الحقوق الأساسية للعمالة غير المنتظمة ... في تدهور مستمر!!

بيانات صحفية
الاثنين, يناير 4, 2016 - 14:09

الحقوق الأساسية للعمالة غير المنتظمة ... في تدهور مستمر!!

 

دار الخدمات النقابية والعمالية في 9/11/2015 أصدر وزير القوى العاملة القرارين رقم327، 329 لسنة 2015 المنشورين بالوقائع المصرية العدد 240 في أكتوبر 2015 بشأن أحكام تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة وقد تضمنا تشكيل عدد كبير من اللجان على المستوى المركزي وعلى مستوى مديريات القوى العاملة الـ 27 مديرية وهو تكرار لما سبق إصداره من قرارات على مدى الاثنى عشر سنة الماضية والتى بدأت بأول لائحة بالقرار رقم 213 لسنة 2003 تحت مسمى "اللائحة المنظمة لتشغيل العمالة غير المنتظمة" وجاء في مادته الأولى تشكيل لجنة مركزية لمتابعة العاملة غير المنتظمة بينما أوضحت المادة الثانية اختصاصات اللجنة "برسم سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة " ثم صدر القرار رقم 168 لسنة 2007 بإصدار " اللائحة المالية والإدارية لوحدات تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة وفى المادة (7) من اللائحة تشكيل اللجنة الاستشارية للتشغيل المحلى بكل محافظة وذكرت المادة (8) من القرار اختصاصات اللجنة في اتخاذ الإجراءات وأساليب الإشراف والرقابة لضمان سلامة عمليات التشغيل وصرف الأجور، ومتابعة توفير الرعاية والحماية والانتقال والإعاشة، والرعاية الاجتماعية التي يجب تقديمها لطوائف عمال المقاولات والزراعة والموسميين والمؤقتين بدائرة المحافظة، ومتابعة اشتراطات السلامة والصحة المهنيتين كما أوضحت المادة صرف بدل أجر في المناسبات المختلفة، وبحث مشاكل عمال المقاولات والزراعة كما بينت المادة (15) اختصاصات تفتيش العمالة غير المنتظمة للتأكيد على ضمان تنفيذ ما سبق .

وقد تم تعديل هذه اللائحة بالقرار رقم 5 لسنة 2011 لتغيير مسمى اللائحة بحيث أصبح أسم اللجنة " رعاية وتشغيل العمالة الغير منتظمة " بالإضافة إلى إلزام كل مديريات القوى العاملة بضرورة الحصول على أسماء الشركات والمقاولين الذين يقومون بتنفيذ عمليات داخل المحافظة مع عدم صرف أية مستخلصات لهم إلا بعد تسوية المستحق عليهم لوحدة العمالة غير المنتظمة وبما يفيد تسديدهم نسبة 6% من أجور العاملين .

وفى عام 2014 صدر القرار رقم 50 لسنة 2014 " بشأن إصدار اللائحة المالية والإدارية لوحدات تشغيل ورعاية العمالة غير منتظمة " حيث لم يأتى بجديد سوى تعديل في كيفية توزيع حصيلة الإيرادات .

ثم صدر القرار رقم 186 لسنة 2015 " بشأن إصدار اللائحة المالية والإدارية وتشغيل العمالة غير المنتظمة مع استمرار توريد 6 % من أجور العاملين في كل عملية.

وهكذا على مدار الفترة منذ صدور أول قرار عام 2003 حتى القرارين الأخيرين ظل الشغل الشاغل لهذه القرارات الاهتمام بجباية الأموال تحت زعم تشغيل وحماية العمالة غير المنتظمة وتشكيل عشرات اللجان لتنفيذ هذه القرارات التي حددت بدقة نسب المكافآت التي سوف يحصل عليها مديري مديريات القوى العاملة وأعضاء هذه اللجان سواء على المستوى المركزي أو على مستوى المديريات، أما الحماية الاقتصادية والاجتماعية على العمالة غير المنتظمة التي حددها القرار وحصرها في عمال المقاولات وعمال الزراعة الموسميين وعمال محالج الأقطان وعمال الصيد وصائدو الأسماك فقد حددت المادة (16) من القرار الموارد المالية لحسابات رعاية العمالة غير المنتظمة خصم 3% وبما لا يجاوز 15% من إجمالي العملية وفقاً لجداول الأجور الواردة بقرار وزير المالية رقم 554لسنة 2007 نظير حمايتهم ورعايتهم وتشغيلهم على أن يخصص 70% من جملة الإيرادات للرعاية الاجتماعية والصحية، و 5% إحتياطى قانوني، 20% تخصص للمصروفات الإدارية (مكافآت أعضاء اللجان ) .

وبداية فأننا نتساءل أين ذهبت هذه الأموال ؟ أين الجهاز المركزي للمحاسبات ؟ وأين كل الأجهزة الرقابية من هذا الموضوع الحيوي الذي لم يوفر حتى هذه اللحظة أي حماية اجتماعية أو تشغيل لهذه الفئة من العمال المصريين المقدر عددهم بـ 23.6 مليون عامل في نهاية يونيو 2013 .

لقد أهمل القرار الوزاري تمثيل باقى النقابات والاتحادات في هذه اللجان حيث اقتصر التمثيل على اتحاد نقابات عمال مصر ونقاباته العامة التي لم تدافع يوماً عن حقوق العمالة غير المنتظمة ولم تبدى اهتماما بمصالحهم المشروعة وحقوقهم الضائعة، ويكشف هذا عن انحياز الوزير الواضح وزيف تصريحاته بأنه ليس ضد النقابات والاتحادات المستقلة . وبالإضافة إلى ذلك اقتصر موضوع الحماية الاجتماعية والصحية بالقرار على منح الحالات الفعلية التي تقع تعويضات مالية سواءً في الحالات الاجتماعية أو العمليات الجراحية دون أي اهتمام أو اجتهاد فيما يتعلق بالمسألة الرئيسية وهى اشتراك العمالة غير المنتظمة في نظم التأمين الاجتماعي على الأجور الحقيقية لهم وتوفير تأمين حقيقى ضد الأخطار الستة وهى العجز والشيخوخة والوفاة إصابات العمل ( وما أكثرها ) والمرض والبطالة، وكذلك الاشتراك في التأمين الصحى لتوفير رعاية صحية حقيقية ونؤكد على أهمية إسباغ الحماية الفعلية على هذه الشرائح من القوى العاملة المصرية بدلاً من هذا النظام الفاشل .

ويكون في الاتجاه الصحيح فلا يقتصر الأمر على جباية الأموال تحت زعم حمايتهم، دون توفير حقوق المواطنة والتي يأتى في مقدمتها الحماية الاقتصادية و الاجتماعية والصحية والتفتيش على الحقوق والمبادئ الأساسية التي تحكم علاقات العمل لهذه الفئات مع أصحاب العمل على أن يبدأ ذلك، بحصر العمال وإعداد قاعدة بيانات بشأنهم، واستخراج بطاقة لكل عامل مدون فيها اسمه ورقمه القومى ورقمه التأمينى ورقم قيده بالمنظمة النقابية (ليس إن وجدت بل لابد من توافر الحرية في أن تتواجد النقابات طبقاً لمعايير ومبادئ الحرية النقابية التي صادفت عليها مصر وأخرها إعلان المبادئ والحقوق الأساسية عام 1998)، والتأكد من التأمين الاجتماعي عليهم حقيقة وليس بالإحالة إلى القانون 112 العاجز عن توفير أي حماية تأمينية اجتماعية حقيقية للعمالة غير المنتظمة، وإلزام كافة الجهات المشغلة لهم بإتباع التعليمات فيما يتعلق بعلاقات العمل وإجراء تفتيش حقيقى عليهم لضمان عمل النظام بشكل فعال .

لقد اعترفت وزارة القوى العاملة في المؤتمر الثانى للتوعية تجاه العمالة غير المنتظمة والذى عقد فى 29 مارس 2014 بشرم الشيخ بأن القوانين الحالية لا تلبى الوفاء بالحاجة إلى كفالة معايير العمل كالأجر وساعات العمل واشتراطات السلامة والصحة المهنية، وقصور قوانين التأمين الاجتماعي عن توفير الحماية الاجتماعية للعمالة غير المنتظمة التي تقدر بنحو 55% من القوى العاملة المصرية وتكشف الأرقام الهزيلة التي أوردتها الوزارة عن الضعف الشديد لهذا النظام الذى لم يأت القرارين الوزاريين الأخيرين بأي جديد لتطويره .

فقد أعلنت الوزارة في هذا المؤتمر عن تسجيل 3 مليون عامل بمديريات القوى العاملة الـ 27 استفاد منهم 51159 عامل ( من بين 23.6 مليون عامل) من الرعاية الاجتماعية التي وفرتها الوزارة من أموالهم حيث بلغ ما تقاضوه 4057029 جنيهاً (أربعة مليون وسبعة وخمسون ألفاً وتسعة وعشرون جنيهاً)، وفى مجال الرعاية الصحية استفاد 1550 عامل فقط، وتكشف هذه الأرقام عما تتعرض له العمالة غير المنتظمة من الحرمان، وعدم الحماية الاجتماعية ومن بين ذلك ضعف الأجور(تحددت أجور العمالة غير المنتظمة عام 2007 ولم يتم تعديلها حتى الآن)، وعدم ثبات الدخل، وعدم وجود قانون يحمى حقوقهم، وغياب التأمين الاجتماعي والصحى وافتقاد الأمن والاستقرار .

إن دار الخدمات النقابية والعمالية وهى تتابع أحوال العمالة غير الرسمية تطالب بمراعاة الأسس والمبادئ والحقوق الأساسية فى العمل لتوفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية لهم عبر قوانين وإجراءات فعالة، وليس تكرار الفشل والتركيز على الجباية دون إجراء تقييم حقيقى لما تم خلال الاثنى عشر سنة الأخيرة، ومحاسبة القائمين على هذه النظم وحقيقة حجم الأموال التي تم تحصيلها وصرف أغلبها في مكافآت لعشرات اللجان على حساب أصحاب الحقوق الأصلية من العمالة غير المنتظمة. 

cleardot.gif

إضافة تعليق جديد