قانون العمل الجديد
تشريع يعمق الأزمة ويغيب صوت العمال
في ظل أزمة اقتصادية خانقة تهدد استقرار الأسر المصرية وتزيد من معاناة العمال، تتعامل الجهات التشريعية مع قضايا العمل بمنطق يفتقر إلى الرؤية العادلة والمتوازنة. فبدلاً من إشراك النقابات العمالية المستقلة، والجهات المعنية في حوار جاد يضمن صياغة تشريعات تحمي حقوق العمال، تتسارع الخطى نحو إقرار قانون عمل جديد، يتجاهل مطالب الكادحين ويكرر أخطاء التشريعات السابقة، بل ويضيف إليها أعباء جديدة تزيد من معاناة العمال وتُضعف من قدرتهم على مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة.
إن اتحاد تضامن النقابات العمالية، وهو يرفض هذا القانون، يؤكد أن التشريع الجديد يغيب عنه أي التزام حقيقي بحماية حقوق العمال، خاصة في ظل استمرار إقصاء النقابات المستقلة عن المشاركة فضلا عن العمل على تعطيل عملها، أما القانون الذي يطلق عليه الجديد جزافا، فهو بدوره يكرر في أغلب مواده نفس أخطاء نظيره القديم بكل عيوبه مثل استبعاد العمالة المنزلية من نطاق الحماية القانونية، وعدم وضع ضوابط كافية لتقييد العقود المؤقتة، وإعادة نفس الإشكاليات المتعلقة بإنهاء علاقات العمل دون ضمانات كافية لحماية العمال.
كما أن القانون الجديد لا يتضمن أي ضمانات لتحديد حد أدنى عادل للأجور يتناسب مع معدلات التضخم ويغطي الاحتياجات الأساسية للعمال وعائلاتهم. بل إنه يقلص من حقوق العمال المكتسبة، مثل تخفيض العلاوة الدورية من 7% من الأجر الأساسى إلى 3% من الأجر التأمينى، وهو ما يمثل انتقاصا صارخاً من حقوق العمال.
أما فيما يتعلق بوكالات الاستخدام، فإن القانون يكرس دورها في استغلال العمال، بدلاً من حظر هذه الممارسات تماماً والحد من تغولها.
كما أن الآليات المقترحة لدعم العمالة غير المنتظمة تظل غير كافية، حيث لا تزال معضلة التسجيل قائمة، ويبقى أن حفز وتسهيل تكوين منظمات نقابية يُعد عملا حاسماً في تطوير أوضاع العمالة غير المنتظمة والعمال في القطاع غير الرسمي.
وفيما يخص حق الإضراب، الذي يعد حقاً أساسياً مكفولاً بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية، فإن القانون الجديد يفرض قيوداً تعجيزية تحد من ممارسة هذا الحق، خاصة في المنشآت الحيوية.
فالإضراب ليس مجرد وسيلة للعمال للمطالبة بحقوقهم، بل هو أداة لتصحيح الخلل في علاقات العمل وتحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة. إلا أن القانون الجديد يحول هذا الحق إلى إجراء شكلي بفرض إخطار مسبق لمدة 10 أيام، وهو ما يتناقض مع طبيعة الإضرابات التي غالباً ما تكون نتيجة مطالب ملحة تتعلق بحياة العمال وعائلاتهم.
إن تقييد حق الإضراب بهذا الشكل لا يضر بالعمال فحسب، بل يضر أيضاً بمصلحة البلاد ككل.
فالإضرابات، عندما تتم بشكل منظم وشفاف، تكون مؤشراً على وجود خلل يحتاج إلى معالجة، وتساهم في تحقيق استقرار طويل الأمد لعلاقات العمل. أما تقييد هذا الحق، فإنه يؤدي إلى تراكم الغضب العمالي وزيادة الاحتقان، مما ينعكس سلباً على الإنتاجية والاستقرار الاجتماعي.
إن اتحاد تضامن النقابات العمالية يطالب الجهات التشريعية والتنفيذية بمراجعة هذا القانون بشكل عاجل، وفتح حوار مجتمعي يشارك فيه النقابات العمالية المستقلة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى من أجل صياغة تشريعات عادلة تحمي حقوق العمال وتضمن لهم حياة كريمة. فالتنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق دون عدالة اجتماعية تُصان فيها حقوق الكادحين، ودون مشاركة حقيقية للعمال في صنع القرارات التي تمس حياتهم ومستقبلهم.
اتحاد تضامن النقابات العمالية
إضافة تعليق جديد