الأزمة الاقتصادية وتجاهل الحلول البديلة

بيانات صحفية
الأربعاء, يناير 24, 2024 - 15:42

الأزمة الاقتصادية وتجاهل الحلول البديلة

  

"الهبوط إلى القاع" يبدو أنه أصبح عنواناً لحالة المجتمع المصري بشكل عام، وليس فقط لأحوال العمال المعيشية، هذا ما أكدت عليه مشاركات الحاضرين في ندوة "تأثير الأزمة الاقتصادية على أحوال العمال المعيشية" بالأمس الثلاثاء 23 يناير 2024. والتي عقدت في دار الخدمات النقابية والعمالية، وأدارها المنسق العام للدار، كمال عباس، وشهدت مداخلات من قيادات اتحاد تضامن النقابات العمالية (تحت التأسيس) وعدد من المنظمات النقابية الأعضاء في الاتحاد، وممثلي الأحزاب المهتمة بحقوق العمال والعدالة الاجتماعية.

بدأت الندوة بقيام د. أمل عبد الحميد باستعراض التقرير السنوي الذي تصدره دار الخدمات النقابية والعمالية عن حالة الحريات النقابية ، والذي صدر هذا العام بعنوان "الهبوط إلى القـاع" ورصد أهم الانتهاكات التي تعرض لها العمال خلال العام الماضي، وأشار إلى أن أهم انتهاك يتعرض له جميع العاملين هو انخفاض مستواهم المعيشي بشكل متسارع..

وتحدث ضيف الندوة د. محمد حسن خليل، نائب رئيس الحزب الاشتراكي المصري، عن السياسات التي أدت لتفاقم الأزمة الاقتصادية، وإهمال وتصفية القطاعات الإنتاجية، وبيع الأصول المملوكة للدولة للأجانب، وتضخم الديون وارتفاعات الأسعار، حتى أصبحنا نبيع لكي ننفق على خدمة الدين الذي تجاوز حجمه إنتاجنا القومي، ولم تعد المشكلة فقط في أخذ قروض بشكل أكبر من قدراتنا على التسديد، ولكن المشكلة الأكبر في كيفية إنفاقها، حيث يتم إنفاقها في مشاريع غير إنتاجية ولا تؤدي لرفع معدلات التنمية. وأوضح أنه عندما يشتري شريك أجنبي حصة في أحد المرافق الإنتاجية الكبرى لا يقوم استغلال هذا المرفق في الإنتاج ، بل في كثير من الحالات يكون الهدف من الشراء هو وقف ذلك المرفق عن العمل ليخرج من السوق ويحل المنتج الأجنبي محله في السوق المصرية.. وأشار إلى أن الحكومة لم تكتف ببيع ما تم إنشاؤه من مشاريع ومصانع في العهد الناصري، بل بدأت في بيع ما تم إنشاؤه في العصر الخديوي حيث وصل البيع إلى حديقة الحيوان وحديقة الأورمان.

وقال د. خليل: أننا نوافق على التقشف، ولكننا نريد التقشف على المصاريف الحكومية، وليس التقشف في الإنفاق على التنمية، والتقشف على البطون الجائعة وعلى صحة وتعليم المصريين، فلدينا تضخم في عدد الوزارات (30 وزارة) وفي مخصصات الوزراء ومستشاريهم، وتفاوت ضخم في الدخل بين كبار المسئولين الحكوميين وصغار الموظفين لم يتم الإفصاح عنه إلا بعد ثورة يناير، وقد تجاوز الحد الأقصى للأجور 50 ضعف الحد الأدنى، ولهذا من الضروري أن يتم ربط الأجر بالأسعار من جهة، ووضع حد أقصى للأجور لا يزيد على 15 مثل الحد الأدنى، وتطبيق ذلك على جميع القطاعات.

 وطرح العديد من الحلول البديلة للاقتراض، إذا أرادت الحكومة توفير الدولارات وتصحيح الوضع المالي والاقتصادي، منها الوقف المؤقت لاستيراد السلع الكمالية كالسيارات الفارهة وغيرها، مشيراً إلى أن 12 حزباً مصرياً تضمهم الحركة المدنية الديمقراطية، توافقوا على رؤية لسياسات اقتصادية واجتماعية بديلة تتضمن حلولاً تفصيلية لإنقاذ الاقتصاد المصري من أزمته الخانقة، طرحوها في جلسات الحوار الوطني، وصدر بها كتاب بعنوان "أفق الخروج".

وقال كمال عباس إن شروط صندوق النقد الدولي أصبحت أرفق بنا من الحكومة، حيث طالب الصندوق بتقليل التضخم وإبطاء تنفيذ المشروعات القومية وحذر من خروج الديون عن السيطرة وعن قدرة مصر على السداد.

من جانبه أوضح الكاتب الصحفي حسن بدوي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المصري، أن تخفيض التضخم الذي يقصده الصندوق يتضمن شروطاً تفصيلية لهذا التخفيض كلها على حساب الفقراء، فمثلاً هو من اشترط لتخفيض التضخم في اتفاق 2016 تعويم العملة وإلغاء الدعم وتعميم ضريبة القيمة المضافة على كافة السلع والخدمات مع زيادة نسبتها إلى الضعف، ومع ذلك فإن الحكومات المتعاقبة هي من اختارت طريق صندوق النقد الدولي ورفضت اتباع سياسة وطنية بديلة، مثل الدول التي خرجت من عباءة الصندوق فاستطاعت أن تبدأ السير في تحقيق تجربتها التنموية وأنقاذ شعوبها من الفقر والبطالة.

وأكد بدوي أهمية أن يكون لدى اتحاد تضامن نقابات العمال ومنظماته النقابية ودار الخدمات النقابية قاعدة بيانات يتم تحديثها دورياً حول الأجور ونسب التضخم ومؤشرات أسعار المستهلكين، يتم بناء عليها تحديد النسب الضرورية لزيادة الأجور وللعلاوات والحد الأدني للأجر التي تكفل حياة إنسانية للعمال وأسرهم، وضرورة تطبيق ذلك على كل العاملين، وفي مقدمتهم عمال القطاع الخاص، وإيجاد حلول لتقنين وتحسين أوضاع العمالة غير المنتظمة، حتى تكون هذه الرؤية المحددة بمثابة برنامج عمل مستمر للاتحاد، يتعاون معه فيها كل الأحزاب المعنية بحقوق العمال.

وأكدت قيادات اتحاد تضامن نقابات العمال وممثلو النقابات المشاركين في الندوة، أنهم بصدد وضع برنامج عمل يتضمن مطالب محددة، يمكن الضغط بشكل جماعي من أجل تحقيقه، كما أشاروا في مداخلاتهم إلى قضايا مهمة تمس الأحوال المعيشية للعمال، منها السياسات الضريبية، وقضية الحبس الاحتياطي الذي يستمر لسنوات ويتعرض له عمال بسبب نشاطهم النقابي مما يؤثر على أوضاعهم وأحوال أسرهم، وخنق الحريات النقابية مما يخل بالتوازن بين أطراف العمل، ويخنق مسارات التفاوض بشأن حقوق العمال، ويسد الطرق السلمية لحل النزاعات بين العمال وأصحاب العمل، وتصفية الشركات وتسريح عمالها.

 

ندوة "تأثير الأزمة الاقتصادية على الأوضاع المعيشية للعمال" 23 يناير 2024

إضافة تعليق جديد