2014 عام اغتيال الحريات النقابية

الجمعة, يناير 9, 2015 - 18:02

2014

عام اغتيال الحريات النقابية

إعداد

دار الخدمات النقابية والعمالية

 

مقدمة:

جاء عام 2014 محملاً بكل الآلام التى خلفها وراءه عام 2013، ذلك العام الذى سالت عبر أيامه دماء كثيرة، راهن البعض على أن عام 2014 سوف ترتفع وتيرة المشاركة السياسية بحكم أنه سيكون عام الاستحقاقات أو بالأحرى تنفيذ الاستحقاقات التزاماً بخريطة الطريق التى تم إعلانها، بعد إعلان الإطاحة بحكم الإخوان فى 3 يوليو ولكن حدث عكس ذلك تماماً.. فبالرغم من أن عام 2014 شهد بالفعل إنجاز الدستور الذى صاغته لجنة الخمسين وتم إجراء الاستفتاء عليه فى شهر يناير 2014، وجاءت نتيجة الاستفتاء بالموافقة بنسبة 98% من نسبة المصوتين، وأيضاً رغم إجراء الانتخابات الرئاسية إلا أن عام 2014 شهد موتاً للسياسة، وأيضاَ عودة لتغليب الحل الأمنى فى التعامل مع كافة الأزمات وذلك تحت لافتة "مواجهة الإرهاب".

ففى الفترة التى سبقت الاستفتاء على الدستور لم يسمح للأصوات المعارضة بالتعبير عن آرائها بالشكل الكافى فقد كثفت وسائل الإعلام الإشادة بمواد الدستور ودفع المواطنين للذهاب لصناديق الاستفتاء، ثم جاءت الانتخابات الرئاسية لتشهد انتخابات غير تنافسية وغير متكافئة بين المشير عبد الفتاح السيسى والسيد حمدين صباحى، وقد انعكس ذلك فى نتيجة الانتخابات التى فاز بها المشير بفارق كبير للغاية حيث جاءت النتيجة لصالح الرئيس الحالى بنسبة 96.94%.

ولكن رغم الحملة الإعلامية الضخمة والتى نظمتها كل أجهزة الإعلام لدفع المواطنين لصناديق التصويت إلا أن إقبال المواطنين جاء ضعيفاً خاصة فى قطاع الشباب والمناطق الحضرية وهو ما دعى اللجنة المشرفة على الانتخابات أن تفاجئ الجميع بمد عملية التصويت ليوم ثالث، والجدير بالذكر أن الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية قد أجريا التصويت عليهم فى ظل القانون رقم 107 لسنة 2013 الخاص بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية. وهو القانون الذى بمقتضاه تم حبس عدد من القيادات الشابة لثورة 25 يناير والتى أعلنت رفضها للقانون فور صدوره، هذا القانون الذى صادرت بمقتضاه السلطات الحق فى التظاهر وجرمته والذى يعتبر العنوان الأبرز للعصف بالحريات.

 فى يوم 5 يونيو 2014 أصدر الرئيس عدلي منصور قرارا بقانون رقم 45 لسنة 2014 بإصدار قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، كما أصدر أيضا فى يوم 5 يونيو 2014 قرار بقانون رقم 46 لسنة 2014 بإصدار قانون مجلس النواب.. ليصدر قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية دون إجراء أى حوار مجتمعي حول القانون بالمخالفة لمبادئ دستور 2014 وكذلك بمبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونيو..

جاء القانون ليوجه ضربة للحياة السياسية وللأحزاب فى مصر، حيث ينص قانون الانتخابات البرلمانية على إجراء الانتخابات على 420 مقعد بالنظام الفردى، ذلك النظام الذى يجعل الصدارة فى الانتخابات لأصحاب المال والعصبية، و120 مقعد للقائمة المغلقة المطلقة وهو نظام رآه الكثير من المتابعين نظاماً إقصائياً سوف يأتى ببرلمان مشابهاً لبرلمان 2010.

أيضاً شهد عام 2014 الإنذار الذى وجهته وزيرة التضامن يوم الجمعة 18 يوليو للمنظمات غير الحكومية والتى طالبت فيه الوزيرة منظمات المجتمع المدنى المحلية والدولية بـ"سرعة توفيق أوضاعها طبقا لأحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية، خلال مدة أقصاها 45 يوما من تاريخ هذا الإعلان وذلك بالتوجه لمديرية التضامن الاجتماعي التابع لها النطاق الجغرافي لنشاط عملها لتوفيق أوضاعها، تجنبا لتعرضها للمساءلة وفقا للتشريعات والقوانين ذات الصلة".

وعلى جانب الحريات النقابية شهد عام 2014 اعتداءات بالغة ما بين ضغط وتضييق وتدخل فظ من قبل وزارة القوى العاملة فى شئون النقابات وإجراءات تعسفية فى مواجهة القيادات العمالية، وكان العنوان الأبرز لهذه الانتهاكات هو إعادة الاعتبار للاتحاد العام لنقابات عمال مصر- الذراع النقابى لنظام مبارك.

جاء عام 2014 ولم تزل ممارسة الحريات النقابية- التى أعلنت مبادئها- تواجه على الأرض صعوبات بالغة، وتتعرض لانتهاكات فظة من قبل المنظومة الجهنمية لتحالف مؤسسة "الاتحاد العام لنقابات العمال"، والإدارات الحكومية- التى لم يزل الكثيرون من رجالها باقون فى مواقعهم دون تغيير..

يمر عام 2014 ليشهد كم من الانتهاكات للحريات النقابية والحقوق العمالية غير مسبوق فى تاريخ عمال مصر، سواء على مستوى الكم أو على مستوى الكيف.. فعلى مستوى الكم ترتفع وتيرة المواجهات الأمنية للاحتجاجات العمالية المطالبة بالحد الأدنى من الحقوق المشروعة "الحق فى العمل" "الحق فى الأجر العادل" وغيرها من الحقوق الطبيعية لتتحول إلى أداء شبه يومي، وترتفع وتيرة الملاحقات القضائية للقيادات العمالية المستقلة..

وفى إطار عودة رجالات ما قبل ثورة يناير تشهد شركات قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة مخططات ممنهجة للتنكيل والتخلص من القادة العماليين فى تلك الشركات، فترتفع وتيرة حرب شرسة من قبل رؤساء مجالس إدارات شركات قطاع الأعمال العام، ضد قيادات وممثلى العمال الذين قادوا حركات احتجاجية للمطالبة بإصلاح تلك الشركات، ومحاسبة المسئولين عن تخسيرها والمطالبة بتطويرها وإعادة الاعتبار لتلك الشركات التى كانت تقود مسيرة التنمية المصرية قبل بدء برنامج الخصخصة المشئوم أوائل التسعينات من القرن الماضى.. حيث تتزامن عمليات التنكيل بالقيادات العمالية وكأنه مخطط يقوده رؤساء مجالس إدارات الشركات القابضة التسعة الممثلة لذلك القطاع بلا استثناء، هؤلاء الباقون فى مناصبهم منذ عشرات السنيين وكأنه لم تكن هناك ثورة قد قامت للإطاحة بكافة رموز النظام السابق، وكأنه لم تكن هناك دماء ذكية قد سالت من أجل محاسبة الفسدة الذين باعوا شركات القطاع العام بأبخس الأثمان، الذين حولوا وعن عمد تلك الشركات إلى خرابات ينعق فيها البوم من اجل خصخصتها والسمسرة فى صفقات بيعها..

وبدلا من أن يتفرغ من هم على رأس شركات قطاع الأعمال العام لوضع تصور لكيفية النهوض بتلك الشركات، تماشيا مع التصريحات الحكومية التى تعد بالتطوير وإعادة الهيكلة، يتفرغون لكيفية التفنن فى التنكيل بالقيادات العمالية التى كان لها السبق فى فتح ملفات تلك الشركات طوال السنوات الثلاثة الماضية، بل يصل الأمر لإعلان بعض رؤساء مجالس إدارات بعض الشركات إذلالهم القيادات النقابية والعمالية كى يصبحوا عبرة لباقى عمال الشركات كى لا يرفع عاملا صوته مطالبا بالتغيير ومحاسبة الفاسدين..