مقتل طالب دكتوراه

مقالات
الخميس, فبراير 11, 2016 - 16:33

عندما التقيت جوليو ريجينى لم يدر بذهنى ولو للحظة أن هذا اللقاء سوف يتحول إلى اللقاء الأشهر ضمن العديد من اللقاءات التى عقدتها مع الباحثين والمهتمين بالشأن العمالى، نظراً للطريقة المأساوية التى انتهت بها حياة جوليو، وما زال لم يتعدى عمره الـ 28 عاماً.

عند انتهاء اللقاء الذى لم يتجاوز الساعة، كان جوليو قد ترك فى نفسى احساس طيب، فقد بدا جوليو طوال اللقاء خجولاً ومهذباً للغاية، وأثار إعجابي أسئلته، فقد كانت محددة للغاية، ودارت حول التحديات التى تواجه حركة النقابات المستقلة، وهل تملك النقابات المستقلة القدرة لمواجهة تلك التحديات، وما هى السيناريوهات المستقبلية للحركة العمالية فى ظل أزمة اقتصادية حادة، وتصاعد الإجراءات المعادية للحريات العامة والحريات النقابية بشكل خاص.

جاء الإعلان عن مقتل جوليو بعد اختفائه بعشرة أيام والحالة التى لقوا عليها جثته، والتى تفضح أن جوليو قُتل بطريقة بشعة وأنه تعرض لتعذيب وحشى قبل وفاته، ليثير ضجة دولية واهتماماً كبيراً من الأوساط العلمية..

فجوليو كان طالباً للدكتوراه فى واحدة من أرقي جامعات العالم (جامعة كامبريدج)، وكان على صلة باتحاد العمال الايطالى (CGIL) وهو أكبر اتحاد فى ايطاليا ومن أكبر الاتحادات الأوروبية.

فقد وقّع أكثر من 4500 أكاديمى من 90 دولة على بيان يطالب الحكومة المصرية بالتحقيق الجاد فى مقتله وأن يأخذ مرتكبى تلك الجريمة البشعة العقاب الذى يتناسب مع فعلتهم الشنعاء.

كذلك هناك تحركات من النقابات الأوروبية يقودها اتحاد النقابات الايطالى فى ذات الاتجاه، ناهيك عن اهتمام الحكومة الايطالية عبر تصريحات رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الخارجية الايطاليين. حيث جاء على لسان وزير الداخلية الايطالى أن تشريحاً جرى فى ايطاليا لجثة جوليو ريجينى أثبت أنه تعرض "لعنف حيوانى وغير انسانى"، وأكد وزير خارجية ايطاليا على أن حكومته تواصل الضغوط على الحكومة المصرية للعثور على من عذب وقتل جوليو.

كما لاقى مقتل جوليو تغطية اعلامية واسعة واتجهت بعض الصحف إلى توجيه الاتهام للشرطة المصرية بحسب جريدة لاستامبا الايطالية "الشرطة المصرية متورطة فى مقتل ريجينى "،  وجاء عنوان جريدة نيويورك تايمز "بصمات الأمن على جثة الطالب الايطالى".. أما جريدة نيويورك تايمز فقد جاء فى تغطيتها للحادث "تبرز قوات الأمن المصرية كأقوى الأطراف المشتبه فيها، نظراً لأن ظروف اختفاؤه تتشابه مع مثيلاتها بالنسبة لكثير من المصريين".

ومن خلال العديد من الاتصالات التى تلقيتها من وكالات أنباء دولية وصحف ايطالية أتوقع أن حملة الغضب حول تعذيب ومقتل طالب الدكتوراه جوليو ريجينى ستتصاعد وستتواصل معها ضغوط الحكومة الايطالية للكشف عن مرتكبى الجريمة، مما يضع الحكومة المصرية وعلى رأسها وزارة الداخلية فى مأزق حقيقى، لا فكاك منه إلا بالتحقيق الجاد والكشف عن مرتكبى تلك الجريمة البشعة وهو ما ستكشفه الأيام القادمة.

كمال عباس

القيادى العمالى ومنسق دار الخدمات النقابية والعمالية

إضافة تعليق جديد