في مؤتمر صحفي عقدته دار الخدمات النقابية أمس الثلاثاء 23 أكتوبر 2024 لاستعراض منطوق حكم المحكمة الإدارية العليا غير المسبوق، القاضي بإلغاء شرط الانضمام للنقابات العمالية، في سبيل استخراج رخصة القيادة المهنية، وذلك بمشاركة عدد من ممثلي النقابات المستقلة وخاصة في قطاع النقل البري، بالتعاون مع قيادات اتحاد تضامن.
كانت المحكمة القضاء الإداري في 26 يونيو 2024، قضت في حكم هو الأول من نوعه، بإلغاء شرط الانتساب إلى إحدى النقابات العمالية أو فروعها، الذي كانت تفرضه لائحة قانون المرور على السائقين كشرط للحصول على رخصة مهنية، ثم عادت المحكمة الإدارية العليا لتؤكد الحكم نفسه، وترفض الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة في 16 أكتوبر 2024، ليصبح الحكم نهائي، وواجب النفاذ.
كانت دار الخدمات النقابية في 19 نوفمبر 2023، رفعت دعوتين منفصلتين رقم 13205، 13207 لسنة 78 ق، لكل من السائقين خليل رزق خليل، ومصطفى صلاح محمد، ضد كل من: وزير الداخلية، ومدير الإدارة العامة للمرور - بصفتهما - طالبت فيهما بإلغاء القرار الإداري المستند إلى المادة 254 من اللائحة التنفيذية رقم 1613 لسنة 2008، لقانون المرور، والمتمثل في اشتراط الإدارة العامة للمرور، بانضمام السائق – المدعي- إلى النقابة العامة، أو أحد فروعها حتى يتسنى له تجديد رخصته المهنية، مما يستتبع آثاراً قانونية أهمها الإجبار النقابي، ونزع حق الاختيار عن العمال.
لاحقا وفي محاولة لعرقلة تنفيذ حكم الدرجة الأولى، تقدمت هيئة قضايا الدولة بالطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ضد السائقين المذكورين برقمي 58677 و58681 لسنة 70. ولكن قضت المحكمة برفض الطعن، وأكدت على الحكم السابق، مما يجعل تنفيذ القرار ملزما للجميع.
أشاد الحضور بالحكم، ودعوا لسرعة تنفيذه، فيما أكد الفريق القانوني للدار البدء فورا في العمل على تنفيذ الحكم، موضحين أن امتناع أي مسؤول عن تنفيذ الحكم يؤدي إلى محاسبته، ومن ثم عزله، بحسب مواد القانون الخاصة بامتناع موظف عمومي عن تنفيذ القانون.
وتخالف مادة اللائحة أحد اهم أركان الحريات النقابية، وهي حق العمال في الاختيار للانضمام للنقابات، وحرية تكوينها، وذلك بحسب منسق الدار كمال عباس، الذي اعتبر الحكم بمثابة رد اعتبار للعمال، التي أهدرت النقابات المتحالفة مع السلطة حقوقهم.
كما يضرب الحكم في إشكالية الاتحاد الواحد، ويفتح إمكانية خلق نقابات مستقلة حقيقية، تعمل على تحسين شروط العمل، بكل ما يستتبعه من حقوق للعمال، خصوصا السائقين، الذين ينتمون لقطاع العمالة غير المنتظمة، التي لا تحظى بحماية بأي اجتماعية، أهمها التأمين الصحي وإصابات العمل، وفقا لمنسق الدار.
بالتوازي أوضح الفريق القانوني للدار أن المحكمة أقرت في حكمها أن شرط الإجبار على الانضمام للنقابة، الذي تفرضه اللائحة التنفيذية لقانون المرور، شرطا مستحدثا، لم ينص عليه القانون رقم 66 لسنة 1973، وبما يخل بالدستور الذي ينص في مادته رقم 170، على أن إصدار اللوائح، لا يجب أن يتضمن تعديلا لحكم القانون، أو تعطيلا لمقتضاه، أو حتى إعفاء من تنفيذه.
في حين يتسق حكم المحكمة مع ما نصت عليه المادة 4 من قانون المنظمات النقابية -العمالية، رقم 213 لسنة 2017 الذي ينص على: "للعمال دون تمييز الحق في تكوين المنظمات النقابية، ولهم كذلك حرية الانضمام إليها، أو الانسحاب منها، وذلك وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في هذا القانون، ولائحته التنفيذية".
عاد الفريق القانوني ليؤكد على أن الحكم ليس شخصيا، فلا ينطبق على أصحاب الدعوى فقط، وذلك وفقا للقاعدة القانونية الفقهية، إذ أن أحكام الإلغاء ليست شخصية، كما هو الحال مع أحكام التعويض.
وردا على تساؤلات المشاركين حول كيفية تطبيق القرار، تم التوافق على مجموعة من الخطوات للضغط من اجل تنفيذ الحكم، والتي تبدأ باستخراج الصيغة التنفيذية للحكم، وما يتبع ذلك من إعلام لكل من وزارة الداخلية، وإدارة المرور، عبر هيئة الدفاع الخاصة بهما، والمتمثلة في مجلس هيئة قضايا الدولة.
وفي ختام النقاش دعت دار الخدمات النقابية لتكثيف الضغوط الإعلامية، والنيابية، الممكنة، لتفعيل الحكم القانوني، الذي يؤسس إلى مبدأ أسست عليه التنظيمات النقابية ألا وهو حرية الاختيار النقابي، وذلك في سبيل دعم فرص تفعيل العمل فيها بشكل مستقل عن السلطة.