائع حياتها وحياة نساء أخريات.

في هذا السياق  نشرت كتاب عام 1972 بعنوان المرأة والجنس، مواجهة بذلك جميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة كالختان والطقوس التي تقام في المجتمع الريفي للتأكد من عذرية الفتاة  فأصبح ذلك الكتاب النص التأسيسي للموجة النسوية الثانية. وكنتيجة لتأثير الكتاب الكبير على الأنشطة السياسية أقيلت نوال من مركزها في وزارة الصحة، لم يكتف الأمر على ذلك فقط فكلفها ذلك أيضا مركزها كرئيس تحرير مجلة الصحة، وكأمين مساعد في نقابة الأطباء. وفى عام 1977 نشرت كتابها "الوجه العاري للمرأة العربية" والتي وثقت خلالها تجاربها إذ كانت شاهدةً على جرائم اعتداء جنسي و"جرائم شرف" خلال عملها كطبيبة. في إحدى القرى المصرية وقد أثارت الرواية حالة من الغضب، واتهمها النقاد بتعزيز الصور النمطية للمرأة العربية.. غير أنها لم تتوقف عن التعبير عن آرائها. مما قادها الى السجن في  سبتمبر 1981  ضمن حملة اعتقالات طالت العديد من المعارضين /ات للنظام حين ذاك ثم أُطلق سراحها   لكن نشاطها خضع للرقابة وحُظرت كتبها.. بينما على الوجه الآخر نالت درجات شرفية عدة من جامعات مختلفة حول العالم. وفي عام 2020 أدرجتها مجلة التايمز الأمريكية ضمن قائمة أكثر 100 امرأة تأثيراً، وخصصت غلافها الخارجي لصورتها،  ونتيجة لآرائها ومؤلفاتها رُفعت العديد من القضايا ضدها من قبل المعادين لحقوق المرأة كما وُضع اسمها على ما وُصفت بقائمة الموت للجماعات الإسلامية مما أدى الى سفرها عام 1988 خارج مصر.  حيث قبلت عرض التدريس في جامعة ديوك وقسم اللغات الأفريقية في كارولاينا الشمالية وأيضا جامعة واشنطن و شغلت  العديد من المراكز المرموقة أنذاك في الحياة الأكاديمية في هارفرد، جامعة ييل، جامعة كولومبيا، جامعة السوربون، جامعة جورج تاون، جامعة ولاية فلوريدا، و جامعة كاليفورنيا  حتى رجعت مصرعام  1996  

في   سياق ذلك  أسست  نوال السعداوي جمعية تضامن المرأة العربية عام 1982  كما ساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان.   و استطاعت أن تنال ثلاث درجات دكتوراه فخرية من ثلاث قارات. وفى عام 2004 حصلت على جائزة الشمال والجنوب من مجلس أوروبا. وفي عام 2005 فازت بجائزة إنانا الدولية من بلجيكا وعام 2012 فازت بجائزة شون مأكبرايد للسلام من المكتب الدولي للسلام في سويسرا

كذلك شغلت العديد من المناصب مثل منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة في القاهرة، الأمين العام لنقابة الأطباء بالقاهرة، غير عملها كطبيبة في المستشفى الجامعي. كما نالت عضوية المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. وأسست جمعية التربية الصحية وجميعة للكاتبات المصريات. وعملت فترة كرئيس تحرير مجلة الصحة بالقاهرة، ومحرره في مجلة الجمعية..

.  .

في هذه الرحلة المليئة بالنضالات صدر لها أربعون كتابا أعيد نشرهم وترجمتهم لأكثر من 20 لغة كانت تدور الفكرة الأساسية لكتاباتها حول الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخرى في نواحي ثقافية واجتماعية وسياسية. حيث كانت تقول " إن شرف الإنسان رجلًا أو امرأة هو الصدق؛ صدق التفكير وصدق الإحساس وصدق الأفعال. إن الإنسان الشريف هو الذي لا يعيش حياة مزدوجة؛ واحدة في العلانية وأخرى في الخفاء وإن الشخصية الناضجة هي وحدها التي تستطيع أن ترغب الحرية وتسعى إليها دون أن تخشاها، فالحرية تخيف الإنسان غير الناضج غير المستقل " ..

 هكذا تغادرنا الكاتبة والمناضلة نوال السعداوي بعد ان فتحت تابوهات وتناولت موضوعات شائكة سلطت من خلالها الضوء على معاناة المرأة  ففتحت الطريق وتركت لنا  افكارها ومواقفها النضالية  التي ستظل إرثًا فكريًا وإبداعيًا  راسخة ومحفزا لكل امرأة وفتاة .. فتحية وتقدير الى من علمتنا الثورة على كل أشكال الاضطهاد..

المؤتمر الدائم للمرأة العاملة 

23 مارس 2021

   

 

إضافة تعليق جديد