مقال كمال عباس فى جريدة التحرير الصادرة فى 18 فبراير 2014: هل نستطيع؟

مقالات
الثلاثاء, فبراير 18, 2014 - 18:19

هل نستطيع؟
__________
بعد نشر مقالى الأخير بعنوان "ماذا نحن فاعلون؟" والذى نشر بجريدة التحرير يوم الجمعة 31 يناير 2014، تلقيت تعليقات كثيرة بعضها مكتوب والآخر عبر اتصالات تليفونية، كما أثار ما طرحته فى المقال عدد من النقاشات مع العديد من الأصدقاء سواء من قيادات الحركة العمالية والنقابات المستقلة أو قيادات من الأحزاب السياسية، والحقيقة أن ردود الفعل هذه كانت تتفق فيما ذهبت إليه فى المقال من أن المهمة الرئيسة للقوى المدنية الآن وبعد إصدار الدستور أن نعمل من أجل تغيير البنية القانونية الاستبدادية والتى توارثناها عبر عقود طويلة، تلك القوانين المصادرة للحريات التى يرجع بعضها إلى أيام الاحتلال الإنجليزى والعمل على بناء دولة المواطنة وإنهاء الدولة البوليسية بكل أساليبها القمعية، ولكن رغم الإجماع والاتفاق حول ما يجب أن نعمله كان الاختلاف حول هل نستطيع؟، هل تملك القوى المدنية (أحزاب- نقابات – ومنظمات غير حكومية) القدرة على إنجاز هذه المهمة، كان الكثير يتشكك فى ذلك ومصدر تشككه كان الحال التى وصلت إليه هذه القوى، وكان يستعرض حال بعض الأحزاب التى ولدت بعد الثورة ولعبت دوراً كبيراً فى إسقاط حكم الإخوان وكان شباب تلك الأحزاب فى مقدمة صفوف المقاومة وكيف أصابت هذه الأحزاب الخلافات وأصبحت تعانى من الانقسامات والاختلافات، أيضاً أثار النقاش مع عدد من القيادات العمالية حال النقابات المستقلة تلك النقابات الوليدة التى واجهت حرب شرسة منذ ولادتها من مؤسسات النظام القديم وما زال هناك إصرار من تلك المؤسسات بالتمسك والإبقاء على الاتحاد الحكومى ليكون الذراع النقابية لأى سلطة ليكون رجاله دائماً فى خدمة أى سلطان.

وكان النقاش يذهب إلى المنطقة الأكثر حساسية وهى تلك الأجواء التى يريد البعض أن يفرضها علينا أجواء الخوف والترويع، نتحدث هنا عن حملات التشكيك والتخوين الذى يقودها البعض ضد شخصيات كان الكثير منهم لهم دوراً واضحاً فى ثورة 25 يناير وفى الإطاحة بحكم الإخوان، كنا نتحدث بكل الأسى عن ذلك الاحتدام والتصادم بين بعض شباب الثورة وسلطة الحكم، الذى أوصل هؤلاء الشباب الآن إلى السجن، كانت تعقد المقارنات بين خروج رجال مبارك من السجون والظهور الإعلامى لبعضهم وسجن هؤلاء الشباب، وكان البعض يتخوف من أن الذى يحدث سوف يعود بنا إلى الخلف ويعيد إنتاج نظام مبارك.

لقد كان موقفى خلال تلك النقاشات هو أننا لا نملك ترف طرح سؤال هل نستطيع؟ لأننا ليس أمامنا غير طريق واحد ووحيد وهو أن نملك رؤية وبرنامج عمل واضح يرتكز على محورين أساسيين الأول سياسيى وهو ما يعنى إجراء كافة الإصلاحات السياسية من عمل وتنفيذ برنامج عدالة انتقالية يحاسب بموجبه كل من ارتكب جرماً سياسياً فى حق هذا البلد سواء كان من نظام مبارك أو نظام الإخوان والعمل على تغيير منظومة القوانين الاستبدادية وبناء قواعد الديمقراطية، وإطلاق ثورة حقيقة فى مجال التعليم والبحث العلمى .

والمحور الثانى اقتصادى يتبنى خطة تنمية حقيقية تستهدف زيادة معدلات الدخل القومى وإعادة توزيع الثروة من خلال نظام ضريبى عادل وجذب استثمارات تحترم معايير العمل، ذلك البرنامج الذى أطرحه الآن هو ليس جديداً وبالطبع معلوم للكثيرين وما أريد أن أقوله من الأخر أن طريقنا معلوم وواضح وكلنا نعلم حجم الأخطار التى تتهددنا ولا بد من أن تتوصل القوى المدنية فى المجتمع إلى صياغة مشروع تتوافق عليه يكون بمثابة برنامج عمل يلتزم به الرئيس القادم ويكون هو البرنامج الانتخابى الذى تتبناه هذه القوى فى الانتخابات البرلمانية لذلك أدعو إلى إنشاء جبهة تضم كل القوى المجتمعية وليست مقصورة عضويتها على الأحزاب السياسية فقط جبهة تنتظم بها الأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية والحركات الشبابية وأن تعمل كل هذه القوي من أجل أنتاج برنامج مرحلي تعمل على تحقيقه علي أرض الواقع، ولكى ينجح ذلك فلا مفر من أن تجرى الانتخابات البرلمانية القادمة بالنظام المختلط بحيث يكون الثلثين للفردي والثلث للقائمة، علي أن تخوض القوي المدنية هذه الانتخابات بقائمة موحدة، قائمة تتبني البرنامج المرحلي وتسمح بتمثيل سياسى قوي في البرلمان وتتيح الفرص لممثلي العمال والمرأة والأقباط والشباب الذين تحد الانتخابات الفردية من فرص تمثيلهم في البرلمان.

بدون بناء منظمات مجتمع مدني قوية (أحزاب - نقابات - منظمات غير حكومية) لن نستطيع تفكيك المنظومة الاستبدادية وإنقاذ بلدنا، ولن ننجح في تحقيق حلم آلاف الشهداء في بناء دوله مدنية حديثة .

كمال عباس
المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية

إضافة تعليق جديد