فى مواجهة الجائحة

بيانات صحفية
الأحد, مايو 3, 2020 - 11:56

فى مواجهة الجائحة

منذ بداية تفشى وباء كورونا "كوفيد 19" فى بداية شهر مارس  الماضى 2020 بمصر، اتبعت وزارة الصحة سياسة الإعلان يومياً عن عدد حالات الإصابة والمتوفين والمعافين "بفيروس كورونا" كباقى دول العالم وهو ما يتم حتى هذه اللحظة، ورغم الإحصائيات اليومية الرسمية  حول الإصابات والمتعافين والمتوفين، إلا أن ما يغيب عن هذه الإحصائيات ما يتعلق بالعاملين/ات  فى "الأطقم الطبية" سواء الأطباء أو الممرضين /ات أو غيرهم من الفنيين الصحيين بالمستشفيات، حيث  نفتقد بشكل رسمى إلى إحصاءات عدد الإصابات والوفيات في صفوف الأطقم الطبية المتعاملة بشكل مباشر مع الحالات المصابة.. فبينما يخضع الجميع للحظر المنزلي من أجل الحد من تفشي فيروس كورونا، يتصدى العاملين بالأطقم الطبية  لمواجهة الفيروس القاتل.. حيث يبذلون جهداً مضاعفاً، يحرمهم في أحيان كثيرة من ساعات نوم كافية وترك أسرهم لفترات طويلة، معرضين/ات حياتهم للخطر بسبب تواجدهم الحتمى وسط المرضى لرعايتهم. وبالرغم من تعرضهم وأسرهم لمخاطر العدوى المتكررة، التى تصيب البعض منهم بإصابات خطيرة قد تؤدى إلى الموت فى بعض الأحيان لا يحظون بوسائل الحماية الكافية لأداء مهمتهم. فمنذ بدء الوباء تنتشر الأخبار السيئة، عن وفاة  البعض منهم بعد انتقال الفيروس القاتل إليهم.. الأمر الذي أكسبهم المزيد من التقدير الاجتماعي لدورهم في محاربة الفيروس، ورغم هذا التقدير الاجتماعي الذي نستشعره تجاههم.. إلا أن  المعلومات التي تخص الإصابات في صفوفهم ما زالت غير معلومة بشكل رسمى، بينما تتداول عبر وسائل التواصل الإجتماعى إصاباتهم يومياً بمعدلات متزايدة.. حيث تكررت في غضون أقل من شهرين حوادث إصابة أعضاء الفرق الطبية بالوباء بالمستشفيات المصرية، كانت أكثر هذه الحوادث خطراً وتداولاً بوسائل التواصل الإجتماعى هي إصابة (17) من أعضاء الفريق الطبي بالمعهد القومي لعلاج الأورام، مما سبب الرعب من احتمالية تفشي المرض بين المرضي وكان السبب الرئيسي في هذا الإنتشار بحسب شهادات المصابين "رفض وتعنت إدارة المعهد إجراء فحوصات فيروس كورونا لأحد الممرضين - الذي انتقلت إليه العدوى من طفلة مصابة بالمستشفى- تُمثل هذه الجملة حال جميع الأطباء العاملين بالمستشفيات خلال هذه الفترة بسبب النقص لمستلزمات الوقاية الطبية من مطهرات وأقنعة مضادة للفيروسات بجميع المنشآت الصحية الحكومية.

هذا فضلاً عن تجاهل إدارة المستشفيات الإمتثال لتوصيات منظمة الصحة العالمية بإجراء فحص PCR لجميع الأطقم الطبية قبل مغادرة أماكن عملهم والخروج من المستشفيات إلى الحياة العامة، مكتفية بإجراء مسحات لمن تظهر عليهم أعراض المرض فقط، رغم ما تشير إليه الاحصاءات لإصابة (90) طبيبا ووفاة (5) بكورونا، وهو ما تم حصرهم بمعرفة  النقابة  العامة للأطباء والنقابات الفرعيــة.. حيث كانـت أول وفـاة لطبيـب مصــري بكـورونا فى مطلع شهـر أبريـل 2020 وهو الطبيـب "أحمـد اللواح" أستاذ ورئيس قسم التحاليل الطبية بجامعة الأزهر متأثراً بإصابته بفيروس كورونا بمستشفي أبو خليفة بالاسماعيلية أحد مستشفيات العزل، وبعدها بأسبوعين طبيبة الدقهلية "سونيا عبدالعظيم"، ثم  وفاة الدكتور "هشام الساكت" وكيل كلية طب قصر العينى متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، ثم وفاة "محمد عبد الله المحسناوى" أحد أفراد الطاقم الطبى بمستشفى النجيلة للعزل متأثراً بإصابته بفيروس كورونا.

وبتاريخ 25-4-2020، كشفت مصادر في وزارة الصحة والسكان عن وقف استقبال حالات  جديدة بمستشفى النجيلة للعزل الصحي لمصابي فيروس كورونا في محافظة مرسى مطروح بسبب إصابة (22) من طاقمها الطبي بالفيروس.. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُسجَّل فيها حالات إصابة بين الأطقم الطبية داخل المستشفيات المصرية. فقد وقعت العديد من حوادث نقل العدوى للعاملين بالأطقم الطبية في بعض من مستشفيات مصر، كذلك حادثة إصابة الطاقم الطبي بمستشفى القصر العيني التعليمي التابع لجامعة القاهرة.. كما ثبت إيجابية الإصابة بفيروس كورونا لـ (16) من العاملين  بالأطقم الطبية بمستشفى جامعة بنها، هذا بالإضافة إلى إصابة عميد كلية طب الأسنان جامعة القاهرة بفيروس كورونا، وإغلاق المبنى (14) يوماً كذلك استبدال الطاقم الطبى بقسم الباطنــة بكلية طب جامعة أسيوط بعد اكتشاف حالات مصابة بكورونا، وإصابة ممرضة استقبال "مستشفى أحمد ماهر" بالقاهرة بكورونا ونقلها لمستشفى عزل الحكومة، وكذلك إغلاق قسم الباطنة بكلية طب جامعة المنصورة وعزل (74) من الأطقم الطبية بعد ظهور (9) حالات كورونا، وإصابة طبيبة "منار سامى" بفيروس كورونا بمستشفى الأحرار التعليمى بالزقازيق وعزلها بمستشفى الباجور، كذلك عزل (13) من هيئة التمريض (5 أطباء وعاملين) من كلية طب جامعة القناة بعد ظهور حالة كورونا وإغــلاق (5) أقسام بالمسـتشفى الجامعى بالمنصورة بعد ظهور (9) حالات إصابة بكورونا، وإصابة "عمر محمد" فنى أشعة بمسـتشفى الأقصر وطفليه التوأم الذى انتقلت لهم العدوى من والدهم.. كما أُصيب طبيبان فى مستشفى أسوان الجامعى بفيروس كورونا، وقررت إدارة المستشفى تعليق العمل بأقسام الاستقبال العام والحوداث، وقسم العظام، وقسم القلب، لحين إنتهاء حصر المُخالطين من الأطقم الطبية والعاملين والمرضى، واتخاذ الإجراءات المناسبة لكل حالة.. ومن المتوقع زيادة هذه الأعداد إذا لم تتبع وزارة الصحة التعليمات الطبية للوقاية من العدوى بجميع المستشفيات.

في ضوء ذلك أشار ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر إلى أن نسبة الإصابة بالقطاع الطبي تُمثل 13% من حالات الإصابة بفيروس كورونا في مصر (الشروق  13- 4- 2020) وهي نسبة كبيرة مقارنةً بإجمالي عدد المصابين.

.. فى هذا الإطار ناشد الأطباء مرارًا وتكرارًا وزارة الصحة المصرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال منصة نقابتهم الإلكترونية بضرورة وضع بروتوكول صحّي لحماية الأطباء تتبعه كافة المستشفيات على مستوى الجمهورية وفقاً للمعايير الدولية، والتغلب على نقص الإمكانيات الطبية الضرورية للوقاية من المرض، والحد من انتشار العدوى بين الأطقم الطبية. لكن جاء رد وزارة الصحة بنفى ما يردده الأطباء من شائعات حول وجود نقص في أي من المستلزمات بالمستشفيات الحكومية، أو غياب الإجراءات الوقائية اللازمة داخل المستشفيات..  كما قامت باتخاذ إجراءات تعسفية صارمة  تجاه الأطباء والفِرق المعاونة لهم تُصَّعِب عليهم القيام بمهام وظيفتهم بشكل جيد. فبعد تفشي الوباء داخل أحد المستشفيات، أصدرت الهيئة العامة للرعاية الصحية الكتاب الدوري رقم (1) بشأن الأزمة الوبائية الحالية يوضح التدابير الواجبة التطبيق بالمستشفيات لمواجهة انتشار الفيروس بين هيئة الأطباء  والذي قسَّم العمل بين الأطقم الطبية داخل المستشفيات بالتناوب على مدار الشهر بحيث تعمل كل مجموعة لمدة أسبوعين متصلين ثم تنعزل ذاتياً لمدة أسبوعين آخرين، وهو ما انتقدته "نقابة الأطباء"  واعتبرته إجراء  يتجاهل الحياة الأسرية للأطباء، ويُعَّرِض حياتهم للخطر بسبب عدم إعداد مساكن آدمية تضمن بقاء الأطباء بالمستشفى طول هذه الفترة المتصلة.

كذلك تضَّمن الكتاب الدوري النص على اتخاذ إجراءات تأديبية تجاه كل من يُصاب بفيروس كورونا من الأطباء أو الممرضين، لأنه يؤثر بالسلب علي حُسن سير العمل، ويفترض فيه مخالفة التعليمات الوقائية.. فهل يُعقل أن يتم توقيع عقوبة على المواطنين لإصابتهم بالمرض خاصةً لو كانوا أطباء يعرضون حياتهم للخطر من أجل حماية الصحة العامة للمواطنين وأكثر عرضة بالإصابة عن غيرهم ؟

وفي السياق ذاته أحالت مديرية الصحة بمحافظة الشرقية طبيباً إلى التحقيق بعد نشره فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي يشكو فيه من وجود نقص شديد في مستلزمات الوقاية من المرض وبالأخص الكمامات للتعامل مع الحالات المشتبه في إصابتها، وهو ما اعتبرته نقابة الأطباء إجراء غير قانوني يهدف إلى التعتيم على الأوضاع الصحية السيئة داخل المستشفيات الحكومية.

على صعيد آخر فإن الممرضات العاملات في مستشفى الحميات بإمبابة في الجيزة بمصر، والمخصصة لعزل حالات الكورونا كُنّ قد نَظَمن وقفة احتجاجية ضد ضعف وسائل الحماية المتوفرة لهن في التعامل مع المرضى، بعد اصابة واحدة منهن بالمرض.. كذلك إضراب ممرضات مستشفى المنصورة للتأمين الصحى عن العمل احتجاجًا على رفض مديرية الصحة أخذ مسحات لهن بعد التأكد من إصابة 5 أطباء بعناية القلب بالمستشفى بفيروس كورونا .

...  ما نشهده الآن من ضعف قدرات المستشفيات المصرية  والإصابات المتكررة بين صفوف الفرق الطبية هو نتيجة طبيعية لسياسات تخفيض المُخصصات المالية من الموازنة العامة لقطاع الصحة من أجل زيادة الإنفاق على قطاعات أخرى، حيث كانت خلال السنة المالية الحالية   2.24% وهي أقل من نسبة الاستحقاق الدستورى والتى نصت عليها المادة رقم (18) من الدستور المصري لعام 2014  "... تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الانفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية...".

    وفي محاولة لتقدير جهد الأطباء والممرضين/ات بحسب ما جاء في بيان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة  قام السيد/ رئيس الجمهورية بإقرار زيادة في قيمة بدل العدوى الذي يتقاضونه بحيث يصبح  1200 جنيه للطبيب/ة، و700 جنيه للممرض/ة  مع صرف مكافأة استثنائية من صندوق تحيا مصر للعاملين/ات في مستشفيات العزل والحميات والصدر والمعامل المركزية في الجمهورية.. في حين أعلنت نقابة الأطباء بمصر - فى حدود مقدرتها المالية - عن صرف 100 ألف جنيه لكل متوفّى من أعضائها من جرَّاء فيروس كورونا، و20 ألف جنيه لكل مصاب بالعدوى.    

لقد وضعت أزمة وباء كورونا أمام أعيننا خَيار وحيد للعبور من الأزمة علينا المطالبة به:

·        ضرورة تطوير القطاع الصحي  وتوفير الحماية  للأطقم الطبية  بأكملها.

·        رفع قدرة المستشفيات العامة بإعداد المزيد من غرف العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي.

 

·         إعتبار المتوفيين والمصابين من العاملين بالأطقم الطبية ضمن من يَنطبق عليهم     القانون رقم 18 لسنة 2018 الخاص بتكريم المصابين والشهداء . 

 

·        ضرورة إجراء وزارة الصحة فحوصات كل أسبوعين لكل العاملين في القطاع الطبي  وإخضاع أي مريض يعاني من ضيق في التنفس لفحص كورونا.

 

·         إرسال بعثات للمستشفيات، للتأكد من وجود المعدات الوقائية الكافية .  

     

·        إعطاء الأولوية من وزارة الصحة في إجراء فحوصات PCR الخاص بالكشف عن فيروس كورونا للأطقم الطبية خاصةً المتعاملة بشكل مباشر مع مرضى فيروس كورونا بالمستشفيات أسوةً بأعضاء الهيئات القضائية والمؤسسات السيادية والحيوية للتأكد من سلامتهم الصحية.

 

·         زيادة نسبة الإنفاق الحكومي على الصحة بما يعادل الاستحقاق الدستوري بواقع 3% من الإنفاق الحكومي، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الخدمات المُقدَّمة للمواطنين، بذلك  نتمكن من تخطي الأزمة بأقل تكلفة إنسانية فى الأرواح ..  

 

دار الخدمات النقابية والعمالية

القاهرة فى 3 مايو 2020

 

إضافة تعليق جديد