أنا عايزة بابا

مقالات
الاثنين, أكتوبر 3, 2016 - 15:51

أمام الزيادة اليومية فى الأسعار، وانهيار الخدمات خاصةً فى التعليم والصحة، أصبح لسان حال كل المصريين الغلابة "نجيب منين؟" وبات العمال سواء فى القطاع الخاص أو قطاع الأعمال العام ومعهم موظفى الدولة لا حديث لهم إلا عن كيفية مواجهة تردى أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، والشكوى من عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم، فكان طبيعياً أن يطالب عمال هيئة النقل العام بزيادة أجورهم سواء عن طريق زيادة الحوافز أو تعديل اللائحة بحيث تصبح العلاوة السنوية 7% من الأجر الوظيفى طبقاً لقانون الخدمة المدنية الذى خاضت الحكومة معركة ضارية من أجل إصداره، وبدلاً من أن تستمع إدارة هيئة النقل العام للعمال وتتفاوض حول مطالبهم، فوجئنا بالقبض على 6 من عمال هيئة النقل العام فجر يوم السبت الموافق 23/9/2016 ، ومنذ ذلك اليوم وعائلات العمال الستة انقلبت حياتهم وأصبح كل همهم معرفة أين أخفت الحكومة أبنائهم وأزواجهم، وأصبحوا يقضون يومهم فى التردد على أقسام البوليس والنيابات والإدارة العامة لهيئة النقل العام على أمل أن يبل ريقهم أى أحد بخبر عن مكان احتجاز أبناءهم.

فى المؤتمر الصحفى الذى عقده الأهالى يوم 28/9/2016، قالت أم طارق يوسف: خَدوا ابنى من فرشته ومش عارفة هو فين ولا ايه تهمته.

وقالت زوجة محمد هاشم ـ أن زوجها مريض بالكلي ومصاب بانزلاق غضروفي  وكان في إجازة من عمله لمدة أربعة أيام وكان في طريقه إلي المستشفي لإعادة عرضه علي الطبيب لتجديد إجازته قبل أن يتم إلقاء القبض عليه من أمام منزله.

ووقفت عائشة ابنة أيمن عبد التواب أحد العمال المختفين والذى لم يتعدى سنها الست سنوات تتساءل (فين بابا؟ .. ليه خدوا بابا، أنا عايزة بابا)، وبسرعة جاء رد الحكومة على عائشة فى خبر نشرته عدد من الصحف، واهتمت الإذاعة بإذاعته عبر نشرتها الإخبارية كل ساعة وكذلك شريط الأخبار فى القنوات الفضائية بالقبض على خلية إخوانية فى هيئة النقل العام تخطط لتعطيل العمل فى مؤسسات الدولة وتهدد الاستقرار، ولم يقل لنا أحد من هى الجهة التى أصدرت أمر القبض، وما هى الجهة التى وجهت هذه الاتهامات، ولم يقل لنا أى مسئول فى الدولة لماذا؟

لم يتمكن العمال الستة من الاتصال بأهلهم، لماذا لم يُمكن محاميهم من حضور التحقيقات معهم وهو الحق الذى يكفله لهم الدستور والقانون.

عائشة ما زالت صباح كل يوم تنتظر أباها ليعد لها سندوتشات المدرسة ويعطيها مصروفها اليومي لتشترى كيس شيبسى بخمسين قرشاً وتجلس فى الفسخة تتبادل مع صحباتها الشيبسى وأنواع الحلويات المختلفة لديهم.

عائشة لم تتعلم القراءة بعد، ولم تقرأ الدستور، ولكن فى يوم ما عندما تكبر عائشة ويسألها أحد عن الدستور والقانون سترد عليه بلا تردد (شوية حبر مش أكتر).

 

كمال عباس

المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية

 

إضافة تعليق جديد