شهر مارس: محطة تذكير لحقوق المرأة المصرية ومسارها نحو العدالة والمساواة
في يوم المرأة المصرية " 16 مارس 2025" واستمرارًا للتأكيد على حقوق النساء، نواصل تسليط الضوء على واقع النساء في مصر الذي لا يزال يشير إلى العديد من التحديات التي تقف أمام تحقيق المساواة الكاملة. ورغم الجهود المستمرة لتحسين أوضاع النساء، لا يمكننا اعتبار هذه الجهود إنجازًا حقيقيًا إلا عندما يتم القضاء على التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية التي تحول دون تحقق المساواة الفعلية في العمل والتعليم، الصحة، والضمان الاجتماعي..
في هذا السياق وبالتزامن مع مرور 30 عامًا على مؤتمر بيجين منذ 1995 الذي عقد تحت شعار "إجراء معاملة متساوية للمرأة وتمكينها"، والذي يعد من أهم المحطات في تاريخ الحركة النسائية العالمية، نشير إلى أن الأمم المتحدة قد أصدرت تقريرها هذا العام، مستعرضة الإنجازات التي تم تحقيقها والتحديات التي لا تزال قائمة حيث. أكد التقرير على العديد من القضايا التي تواجه المرأة في جميع أنحاء العالم، وشدد على ضرورة استمرار الضغط على الحكومات لتحقيق المساواة بين الجنسين من خلال:
- تعزيز التشريعات التي تحمي حقوق النساء.
- ضمان المشاركة المتساوية للمرأة في السياسة.
-ضمان الأجر المتساوي والعمل على القضاء على التمييز في أماكن العمل.
- تعزيز التعليم المجاني والفرص المتساوية للفتيات.
- مكافحة العنف ضد النساء ورفع الوعي حول هذه القضايا.
وفى إطار تحليل منهاج بجين + 30 نستعرض الوضع الراهن للمرأة المصرية من خلال بعض الحقائق التالية
في ضوء ما تعرض له تقرير البنك الدولي السنوي عام 2024:
- جاء ترتيب مصر في المركز 175 من أصل 190 دولة في "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون".
- كما التقرير يكشف فجوة هائلة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية للنساء على مستوى العالم، بما في ذلك مصر.
2. المؤشرات القانونية في مصر:
- في مؤشر العوائق القانونية أمام النساء، حصلت مصر على 50.6% بينما المتوسط العالمي 77%.
- مؤشر الحماية القانونية ضد العنف ورعاية الأطفال في مصر 37.5%، بينما المتوسط العالمي 64%.
- مؤشر تطبيق القوانين في مصر وصل إلى أقل من 27%، بينما المتوسط العالمي 40%.
3. التفاوت بين القوانين والتطبيق:
- رغم رفع العقبات القانونية، لا توجد سياسات عملية لضمان تنفيذ المساواة في الواقع.
- كما أظهر أبرز العوائق: المساواة في الأجور والحماية من التمييز، حيث بلغ المؤشر صفر في كليهما.
4. الواقع الاقتصادي للنساء في مصر:
- نسبة النساء العاملات في مصر 15.3% فقط، بينما نسبة النساء العاطلات عن العمل 47.6%.
- هناك فجوة مستمرة بين النساء والرجال في نسبة التشغيل منذ 2012.
5. الأجور والملكية:
- متوسط أجور النساء في القطاع الخاص أقل من الحد الأدنى للأجور.
- أقل من 5% من النساء يمتلكن مسكنًا بمفردهن أو بالمشاركة، وأقل من 2% يمتلكن أراض.
6. التفاوت بين السياسات الحكومية والواقع:
- الحكومة تروج لسياسات تمكين النساء، لكن الواقع يشير إلى فجوة كبيرة بين القوانين والآليات التنفيذية.
- لم تلتفت الحكومة بشكل كافٍ لمشاكل المساواة في الأجور والفرص.
7. أزمة التوظيف: استبعاد النساء الناجحات في مسابقة 30 ألف معلم بسبب الوزن أو الحمل يبرز التمييز في التوظيف، مما يؤثر على سوق العمل للنساء.
هكذا يكشف تقرير البنك الدولي بوضوح الفجوة العميقة بين القوانين والواقع العملي في مصر. رغم تقديم الحكومة المصرية نفسها كداعم رئيسي لحقوق النساء على الساحة الدولية، تحت مسمى "تمكين النساء"،
بينما التحديات الفعلية التي تواجه النساء في سوق العمل، تعكس معاناة حقيقية للنساء وسط أزمة اقتصادية تؤثر على الجميع.وفى هذا الصدد تظهر هشاشة أوضاع النساء في مختلف المجالات
الفجوة في الأجور
تشير الدراسات إلى أن المرأة المصرية تحصل على أجور أقل بنسبة تتراوح بين 25% إلى 40% مقارنة بالرجال، رغم أداء نفس المهام والوظائف في كثير من الحالات. على سبيل المثال، في قطاع التعليم والرعاية الصحية، نجد النساء يمثلن الجزء الأكبر من القوى العاملة، ومع ذلك، لا يحصلن على الأجر المناسب مقارنة بالرجال في نفس المجالات. وفى سوق العمل تبلغ نسبة مشاركتها حوالي 22.5% فقط وفقًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2023، مقابل أكثر من 70% للرجال.
العمالة غير المنظمة
العديد من النساء العاملات في مصر يعملن في قطاعات غير رسمية أو في وظائف غير ثابتة (مثل العمل في المنازل، أو كعاملات في القطاعات الصغيرة)، مما يضعهن في وضع هش للغاية من حيث الأمان الوظيفي والحقوق الاجتماعية. حيث يُقدر أكثر من 50% من النساء العاملات في مصر يعملن في القطاع غير الرسمي، وهن يفتقرن إلى التأمينات الاجتماعية أو الصحية. .
البطالة
على الرغم من التعليم العالي الذي تحققه النساء في مصر، إلا أن معدل البطالة بين النساء لا يزال مرتفعًا مقارنة بالرجال. وفقًا لأحدث إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (2023)، تصل نسبة البطالة بين النساء إلى 24.6% مقارنة بـ 6.4% بين الرجال، وهي فجوة تشير إلى تحديات كبيرة في قدرة النساء على الاندماج في سوق العمل بشكل فعال.
العنف ضد النساء
العنف ضد النساء لا يزال يمثل مشكلة مجتمعية عميقة تؤثر على النساء في مختلف الفئات العمرية والاجتماعية. حيث تشير الإحصاءات إلى أن ما يقارب 37% من النساء المصريات تعرضن لشكل من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي وفقًا لمسح العنف ضد المرأة لعام 2023، وهو أمر يعوق قدرة المرأة على العيش بحرية وأمان.
التعليم والمشاركة السياسية
رغم التحسن في مستويات التعليم، لا تزال هناك فجوات كبيرة بين المدن والريف، حيث تصل نسبة تسرب الفتيات من التعليم في الريف إلى 12% مقارنة بـ 6% في المدن وفقًا لتقرير وزارة التربية والتعليم لعام 2024. كما لا تتجاوز نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب 30%، ما يعكس التحديات في الوصول إلى المناصب القيادية السياسية.
الصحة والحقوق الإنجابية:
النساء في مصر يعانين من مشاكل في الحصول على الرعاية الصحية، خصوصًا في المناطق النائية. وفيما يتعلق بالحقوق الإنجابية، فإن نسبة وفيات الأمهات أثناء الولادة في مصر تقدر بحوالي 42 حالة لكل 100,000 ولادة وفقًا لمنظمة الصحة العالمية لعام 2023، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالدول ذات الدخل المتوسط. كما تواجه الفتيات في الريف مشكلات جسيمة تتعلق بالزواج المبكر، حيث بلغ معدل الزواج المبكر 17% من إجمالي الفتيات تحت سن الـ 18.
العمل النقابي
رغم الجهود التي بذلتها النساء النقابيات في العمل النقابي إلا أنهن لا يزلن غائبات بشكل ملحوظ في المناصب القيادية في النقابات حيث. تمثل النساء حوالي 10% فقط من أعضاء النقابات في بعض القطاعات، مما يعني أن القضايا التي تهم النساء العاملات غالبًا ما تكون مهمشة في قرارات النقابات.
كذلك نقص الدعم النقابي للنساء: حيث يواجهن صعوبة كبيرة في الحصول على الدعم النقابي في حالات مثل التحرش الجنسي أو التمييز في العمل. حيث تتعامل النقابات حتى الآن مع قضايا المرأة بشكل ضعيف ولا توفر آليات فعالة لتمثيل حقوقهن في هذه القضايا.
التحديات الاجتماعية والثقافية
النساء العاملات في مصر يواجهن ضغوطًا اجتماعية كبيرة بسبب التركيبة الثقافية التقليدية التي تضع عبئًا مزدوجًا على المرأة بين العمل داخل المنزل وخارجه. حيث يُتوقع من المرأة أن تظل مسؤولة عن رعاية الأسرة بينما تعمل خارج المنزل، مما يعرضها لضغوط نفسية وعملية.
في هذا السياق، يُؤكد المؤتمر الدائم للمرأة العاملة في يوم المرأة المصرية على مطالبه التالية التي سيظل يعمل عليها حتى تصبح واقعًا ملموسًا
. 1ـ تحسين التشريعات والقوانين لحماية حقوق النساء العاملات
- إقرار سياسات تضمن الأجر المتساوي بين الجنسين مقابل العمل المتساوي في جميع القطاعات، مع تفعيل آليات لمراقبة التنفيذ وضمان المساءلة.
- إقرار قوانين تحمي النساء العاملات في القطاع غير الرسمي (مثل العاملات في المنازل والعمالة في القطاع غير الرسمي من الاستغلال، بما في ذلك تأمين حقوقهن في الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
2 ـ . تعزيز الدعم النقابي
- زيادة تمثيل النساء في النقابات العمالية من خلال تخصيص نسب ثابتة لتمثيل النساء في المكاتب التنفيذية للنقابات، وتوفير تدريب مستمر للنساء القياديات في النقابات لتمكينهن من الدفاع عن قضايا النساء العاملات.
- إنشاء وحدات دعم داخل النقابات مخصصة للنساء العاملات للتعامل مع قضايا التحرش، التمييز، وظروف العمل غير الآمنة، والعمل على إيجاد آليات لتقديم الدعم النفسي والقانوني.
توفير بيئة عمل آمنة وداعمة للنساء
- إلزام الشركات والمؤسسات بتطبيق سياسات صارمة ضد التحرش الجنسي في أماكن العمل، مع تدريب الموظفين والموظفات على كيفية التعرف على التحرش والتعامل معه بشكل قانوني وآمن..
- توفير حضانات للأطفال في أماكن العمل لتشجيع المرأة على العودة للعمل بعد الإنجاب، وضمان أن تكون أماكن العمل مهيأة لاستقبال النساء اللواتي يتحملن مسؤوليات رعاية الأطفال.
تعد هذه التوصيات خطوة مهمة نحو ضمان تمكين المرأة المصرية وتحقيق المساواة الفعلية في سوق العمل إن الطريق ما زال طويلاً، لكن العمل المستمر والضغط من أجل التغيير سيقودنا حتمًا إلى مجتمع أكثر عدلاً
المؤتمر الدائم للمرأة العاملة
16 مارس 2025
إضافة تعليق جديد