إضراب الضيافة الجوية.. وزيف الديمقراطية

مقالات
السبت, سبتمبر 15, 2012 - 02:23

 

السبت 15 سبتمبر 2012
مساء يوم الخميس الموافق 6 سبتمبر أعلن العاملون بالضيافة الجوية بشركة مصر للطيران عن الإضراب عن العمل، ومع الساعات الأولى من الإضراب أبدى الإعلام اهتماماً كبيراً به.

ومع صباح اليوم التالى احتلت أخبار الإضراب الصفحات الأولى من الصحف وبدأ يتناولها العديد من البرامج التليفزيونية، وبدأنا نرى مضيفى ومضيفات شركة مصر للطيران يعرضون مشكلتهم ويوضحون مطالبهم، وبدأت التعليقات عن الإضراب والتى جاءت للأسف الشديد فى أغلبها سلبية، فهناك من تحدث عن كيف يسمح لهؤلاء بتعطيل مصالح المواطنين، وآخر يصرخ عن حجم الخسائر التى سوف تلحق بالشركة نتيجة الإضراب، وثالث يتهم المضربين بالإساءة لسمعة الشركة، وسمعة مصر!

لقد كشفت هذه التعليقات عن مدى زيف الثقافة الديمقراطية فى مجتمعنا، فكيف ونحن شعب قام بثورة من أجل الديمقراطية، ودفع فيها ثمناً باهظاً من حياة أنبل أبنائه عندما يمارس البعض منا حقه المشروع الذى كفلته له المواثيق الدولية، يكون رد فعلنا الفورى هو التعريض والهجوم والإدانة

لم يسأل أحد من السادة الذين هاجموا مضيفى ومضيفات مصر للطيران عن الأسباب التى دعتهم للإضراب، لم يعط أحد من المهاجمين فرصة لنفسه ليعرف الحقيقة.

الحقيقة هى أن مضيفى مصر للطيران يعانون عددا من المشاكل ويجأرون بالشكوى بها منذ أكثر من 16 عاماً.

والحقيقة أن الصورة السينمائية التى نرى بها مضيفى ومضيفات مصر للطيران.. صورة البنت الجميلة الشيك، والرجل الأنيق.. والذين يسافرون إلى كل الدنيا ويستمتعون بالفسحة فى عواصم العالم هى صورة زائفة تجافى حقيقة المعاناة التى يعانى منها مضيفو ومضيفات مصر للطيران.

الحقيقة أن مضيفى مصر للطيران نتيجة الإرهاق الذى يتعرضون له نتيجة نقص أعدادهم فى بلد يعانى البطالة ويمتلئ بطالبى العمل ومستحقيه، سقط منهم خلال الأعوام الماضية 19 مضيفا ومضيفة بأمراض أصيبوا بها نتيجة ساعات الطيران الطويلة والتى تزيد على ساعات الطيران المصرح بها من قبل منظمات الطيران المدنى.

الحقيقة أن البنت الجميلة والرجل الأنيق ليست عندهما أى فرصة للفسحة فى عواصم العالم لضيق الوقت وضيق ذات اليد، الحقيقة أن مضيفى ومضيفات مصر للطيران يتقاضون أقل رواتب بالنسبة لشركات الطيران الأخرى.

والحقيقة أيضاً أن مضيفى ومضيفات مصر للطيران مثقلون بالعمل نتيجة لقلة أعدادهم، حيث إن الطائرة التى يجب أن يعمل عليها طقم خدمة مكون من 17 مضيفا ومضيفة يقوم بالخدمة عليها 7 فقط.

وآخر الحقائق والتى كان سيسهل على الذين هاجموا مضيفى ومضيفات مصر للطيران لو أعطوا لأنفسهم فرصة الاستماع إلى مطالبهم هو أن المضربين رغم أن لهم حقوقا مالية مستحقة كما استعرضنا، إلا أن إضرابهم كان من أجل أن يكون للمضيفين والمضيفات قطاع إدارى خاص داخل قطاعات الشركة المتعددة، وأنهم من خلال ذلك القطاع وبناءً على دراسات ومقترحات كثيرة أعدها المضيفون والمضيفات سوف يستطيع هذا القطاع من خلالها تحسين الخدمة المقدمة للمسافر، وتخفيض التكلفة، وبعد ذلك يبدأ مسئول القطاع فى تسوية الحقوق المالية المستحقة للعاملين بالضيافة الجوية، وكان المهاجمون سيكتشفون أيضاً أن المضربين وقبل الإعلان عن الإضراب دقوا جميع الأبواب من باب وزير الطيران وباب رئيس مجلس إدارة الشركة حتى استغاثوا برئاسة الجمهورية، كل ذلك فعلوه بخطابات رسمية كانت تنشر على صفحات الانترنت واهتمت بها بعض الصحف، ولكن كان الصمت والتسويف هو الرد الوحيد الذى تلقاه مضيفو ومضيفات مصر للطيران، فلم يكن أمامهم بُدً من إعلان الإضراب.

وهنا يتضح لنا أن عدم تعامل مسئولى الشركة مع مطالب وشكاوى مضيفى ومضيفات مصر للطيران بالجدية الواجبة هو ما أدى إلى الإضراب الذى كلف الشركة أكثر من 30 مليون جنيه، كان نصف هذا المبلغ كفيل بحل جميع مشاكل مضيفى ومضيفات شركة مصر للطيران.

وهنا يثور سؤال كبير.. لماذا لا يتحرك أى من المسئولين فى بلدنا تجاه أى مشكلة إلا بعد أن يضرب أصحابها؟

وأخيراً قبل أن يعلن مضيفو ومضيفات مصر للطيران إضرابهم عن العمل بأيام قليلة أعلن مضيفو ومضيفات شركة لوفتهانزا الألمانية إضراباً عن العمل وصفه المراقبون بأنه الإضراب الأكبر فى تاريخ إضرابات العاملين بالطيران المدنى فى ألمانيا، وكان مطلب المضيفين الألمان زيادة رواتبهم 5%، تلك الرواتب التى تزيد بكثير على رواتب مضيفى ومضيفات مصر للطيران، ورغم ذلك لم توجه لهم أى إدانة ولم نسمع من يسخر من المضربين الألمان ولم يتحدث أحد عن أن إضراب مضيفى ومضيفات شركة لوفتهانزا أساء إلى سمعة الشركة أو إلى سمعة ألمانيا.

إضافة تعليق جديد