رسالة النقابات المستقلة إلى منظمة العمل الدولية بشأن فلسطين

بيانات صحفية
الاثنين, نوفمبر 13, 2023 - 15:56

رسالة من النقابات المصرية المستقلة

الى مدير عام منظمة العمل الدولية

 

حضرة السيد جيلبرت هونغبو

المدير العام لمنظمة العمل الدولية

تحية طيبة وبعد،

 

إن الحركة النقابية العمالية المستقلة في مصر، التي تعتز بعلاقتها وتعاونها الوثيق والدائم مع منظمة العمل الدولية، ليس فقط، لدورها المهم والفعّال في الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية وحق العمال بتنظيم أنفسهم في نقابات مستقلة، تعبر عن مصالحهم وتدافع عن حقوقهم من خلال الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية الطوعية. بل لمبادئها والقيم والمعايير التي ارستها، منذ نشأتها في العام 1919. حيث نص دستورها على أنه "لا يمكن تحقيق السلام العالمي والدائم إلا إذا كان قائما على العدالة الاجتماعية"، كما جاء إعلان فيلادلفيا في العام 1949 ليؤكد بوضوح تام "أن لجميع البشر، بغض النظر عن العرق أو العقيدة أو الجنس، الحق في السعي إلى تحقيق رفاهيتهم المادية ونموهم الروحي في ظروف من الحرية والكرامة والأمن الاقتصادي وتكافؤ الفرص".

لقد أسهمت منظمة العمل الدولية، في إطار سعيها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في تعزيز قدرة الشعوب والدول على تحقيق استقلالها من براثن الاستعمار، ومختلف أشكال الظلم والتمييز. ونشير هنا بالأخص للدور الذي لعبته المنظمة في محاربة نظام الفصل العنصري في دولة جنوب أفريقيا، وكذلك حرصها على مشاركة حركات التحرر الوطني في مؤتمر العمل الدولي وبالأخص منظمة التحرير الفلسطينية، كذلك قرار مؤتمر العمل الدولي في دورته 66 للعام 1980 بشأن انعكاسات المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة على أوضاع العمال العرب، والذي طلب من المدير العام تقديم تقارير سنوية إلى المؤتمر عن أوضاع العمال العرب في فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة وفقا لأحكام هذا القرار.

 

سعادة المدير العام،

إننا كمنظمات نقابية مستقلة، إذ نعبر عن رغبتنا واستعدادنا، للمزيد من التعاون مع منظمة العمل الدولية في سبيل تحقيق أهدافها التي انشأت من أجلها. لا يسعنا إلا أن نعبر عن استغرابنا وأسفنا لبيانكم الأخير غير المتوازن بشأن الوضع في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة الصادر بتاريخ ٢٧ أكتوبر، ٢٠٢٣. حيث أنه وللأسف لم يستند إلى ما وثقته تقارير منظمة العمل الدولية عن وضع العمال الفلسطينيين في الاراضي العربية المحتلة. وبالأخص تقريركم إلى مؤتمر العمل الدولي الدورة 111 للعام 2023، حيث عبرتم في التمهيد للتقرير عن "خشيتكم من غياب الأمل، ذلك أن وضع العمال القابعين تحت الاحتلال لا يزال مزرياً إلى حد كبير، ولا تلوح في الأفق مع الأسف أسباب تذكر لما يبعث على التفاؤل في هذه المرحلة. حيث لا يزال الصراع والعنف والتوتر منتشرًا في عالم العمل الفلسطيني، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة العمال. وحقوقهم مقيدة بشدة بسبب التوسع الاستيطاني. فالاحتلال يخنق سوق العمل، الذي بدوره لا يقدم ما يمكنه أو ينبغي عليه تقديمه. ولا تزال نتائج سوق العمل ككل سيئة. ولا تزال البطالة عند مستويات عالية وتتعرض سبل عيش الفلسطينيين للخطر. وتعاني النساء والشباب الباحثين عن عمل بشكل خاص من الحرمان. ومع ذلك، لا يوجد مكان آخر يبدو فيه الوضع كئيباً كما هو الحال في غزة. العمال في القطاع المحاصر محاصرون في الفقر، مع فرص قليلة للحصول على وظائف، ناهيك عن فرص العمل اللائق". كما وأشرتم في مواضع عدة الفصل الأول من تقريركم إلى أنه "لا يزال العمال الفلسطينيون يعانون في ظل احتلال راسخ ومتوسع، عمره الآن 55 عاما. ولا تزال حركة الأشخاص والبضائع مقيدة، ولا تزال حقوق العمال تتعرض للانتهاك، ولا يزال خلق فرص العمل مقيدا. هناك نقص مستمر في فرص كسب العيش. ولا تزال معدلات البطالة والفقر مرتفعة. وفي الوقت الحالي، يحتاج 2.1 مليون، أو ما يقرب من 40 في المائة من الفلسطينيين، إلى المساعدة الإنسانية". كما ولاحظتم "أن الاحتلال الاسرائيلي بات هو ما يحدد معالم التاريخ الفلسطيني الحديث. وفي حين لا تزال غزة محاصرة براً وجواً وبحراً، أصبحت الضفة الغربية مجزأة مكانياً أكثر من أي وقت مضى. وتفرض إسرائيل قيودًا على حركة البضائع والأشخاص، بما في ذلك العمال، من خلال العوائق المادية (مثل حواجز الطرق والبوابات ونقاط التفتيش) والعوائق الإدارية. لقد تم عزل القدس عن الضفة الغربية بواسطة الجدار الفاصل. المنطقة (ج)، التي لا يزال يحظر على معظم الفلسطينيين دخولها وتمثل القسم الأعظم من رقعة الأرض المتوقعة من أجل قيام الدولة الفلسطينية المستقبلية، أصبحت الآن موطنًا لعدد أكبر من المستوطنين الإسرائيليين مقارنة بالفلسطينيين. وهناك نظام تخطيط تقييدي وتمييزي يحول دون أي وجود للفلسطينيين في المنطقة (ج). وقد تم تصنيف ثلثها كمناطق عسكرية مغلقة (مناطق إطلاق نار). ولا تزال عمليات هدم الممتلكات الفلسطينية، ليس فقط في المنطقة (ج)، بل أيضاً في القدس الشرقية، مستمرة بلا هوادة، كما يستمر طرد الفلسطينيين من أرضهم. وقد شهد عام 2022 أكبر عدد من عمليات الهدم المسجلة على الإطلاق."

إن البيان يتجاهل أن ما يجري اليوم في غزة وفلسطين عموماً هو جريمة ابادة يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي. كما ويغفل المسؤولية التامة لهذا الاحتلال وعدوانيته وممارساته المشينة عبر عقود من الزمان بحق الشعب الفلسطيني، كونها السبب الحقيقي الذي دفع هذا الشعب للنضال من أجل حقه في تقرير المصير وبناء دولته السيدة والمستقلة على أرضه وهي من ابسط الحقوق التي نصت عليها الشرعة الدولية. فما جرى بتاريخ السابع من أكتوبر، لم يكون وليد فراغ كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة السيد انطونيو غوتيرش في كلمته أمام مجلس الأمن مؤخراً.

سعادة المدير العام،

لقد جاء في قرار مؤتمر العمل الدولي في العام 1970، بشأن الحقوق النقابية وعلاقتها بالحريات المدنية، "إن الحرب والهيمنة الاستعمارية أو الاستعمار الجديد والتمييز العنصري هي عقبات رئيسية أمام رفاهية العمال وعائق صارخ أمام عمل منظمة العمل الدولية". كما وأصدر المؤتمر قراران أساسيان ندعوكم للعمل بموجبها:

• قرار عام 1974 بشأن سياسة التمييز والعنصرية وانتهاك الحريات والحقوق النقابية التي تمارسها السلطات الإسرائيلية في فلسطين وفي الأراضي العربية المحتلة الأخرى. وأشار القرار إلى "التمييز العنصري الذي عاني منه السكان الأصليون في جنوب أفريقيا وغينيا بيساو والأقاليم الأفريقية الأخرى الخاضعة لنظام استعماري أو سيطرة أجنبية، حيث كانت ظروف حياة العمال وعملهم مماثلة لظروف العمال العرب تحت الاحتلال الإسرائيلي. وأدان سياسة التمييز العنصري وانتهاك الحريات النقابية والمساس بالحريات الإنسانية الأساسية التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية ضد الشعوب العربية".

• قرار عام 1980 بشأن انعكاسات الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة على وضع العمال العرب. حيث طلب من السلطات الإسرائيلية "وضع حد فوري لإنشاء المستوطنات في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، بما في ذلك القدس، وتفكيك المستوطنات القائمة"، ودعا جميع الدول إلى "عدم تزويد إسرائيل بأي مساعدة لاستخدامها على وجه التحديد فيما يتعلق بالمستوطنات في الأراضي العربية المحتلة".

إن المواقف الملتبسة وبالأخص تلك التي تساوي بين الضحية والجلاد أو تلك التي تساوم على حق الشعب الفلسطيني بالتخلص من الاحتلال بكافة الوسائل الممكنة. وهو ما لجأت اليه كافة الشعوب في نضالها من أجل التحرير والتحرر والاستقلال. وما المقاومة الشعبية في أوروبا ضد النازية والفاشية إلا نموذجاً واضحاً لشرعية حق المقاومة. إن السكوت والتجاهل الدولي تجاه تطبيق قرارات الشرعية الدولية حول فلسطين واستمرار تغاضيها عن كافة ممارسات الاحتلال الاجرامية المتمادية، ليست إلا انحيازاً لقوى الاحتلال يعطيها المزيد من الدعم السياسي وجواز مرور لتستمر في مشروع ابادة وتهجير الشعب الفلسطيني.

السيد المدير العام،

إن النقابات المصرية المستقلة الموقعة أدناه، وفي ظل ممارسات الاحتلال الاسرائيلي الوحشية واعتداءاته المستمرة ضد الشعب الفلسطيني على مدى عقود. على قناعة تامة بأنه لا يمكن تحقيق العدالة والسلام في فلسطين والمنطقة العربية في ظل غياب موقف دولي واضح وقاطع ضد الاحتلال وممارساته، موقفاً يكون داعماً لحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية وحقه في تقرير مصيره بما فيها بناء دولته المستقلة على أرض فلسطين. لذا، نأمل منكم وأنتم على رأس منظمة العمل الدولية إعادة تصويب مواقف المنظمة والتأكيد على:

  • وقف حرب الابادة العدوانية ضد غزة والشعب الفلسطيني والعمل على توفير ممرات آمنة لدخول المساعدات الانسانية فوراً.
  • إدانة الاحتلال والاستيطان وسياسة الفصل العنصري والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال الاسرائيلي والاقرار بحقوقه المشروعة.
  • وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وإزالة المستوطنات القائمة، وتفكيك الجدار العازل غير القانوني، واطلاق سراح الاسرى.
  • وقف الحرب العدوانية ضد لبنان وسوريا وانسحاب اسرائيل من كافة الاراضي اللبنانية والسورية المحتلة.

إن معرفتنا بالتزامكم العميق بقيم العدالة والسلم والتضامن بين الشعوب والحوار الاجتماعي وتمسككم بمبادىء ودستور منظمة العمل الدولية. يدفعنا للثقة بتدخلكم السريع والايجابي في مواجهة حرب الابادة والتهجير ضد الشعب الفلسطيني وتدهور الاوضاع في المنطقة عموماً ونجدد استعدادنا للتعاون معكم من أجل تحقيقها.                        وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

إضافة تعليق جديد