كمال عباس يكتب: حلم العودة

مقالات
الخميس, ديسمبر 28, 2023 - 15:25

حلم العودة

قضى رشيد السنتين الماضيتين بين المستشفى ومركز التأهيل يعانى من آلام المرض المبرحة يقاوم الإحباط متشبثًا بالحياة.. فرغم المرض كان رشيد يرفض تهميش دوره ويتمسك بالأمل في العودة لمواصلة مسيرة كفاحه.
وفى الفترات التي كان يسمح له الأطباء بالخروج من المستشفى إلى مركز التأهيل حيث يتم تدريبه على استخدام الأجهزة التعويضية، كان يعود للتواصل مع رفاقه بالجزائر وخارجها، ويشارك عبر الزووم في اجتماعات الاتحاد العام المستقل للعمال والعاملات في الجزائر الذى يترأسه ويشارك في حملات الدفاع والمساندة التي ينظمها الاتحاد لمناصرة قضايا الحرية النقابية في الجزائر، وفى الفاعليات النقابية الدولية.
في تلك الفترة كنا نعود للتواصل معا وكان حديثنا عبر التليفون منصبًا على الأحداث الجارية على الساحة العمالية. لم يكن يتوقف كثيرا في أحاديثه معى حول معاناته مع المرض، كان يرد على استفساراتى عن حالته الصحية بأن يطمئنني أن عمليات بتر ساقيه والتي أجريت على مراحل قد انتهت وأنه بمجرد انتهاء برنامج تأهيله على الحياة بالأجهزة التعويضية سوف يمارس حياته ويعود إلى نشاطه وكان يردد وهو يضحك لا تقلق سوف نلتقى مرة أخرى، وسوف يحتدم النقاش بيننا وترتفع أصواتنا ونزعج من حولنا.
للأسف لم تتحقق نبوءته ومات رشيد ولا أعرف حتى الآن كيف كانت معاناته في أيامه الأخيرة ولكنى أتخيل أنه قابل الموت بالشجاعة نفسها التي خاض بها كل معاركه في الحياة.. كان عزائى في موته أنه وضع حداً لمعاناته وأنهى رحلته مع الألم.
ولكنى فوجئت بخبر رفض السلطات الجزائرية منح جثمان رشيد تأشيرة دخول ليدفن حسب وصيته في بلده وهران.. وهران التي طالما حكى لى عن عشقه لها وذكرياته بين أحيائها وشوارعها وحبه لموسيقى الرأي، وكان دائما يؤكد لى باعتزاز وفخر أن وهران هي الموطن الأصلى لموسيقى الراي.
وهران التي كان دائما يطوق للعودة إليها والذى أوصى أن يدفن بها، فهل ستحرم السلطات الجزائرية جثمان رشيد من تحقيق آخر رغبة له بأن يعود لوطنه ويدفن في تراب وهران.


كمال عباس

إضافة تعليق جديد