"الحكومة".. بودى جارد الاتحاد

مقالات
الثلاثاء, أبريل 19, 2016 - 16:42

فى توقيتات متتابعة خلال الأيام الثلاثة الماضية، بدأ التحفيز للإجهاز على النقابــات المستقــلة، ففى يوم الأحد المــوافق 17 إبريل 2016 نشرت جريدة الأهرام المسائى خبراً مفاده (أن وزارتي التضامن الاجتماعي والتعاون الدولي بدأتا فحص مصادر تمويل ما يسمي بالنقابات المستقلة‏,‏ بناء علي تعليمات من إحدي الجهات السيادية بعد رصد اتصالات بين تلك النقابات‏,‏ وعدد من الكيانات والمنظمات الدولية المانحة‏,‏ لتأجيج الاحتجاجات داخل الأوساط العمالية‏,‏ وتحريض العمال علي التمرد علي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مستغلين افتقاد الاتحاد إلي القدرة علي تحقيق مطالب العمال‏، ووفقا لمستندات حصلت عليها الأهرام المسائي فإنه تم البدء في تشكيل لجنة مشتركة من وزارتي التضامن والتعاون الدولي لتحديد التجاوزات, والمخالفات التي ارتكبتها النقابات المستقلة, والقائمون عليها تمهيدا لاتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة تجاهها, وكذلك تحديد الموضوعات التي تعتزم الاتحادات والنقابات المستقلة طرحها للمناقشة بمؤتمر العمل الدولي بجنيف).

والمُلاحظ أن إحدى التُهم الموجهة للنقابات المستقلة (هى تحريض العمال على التمرد على الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، مستغلين افتقاد الاتحاد إلى القدرة على تحقيق مطالب العمال)، وهذا اعتراف بأن هذا الاتحاد الذى تحميه الحكومة وتعطيه بسخاء من أموال دافعى الضرائب، وتغض الطرف عن مخالفاته المالية والتى امتلأت بها تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، وتُنعم على أعضاء مجلسه المُعين بالعطايا "مقاعد برلمانية – منصب وزير القوى العاملة - مقاعد فى مجالس إدارات الشركات القابضة والتابعة- تمثيل فى اللجان المختلفة – صندوق طوارئ .. وغيرها"، ورغم ذلك فالحكومة متأكدة أنها تفتقد القدرة على تحقيق مطالب العمال وهو الأمر الذى اكتشفه العمال منذ عشرات السنين، ولذلك كان طبيعياً أن يُنشأ العمال بديلاً عن هذا الاتحاد فأنشئوا النقابات المستقلة بإرادتهم الحرة.

وفى اليوم التالى الاثنين الموافق 18 إبريل، نشر موقع برلمانى أن الدكتور/ عبد الرحيم على عضو مجلس النواب طالب الحكومة فى بيان عاجل قدمه للدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، لتوجيهه لرئيس مجلس الوزراء (أن هناك معلومات تشير لرصد اتصالات بين تلك النقابات والمنظمات الدولية المانحة، لتأجيج الاحتجاجات داخل الأوساط العمالية، وتحريض العمال على التمرد على الاتحاد العام لنقابات عمال مصر)، ولاحظ هنا التطابق فى الخبرين واستخدام نفس الكلمات "تحريض العمال على الاتحاد العام لنقابات عمال مصر!".

والجدير بالذكر هنا أن سيادة النائب لا يعبر عن موقفه الشخصى، فهناك كثير من النواب على مثل موقفه، وهؤلاء سيكون مُناط بهم مناقشة قانون المنظمات النقابية الجديد التى تنوى الحكومة عرضه على البرلمان.

وأنا أتسائل هنا، هل سيلتزم نواب الشعب بالمادة 76 من الدستور التى تعطى الحق للعمال فى إنشاء نقاباتهم بحرية وتضمن استقلالية النقابات؟، أم سيكون التزامهم بالدفاع عن الاتحاد الرسمى الذى لم يُضبط يوماً تبنيه أو حتى انحيازه لمطالب العمال، ناهيـك عن السعى من أجـل تحقيـق تلك المطالب، والذى طبقاً لاعتــرافهم يفتقد القـدرة على تحقيــق مطالب العمال.

وواضح من تلك الأخبار أن الهجوم على النقابات المستقلة والتشهير بالقيادات العمالية سوف يتصاعد خلال الأيام القادمة قبل انعقاد المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية فى شهر يونيه القادم.

وأن الهدف هو إرهاب القيادات العمالية من التقدم بأى شكوى للمنظمة حول انتهاكات الحكومة فى مجال الحريات النقابية خاصةً أننا لم نقرأ حتى الآن رداً رسمياً على خطاب مدير منظمة العمل الدولية "جاى رايدر" للسيد/ رئيس الجمهورية والذى يطالب فيه مدير منظمة العمل مصر بالالتزام باتفاقيات الحريات النقابية الموقعة عليها خاصةً الاتفاقية (87) التى تنص على حق العمال فى إنشاء منظماتهم النقابية بحرية.

إن الهجوم على النقابات المستقلة يأتى فى إطار الهجوم على منظمات المجتمع المدنى وحملات التشهير بمسئولى تلك المنظمات، والعنوان واحد "تلقى التمويل من منظمات دولية"، وأيضاً فى مناخ مُعادى للحريات العامة ومحاولات مستميتة من قِبل النظام لإغلاق المجال وتجريم العمل السياسى. وهو ما يجعل قضية الحريات النقابية قضية لا تخص القيادات العمالية وحدها، ولكنها يجب أن تكون على رأس أولويات كل القوى الديمقراطية المدافعة عن الحريات، وعلى رأسها حق العمال المصريين فى إنشاء نقاباتهم بحرية وضمان استقلالية منظماتهم النقابية.

كمال عباس

المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية

إضافة تعليق جديد